كيف استثمرت أمريكا حادثة الفيلم المسيء؟ وكيف فشلنا في ذلك؟
كاتب الموضوع
رسالة
مدير عام
المساهمات : 103 تاريخ التسجيل : 08/09/2012
موضوع: كيف استثمرت أمريكا حادثة الفيلم المسيء؟ وكيف فشلنا في ذلك؟ الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 11:02 am
كيف استثمرت أمريكا حادثة الفيلم المسيء؟ وكيف فشلنا في ذلك؟ الثلاثاء, 25 أيلول/سبتمبر 2012 دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية ليس من السهل على الاشخاص فيها القيام بأعمال منفردة على أرضها، سيما إذا كان هذا العمل سيؤثر على أمنها ومصالحها وسياستها الخارجية، وعلاقتها بالدول الأخرى، لذلك وبناء على تلك الفرضية المتفق عليها نظريا , فإن قراءتنا الأولية للأحداث الأخيرة التي سبقت نشر الفيلم المسيء وتلته تشير بشكل قوي إلى تورط الجانب الأمريكي في هذه الأحداثبشكل او بآخر ! من صنع الفيلم رجل أمريكي، يعيش على أرض أمريكية، ولأجل صناعة هذا الفيلم قام بجميع الأموال من الأمريكيين وغيرهم، تحت سمع وبصر الحكومة الأمريكية وهو يعلن منذ وقت طويل أنه بصدد إنتاج فيلم لكشف الإسلام ونبي الإسلام وعليه فأمر الفيلم ومادته لم يكن خافيا على الإدارة الأمريكية التي تزعم أنها تراقب كل حركة وسكنه بهذا العالم، فضلا عن أمريكا. فبادئ ذي بدء نقول أنه كان لدى المسئولين الأمريكيين علم بالفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، وبناء على حوادث مشابهة، كانت النتيجة متوقعة ومعروفة لهم ولغيرهم، ولم يكن ما حدث بالأمر الصادم ولا الجديد عليهم، فلِم لم تمنع أمريكا هذا الفيلم، وتتفادى الصدام مع جماهيرنا الغاضبة؟ حقيقة الأمر إن جواب هذا السؤال مرتبط بشكل كبير بالواقع الذي تعيشه معظم دول المنطقة سيما دول الربيع الإسلامي، والتي شهدت تطورات سياسية، كان من نتائجها تغيير الكثير من الأوضاع وقلب موازين القوى في تلك البلدان. ويمكننا ببساطة أن نفهم أن سماح أمريكا لانتاج هذا الفيلم وراءه محاولة إحراج تيارات الإسلام السياسي التي اعتلت السلطة في دول الربيع العربي، سيما جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث وضع الفيلم جماعة الإخوان المسلمين في موقف بالغ الخطورة، فإن سكتت، اتُهمت من قبل شعبها بمولاة أمريكا، وإن نطقت وعلا صوتها اتهمت بالسذاجة السياسية، وهذان الموقفان تحديدا سعى العلمانيون في مصر إلى اللعب عليهما لتشويه صورة الجماعة وحزبها , كذلك قد يبين أنه قد سُمح بهذا الفيلم لاستثارة روح العداء وزيادتها تجاه الإسلام والمسلمين، حيث بدأت هذه الروح في الفتور بعد مرور أحد عشر عاما على أحداث 11 سبتمبر، فدولة أمريكا كربيبتها إسرائيل لا تستطيع أن تحيا بغير صناعة عدو وهمي تتصارع معه، ويتصارع معها، فالفيلم يمثل حلقة من حلقات الصراع اللامنتهي بين الإسلام ومناوئيه، فالإساءات إلي الإسلام وإلى مقدساته قديمة قدم الإسلام ذاته، وستبقى ولن تنتهي طالما وجد الإسلام ووجد الكفر والإلحاد. إن أمريكا - أو أية دولة تخشى على نفسها وعلى مصالحها - ، لن تقوم بعمل يغضب مليار ونصف المليار من البشر (أي ما يقرب من ربع سكان الأرض) دون أن يكون لهذا الأمر منافع ومآرب تزيد عن حجم الخسائر التي من الممكن أن تمنى بها هذه الدولة جراء هذا العمل لذا فقد استفادت من هذا الفيلم وكسبت منه أكثر مما خسرت. ويمكننا تلخيص حجم الاستفادة الأمريكية من هذا الفيلم وما صاحبة من أحداث : أولا: ساعدت أحداث الشغب التي صاحبت الاحتجاجات على عرض الفيلم في تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتصويرهم على أنهم مجموعة من الغوغاء والهمج، ودعم هذا الأمر الانتقائية التي يتعامل بها الإعلام في الغرب في عرض قضايانا وتناول شؤوننا الخاصة، وقد عبر عدد من الكتاب الغربيين عن هذا الأمر، وأشاروا في مقالات عدة إلى الفخ الذي وقعنا فيه، وكيف كانت أفعالنا وثورتنا المنفلتة سببا في تحقيق أهداف صانعي الفيلم، وكيف أتت على جزء كبير من التعاطف العالمي تجاه قضايانا. ثانيا: ساهمت الاحتجاجات والمظاهرات وما صاحبها من أحداث شغب على خلفية الفيلم المسيء في تنحية المشهد السوري وما يجري فيه جانبا، وإبعاده عن الأنظار، ليصحو العالم وينام ولا ذكر له إلا مظاهرات الفيلم المسيء هنا وهناك، وهو هدف أمريكي لترتيب أوراقها، وتسيير سياستها في سوريا، ويؤكد هذه الفكرة ويعضدها دعوة الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله مؤيديه إلى تنظيم أسبوع من الاحتجاجات المناهضة للولايات المتحدة في لبنان بسبب الفيلم المسيء للإسلام، ولا شك أن نصر الله يعي ويدرك نتائج ما يقول، فالرجل يريد تأجيج الحدث لأهدافه السياسية، وعلى رأس هذه الأهداف التعتيم على القضية السورية وما يحدث لأهل سوريا على يد بشار ومليشيات حزب الله الشيعي. ثالثا: ساهمت هذه الأحداث في اندفاع البعض للمطالبة بقانون عالمي تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن يحظر الإساءة والتعدي على الديانات ورموزها، وهو أمر من شأنه أن ينال من حرية الدعاة إلى الله أكثر من إفادتهم، سيما الذين يتعرضون لدعوة غير المسلمين، والتعرض للديانات الأخرى بالنقد والرد، لذلك فسنكون أول المكتوين بهذا القانون، ولن يطبق في الغالب إلا علينا، وماذا فعل مجلس الأمن والأمم المتحدة لنا ولمآسينا من قبل؟ ولا شك أن في هذه الدعوة إفادة لأمريكا وللغرب عامة لتعطيل سير الدعوة الإسلامية، وتكميم أفواه الدعاة إلى الله. رابعا: شجعت هذه الأحداث عددا كبيرا من الليبراليين والعلمانيين على الخروج من قمقمهم للطعن في التيار الإسلامي واتهامه بالهمجية والغوغائية، ومن ثم التودد إلى الجانب الأمريكي، والركون إليه، وطلب العون والمدد منه؛ لمواجهة التطرف الإسلامي، رغم أن أحداث الشغب ليس لها أية علاقة بالتيار الإسلامي، وتشير تقارير عدة إلى تورط الأنظمة القديمة بافتعال الشغب بالتعاون مع عدد من معارضي التيار الإسلامي من العلمانيين واللبراليين المدفوعين وفق الأجندة الأمريكية، وهو هدف تنشده أمريكا وتسعى إلية بقوة، والواقع يصدق ذلك ويؤكده. خامسا: أعطت هذه الأحداث مبررات جديدة لضخ مزيد من الأموال في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي أشارت إليه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، حيث أوضحت في افتتاحية عدد السبت الماضي إلى أن "الرد الأميركي الذكي على ما يجري بالشرق الأوسط لن يكون بإلغاء المساعدات لمصر"، جدير بالذكر أن هذه المساعدات ليست مجانية، وإنما ستأخذ أمريكا ثمنها بشكل مضاعف عبر تدخلاتها في سياسات مصر وشؤونها الخاصة، ودول المنطقة بصفة عامة. سادسا: كما ساعدت الأحداث على تكثيف الوجود الأمريكي من جديد في منطقة الشرق الوسط، واستعادة أوضاع ما قبل الثورات، وقد بدأ ذلك فعليا باقتراب المدمرات الحربية الأمريكية من شواطئ ليبيا، وتكثيف الوجود الأمريكي بعدد من الدول الأخرى التي شهدت أحداث شغب واحتجاجات. على جانب آخر فقد منينا بخيبة أمل كبيرة في الأحداث الأخيرة التي أعقبت نشر الفيلم المسيء فم يكن الرد بشكل علمي ومؤسسي، بل جاء ردا عشوائيا من دهماء الناس وعوامهم، بل ومن المندسين والمتاجرين باسم الدين لمآرب سياسية أو حزبية، أو لأجل إثارة الفتنة وتأجيج نارها. حيث غاب دور الأزهر الشريف وغيره من الهيئات الإسلامية، فلم تظهر هذه الهيئات لترد بشكل علمي ومؤسسي، وبسبب تأخر التحرك الرسمي للرد على هذا الفعل، هاجت الجماهير، وكان من الممكن أن يتم تحويل هذه الاحتجاجات إلى طاقة فاعله، وأعمال إيجابية ملموسة، لو تم التعامل مع هذه القضية بشكل منهجي مدروس. كذلك فقد فشلنا في التوحد سياسيا أمام أهم القضايا، وهي قضية الدين، والذب عن حياضه، فلِمَ لم تقم الحكومات العربية بجامعتها "العجوز" بعقد اجتماع طارئ لمناقشة هذه القضية، ولو على مستوى المفتيين أو وزراء الأوقاف، أو وزراء الخارجية، ثم الخروج ببيان محكم متزن، يوجه إلى أمريكا وإلى غيرها من دول الغرب، فلو حدث هذا لكان وقعه أشد على الأمريكان، ولما رأينا ما رأينا من أعمال شغب وتخريب وقتل. وانجرت بعض الأحزاب السياسية الكبيرة (الإسلامية) بسذاجة تامة لمواجهات هي في غنى عنها امام من هم ليسوا بخصومها الفعليين ، ونزل بعض قادتها لمحاصرة السفارات الأمريكية والتظاهر أمامها، بل وتباهى البعض بأن شباب حزبه كان من أول النازلين والمحاصرين لسفارات أمريكا والاعتداء عليها ! النصرة الحقة كانت ستأتي بامتثال هديه، وبنشر سنته، وبتصحيح سيرته لدى الغرب، عن طريق اتخاذ آليات أكثر جدية وتأثيرا , وترد عليه بشكل منهجي علمي، عبر قواعدها الحزبية المنتشرة في كل مكان. ولعله كان من الأولى التغافل عن هذا الفيلم ( تغافل الأذكياء ) سيما وأنه لم يُعْرف ويُشْتهر أمره وأمر صانعيه إلا بعد احتجاجاتنا، ونشر روابط الفيلم المسيء عبر المواقع العربية وشبكات التواصل الاجتماعي، ويزيد من وجاهة هذا الرأي اقتناعنا بأن الفيلم لم يصنع إلا لاستفزاز مشاعر المسلمين، فليس في الفيلم أية مادة معتبرة لإقناع الرجل الغربي، بل كل ما فيه عبارة عن سفاهات وتفاهات وعري وسخرية، وهذه النوعية لن تقنع العقل الغربي بكذب شخص أو صدق آخر، ولن تقيم حجة وتدحض حجة أخرى. إن من أخطائنا أننا نتعامل مع الرجل الغربي بعقل الرجل الشرقي، بمعنى أننا لا نستخدم وسائله الإقناعية في الحوار معه حول قضايانا، في حين أننا رأينا كيف تعامل –هو- معنا من خلال الفيلم المسيء، فالرجل الغربي فاهم لعقليتنا، ومدرك تمام الإدراك للأمور التي من شانها أن تستثيرنا، ومن ثم فهو يتعامل معنا بمنطقنا لا بمنطقه هو. إنه لمما يؤسف له ما صدر عن البعض من ردود ( كسب مقدساتهم وتمزيق كتبهم والتهديد بالبول عليها وقتل السفراء والعاملين ..وغير ذلك ) ، حيث جاءت هذه الردود لتزيد من حالة الفشل، ولتورطنا في المزيد من الأخطاء، ولنتحول من معتدى عليهم إلى معتدين، ومن أصحاب حق إلى جناة ومجرمينأمام العالم , لنقع في الفخ صيدا ثمينا لصناع الفيلم ومن خلفهم أمريكا والغرب كله. ينبغي علينا دائما أن تكون ردودنا على قدر الحدث، وعلى قدر صانع الحدث، وعلى قدر الهدف من الحدث، وألا ننساق خلف كل فخ يصنع لنا، وخلف كل ناعق يصيح بنا ثم ينبغي علينا أن نعلم ونعلِّم غيرنا أن نصرة النبي صلى الله عليه ليست بعلو الصوت والصراخ، بل بالعمل والدعوة إلى دينه واتباع هديه، وأن ندرك أن بالغرب عقلاء وأنهم ليسوا سواء، وعليه فاللغة الذكية أكثر تأثيرا من الصرخات العشوائية دعونا نسمعهم كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وأن نريهم أخلاقه في أقولنا وأفعالنا وأحوالنا، ثم إن هذا الفعل لن يضر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، ذلك لأن الله قد رفع شأنه وأعلى ذكره وعصمه من الناس أجمعين. المصدر: مركز التاصيل للدراسات والبحوث منتدى/ هديل صدام حسين sahmod.2012@hotmail.com المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في منتدانا لا تعبر عن راي المنتدى بل عن راي الكاتب فقط
كيف استثمرت أمريكا حادثة الفيلم المسيء؟ وكيف فشلنا في ذلك؟