ولنعد الى ترجمة الفصل /11من التأريخ السري لحرب العراق
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: ولنعد الى ترجمة الفصل /11من التأريخ السري لحرب العراق الثلاثاء أكتوبر 09, 2012 9:37 am
ولنعد الى ترجمة الفصل /11من التأريخ السري لحرب العراق. في 15كانون أول/ديسمبر،خا طب بول برامر الذي كان وجهه يخفي حبوراً خبيثاً gloating، خاطب مؤتمراً صحفياً أعد على عجل في بغداد معلناً ’’سيداتي وسادتى لقد نلـنا منه ‘‘،ثم مضيفاً ’’الطاغية سجيننا الأن‘‘.وبعد ساعات قليلة ،خاطب الرئيس بوش الأمة [الأميركان]والعالم أجمع قائلاً بأن أعتقال صدام ’’سجل نهاية الطريق له ولجميع من قـتـلوا وهدد وا بأسمه ‘‘و أضاف مخاطباً العراقيين و مؤكداً ’’ليس عليكم أن تخافوا حكم صدام مرة أخرى أبـــداً ‘‘.لكن بوش أكد وفي الوقت نفسه بأن أعتقال صدام سوف لن ينهي العنف ضد الأميركان في العراق. وسرعان ما تـنا قـلت شاشات التلفزيون حول العالم صورة صدام حسين الملتحي والذي لم يحلـق شعر رأسه لأشهر طويلة،وهو يخضع لفحص طبي على أيدي عناصر طبية أميركية [6][ بدى وكأن متفحصيه يتعمد ون أها نته]. لقد بدى صدام واهـناً و حائراً ومستسلماً لقدره ومهاناً. كان ذلك أنجازاً رمزياً لأدارة بوش ،لأن القليلين جداً توقعوا أن يؤثر أعتقاله على العنف المتصاعد بشكل مرعب . كان أعتقا ل صدام حسين نتيجة جمع عاملين مهمين هما – التحول الدراماتيكي في علاقات ومراكز القوى في المنطقة السنية وفي العراق ككل، من جهة والـتطور الملحوظ في التقنيات العسكرية الأميركية و تطويرالقدرات التحليلية للأستخبارات ما زال الكثير من الغموض يحيط با لنشاطات الدقيقة لصدام حسين في الأسابيع الأخيرة القليلة التي سبقت أعتقاله .وكان من الواضح أنه يرزح تحت الكثير من الضغـوط النفسية والعقـلية .وكان وكأنه في سباق مع الزمن مع أعداءه [ومع الظروف ] ،وكان يبـذ ل جهوداً يائسة لا طا ئل وراءها لأستعادة السيطرة ،وحتى لو كانت سيطرة أسمية أو رمزية على حرب العصابات المستمرة و المتصاعدة. كعواقب التشعب والأنفراط الشخصي للوطنيين من الجهاديين [الأسلاميين] والبعثيين المسيطيرين من جهة ،والمساومات المؤلمة التي أضطر القليل من الباقين على الولاء له للقيام بها ،والذين عليه التوصل اليها معهم (أي مع الجهاديين )وقد أنها لت هذه الضغوط كلها على رأ س صدام . كان أدراك صدام حسين يتزايد ويتعمق بأن فعالياته لم تعد ذا صلة بما يجري في العراق . وبما يعرف عنه من صلابة صدام حسين الذي لا يعرف التوقف ،وأنه ’’الخالد الذي لا يموت Eternal Surviver‘ فقد بدى وكأنه يبذل جهداً مستميتاً لعكس أو لأعادة تيار الأحداث .لقد كان كل ذلك تحدياً مثبطاً للعزائم،حين كان صدام حسين يصب أنشطته ويدفعها نحو أعما ل شجاعة ويدير فعا ليت مع عناصر أتصلا ته ومريديه بينما عليه ومن نا حية أخرى الهرب الدئم للتملص من الرقابة الشديدة للقادة الطامحين للرئاسة في المناطق السنية و الذين يعتبرون مجرد وجود و/أو بقاء صدام حسين في الصورة تهد يداً لصعودهم هم وأمسا كهم بالسلطة والقرار .والأكثر من ذلك بعد ،هو بروز وتنا مي عدد من العصابات وقطاع الطرق والعشائر المعادية له والمتهالكة على الفـد ية على رأس صدام ( 25مليون $). كانت أستخبارات الحزب الديمقراطي الكردستاني هي الأخرى وراء صدام حسين ولكن لأسباب سياسية ومالية معاً .و لابد أن هذه الظروف ،والملابسات المحزنة الأخرى ساعد ت كلها في أبعاد صدام كثيراً عن حلقات أجتماعا ته وأتـصا لاته المعتادة. شوهد صدام حسين في موقعان في أواخر تشرين ثاني/نوفمبر2003. ففي 24/منه ،وكان اليوم الأول لعيد الفطر [المبارك] ، شوهد صدام حسين يصلي (متـأملاً) ومستغرقاً في تفكير عميق عند مسجد وقبر زوج والد ته [ براهيم الحسن] في العوجة. كان وحيداً عند القبر .ولم يكن ذلك شيئاً مأ لوفـاً أن يصلي صدام حسين العلماني ،لكن كان ذلك أيضاً تأكيد أضافي للأ نها ك العقـلي الذي يرزح تحته .ومع ذلك فقد شوهد ثانية بعد أيام قليلة ،ولكنه عاد مجدداً ،صدام حسين المفرط الثقة بنفسه .فقد شوهد وسا ئقه عند حاجز(سيطرة) طريق قرب تكريت من قبل ضابط [ جيش] تحول الى ضابط شرطة داخل سيارة أجرة ( تا كسي ) با للونين البرتقالي و الأبيض الخاصين بالتاكسيات في العراق ،عرف صدام الضابط لأ نه من أحدى العوائل المهمة في المنطقة فلامه على ألتحا قه بالشرطة.وحين قال الضابط أنه فعل ذلك لحا جة عائلته للما ل أعطاه صدام حسين ’300$‘نقداً. بعدها سمح الضابط لصدام حسين بمواصلة السير ،و لم يبلغ عن ذلك اللقاء ولا عن المناسبة السابقة ألا بعد أعتقال صدام حسين . ووفقاً لمعظم العراقيين والعالم العربي فقد أختفى صدام حسين عن المشهد وببساطة.ثم وفي أوائل كانون أول/ديسمبر،أنتشر سيل من الأشاعات في بغداد ،بأن صدام أما مات أو أنه على فراش الموت بسبب عددٍ من الأمراض.بدأ نشر هذه الأشاعات عدد من ضباط أمن جهاز أستخبارات الأتحاد الوطني الكردستاني التابع لجلال الطلباني(PUK)،التي سعت لأيضاح أسباب الأختفاء المفادجئ ،بعد تفجر أنشطته المكثفة في تشرين ثاني/نوفمبر. لم يستبعد بعض المخلصين لصدام حسين في العالم العربي أغتيال الأتحاد الوطني الكردستاني لصدام . في بيروت ،وبعد توقف الأ تصالات ،أشتد قـلق سميرة الشاهبندر لأحتمال أعتقال صدام حسين أو حتى أغتياله .وأعتقد ت أنه ربما سيقع ضحية لبعض البعثيين الذين يريدون موافقته لتأكيد سيطرتهم في المناطق السنية ،أو كان ضحية لصيادي الجوائز. وأستـنـتجت بالتالي بأن من المحتمل أن يظل صدام حياً ووسط ظروف ممتا زة لو وقع بأ يدي الأميركان ،بينما قد يقتل على أيدي دوائر أعداءه المتزايدون وفي أقرب فرصة . والنتيجة فـلربما قررت سميرة ومن تـثق بهم مساعدة الولايات المتحدة في أعتقال صدام حسين قبيل قـتله . يعتقد مصدر لبناني حسن الأطلاع بأنه بأن’’ سميرة شا هبندر قررت أعطاء الأميركان و حلفائهم بعض المعلومات عن المنطقة التي يختفي فيها صدام ‘‘.ومع ذلك وفي أوائل كانون أول/ديسمبر، ما كانت سميرة وصحبها يعرفون سوى لقليل جداً من التفا صيل الدقيقة والمحد دة عن أماكن معينة وأكيدة لتواجد وتحركات صدام حسين.ومع ذلك سربوا الى الأميركان أسماء بعض من كانواعلى ثقة من معرفتهم بتحركات صدام . مكنت تلك المصادر – سميرة وصحبها -وشكراً لتطوير الأميركان لقدرا تهم الأستخبارية العامة و التي مكـنت المحلـلين من أستغلال المعلومات المتوفرة بشكل أفضل وتحديد أسماء قلة من الأشخاص المهمين فأعتقـلتهم وحققت معهم و أستخلصت المعلومات التي قادت بالتالي الى أعتقال صدام حسين . في الأسبوع الثاني من كانون أول/ديسمبر،كان صدام يعمل بجهد يا ئس ودؤوب لتطوير مقاومت (ـه) البعثية السنية .لقد حاول أحياء ما كان قضية ميتة وذلك بتسهـيل ما أ مل بأن يكون تصعيداً رئيسياً ومهماً لجهاد كان قد وعد به. وأستناداً لأقواً ل’’فيستلا ف أوشا كوف‘‘،معاون رئيس (خدمة الأستخبارات الخارجية الروسية FSB) ،فأن الأستخبارات الروسية كانت على علم بهذه الأحداث و’’أ ن صدام حسين’’ قد وزع - لهذا الغرض - 7ملايين قطعة سلاح بين العراقيـين قبيل أيام من أعتقاله ‘‘.وفي الحقيقة، كان صدام في سبا ق مع أعداءه الحقيقيين من جهة ، و لأدراكه بأنه لم تعد له صلة بالمستقبل الذي سيتحقق أو يرسم للعراق الحاضر. كان توتره وأجهاده بأزديادً وبات منهكاً وتوقف حتى عن الحلاقة .عقد أخر اجتماع معروف له وحضره في 10/ كانون أول/ديسمبر في دار منعزلة جنوب تكريت .فتناول العشاء مع قيس الحاتم ،أحد أهم مساعد يه ،و الذي كان مسؤولاً عن رعا ية و توجيه عمليات المقاومة شمال بغداد ،وعلى الأخص في منطقة سامراء. كانت مهمة قيس الحاتم الرئيسية هي تمويل الوحدات المقاتلة المحلية با لمال والسلاح ، كان صدام قد جلب معه أكثر من مليون دولار $، نقداً خصصت لتسهيل تصعيد الكما ئن و الهجمات على طول’’ طريق الموت السريع ‘‘ (الدولي) ،بين شمال بغداد وتكريت . تعجل صدام التصعيد ،إن لم يكن طالب به فعلاً،ولكن قيس الحاتم رفض الأ لتـزام بذلك، لكنه وعـد وبا لمقابل بأ ثارة الأمر مع قادة فدائيي صدام المحليين و سيستـنبط معهم خطة عمليات تأخذ في حسبانها المشهد الأمني في مناطق (مسارح ) عملياتهم. لم يكن لدى صدام حسين سوى القليل مما يستطيع فعله بعد مواجهته بمناقشة كهذه ،رغم أن قيس الحاتم أخذ المال من صدام . غادر صدام حسين الأجتماع صحبة قيس الحاتم الى أجتماع أخر أعد مسبقاً وفي موقع قريب من مدينة الدور ،10أميال جنوب تكريت . كان مخططاً لصدام الأ لتقاءبإ ثنين من ثقاته هما – الأخوين العقيد محمد أبراهيم العمر والمقدم خليل أبراهيم العمر،اللذان كانا سيأخذانه الى واحد من بـيتين ريفيين جرى تأمينهما كملاذ قادم له . لا بد أن صدام حسين كان قد أحتجز عند تلك النقطة !!!!!، أما من قبل من كان يفترض أنهما مرافقيه –الأخوين أبراهيم العمر- أو من قبل غرباء وبمعونة الأخوين العمر ؟؟. ونظراً لعدم وجود ما يشير الى عراك أو صراع قرب ناحية الدور ،ولعد م وجود علامات عنف على جسم صدام ،فمن حقنا الأفتراض بأن صدام حسين أعتقل من قبل أناس كان يثق بهم جداً. ووفقاً لأستخبارات كردية ،فقد كان صدام مخدراً – وعلى الأكثر بالطعام أوالشراب ا لذين تناولهما في أجتماعه مع قيس الحاتم ؟،– لذلك لم يقاوم .ومن ثم اٌخذ الى ’’حفرة العنكبوت Spider hole‘‘،وحيث سيحتفظ به كأسير !؟ لحين أعتقاله النهائي . كانت حفرة العنكبوت تلك صغيرة وعلى عمق ’6‘ أقدام وتنتهي بباحة أفقية وحيث يستطيع صدام وبصعوبة الأضطجاع . كانت هناك مروحة داخل هذا الكهف قرب المد خل العـمود ي ،وحيث شوهد راس صدام ،مع وجود مفرغة هواء تصل سطح الأرض قرب قدمي صدام .لم تكن هناك مرافق صحية .كما أغلقت فتحة الحفرة بغطاء styrofoam[7]، مغطى بدوره بغطاء مموه بقوة من الطين والطابوق والأغصان. كان من الصعب ،إن لم يكن مستحيلاً فتح أو رفع الغطاء من الداخل في جميع الأحتمالات ،أراد معتقلوا صدام حسين الضغط عليه للأعتراف بالقيادة الجد يدة وبنيتها وهيكليتها، وربما لتسليمهم الأموال وأماكن خزن الأسلحة المعدة للقوات الجد يدة .يشير الحطا م و البقايا التي عثر عليها قرب حفرة العنكبوت الى أن معتقلي صدام لم يتوقعوا أن يستغرق الأمر وقتاً طويلا .كانت سيارة الأجرة (التكسي) التي أوصلت وعلى الأكثر صدام حسين مازالت مركونة قريباً . كان قرب صدام حوالي 750ألف$، في رزم من 100$،ووثائق كثيرة تخص المقاومة في منطقة بغداد، بما فيها قائمة باسماء المتعا ونين مع سلطات الأحتلال ليتجسسوا عليها للمقاومة. كان صدام يريد تسليم تلك الأ موال والوثائق لمساعد أخر له في اجتماع معد لأن يراه من أجل المزيد من التصعيد .لم يزل معتـقلوا صدام تلك المواد معتقدين بأحتمال حضور صدام حسين ذلك الأجتماع!؟. كان هناك القليل من الطعام، والقليل من قـطع الثـيا ب ،ولا توجد أية مواد تموين أو معدات أتصالات أخرى في الكهف [مما يؤكد قلة أستخدام الحفرة ]. كان هناك حارسان إثنان فقط طوال الوقت ومسلحان ببندقيتي كلاشينكوف AK-47،ومسدس –أشارة الى ثقته- أي صدام – بمعتقليه[8]. في الوقت نفسه ،عملت أستخبارت الولايات المتحدة وبالأستفادة من معطيات أستخبارات جديدة تجمعت لديها،على تضيـيق الحبل على صدام .كان في قلب هذه الجهود مخطط أستخباري (لوح ) تنظيمي مفصل ومتعد د الأ لوان للحلقة الداخلية المحيطة بصدام وقد أعدته وأدامتـه ( مجموعة منتخبة من ضباط أستخبارات عسكرية من فرقة المشاة/4)، ورمز اليه مطوروه بـ ’’ حلقة مونكو ‘‘. بدأ العمل أساساً على هذا المخطط منذ شهر حزيران/يونيو، وتبدل أسمه ’4‘ مرات حتى أستقروا على تسمية ‘حلقة مونكو Mongo Ling‘ في كانون أول/ديسمبر،و ضم حوالي 250 أسماً أستخلصت من بين أكثر من (9)ألاف أسم تناقلـتها معطيات عد ة أجهزة حاسوب .تعقـب المخطط وحدد العلاقات الداخلية بين اسماء أشخاص مهمين يـنتمون لخمسة عوائل رئيسية في منطقة تكريت وتؤسس معاً قـلب منظومة دعم صدام ،كما أعد وا خرائطاً لشبكة الأرتباطات و العلاقات العائلية المعقدة مابين الشخصيات المهمة من المخلصين لصدام . تحددت خطوة التعقيب الأولى لصدام في أوائل كانون أول/ديسمبر،حين حصلت أستخبارت الولايا ت المتحدةعلى معطية حساسة جد يدة .حدث ذلك في حوالي نفس وقت الذي رتبت فيه سميرة شا هبند ر تسريب معلومات الى الولايات المتحدة في محاولة منها لحماية زوجها بتسهيل أعتقا لهم له .ووفقاً لمسؤولين كبار في أستخبارات الأتحاد الوطني الكردستاني[9] ، بأنهم الذين وفروا للولايات المتحدة نـتـف معلومات حاسمة قادت الى أعتقال صدام حسين بعد محادثة تلفونية جرت بين أحد كبار قادة وحدة أستخبارات خاصة يدعى كوسرت رسول علي [ الشخص الثاني في الأتحاد الوطني الكردستاني والمسؤول العسكري الأعلى فيه ] وسميرة شاهبندر. أقر أحمد جلبي بدوره بأن كوسرت رسول ومجموعته وفروا ’’ معلومات مهمة جداً..وأكثر!؟. ‘‘ قادت الى أعتقال صدام حسين .ومهما كان المصدر ،فأن المعلومة الجديدة والحاسمة حددت أعضاء منظومة الدعم المفصلة المحيطة بصدام ،والدور الرئيسي الذي لعبه كلا ً منهم في أعتقال صدام حسين . في قلب ومفتاح تلك المعطيات وفي الأيام العشرة التي سبقت أعتقال صدام حسين ،نفذت القوات الأميركية سلسلة عمليات تفتيش وأعتقالات وقائية والتحقيق مع مابين 5-10أشخاص من كل عائلة من تلك العوا ئل التكريتية المهمة الخمسة. كان الهدف الأول لهم من التحقيق مع المعتقلين هو تأكيد صحة المعلومات المستخلصة أخيراً والخاصة باشخاص محدد ين – محمد أبراهيم العمر المسلط – وأهميته النسبية لصدام . عرفت الأستخبارات العسكرية الأميركية محمد أبراهيم المسلط منذ أشهر، و لكنها لم تعتبره بالأهمية ولا بالمركزية التي يحتلها في الحلقة الداخلية لصدام .وفي كانون أول/ديسمبر، حصلوا على معلومة محـد دة جداً تحدد الأهمية الحاسمة للمسلط – وبالذات بكونه فاعلاً مهماً لصدام حسين .تركز الجهد الجد يد كـ – العد يد من الغارات ولأعتقال والتحقيق – أما لتأ كيد أو لنفي نتف المعلومات المهمة تلك . قبل يومين من أعتقال صدام حسين حصلت الأستخبارات العسكرية لجيش الولايات المتحدة على تأكيد قوي عن أهمية ’المسلط ‘ فبدات بحثاً مكثفاً عنه .كان المسلط ضابطاً رفيع المستوى في ’’منظمة أمن خاصة ‘‘من ’ ألبو عجيل‘ شمال تكريت تماماً والتي تعود لعا ئلة مهمة جداً ضمن العشائر الخمسة الرئيسية. في اليوم التالي ،أي 12 كانون أول/ديسمبر،أعتقل المسلط خلا ل سلسلة غارات بحث في بغداد .وسفر وفي الصباح التالي الى تكريت حيث أخضع لتحقيق [ أنساني!] مكثف جوبه خلا له بكم هائل من المعلومات المتيسرة لدى أستخباراتهم العسكرية ، ووفقـاً لكلمات العقيد جيمس هيكي من ’مجموعة قتال لواء/1، فق مش/4،ففي حوالي الساعة ’5 مساءً‘،وبعد حوالي 4 ساعات من التعذيب المكثف ومجابهة معتقليه أنهار محمد لمسلط و’’أفشى مكان أختفاء صدام حسين ‘‘ ، وأخبر محققيه بأن صدام حسين سيختفي في واحد من بيتين ريفيين في منطقة الدور . شنت الولايات المتحدة وعلى الفور’’عملية الفجر الأحمر‘‘قبيل الساعة 8مساءً،إذ طوق رتل مؤلف من أكثر من 03، مدرعة’همفي ‘وعجلات أخرى تحمل حوالي ( 600جندي) صولة من قوة واجب/121’ العمليات الخاصة‘،ومجموعة قتال اللواء الأول من فرقة المشاة/4،طوقت منطقة الدور وقطعت التيار الكهربائي . وبعد ربع ساعة،ووفقاً لمسؤولي أستخبارات الأتحاد الوطني الكردستاني ، تمكنت وحدة ( تسا ندها وحدة أستخبارات خاصة بقيادة كوسرت رسول علي ) من السيطرة على البيتين الريفيين اللذان أعطيا الأسمين الرمزيين (ولفرين -1،و ولفرين -2 [10] ). فتشت مجموعات القوات الخاصة البيتين ومايحيط بهما بدقة بالغة دون أن يعثروا على شيئ . و بعد مجابهة المسلط بهذه المعلومات أصر على أن صدام حسين موجود في تلك المنطقة، لـذا بدأوا مجدداً تفتيشاً دقيقاً ،تولى خلا له بعض العساكر تفتيش كل مبنى،وحقل و/أو بستان في مجمل المنطقة .في الساعة8,26 دقيقة، لاحظ جندي وجود شق أوحفر مستقيم في الأرض قرب كوخ طيني وسط مرعى صغير للأغنام . سرعان ما أتضح وجود حفرة كشفت عن تمويه وغش ،دقيق ومحكم مع غطاء ستروفوم فوق ما يشبه جحرhole عنكبوت . كان جندي قوات خاصة متهيئاً لألقاء رمانة يدوية داخل ’حفرة ،العنكبوت[11] ‘حين ظهر لهم رأس غير حليق . ووفقاً لرواية رسمية ،رفع لشخص الملتحي كلـتا ذراعيه معلناً وبالأنكليزية ’’أنا صدام حسين ،رئيس جمهورية العراق ،وعلى أستعداد للتفاوض ‘‘.فرد جندي القوات الخاصة ’’ يرسل لك الرئيس بوش تحياته ‘‘.بعدها سحب صدام حسين للأعلى خارج الحفرة، وظل صدام يضرب/يهز رأسه خلال العملية .وتمضي الرواية الرسمية بالقول بانه لم تطلق ولا أطلاقة واحدة ،مع أن صدام حسين كان يحتفظ بمسدس معه . في الحقيقة ،كان صدام حسين مشوشاً وغير متماسك لأ صدار أي بيان ،ناهيك عن التحاور أو الأجابة بالأنكليزية .وهكذا سحب بخشونة ودون مجاملة أو رسميات خارج حفرة العـنكبوت . ثم ودون أستخدام أية ألات بل ويدوياً شدت يداه الى الخلف .عند هذه النقطة بدأ [صدام حسين ] يقاوم أويتصارع مع معتقليه الجدد شاتماً ولا عناً بالعربية ثم بصق بوجه أحد الجنود الذي رد عليها أن صفع صدام أما بقبضته أو بأخمص بندقيته . أستشاط صدام غضباً حين وضع راسه داخل كيس .ولكنه لم يبدي أية مقاومة عند أركابه أ حدى السمتيات . وافق الجميع على أن صدام حسين كان بحالة ذهول أو تشوش أو حالة فقدان السيطرة عقلياً و منهك القوى وحتى مسحوقاً عند سحبه خارج الجحر. وصف صدام من قبل ضباط كبار رأوه بعد أعتقاله مباشرة فأيدوا ما ورد في تقرير أعتقال الأسير في جحر العنكبوت بأنه وكان على الأكثر مخدراً . لاحظ اللواء (ميجور جنرال (الجنرال فيما بعد ورئيس أركان الجيش الأميركي الحالي ) رايموند أوديرنو،قائد فرقة المشاة /4 بأن صدام حسين قد تسلق بنفسه للخروج من الجحر’’أشبه بالمتوحش جداً ‘‘،وليس بكامل سيطرته على نفسه . وقال الفريق ريكاردو سانشيز ’’كان متعباً !؟...،كان رجلاً متعبا تماماً ،و مستسلماً لقدره ‘‘و أستنتج مسؤول أستخباراتي رفيع بعد مقابلته الأولى لصدام حسين بأن ’’ صدام حسين كان رجلاً محطماً ‘‘.( لكن وفي اليوم التالي أستعاد صدام هيبته في لقاء مع بول برامر وأعضاء من مجلس الحكم العراقي ،والتا لي مع محققيه ،فقد أكدت التقارير أنه كان [أو عا د ]حازماً ومتماسكاً، و عدواني و غير متعاون) . ومن الجدير بالملا حظة أن ما أفاد به المسلط ، أحد أشد معاوني صدام قد نبه من حققوا معه الى موقعي – بيتي ولفرين الريفيين -1و2- واللذان يفترض توا جد صدام حسين في أحدهما،إذ لم يعثر عليه في أي منهما . بل عثر عليه في ’جحر عنكبوت ‘قريب لم يكن محمد المسلط يعرف عنه شيئا. ولو تذكرنا الأنضباط والطاعة القوية السائدة وسط الحلقة الداخلية لصدام حسين فمن المقبول والمعترف به حتى التخمين بأن صدام قد وضع في ’جحر العنبكوت ‘ من قبل مجموعة أنفصلت عنه brocken ranks،-أي على أيدي أشخاص معاد ين ،أو منشقين ولابد أنهم أحتجزوا صدام حسين رغماً عنه . في الوقت نفسه ؛ومع أحتفالات أميركا بأعتقال صدام حسين ،بدأت فصول ماساة أخرى تتوالى وكعواقب لأعتقاله في منطقة تكريت- وهي عبارة عن سلسلة أحداث ألقت الضوء على الظروف التي كانت محيطة بأخر أيام صدام حسين قبيل أعتقاله . بدأت تلك التطورات وكـأنها من عمل المخلصين لصدام للأنتقام ممن حملوهم مسؤولية أعتقاله . أولاً، فبعد ساعات من الأعلان عن أعتقال صدام في التلفزيون ،جاء مواطن عراقي الى قاعدة أميركية قريبة من ’سامراء ‘ متطوعاً لأخبارهم بأن [قيس ] الحاتم سيلتقي قريباً بعد د من قادة فدائيي صدام ومن أبناء المنطقة .وبعد يومين ،شن جحفل قتال/ل3،من فق مش/4،عملية ’’ العاصفة الثلجية Ivy Blizzard‘‘،فأعتقلت قيس الحاتم و’73‘ من قادة الفدائيين وقتلت ’16‘ عراقياً في غارة على بيت ريفي في مزرعة بين تكريت وسامراء. و أستعادوا كذلك ( أوعثروا) على كدس كبير من الأسلحة والمتفجرات ،وكذلك على وثائق تشير الى توزيع 1,9مليون$، لتمويل حرب عصابات في الأشهر السابقة .أما المبلغ الذي يزيد على المليون$، التي كان صدام حسين قد سلمها لقيس الحاتم فلم يعثر عليها . الملفت للنظر بعد ،أن أسم’ قيس الحاتم‘ كان على قائمة مطلوبي أستخبارات فق مش/4، منذ أشهر، و كان قد خطط لعملية خاصة لأعتقاله قبيل أعتقال صدام بوقت طويل ولكنها لم تنفذ لحين الحصول على أستخبارات دقيقة وموقوتة عن تحركاته .وبعد أعتقال الحاتم و التحقيق معه فقط عرفت أستخبارات الولايات المتحدة عن أجتماعه آنف الذكر مع صدام حسين في 10كانون أول/ ديسمبر.وأكثر من ذلك ،فالظروف العامة التي أحاطت بـ ’’عملية العاصفة الثلجية أيفي ‘‘أوضحت أن الحاتم كان قد تعرض للغدر به أو الوشاية عن عمد أنتقاماً لأعتقال صدام .كان المقرر أن تشمل عملية التفتيش التي قررتها الولايات المتحدة على سلسة كاملة من الغارات على قادة حرب العصابات والعناصر الفاعلة الأخرى في أحدى مناطق سامراء المعروفة بعلاقتها القوية مع قيس الحاتم .ومع ذلك ففي مساء’’عملية العاصفة الثلجية‘‘، هرب العشرات من المشتبه بهم والذين كانوا على قوائم المطلوبين للولايات المتحدة منذ زمن طويل- لقد هربوا من سامراء . كان مسؤولوا الأستخبارات العسكرية الأميركية مقتـنعين بأن الهاربين قد حٌذروا مسبقاً من عمليات التفتيش والتمشيط المقبلة .و في جميع الأحتمالات ،فان أولئك الذين قرروا خيانة قيس الحاتم وقادة فدائيً صدام الذين معه أو بأمرته الى الولايات المتحدة، كانوا قد قرروا ألا يصاب قادة حرب العصابات والناشطين الأخرين المخلصين لصدام -باي آذىً خلال الغارات التي ستشن لذا،وفي 17 كانون أول/ديسمبر ،عثر على جثتي العقيد محمد أبراهيم العمر والمقدم خليل العمر على ضفة نهر دجلة في تكريت، وليس بعيداً عن مكان أعتقال صدام . قتل الشقيقان بطريقة توحي بتنفيذ حكم الأعدام بهما .أكدت أشاعات قوية على أن الأخوين العمر قد أعدما على أيدي مخلصين لصدام حسين لأنهما خاناه ،بل وخانا كذلك [شرف وتقاليد] عائلتيهما. والملفت بعد ،أن الأخوين العمر لم يتهما بكشف أماكن أختباء صدام للأميركان .لذا يوحي قتلهما بأن المخلصين لصدام حسين إنما أنتقما ممن تسببا بأحراج أو أي مأزق،ربما قاد لأعتقال صدام وأخيراً ،وبعد الأعلان عن أعتقال صدام مباشرة،أصرت مصادر أستخبارات كردية قريبة من الأتحاد الوطني الكردستاني بكونهم المسؤولين عن أكتشاف مخابئ وأعتقال صدام حسين .وأكثر من ذلك بعد فقد أدعى الأتحاد الوطني الكردستاني بنفوذهم وشعبيتهم الكبيرتين في المناطق السنية وفي بغداد حتى ،وقد تكررت أدعا ئتهم هذه كثيراً وعلى لسان أناس معروفين .ووفقاً لرواية الأحداث هذه ،ففي مطلع الأسبوع الثاني من كانون أول/ديسمبر ،أبلغت أستخبارات الأتحاد الوطني الكردستاني عن مكان أختفاء صدام حسين أستناداً لما أفاد به أحد أبناء عشيرة ’’الجبور‘‘- التي كانت تعتبر مخلصة بكاملها للبعثيين ومع ذلك ،فقد كان عدي صدام حسين قد أغتصب أبنة ذلك الرجل الجبوري بالذات ،وعندما أشتكى هذا الرجل للسلطات هاجم فدائيوا عدي صدام مجمع أو بيوت عائلته وقتلوا عدداً من أبناء عائلته الواسعة الأمتداد ،فقد أعتقلوهم وعذ بوهم وأخيراً أعد موهم . بعدها أقنع بعض شيوخ ووجهاء عشيرة الجبور ،أقنعوا رجال العشيرة بالتوقف عن المضي أو تصعيد الأزمة خوفاً على حياة أبناء العشيرة جميعاً. والأن وبعد مضي سنوات سنحت الفرصة للأ ب المحزون بالأنتقام لأهانته وما قاساه. ويمضي التقريربالقول : أنه و بمساعدة بعض ناشطي أستخبارات الأتحاد الوطني الكردستاني ،مهد أبناء عشيرة الجبور لأعتقال صدام حسين في وا حد من مخبأين آمنين ،ثم تم تخدير صدام حسين ووضعه في ’جحر العنكبوت‘ وبعدها أبلغت سلطات الولايات المتحدة عن موقع تواجده. وبينما تتناقض رواية الأتحاد الوطني الكردستاني في بعض الجوانب المهمة لأعتقال صدام – وأساساً فيما أنجزته الأستخبارات العسكرية والقوات الخاصة للولايات المتحدة - فالحقيقة المجردة بأن الأتحاد الوطني الكردستاني يحضى بشعبية في المناطق السنية و بغداد ،لها أهمية فائقة . و تعكس هذه القناعات الأعتقاد الراسخ بين أغلبية السنة بأن صدام تعرض للخيا نة من بعض وضع ثقته بهم فعلاً ،قبيل أعتقاله. و نظراً لتعرض شرف ومكانة بعض القيم والتقاليد العشائرية المهمة، الأمر الذي يجعل من الصعب عليهم الاقرار ،وحتى فيما بينهم بالخيانة أو الوشاية والكيد لصدام حسين في الصراع للحصول على السلطة ،لذا لفت الأنتقام الفردي والقتل ثأراً للأهانة ،أنظار الكثيرين . أما ردود الفعل في الشارع العراقي والعالم العربي على أعتقال صدام حسين فكانت صامتة و خرساء[12] . كان صدام حسين ومنذ أمدٍ بعيد عامل أضعاف للمشهد العراقي والعربي الأجتماعي –السياسي Sociopolitical، وبنية وتركيب السلطة. أما من كانوا يريدون عود ته الى السلطة فقـلة قليلة، وأقل منهم بعد من توقعوا عودته فعلاً .ومع ذلك فـفي مجتمع للشرف والأ لتزام فيه قوة طاغية ،كانت هناك صدمة كبيرة وعامة و ردود فعل شعبية قوية ومفا جئة للأها نة العلنية التي تعرض لها صدام على أيدي معتقليه الأميركان والتي شاهدها العالم أجمع على شاشات التلفزة وعلى سبيل المثال، سارعت’’ هيئة علماء المسلمين ‘‘،أعلى هيئة سنية في العراق بأ صدار بيان أكدت فيه بأن ’’رئيس الجمهورية العراقية السا بق صدام حسين كان قد أرتـكب العديد من الأخطاء التي أثرت على الشعب العراقي . مع ذلك فا لطريقة التي نفذ فيها أعتقاله تتضمن أهانة مقصودة من قبل الولايات المتحدة للعراق وشعبه ‘‘ . وعندما واصلت سلطات الأحتلال ومن تدعمهم من ساسة وقادة العراق ،واصلوا توجيه أها نات علنية لصدام –و على سبيل المثا ل ،فقد نشرت الولايات المتحدة صوراً في صحف عراقية لصدام جا لساً على الأرض وهو بالبـيجامة في مواجهة أ حمد الجلبي ببدلته الأنيقة وهو يجلس على كرسي – فقد أثارت هذه الأهانة وتصويرها غضب وأشمئزاز حتى أبناء المجتمع العراقي البسطاء . والملفت بعد ،أن تلك المشاعر الطاغية كانت قوية للغاية بين العراقين والعرب الذين كانوا ضد صدام وحتى من ضحا يا نظامه ،وبنفس القوة التي سادت فيها بين البعثيين وأعوان صدام حسين أنفسهم .ولكن تلك الصور العلنية لأعتقال صدام حسين لم تمنحه وبالمقابل أي دعم – فما زال حوالي 60%من العراقيين ’ سعداء ‘، بأختفاءه من حياتهم – ولكن [الأعتقال] أظهر للعيان عداءً ها ئلاً لسلطات الأحتلا ل وحلفاءهم من العراقيين. أستغرب مسؤولون أميركان لأختفاء علامات ومظاهر الأمتنان للأطاحة بصدام حسين في المجتمع العراقي. وقد عكس هذا العداء الأصيل الخطأ الأساسي لسلطات الأحتلال : فقد رأت أغلبية العراقيين الساحقة في الحرب فرصة فريدة لأستعادة وتدراك قيمهم وتقاليدهم ودينهم والمبادئ الأجتماعية وقيم وآداب السلوك المعتا دة. كان أسقاط صدام حسين بالنسبة لهم شرٌ لابد منه على الطريق لبناء المجتمع الذي يطمحون له- بما في ذلك أحتما ل تقسيم العراق[13] ،أو أقامة دولة أسلامية ثيوقراطية [حكومة رجا ل دين وكهنوت]. يعتقد معظم العراقيين بأن الولايات المتحدة قد أطا حت بصدام حسين لأنه عدو عنيد لأدراة بوش و’ لـرفضه الهيمنة الأميركية على مصادرالعراق النفطية العراقية الكبيرة،أو الهائلة ‘،وليس لرغبة الولايت المتحدة بتحرير[ أو تدمير] العراق .ونظر العراقيون الى الجهد الأميركي الدؤوب لفرض طرقهم وقيمهم لبناء دولة عراقية جديدة ،كطريقة أخرى لقمع الشعب العراقي ومنعه السيطرة على مصادر نفطهم وبلا دهم . وهكذا ،كان أستعراض الأميركان لأعتقال صدام حسين خطوة أساسية على طريق أرساء نظام سياسي وأجتماعي وكما تريد الولايات المتحدة فرضه على العراق،والذي أكد فقط قناعات غا ليية العراقيين القوية والراسخة بأستحا لة التوصل الى نتيجة أو تفاهم مع الولايات المتحدة. كان ذلك ، في الحقيقة فشل واشنطن الأساسي والكبير في تفهم الفرق الصارخ بين مطا مح وتطلعات العراقيين وخطط أدارة بوش الزائفة shoddy،والسيئة جداً لبناء دولة ديمقراطية جديدة في العراق كما أظهرت للعيان و بجلاء واضح بذور الأندحار الأميركي في العراق. وبعد أن تلمس شعب العراق الفشل في تحقيق تطلعاتهم الوطنيـة/القوميةعلى أيدي سلطات الأحتلال وبغض النظر عن وعود هولاء [الكاذبة ] لهم بالتحرر وتولي زمام الأمور بأنفسهم والحكم الوطني لجميع العراقيين،عا د العراقيون وبسرعة الى نفس نمط ومصدر السلطة الذي أعتادوه ،فقد ظلوا طوال تأريخهم لا يتلقون سوى وعوداً متواصلة بالأنقاذ وبتحقيق الأستقرار والنظام الأجتماعي المنشود-وبالذات ’’الأسلام الأصيل ‘‘ أو الفطري . فالشعب العراقي ،والذي يعد المجتمع الأكثر تقدماً في العالم العربي ؛يرغب الآن بالتمسك بالتقاليد والقيم الأسلامية الحقيقية كسلطة وحيدة قادرة على حمايتهم ضد الأستحواذ الأميركي على ثرواتهم وأراضيهم،وكذلك لتسهيل عمليات التصدي وألحاق الأذى وصولاً الى طرد الأميركان المكروهين من اراضيهم ومن حياتهم كذلك .كان التأثير المادي و الملوس لأعتقال صدام ومحاولة أهانته علانية وعلى المدى البعيد، لم يكن بالرغبة أو التصميم على أبعاد البعث الصدامي من المجتمع العراقي /بل على الأكثر ظلً المشهد الذي لن ينساه الشعب العراقي والذي لم يكن من خيار أخر أمامهم سوى شن حملات جها د تحرري إن أرادوا رسم أقدارهم و كرامتهم . كانت لحظة الحقيقةالها مة في الحرب العراقية ضد الأحتلال قد جاءت في بغداد في 12/كانون أول/ديسمبر 2003، أي قبل يوم من أعتقال صدام حسين . ففي ذلك اليوم ؛أنضم أما م بغداد الشيعي ’عمار الحسيني‘!!؟،الى أمام بغداد السني الشيخ أحمد حسن السامرائي !!؟ ،في أقامة صلاة جمعة مشتركة في المسجد السني الكبير في بغداد[14] .كانت تلك سابقة لم تحدث قبل هذا اليوم !!؟، وقد أريد بها أظهار وتأكيد أهمية القيادة الدينية المشتركة لتعميق وتوسيع الكفاح ضد الأميركان . ألقى كلا الأمامين بعد [قبل[15] ]الصلاة خطبة نارية (شديدة الحماس )،لأ ثارة وتهييج أتباعهما للتـوحد في تصعيد الجهاد ضد الأميركان. حذر الأمام الحسيني الذي ألـقى خطبته أولاً ، المؤمنين من التأثير الفاسد والمخادع لقوات الولايات المتحدة وثقافتـهم وتقاليدهم والديمقراطية المنفتحة، ثم أعلن’’ أيها المسلمون ،تنبهوا لما يريد الغرب الكافر والفاسد فرضه على المؤمنين ‘‘.فرد الحاضرون بالهتاف ’’لا ، لا ، للأميركان ولا، لا، للشيطان ‘‘.أما الشيخ السامرائي والذي تكلم بعده فقد كان أهدأ وأكثر عقلا نية : فقد تحدث عن مجتمع [عراقي ]يعيش اليوم وسط أزمة أقتصادية كبرى وخانقة تفجرت بفعل الزيادات الكبيرة والمجزية والرشى(الرشاوي) مقابل أعمال وخدمات من يعملون لسلطات الأحتلال[16] .ونظراً لأن الولايات المتحدة ومن خلال دوائر أستخباراتها التي تشكل البنية الحقيقية لسلطات الأحتلال، كانت تعمل وبدأب محموم لتدمير العراق والأسلام، ثم تابع الشيخ القول،فمحرم والحالة ذي العمل للأميركان ،فمن الأ ثم وتد نيس المقدسات مساعدة قوات الشر المعادية للأسلام .ومن الأفضل البقاء دون عمل وتحمل أية معاناة من أن تكون جزءً من المؤامرة الكبرى ضد الأسلام والعراق. ثم أعلن الشيخ قائلاً ’’كل من يتعاون مع مجموعات [أوكار] التجسس الأميركية فهو في خدمة الأميركان فعلاً،والأميركان في خدمة اليهود‘‘ فرددت الحشود صارخة بشعارات معادية للأميركان ولليهود . سرعان ما رد الأسلاميون على أعتقال صدام حسين .ففي 14/كانون أول /ديسمبر!!،وبعد ساعتين من الأعلان عن أن صدام بات رهن الأعتقال ،أصدرت قيادة القاعدة بياناً رد اً على الأعتقال .وفي الغرب وزع ذلك البيان بتوقيع ’’دليل المجاهد‘‘-وكان هذا مصدراً لأشد التحذيرات الأرهابية أهمية في أواخر2003. وكتب دليل المجاهد قائلاً ’’لقد أنحد رصدام الى الهاوية، ومضت القاعدة في طريقها الى العلى‘‘.إذ أدعت القاعدة بأنه ومع ذهاب صدام حسين ،فقد حرمت الولايات المتحدة من أية ذ رائع لأخفاء وتجاهل قوة ومدى أتساع الجهاد الأسلامي في العراق .كما أ كد بيان القاعدة قا ئلاً ’’ بعد أعتقال الطاغية صدام حسين، ستٌـرى القاعدة الأميركان من هم وراء جميع الهجمات فعلاً . كان صدام البعث ’Baath‘!؟،قد قتل الكثيرين من أبناء شعبه و الكثير من المسلمين وهذا ما كان الله قد قدر له ،وتلك هي نهاية كل قاتل وطاغية ‘‘.وختم ،’دليل المجاهد ‘ بيانه بتهديد واضح قائلاً ’’وتقول رسالتـنا للأميركان ولبوش وبلير :لا تبتهجوا كثيراً، ونؤكد لكم بانكم ستذرفون الدموع جميعاً وقريباً ،وعندها من ثم ،ستعرفون من هي القاعدة حقاً ‘‘. أكد مثقفون ومسؤولن عرب بأن تأثيرات أعتقال صدام حسين على الجهاد ضد الأميركان يجب أن ينظر اليها ضمن هذا السياق. -فقد كانت المقاومة العراقية محكومة ومتأثرة بقوة بمزيج من العوامل الأسلامية والقومية/الوطنية،والذرائعية وكما صورتها الخطبة التي ألقاها الشيخان السامرائي والحسيني .و ستعمل الأطاحة بصدام حسين كمحفزcatalyst ،لـتوسيع المقاومة،لأن البعثيين لم يعودوا يتنافسون ويتزاحمون مع التوجهات والدوافع الأسلامية .وأكثر من ذلك،فالكثير من المجموعات العرقية والقومية/الوطنية والأفراد الذين،ولكونهم –أو بعضهم على الأقل- ضحايا لصدام حسين ونظامه،فقد ظلوا بعيدين عن الجهاد ضد الأميركان خـوفـاً من مساعدة صدام حسين في العودة الى السلطة فبا توا يشعرون الأن بحرية تامة في الأشتراك في الصراع الأن. وفي 15 كانون أول /ديسمبر،أوضحت هذه الأطروحة بجلاء من قبل عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللـندنية في مقال أفتتاحي له. كتب عطوان هذا قائلاً ’’بات مقا تلوا المقاومة العراقية الأن أحرار من تلك العقدة ’الفزاعة scarecrow‘،التي تعرف بصدام حسين ، سيما وقد تخلصوا من تأريخه الدكتاتوري. فبدأوا المـقا ومة لأجل العراق العربي الأسلامي النبيل الذي يمتلك الخزين الحضاري الأكبر وعن أبداعه المشرف في الدفاع عن قضايا الحق والعدالة ‘‘. وتوقع عطوان بعد .....تصاعداً كبيراً وملحوظاً في حرب العصابات ضد الأميركان .و’’ كان من المتوقع لأعتقال الرئيس صدام حسين ....... أن يشكل وبا لتحديد لعنة على الغزاة الأميركان لأن العراقيين وبالأخص أولئك الذ ين تغاضوا Conniving[17]،عن الأحتلال ،فقد تأ ثروا وبعمق ‘‘. ولقد برر أو تعذر أولئك العراقيون بالأبتعاد عن صفوف المقاومة بـ ’’الخوف من عودة صدام حسين الى السلطة.ولكن بماذا سيتعذ رون أو سيبررون موقفهم الأن ‘‘ . وعند تلك النقطة ،أكد عطوان بأن المقاومة العراقية قد تصاعدت وتوسعت لأنها تنطلق وتتجه بفعل قيم وتقاليد أسلامية وتأريخية للعرب المسلمين في العراق .ورغم العـقبات والقيود التي وضعها البعث الصدامي على المقاومة العراقية ألا أنه لم يستطع أيقاف تصاعدها. وكتب عطوان بعد ’’با تـت المقاومة العراقية تراثاً وتقليداً وكذلك عقيدة وأستراتيجية .كما أصبحت قريبة وتلامس الشرف والكرامة العراقيتين ولن تنتهي لمجرد أعتقال صدام حسين، لأن العراق كان وظل على الدوام أكبر من القادة و’عظم دامٍ bloody bone‘في حنجرة الغزاة وحلفاءهم ‘‘.والأمر الأهم و على المدى البعيد لأ ثار وتبعات أعتقال صدام حسين هو أزالة أخر من بوسعه الأدعاء بحق وشرعية قيادة العراق .والنتيجة هي أن حرب العصابات ستـتوسع لتشمل ليس فقط التعهد و الألتزام بأنجاز مهمة طرد قوات الأحتلال ،ولكن كذلك أزالة جميع أثارها وضمان أن تكون قيادة العراق المستقبلية ممن ولدوا وتربوا في العراق وأرتبطت جـذورهم به وبخيراته . وخلص عطوان الى أن ’’عراق المستقبل سوف لن يبنى على أيدي من جاء وا مع المحتل والدبابات الأميركية بل على أيدي أولئك الذين ظلوا مخلصين وملتزمين بهويتهم العربية والأسلامية الحقيقة ورفضوا أن يكونوا آلات بأيدي المحتلين من الولايات المتحدة وإسرائيل لبلادهم . وستبرز تلك القيادات و بالتحديد سريعاً لقيادة العراق الجديد وتخضع للحساب جميع أولئك الذين تأمروا ضد ه وتعاونوا مع أعداءه ‘‘. وتنبأ عطوان أخيراً بأن التصعيد القادم والمتميز في الجهاد العراقي المتميز،سيقود الى هذه النهاية.كان رد فعل المقاومة العراقية وعلى الأخص ذات التوجه البعثي الوطني على أعتقال صدام حسين سريعاً وذلك بتعهد بمواصلة الحرب وتبني جميع الطروحات العراقية الوطنية/القومية لا تأكيد طروحات البعث الصدامي فقط .جاء رد الفعل الأول من ’’حركة المقاومة العراقية‘‘.إذ وبعد ساعات فقط من الأعلان عن أعتقال صدام، أستخدمت الحركة ’’قناة إيرانية !!؟ ‘‘ لوضع أعتقال صدام ضمن سياقات الكفاح ككل. كان أعتقال صدام وكما أوضحت في عرض التلفزيوني ’’ في خدمة الأنتخابات الأميركية......وسيجد كل شخص الأن أن المقاومة لم تعد في خدمة سيد العرش بعد ،وأنها مستمرة ،مهما كانت التضحيات وحتى طرد أخر محتل - كافر من العراق‘‘.وتابع تعليق المجموعة الأعلان ’’ بأن من كا نوا يخافون صدام حسين وبرروا تقبلهم (بوجـود )العدو الأميركي والبريطاني في فترة بقاء صدام حسين حياً وحراً- يتوجب عليهم وفوراً شـن مقاومة - مسلحة – و إلا سيعدون خونة ‘‘.أما رد قيادة حزب البعث في العراق فقد كان سريعـاً هو الأخر ،ففي ببيانها الخاص والذي دعت فيه جميع العراقيين للأنظمام الى الكفاح العراقي العام والشامل لـ ’’طرد قوات الأحتلال ،وتحرير العراق وحفظه وطناً موحـد اً لجميع العراقيين‘‘. كان هذا ،هو البيان الصادر في 19كانون أول /ديسمبر عن ’’لجنة القيادة العليا للمقاومة والتحرير العراقية ‘‘، و لذي أقترح أولاً مواصلة المقاومة والكفاح بغض النظر عن أعتقال صدام حسين .كما أوضح البيان أنه ، ووفـقـاً لسياقات العمل الحزبي المعمول بها قبل الحرب فقد ’’ تولى عزت أبراهيم الدوري،مهام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ’’نيابة Acting‘‘. وأكد البيان كذ لك على أن أ ثـارأعتقا ل صدام حسين على تصعيد حرب العصابات كانت قليلة. مضيفاً بأن ’’ الرئيس صدام حسين أعد خططـاً مفصلة وبالغة الأهمية لتوضع موضع التنفيذ في حالة أستشهاده و/أو أعتقاله، مما يعني تحسبه لجميع الأحداث والأحتمالات الطارئة ‘‘. وفي اليوم التالي ،أصدر عزت أبراهيم الدوري أولى بياناته ومحذراً سلطات المحتل بتحمـيلها جميع المسؤوليات عن صحة و سلامة صدام حسين .وأكد عزت أبراهيم على أن قيادة حزب البعث قد أختارته مؤقتاً ’’ نائباً Vicar ‘‘ لصدام حسين . ومردداً أصداء الأراء التي ساد ت في العالم العربي فقد أكد عزت الدوري كذلك على أن أعتقال صدام حسين سيكون ’’محفزاً ودافعاً لتـصعيد المقاومة حتى طرد قوات المحتل خارج العراق‘‘ . ومع ذلك ،وفي النهاية ، بدى الأمر كـأ نهيار يصعب أيقافه للأقتصاد العراقي ،وتفش فاضح للبطالة ،وغضب ورفض ها ئـلين للعملية السياسية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة والتي دفعت بمعظم العراقيين نحو التيار الأسلامي الراديكالي ،والمليشيات الوطنية والجهاد المسلح التي نراها اليوم . كما أن التردي الشامل في الوضع العراقي أجمالاً أنحدر وبشدة منذ تشرين ثاني/ نوفمبر ،مما زا د من حدة المرارة واليأس وعداء معظم العراقيين .لقد دمر الأقتصاد العراقي و بات في حالة من التردي والركود الها ئلين وكان على شفير الأنهيار لولا كثرة وسرعة ضخ السيولة النقد ية . حذر مسؤولون عراقيون كبار من أن غياب الأمن منع أية آما ل في الأستقرار والأ نعا ش( الأنقاذ ) الأقتصاديين .وبدلاً من التصدي لمصالح ومطالب أبناء الشعب العراقي اليومية الملحة ،قررت سلطات الولايات المتحدة وحسب كلمات بول برامر ’’ أجراء تـحول في جهود أعادة الأعمار من صفحة الأصلاحات الطارئة الى التطويرات المطلوبة على المدى البعيد للبنيات التحتية والمؤسسات الديمقراطية الجديدة ‘‘. ولكن الموقف الكلي وا صل تدهوره [و بشدة ] ،كما أزدادت كثيراًعمليات تخريب البنيات العراقية الوطنية ،كما تـنا مى العداء الشعبي العام [ للأحتلال] ‘‘. وبدلاً من الأعتراف بالمسؤولية عن الحا ل المأسا وية لجميع وشؤون الدولة التي باتت تـنذر بكارثة ،ألقت سلطات الأحتلال اللوم لفشلها بحضوتها بالقبول في عراق معادٍ - على من أختارتهم بنفسها من أعضاء مجلس الحكم . أهتمت واشنطن وقلقت كثيراً لفشل أعضاء مجلس الحكم بالأرتفاع الى ما هو فوق أو أكثر من مجرد الجري وراء مصالحهم وطموحاتهم السياسية و الشخصية والمالية حد اً دفع بأدارة بوش با لـتفكير جدياً بالبحث عن ’’بدائل محتملة ‘‘، لمجلس الحكم .وقال مسؤول [أميركي] بمنصب رفيع لصحيفة واشنطن بوست ’’لسنا سعداء معهم جميعاً. فهم لا يعملون ولا يتصرفون كسلطة تشريعية أو مؤسسة حاكمة، بينما نريد العمل والمضي قدماً ‘‘ مضيفاً ’’فهم لا يتخذون أي قرار حين يطلب منهم ذلك ‘‘،يقر المسؤولون الأميركان الأن بأن مجلس الحكم بات ’’أقـل مصداقية مما كانوا عليه حين أختيروا للمهمة ،الأمر الذي زاد كثيراً في عدم أستقرار العراق ‘‘. وفي أواسط تشرين ثاني/نوفمبر،أعلنت واشنطن بأن الولايات المتحدة ستنسحب من العراق في 1تموز/يوليو 2004، حين يتم عندها ووفقـاً لكلمات الرئيس بوش’’ أرساء مجتمع حر وديمقراطي في العراق ‘‘،ليكن [ وفوق ذلك] ’’نموذ جاً يحتذ ى في با قي الشرق الأوسط ‘‘. سارع مسؤولون لأيضاح بأن الأ لتزام الأميركي لتسريع الأنسحاب سوف لن يشمل ’’الحضور الأميركي عسكرياً ‘‘، فقد توقعو أن يستمر [ البقاء العسكري هذا] لعدة سنين.ولأبعاد الأنظارعن ولتـقليل سلطة مجلس الحكم ، ألتـزمت الولايات المتحدة بـ ’’التشجيع على أجراء الأنتخابات ‘‘،التي وبالمقابل ستزيد من شرعية أية سلطة مؤقتة في بغداد . ولكن الواقع الجغرافي (الديموغرافي) في العراق يفرض الأعتراف بـ- الأغلبية الشيعية . لذلك ، وكما أوضح مسئول بريطاني في بغداد ،قررت الولايات المتحدة بأن ’’الأ قتراع السري الأبتدائي قد لا يتلائم أو يلبي مفهوم أو طريقة ’’رجل واحد –صوت واحد ‘‘ لـضمان عدم تفرد الأغلبية الشيعية بـ[أحتكار] صياغة الدستور الجديد ‘‘.ورداً على ذلك ،أصدر أكثر قادة الشيعة تطرفـاً وبقيادة أية الله (السيد) علي حسين السيستا ني سلسلة فتاوي تطالب بأن يصاغ الدستور المنتظر وفق مبادئ رجل واحد –صوت وا حد .لكن وكما أوضح المسئول البريطاني فأن ’’الولايات المتحدة ومعها معظم الأعضاء اللبراليون من أعضاء مجلس الحكم ،يخشون من أن أنتخابات كهذه ستـنتج وسريعاً مؤسسة أو حكومة بسيطرة الأغلبية الشيعية وستكتب دستوراً دينياً ‘‘.أدى ذلك الى ظهور توتر سياسي صعب كرد فعل ،فقد رأى الشيعة –وهم يشكلون ثلثي سكان العراق –أنهم سيجدون أنفسهم ، وهي حجة لا تخلوا من بعض المعقولية ،وقد منعوا من ممارسة أية قوة أوتأ ثير سياسيين ومع ذلك ،فأن تواصل واشتداد كثافة حرب العصابات من جهة وزيادة عداء الشعب العراقي [للأميركان] لم يتركا لأدارة بوش من خيار سوى تسريع خروجها السياسي من العراق قبيل أندلاع ثورة شعبية عارمة لاحت نذرها أو بدايا تها. لم يكن هناك من خط عودة أو تراجع عن ’’أعا دة السيادة الى العراقيين ‘‘بحلول 1تموز/يوليو2004.وفي نفس الوقت ،كان على الولايات المتحدة حماية نفسها ضد أية تعقيدات تتعلق أو تنتج عن الأنتخابات والتي قد تؤول الى تـناحر و أ صطدام مع النخب الشيعية .وكنتيجة لذلك أعادت أدارة بوش ترتيب أسبقياتها السياسية في العراق لـتـتوا ئم مع أنسحابها المجـد ول .وبموجب الأستراتيجية الأميركية الجديدة،ستسلم سلطة الأحتلال السلطة اولاً الى حكومة عراقية مؤقتة ستتولى وبالضرورة كتابة الدستور وأجراء الأنتخابات – والتي ستكون وعلى الأكثر مقسمة وفق المدن العراقية أو كأنتخابات محلية – ستمنع وبالتالي الشيعة من الوصول أو الهيمنة على السلطة. ولـضمان شرعية حكومة العراق الجديدة و تأكيد تخلصها من كونها سلطة مدعومة من الولايات المتحدة أعلنت تلك السلطات في تشرين ثاني/ نوفمبر،بأن مجلس الحكم سيحل نفسه قبـيل تشكيل الحكومة.وخلال عشرة أيام ،أعلن الأعضاء الرئيسيون في مجلس الحكم بأنهم سيواصلون مهامهم .و سيحل مجلس الحكم نفسه ويتحول الى مؤسسة أو سلطة تشريعية ’برلمانية ‘عليا وفق النموذج البريطاني لمجلس اللوردات. ورغم أسراع المسؤولين للتبروء من هذه الفكرة ،ألا أن النخبة الشيعية اقـتنعت بأن سلطات الأحتلال كانت وراء تلك المبادرة ،إذ فمازالت في الجعبة وسيلة أخرى بعد لشكم تطلع وصعود الشيعة الى السلطة ولكن بطرق ديمقراطية. خلال الأسبو
ولنعد الى ترجمة الفصل /11من التأريخ السري لحرب العراق