ليل الاحتلال وفجرالمقاومة في العراق ..
الأحد, 21 نوفمبر 2010
للمرة الثانية يعيد وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس تأكيده على استعداد وزارته بحث موعد الانسحاب النهائي للقوات الامريكية من العراق في حال طلبت منه ذلك الحكومة العراقية الجديدة ، وكان الوزير ذاته قد اعرب عن استعداد ادارته لتعديل الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين ، وبما يتماشى مع حقائق الوضع الميداني بحيث لا يترك الانسحاب فراغا امنيا غير محسوب ! قيادة الاركان الامريكية تعلن صراحة بان امريكا لن تسمح بحصول فراغ امني في العراق يؤدي الى اصطفافات جديدة تزعزع الاستقرار في المنطقة ! بابكر زيباري رئيس الاركان العراقي يتماهى مع تصريحات غيتس وقيادة الاركان الامريكية ويؤكد بان القوات العراقية لن تكون قادرة على الامساك بالامن حتى عام 2020 !احزاب العملية السياسية في العراق لا تريد بحث هذا الموضوع في العلن ، عدا كتلة التحالف الكردستاني التي لاتبالي باشهار رغبتها الصريحة بوجود قواعد امريكية في كردستان وحتى بدون موافقة بغداد ، مثلما لا تبالي اليوم بالتلميح لاقامة علاقات علنية مع اسرائيل طالما تلك العلاقات تفيد التوجه الكردي نحو الاستقلال ، يذريعة ان للفلسطينيون انفسهم علاقات مع اسرائيل ! كانت قيادة القوات الامريكية في العراق قد اعلنت بان تاريخ 31 آب هو الموعد النهائي لاتمام عملية سحب قواتها المقاتلة منه ، وان مهمات قواتها المتبقية والتي تقدر بحوالي 50 الف عسكري ، ستكون محصورة بالدعم اللوجستي للقوات العراقية اثناء عملياتها لملاحقة الارهاب ، وايضا لتدريب تلك القوات ، والمساهمة باعمال الاعمارفي البلاد ، واطلقت تسمية الفجر الجديد على تلك المهمات التي ستباشرها القوات الامريكية اعتبارا من اول ايلول ، حتى الموعد النهائي للانسحاب الكلي والمحدد بحسب جداول الاتفاقية الامنية المعلنة ، في نهاية العام القادم ، وبعض المعلومات تشير الى محاولة استبدال القوات النظامية الثقيلة بقوات من المتعاقدين الذين تتحمل كامل تكاليفهم الحكومة العراقية بعد انسحاب كامل القوات الامريكية بحسب الاتفاقية المعلنة ! يبدو ان قيادة تلك القوات لم تجد ما تفاخر به على الارض المحررة من بركتها ، فراحت تبحث في الالفاظ الناعمة ، عن عناوين مغالطة للتغطية على خيبتها ودورها التخريبي الذي عاث فسادا وتقتيلا وتدميرا بالبلاد وعبادها، انها تتحدث عن فجر جديد في ظل عتمة مطبقة سببها الخراب الكامن في اصل وجودها الاحتلالي ، سبع سنوات من الجحيم ، سبع سنوات دخل العراق فيها حمام دم ، ولم يخرج منه بعد ، وان خرج فسيكون معوقا وكسيحا ومشوها ، هم يريدون الخروج سالمين ، هاربين من الحفرة التي حفروها بانفسهم تاركين خلفهم تركة ثقيلة تقع على رؤوس واكتاف هذا الشعب المغدور، يريدون الاستمرار بدفنه وهو حي وباقل الخسائر الممكنة ليقيموا على اطلاله اساسات مشروعهم الكبير، فهم مازالوا يحاولون قلب الحقائق بدعواهم للبقاء الاضطراري حتى يكف العراقيون عن مقاتلة بعضهم وايضا لحمايتهم من اطماع الجوار في عرفهم التدميرتحرير وخاتمته ـ التفجيرـ يسمونه فجر جديد ، وبهذا هم ينتقلون من عنوان مقلوب الى اخردون اي اعتبار الى معطيات الواقع ، ومن المؤكد انهم لا يستطيعون خداع شعب العراق المنكوب بهم لكنهم ولاغراض التنصل من المسؤولية يعرضون الامر برمته وكانه متروك لتقديرات العراقيين انفسهم ! ان أعادة الانتشار لقواتهم وسحب الفائض منها لا يعني قطعا انهاءا حقيقيا لعملياتها القتالية فيه ، والتي تستهدف تحديدا مقاومي المشروع الامريكي وعمليته السياسية في العراق ، فاستبقاء 94 قاعدة عسكرية محصنة وبأعداد نوعية قابلة للزيادة والنقصان ، وبحسب الحاجة ، يتنافى مع ما يعلنوه من انهم ينوون الانسحاب كليا نهاية العام القادم ، فغيتس يعلنها صراحة بان تلك القوات ستبقى في مواقعها طالما تطلب الامر ذلك ، اي طالما بقي الظل الامريكي في العراق غير قادر على حماية نفسه بنفسه ، وهذا لويد اوستن القائد الجديد للقوات الامريكية في العراق يؤكد جاهزية قواته للدفاع عن مكتسبات عملية تحرير العراق وفجرها الجديد ..!الامريكان لا يخفون قرارهم باستبقاء القوات الامريكية المرابطة على " خط المواجهة في الاراضي المتنازع عليها " على حالها ، لكنهم بستدركون التناقض الحاصل بقولهم انها قوات خاصة بتدريب قوات البيشمركة والمساهمة بتسليحها ، وهذه المهمة ستبقى قائمة حتى بعد نهاية عام 2011 ! يبدو ان مهمتها لاتنتهي حتى تنفيذ خطة ضم كركوك والمناطق الاخرى الى دولة كردستان المقبلة ، اي حتى تنفيذ مشروع بايدن وبحذافيره سبع سنوات والجيش الحكومي في العراق على حاله ، يزداد عددا ويقل كيفا ، بالمقابل يجري تسليح البيشمركة اسرائيليا ، استعدادا للتفجير القادم المساعي الايرانية من جانها تتخادم مع المشروع التقسيمي للعراق ، وهي تصب في النتيجة باتجاه اقامة كيان شيعي موالي لها ، وهذا ما سيوفر للامريكان فرصة سانحة لجعل امر التقسيم تحصيل حاصل تصعب مواجهته ، ومن ناحية اخرى سيكون مدخلا ناجحا لترجمة سياسة الاحتواء المزدوج على طرفي ارض الواقع في ايران والعراق . لقد كشفت مجريات الامور في العراق مؤخرا ، ومنذ الانتخابات العامة الاخيرة وحتى الان ،عن مدى هشاشة مايسمى بالعملية السياسية التي اقامها المحتل الامريكي في العراق ، فالصراع التقسيمي على السلطة يتواصل وبوتائرعالية ، والدورالامريكي الراعي الرسمي لتلك العملية يواصل مساعيه لتطبيع وتجذير هذه الهشاشة وابقاءها داخل حدود السيطرة من خلال تغليفها بتفاهمات موقوتة وقابلة للانفجار باي مناسبة متعمدة ، بشهادة ماحصل مؤخرا من اتفاق تقاسمي ملغوم بين احزاب العملية السياسية . الامريكان واعوانهم يدركون بان التحقيق الفعلي لشعارات المصالحة الوطنية واعادة اعمار العراق واقامة وتسليح جيش وطني قادر على الدفاع عن مصالح العراق ووحدته ، وعودة السيادة الكاملة غير المنقوصة للبلاد وشعبها ، سيفشل ويصيب بمقتل كل الذي عملوا على تحقيقه منذ حصارهم المجرم للعراق وحتى الان ، مرورا بما عملوا على تحقيقه وبكلفة باهضة اثناء عمليات الغزو والاحتلال طيلة السبع سنوات الماضية ، فهل يعقل ان اقوى قوة في العالم غير قادرة على تسليح الجيش العراقي واعداده ليتحمل المسؤولية الامنية خلال كل تلك السنوات من عمر الاحتلال ؟ وهل يعقل ان تتحقق المصالحة الوطنية في ظل اجواء الفتن الطائفية والشد الاثني والاجتثاث ، والتي عمل الامريكان ويعملون على اثارتها والاستثمار فيها بطرق مباشرة وغير مباشرة ، من خلال مخابراتهم وعملياتهم العسكرية ، ومن خلال ممارسات واجهاتهم العراقية ؟ هل يعقل ان امريكا بجلالة قدرها غير قادرة على المساعدة في اعادة اعمار قطاع الكهرباء كواحد من اهم القطاعات المتضررة من جراء حصارها له وحربها عليه ؟ علما ان ما اصاب القطاع النفطي لا يقل ضررا عن اضرار القطاع الكهربائي ، لكن القطاع النفطي هو الوحيد الذي تعاد له الروح وبسرعة رغم اعمال التخريب التي وقعت عليه ، وهذه الحقيقة لوحدها تضع الف علامة استفهام حول الاهداف الحقيقية للغزو ، ليس فقط من باب مصالخ الكارتلات النفطية واطماعها بالنفط العراقي ، ولكن من باب تلازم مساري التقسيم مع خصخصة وفدرلة الانتاج النفطي وجعل استثماراته وريعها ادوات اضافية نحو التقسيم ، ومايجري في افليم كردستان من اجراءات عملية متواصلة لجعل الاقليم مستقلا تماما عن المركز في شؤون التعاقد والتنقيب والاستخراج والتصديرالخاص بالثروة النفطية والغازية ، الا دليل حي على صواب ما ذهبنا اليه . وهل يعقل ان استبقاء العراق تحت وصاية البند السابع وطيلة هذه المدة يجري بمعزل عن الرغبة الامريكية ؟ ان تعمد هذا الاستبقاء هو دليل اخر على المسعى الامريكي للاطباق على الوضع العراقي برمته ومن جميع الجهات . لقد جرى تعويض القوى المنسحبة بعشرات الالوف من المرتزقة الاجانب الذين يقدر عددهم بمئة الف مرتزق ، مزودون بكل وسائل الحماية والقتل بكل انواعه ، بما فيه القتل من الجو او بواسطة عمليات القتل الوقائي الذي يعتمد على كثافة النيران ، فقد تم تصدير سبعة الاف مرتزق فقط لحماية السفارة الامريكية في بغداد وكذا القنصليات الامريكية المنتشرة في محافظات جنوب ووسط وشمال العراق ، ويراد من هذا التعويض كما من الانسحاب الجزئي نفسه ، حماية الجيش الامريكي من الخسائرالمباشرة. ان وضوح معالم المستجدات الحاصلة سيمكن كل فصائل المقاومة العراقية الباسلة والتي جعلت المحتل الامريكي يعيد النظر بتكتيكاته العسكرية والسياسية في العراق ، ويسرع من بحثه عن المخارج البديلة، سيمكنها حتما من تجاوز طور القوى المعرقلة الى طور القوى الحاسمة في مسار المواجهة المحتدمة بينها وبين الاحتلال ومشروعه في العراق ، لتنطلق نحو تسييد مشروعها الوطني ، وذلك بالاستمرار بتطوير العمل النوعي لايقاع اكبر الخسائر بالقوات المحتلة ومرتزقتها ومن يدافع عنها ، وايضا بتوحيد صفوفها استعدادا لاستحقاقات المرحلة المقبلة ، فتحول المقاومة الى نهح وطني عام وبحركة شعبية لا يقتصر دورها على التصدي للمحتلين فقط ، وانما لكل اعوانهم ، ولكل من يتبنى الدغوة لتقسيم العراق وتفصيصه طائفيا وعرقيا ، يتطلب المزيد والمزيد من التضحيات فلا امل الا بالعمل المقاوم الذي يستوعب المستجدات ويوظفها لخدمة قضيته المشروعة ابدا ، المقاومة وحدها من سيأتي للعراق بفجره الجديد ، وليس من احتل البلاد وفجر العباد فيها ، ان ملاحقة قواعد المحتلين بالصواريخ ، والياته وعجلاته بالعبوات الناسفة وقنص المرتزقة من افراد الحمايات الخاصة ، كلها اعمال يومية للمقاومة تتطلب مايولزيها نوعيا على الصعيد التنظيمي والسياسي ، فالوحدة الميدانية والسياسية وطرح البرامج العملية والمناسبة تكتيكيا واستراتيجيا ستسهل الطريق نحو مشاركة شعبية اوسع في فعالياتها ، وخاصة اذا نجحت في افشال التعريق الطائفي والاثني المتعمد من قبل قوات الاحتلال والاحزاب المتخادمة معها ، ففشل الاحتلال ومن معه في تلميع صورة العملية السياسية القبيحة القائمة هو سلاح سياسي جديد يضاف للاسلحة الفاعلة المتوفرة ، بايدي كل احرار العراق وفي المقدمة منهم كل فصائل المقاومة