منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي

مرحبا في الاعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الخامس والأخير)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بطرس توما




المساهمات : 78
تاريخ التسجيل : 11/12/2010

رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الخامس والأخير) Empty
مُساهمةموضوع: رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الخامس والأخير)   رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الخامس والأخير) Icon_minitimeالسبت مارس 19, 2011 11:42 am

زبيبة والملك
رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين
الجزء الخامس والأخير

تدور أحداث الرواية التي ترمز إلى العلاقة بين السلطة والشعب، في زمان ومكان غير محددين، حول ملك في العراق يعجب بفتاة من عامة الشعب اسمها زبيبة "تتمتع بجمال أخاذ وعقل راجح وشجاعة فائقة وقدرة على الجدال".
وبعد نقاشات مع الملك عن "الوطن والوطنية وأطماع الغير بثروات البلاد وانفتاح السلطة على الشعب والوقوف معها لا ضدها"، تقتل زبيبة في معركة تصاب فيها بسهم في صدرها وبعد أن تكون قد وطدت علاقة وطنية وثيقة بين الملك والشعب تجسدت بتصديهما ودحرهما معا للمتآمرين. لكن زبيبة قبل وفاتها أملت إلى كاتبها الرسالة التالية إلى الملك :
عزيزي.... حبيبي...عرب..لم أشأ أن أقول لك جلالة الملك فتمتص من روح كلماتي ما تمتصه الألقاب والعناوين ولذلك فكرت بأن أخاطبك بما هو أعلى وأجمل وقعا على نفسي وأنا أودعك وداعي الأخير قبل أن أراك وخاطبتك باسمك أبقاه الله عليك مهابة وعنوان محبة لشعبك وجيشك...

إنني لم امتنع عما عرضته علي: الزواج منك إلا محبة بك بل انه ولا يزال حلمي وهو كرم ينبئ عن سمو نفسك ومستوى حبك لي ولكن وجدت أن أقابلك بنفس المستوى من الاستعداد للتضحية والكرم وإن كانت طريقتي هذه قد تبدوا غريبة في طورها ولكن أليس الغريب في الإخلاص والحب هو غير المطروق والذي يسجل معانيه الأعلى ويأخذ معناه ومستواه من تفرده!؟..

لم أشأ أن أحرجك بعد ما أصابني من أذى بسبب علاقتي بك وموقفي في حشد الشعب إلى جانبك...

لم أشأ أن أجعلك تحت ضغوط هذه العوامل تتخذ قرارك في عرض الزواج علي وإنما أردت أن تمحص قرارك بعد الانتصار الوشيك إن شاء الله... قد لا أكون عند ذلك ضمن دنياكم ولكنني سأتمتع به وسأراه وأرى تفاصيله..

أليس الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون؟ ألا يرى الحي ما هو واقع أسفل منه على الأرض؟ نعم سأرى نصركم نصرنا.... وسأتمتع به.. أرجوا أن تتمتع بنصرك وبعلاقتك الجديدة مع شعبك ولكي يتحقق هذا أشير عليك لو سمحت بأن تعطي الشعب حق أن يقول أي العناوين والمسميات تليق بك..لان الشعب عندما تكون لدية الحرية في هذا يكون صادقا في ما يقرره وعند ذلك سيدافع عما يقرره ويتحمل كامل المسؤولية في هذا بقيادتك وفي كل الأحوال بعد أن تلطخت أسماء الملوك والأمراء بما تلطخت به من عار لا أرى أن وصف ملك يليق بك بعد الآن وإنما قائد الشعب والجيش ودليلهما إلى الفضيلة وميدان البناء والنصر ... فاقترب إلى الشعب من خلال العناوين التي يحبها وبالمظاهر التي لا تبتعد عنك أو تبعدك عنه ... وكن معه حالا واحدا وبذلك يستطيع الشعب وجيشه تحت قيادتك أن يفعلا كل ما يعز الوطن ومن يقوده ويكونا مهندسي التاريخ المشرق لأمتنا ...والله اكبر..

أرجوك..لا تبقني وأنا أموت على ذمة الخائن...

زبيبة بنت الشعب حبيبة عرب....
أموت ويحيا الشعب.....
أموت ويحيا عرب....


ماتت زبيبة وعاش الملك بعدها إلى حين وبقى الملك لله .. ... ويتناقص الملوك يوما بعد يوم ولكن الخيانة والسوء بقيا يفرخان في قصر من يحكم منهم ... وبقى الشعب يمثل إرادته حيثما وجد لذلك فرصة ... والشعب كالأزل ثابت إلى حيث يريد الواحد القهار...

استشهدت زبيبة وأغمضت عينيها بين لحظة مماتها ووصول روحها إلى مرتبتها في جنة الخلد ونعاها الملك بحزن كبير... ومن بين ما قاله:

- استشهدت زبيبة وهي حية هناك في عليين وهي حية كمركز عظيم بيننا أيضاً وتبقى ملهمة الشعب وملهمتي بموقفها وإخلاصها وحكمتها وروحها العظيمة وجهاديتها التي أرضت الشعب والوطن التي سترضى الله سبحانه إن شاء الله....

بقيت روحها ترفرف فوقنا إلى جانب أرواح الشهداء والصديقين وولي الشر والأشرار الى حين ..وانتصر الشعب .. والوطن.. والأمة بفضل الواحد القدير... واندحر الغزاة... وخابوا... وانتصر الشعب...

سألتقي بك يا زبيبة حيثما تكون روحك الآن ..أتعرفين :كيف يا زبيبة؟
انك تعرفين هذا تماما ... تعرفين أن الطريق للوصول إليك أن أحب الشعب وأن احفز طاقته وقدراته بل وأشجعها لكي تنطلق إلى ميادينها من غير ما تثقل بما هو غير ضروري إلا بالالتزام المبدئي والمعاني الروحية العظيمة ... ومع صعود قدرات الشعب وصعود معانية الروحية فإن هذا سيكون سلم وصولي إليك....
فاذهبي وسأصعد إليك بإيماني إن شاء ربي وربك يا زبيبة!....
لقد حزت على معاني الحرية ودرجتها يا زبيبة مثلما كنت تقولين وتتمنين وهي بالتأكيد أرقى من أي معنى ودرجة للحرية التي نتمتع بها هنا على الأرض ولكنها ستكون هي الأخرى مقيدة وليست مطلقة أتعرفين كيف؟ ولماذا يا زبيبة؟ ذلك لأنك حتى باستشهادك اخترت نوع المكانة التي حزتها بالجهاد ولكن لن يسمح لك أن تتحولي إلى مستوى أقل من مستوى الذي وصلت إليه وعندها ستحرمين من التمتع بحالة المستوى الأدنى وبذلك تكونين كبعض الملوك على الأرض مع الفارق النوعي الذي لا يصلح معه التشبيه ... ستكونين ضمن درجتك في قصرك في عليين والملوك الذين انتقدتهم وانتقدهم معك الآن ألا يستطيعون أيضاً آن يخرجوا من قصورهم ويعيشوا وسط الشعب بصورة صميمة سواء لزمن مؤقت آو على طول الخط ولكن بفارق نوعي مفهوم كالفارق بين الجنة والجحيم...

أتعرفين لماذا لا تستطيعين أن تختاري ما هو جديد غير اختيار خط البداية الذي رسمه استشهادك من اجل مبادئ الشعب والأمة؟ ذلك لان الحرية المطلقة لا يحوزها إلا صاحب العرش العظيم إلهك والهي يا زبيبة الله الرحمن الرحيم هو وحده القادر على أن يعمل أي شيء وكل شيء مما هو أقل أو أكثر قياسا بقدرته سبحانه الحال ونقيضه من غير أن يوصف بالازدواجية : الجنة.... النار.... الملائكة.... والشياطين... الأرض...السماء... الليل... النهار... الظلام.... والشمس وكل بمقدار وعلى أساس حكمته وحكمه وهنا ترين أن ليس ثمة حرية مطلقة حتى ونحن نحوز أعلى معانيها اذ يبقى هناك ما هو اقل وأدني مما هو غير متاح أمامنا ...
متعنا الله بأعلى المعاني وصفات الحرية والاقتدار المؤمن...
عاشت زبيبة في السماء........
عاشت زبيبة على الأرض.......

*******

شيع الشعب زبيبة وحمل أبناء الشعب نعشها كل يسعى ليتبارك بها .بكاها الشعب والجيش وكان الملك في مقدمة من حملوا نعشها مسافة بعينها كوقف رمزي منه ... وبكاها بحرقة وبعد أن واراها التراب في مثواها الأخير أمر الملك بأن توضع جثة زوجها الذي قتل مع من قتل في حفرة على مسافة محسوبة منها .......

وعندما عرف الشعب ذلك رجمه بالحجارة وبكل ما وقعت عليه يده من شارك في ذلك من قاذورات وبقى ذلك تقليدا سنويا في حياة الشعب يأتي الشعب في توقيت سنوي واحد يصادف السابع عشر من كانون الثاني ... من كل سنة ميلادية ليرجم الخاسئ الذليل ويرجم معه الغزاة والخونة ... وبعد أن يلعنهم يضع أكاليل الورد والغار ويترحم على زبيبة: شهيدة الشعب وملهمته في الحياة والممات.

وكان عرب قد أعلن ان زبيبة زوجته قبل دخول المعركة وأنها انفصلت عن زوجها الخائن وأنه شاهد على ذلك بل وهو القاضي في هذا باعتباره ولي آمر الناس ..

هكذا هو الفارق بين الشهداء والأحياء ..والأحياء والأموات أو الأموات الجيف بين المجاهدين والمناضلين وبين من يخون الله والوطن والشعب والأمة... وبين من يحرر شعبه ووطنه وأمته ..ومن يتخلى عن هذا أو يخون...
عاشت حياة العز والممات الذي يرضى الله ويغيض العدى...
والله اكبر..
وليخسأ الخاسئون..

ماتت زبيبة ..عاشت زبيبة هكذا أصبح هتاف الشعب يتردد في أركان المملكة كنوع من المناكدة لشعار الملوك:عاش الملك ..مات الملك عندما يموت أحدهم ويتولى الآخر مكانه ليحمل صفته على أساس قانونه الوراثة!! وليس قانون الشعب والأمة ... وفي نفس الوقت كان واضحا أن هتاف الشعب هذا إنما يحمل معارضة واضحة لقبول أن يحكم المملكة ملك مرة أخرى بغض النظر عن صفته...

وسط هذا الظرف الذي انتهت فيه المعارك بانتصار الجيش والشعب ضد المؤامرة الكبرى في المملكة التي لم تكن تستهدف حياة كرسي الملك فحسب أو بالدرجة الأساس وإنما الوطن بالتجزئة وتوزيع الأسلاب على الدول الخارجية التي حركت وساندت الأمراء المتآمرين وزودتهم بوسائل التخريب والتدمير... وسط هذا الظرف ووصف حال الجيش والشعب تداعى من يحمل عنوانا ميزته المعارك والمواقف سواء وسط الشعب أو وسط الجيش وتداعى الجميع وانحشرت معهم عناوين وشخوص لا يحملون هذا الوصف وإنما وصف مصلحتهم وانتهازهم للظرف ليكونوا على أساس وصف ما يأملون تجارا كبارا مزارعين كبارا بعض من كانوا وجوه مناطقهم على أساس ما يملكون وعلى أساس قانون الوراثة للمشيخة وليس على أساس الموقف والتضحية في هذه المعركة المصيرية وآخرون غيرهم كل على وصف نيته وليس موقفة الباسل....
أليس هذا هو شأن كثير من الحالات إن لم ينتبه إلى ذلك علية القوم ومن يمثل ضميرهم وإرادتهم؟ ألا يضحي الشعب وجيشه في الغالب وفي نفس الوقت هناك من يتصدر عناوين الادعاء أو ينتفخ كرشه بالسحت ممن ليس له ناقة أو جمل في ميدان التضحية والصبر والعطاء!!؟

وهكذا انعقد مجلس الشعب بممثله وآخرين مندسين لا يمثلونه وهم قلة ذلك لان المعركة حسمت إلى حد بعيد قضية من يحمل صفة ممثل الشعب ولكن هنالك داخل بعض النفوس من الضعف ما يسمح بأن تتجاهل تجربة الشعب ومستوى التضحية لأنها لم تنضج فيها بعد معاني أن تكون أمينة على الشعب في ميدان ما ، ومنه أن تطرد الضعف من داخلها ليس ضعف الخوف فحسب وإنما كل ضعف وأي ضعف بما في ذلك مجاملة من لا يستحق المجاملة على حساب الحق...

هكذا وجد أولئك القلة في نفوس من ضعفوا ثغرات تناسب هواهم ليتسللوا منها ليشغلوا كراسي في مجلس الشعب لا يفترض أنها مخصصة لوصفهم .

انعقد مجلس الشعب من أناس من مختلف الشرائح كل يحمل عنوانه ووصفه رجالا ونساء عسكريين ومدنيين زراعا وحرفيين وصناعيين وغيرهم ولكن أكثر ما لفت الانتباه امرأة عليها المهابة بينه بدت من طبيعة لبسها وتصرفها أنها من الريف كانت تحمل على كتفها عندما دخلت القاعة طفلا لم يتجاوز العام من عمرة وقد وضعته في حجرها بعد أن جلست على احد مقاعد القاعة..

ابتدأ النقاش حول مصير الحكم والملكية بإدارة أكبر الحضور سنا وكان رجلا وقورا هو الآخر وذو مواقف يعتد بها ويتميز بها عن غيره ، كان هذا باديا عليه من خلال ثقته العالية بالنفس وكان ذا قدرة بدنية كبيرة لا تناسب عمرة الذي يقترب من الخامسة والستين .... أليست الثقة بالنفس قدرة لمن يحملها على أساس قاعدتها واستحقاقها الصحيحين!؟

ضرب كبيرهم وهو يتصدرالاجتماع على المنضدة التي كان يجلس خلفها وجلس إلى يمينه أحد قادة الجيش والى شماله امرأة تحمل سيفا بدا من مظهرها أنها كانت ضمن صفوف المقاومة الجماهيرية للغزاة داخل قصر الملك .

انتبه الجميع عندما سمعوا ورأوا منسق الاجتماع وهو يضرب بقبضته على المنضدة وعندما تجاهلوا هذا... أو انشغلوا بكلام جانبي مع بعض من كان موجوداً بالقاعة نبههم رئيس المجلس بصوت لا يخطئ أحد جديته: على الجميع أن ينصتوا... وقبل أن نبدأ يحسن بنا بل الواجب والوفاء يقتضيان أن نقف حدادا على أرواح الشهداء تتقدمهم روح زبيبة بنت الشعب رمز الفداء والبطولة لهذا الشعب العظيم وقواته المسلحة الباسلة ونحيي الجرحى وندعو لهم بالسلامة ... ولم يترك الجمهور المحتشد في هذه القاعة الفرصة لرئيس المجلس ليواصل بما هو إضافي حيث ضجت القاعة بالتصفيق العاصف عندما سمع الجمهور اسم زبيبة يتردد واختلطت الزغاريد (الهلاهل) والتصفيق العاصف بالبكاء والنحيب بل لقد دمعت عيون الكل حتى من لم يبك لفق دمع عيونهم نشيج أو عويل وحتى العسكريين بكوا بصمت مع أن وظيفتهم أعدتهم ليكونوا جلدين لأن المعارك التي يخوضونها تجعل كلا منهم غالبا ما يرى صديقا له أو مقاتلا يعتز به يخر أمامه أو على مقربة منه قتيلا أو جريحا يدعه بعد أن يأمر من يقوم بواجب محدد إزاءه ليتابع واجبة القتالي بل لا يجد العسكرية ضمن تعليمات محددة أن من الحكمة أن يشغل أي مقاتل بإخلاء جريح أو قتيل من المعركة قبل أن تنتهي ...لكي لا تتبعثر جهود القوة القتالية ولكي لا يجد أحد ما ينشغل به عن المعركة غير واجباتها وفق الخطة التي ينفذها....

نعم حتى العسكريين بكوا بعد أن سمعوا اسم زبيبة ..وهل غير زبيبة من يستحق أن تدمع العيون وأن تنزف القلوب دما عليها .

كانت الهتافات تعلو...
عاشت زبيبة ملهمة الشعب وابنته......
عاشت زبيبة رمز البطولة.... والمجد....
وليخسأ الأشرار....

ولم يهتف للملك إلا واحداً من بين التجار من غير استحقاق أسكته الأقرب إليه بإشارة أشعرته بأنه نشاز في دعوته وصوته.... بالإضافة إلى أن صوتاً واحدا يكون مسموعا يحتاج لأن يكون على حق وليس اجتهادا باطلا....

وبعد أن قالوا ما قالوه تمجيدا لمعركة التصدي والصمود ورموزها وأبطالها عادت القاعة تهدأ ولكن ما أدهش القريبين من المرأة التي كانت تضع الطفل في حجرها أو الذين كانوا يعرفون وصفها أنها وحدها من بين النساء الحاضرات لم تبك وضلت صامتة لا تتكلم وعندما كانت النسوة القريبات منها يسألنها أو تلمح تساؤلا في عيني أي منهن تبتسم قليلا وتقول : لم يعد في عيني دمع تذرفانه أو ينضح منهما....

ثم إن أولادي الخمسة وهذا الذي في حجري هو ابن أكبرهم لن تردهم الدموع إلي وحسبي أنهم صاروا جزءً من رموز الشهادة والمجد لهذا الشعب العظيم وقد جئت إلى هنا لكي أعين من يحتاج إلى عون داخل نفسه أو خارجها لكي لا يضيع المتحذلقون معاني الشهادة والبطولة والوفاء وبذلك تضيع زبيبة ويضيع جهد وجهاد أبنائها الذين ضحوا بأرواحهم إلى حين .... فمستوى ما قدمه هذا الشعب يقتضي أن نحافظ على أمن دولتنا ووحدتها في حرز أمين وأن نهتدي إلى من يقودنا على أساس صفاته المتميزة وأن يحكم بالعدل حاضراً ومستقبلا وإلا حققنا للعدو جانبا من أمانيه الخائبة ومنها أن لا تكون لتضحية الشعب جدوى وأن لا يحترم مقصدها بما يشجع كل أبناء الشعب الآن وفي المستقبل على أن يضحوا من أجل المثل العليا...

- إنني يا أخيه أو يا ابنتي تصف كل واحدة من المتسائلات على أساس عمرها إنما أركز ذهني واستجمع ما تبقى لي من قوة داخل كياني لأحافظ على مقصد دماء أبنائي ودماء زبيبة لذلك ولهذا السبب لا أشارك في الهتاف ولا في البكاء لكي لا أفرط ببقايا القوة لأرقب من يحاول تجميل الألفاظ أن يغدر بحصيلة تضحيات أبنائي...أبنائنا... أبطالنا... ودم زبيبة بنت الشعب وملهمته... وعلى هذا ترين أنني استمع وأحاول أن افهم ما أرى حولي وأمامي ولا أشغل نفسي وحالي بغير هذا الآن ...

لدى سماع النسوة والرجال هذا الكلام كفكفت النسوة دموعهن ودارى الرجال دموعهم أو مسحوها بكوفياتهم أو أيديهم وقالوا جميعا لتلك المرأة الماجدة:

- حياك الله ..وكان في عونك..سنكون جميعا حراسا للمبادئ التي ضحى لها أبطال العراق وماجداته الأحياء منهم أو أولئك الذين عند ربهم يرزقون ... ولن نسمح لدعي..أو دجال أو ضعيف بأن يتجاهل تضحيات أبنائنا ... إخواننا ..أخواتنا ...رموزنا.... لن نسمح بذلك أبدا وإن معاني الذكرى ستجعل الذاكرة متقدة في قاعدتها الصحيحة وستجعل الإرادة لا تنثني عن المعنى التاريخي الوطني الإيماني المكلفة بالمحافظة عليه...
وسط هذا الظرف سمع الجميع طرقات يد رئيس اللجنة على الطاولة ...انتبه الجميع ...وبعد أن افرغوا جزءً من شحنات ما تحتبسه صدورهم من خلال دموعهم صارت نفوسهم أكثر سلاسة وطباعهم أقل شططا خارج مستلزمات المحافظة على الهدوء والانضباط في القاعة....

- قال رئيس الجلسة : واسمة(عبد ربه: (

- أذكركم بقواعد وأصول الكلام في هذه الجلسة ...ابتداءً ينبغي أن يتوجه الكلام إلى القصد مباشرة لأن نفوسنا عانت من اللف والدوران وأهله وأن نقتصد في القول ....في الوقت الذي نراعى اللياقة ،علينا أن لا نسرف في تلميع الكلمات.. لأن الذهب يحمل وصفه حتى لو علاه التراب وغير الذهب هو الذي بحاجة للتلميع إبعادا للصدأ عنه ليتوهم من يتوهم بأنه ذهب وفي كل الأحوال من حق كل من تقر له الأغلبية بالحضور أن يتكلم عن الموضوعات التي ستعتمد للمناقشة ضمن جدول أعمالنا ولكن ليس لأي احد أن يتكلم مرتين في موضوع واحد مادام هناك من يريد أو يرغب في الكلام ممن يحضر الجلسة وأن يطلب كل متكلم الإذن بالكلام برفع يده اليمنى -إشارة للرغبة في الكلام وأن من يعطي الكلام هو رئيس الجلسة وإذا لم يكن لديكم اعتراض أو تعديل على نظام الجلسة هذا ننتقل إلى جدول الأعمال لتبنيه بإرادة الأغلبية ....

- رفع نوري الجلبي يده وعندما أذن له رئيس الجلسة كان واضحا للجميع أنه ممن كانوا يسمون أنفسهم علية القوم ولم يكن له موقف واضح إلى جانب الشعب والجيش وقد تسلل إلى هذه الجلسة من غير استحقاق....

وقف وقال:

- اعتدنا في السابق أن تكون الأسبقية بالكلام لعلية القوم ووجوههم وليس للعامة فلماذا تقلبون التقاليد الآن؟

أجابه رئيس الجلسة:

- إن مجلسنا هذا ينعقد الآن وهو سيد نفسه وما يقرره بالأغلبية يغدو ضوابط يقلدها من يتبع المجلس ويؤمن بقراراته في حياته....

رفع احد العسكريين يده ...وقال:

- أوافق على ما قاله رئيس الجلسة ولكنني أردت أن أوضح شيئا: إذا وجب أن نأخذ بكل قديم مثلما هو فعلام اجتماعنا هذا إذن ؟

صفق له أغلبية من في القاعة....

طلب احمد الحسن الكلام برفع يده وظهر من هيئته أنه كان من المبرزين الذين قادوا المقاومة في صفوف الشعب ضد الغزاة وان عمره لم يبلغ الأربعين عاما ... وبعد أن أذن له رئيس الجلسة وقف ليقول:

- مع أنه يصعب أن نكون أمام سياق واضح في اجتماع كهذا لو اعتمدنا الكلام الذي قال صاحبنا هناك وأشار بيده إلى نوري الجلبي الذي أراد أن يغير سياق ونظام الجلسة ولكن اسمحوا لي أن أقول: من الذي أعطاه الحق ليتصور أنه من علية القوم الآن ليحفظ لنفسه الأسبقية في الكلام على غيره!؟
وما هي صفات من يكون ضمن هذا الوصف؟...
وعندما أجاب نوري الجلبي عما قاله احمد الحسن بأن هذا ما ورثناه عن أبائنا قال له:

- إن الموروث من العادات وبخاصة كهذا يطبق على من يؤمن بها أو تفرض فرضا عليه من ذي سلطة ويكون فرضها قسرا وصاحبنا نوري ليس ذا سلطة في هذا المكان والأسلاب الموروثة توزع وفق استحقاق الورثة... لذلك لا نؤمن بما تقول ولسنا أبناء أبيك لتعطينا من أسلابه ما نرثه ولست قادرا على أن تفرض علينا تقليدا انتفعت به ضمن ظروف وقانون حكم مبني على وراثة العرش نحن بصدد مناقشته وقد نحصل على النصاب الكافي من الموافقين على تغييره .

صرخ نوري الجلبي بعد أن رأى أن حجته تعرضت إلى التعرية...

- أتعني أنك تغير نظام الحكم الملكي!؟

ومع انه اعتمد نوعا من التمثيل ليظهر الأمر كأنه مفاجأة غير سارة قالها بصوت مسموع إلا انه قال ذلك بصوت لا ينم عن ثقة ولا اقتدار ولم يكن مؤثرا وبعد أن ابتسم احمد الحسن...قال:

- نعم إذا وافق المجتمعون هنا بأغلبية الثلثين سوف نغير النظام...

قال نوري الجلبي...

- وتغير النظام؟..

أجاب احمد الحسين بصفة وإرادة الشعب:

- نعم ونغير الملك فمن الذي ملك الملك يا صاحبي غير غياب إرادة الشعب عن ميدانها في غفلة من الزمن أو القوة وسياسة الدول الخارجية التي غالبا ما تفرض بل وفرضت كل الملوك في منطقتنا ومنهم الملوك في وطننا الكبير ضد إرادة ورغبة الشعب ؟

الآن وبعد أن حضرت إرادة الشعب في ميدانها وبعد أن صارت إرادة القوة الغاشمة أو القوة المشبوهة الأجنبية غير ممكنة لتضغط على الشعب فإن من يمثلون الشعب وقواته المسلحة الوطنية وحدهم الذين يقولون رأيهم الحاسم فيما لهم وما عليهم...!

سكت نوري الجلبي الذي جاء متسللا إلى الجلسة من غير استحقاق ولم يحر جوابا .
بادر رئيس الجلسة ليقول:

- أرجوا أن لا تتعجلوا في مناقشة أمر لم نضعه بعد في جدول الأعمال .... وعلينا أن نواصل جلستنا
كرر رئيس الجلسة :

- هل هناك من يعترض على نظام الجلسة؟....

رفعت أم الشهداء الخمسة يدها وأذن لها رئيس الجلسة فقالت :

- إن أي جلسة ينبغي أن تعرف هويتها حتى لو بشكل أولي وإذا كنا لم نتفق بعد على شعار تنعقد هذه الجلسة تحته فلا أظننا لا نتفق على تمجيد الشهادة والشهداء.....

ضجت القاعة بالتصفيق ...والهتاف..

- إن زبيبة شهيدة الشعب وملهمته ورمز بطولته وتضحيته لذلك اقترح أن تتصدر صورتها اجتماعات مجلسنا هذا وأن توضع عالية على الجدار خلف منصة رئاسة الجلسة بحيث تبدو كأنها فوق رؤوسكم ويراها كل من في القاعة وبذلك يتحدد الاتجاه العام لجلستنا في الأقل .....

ضجت القاعة بالتصفيق ولكن قلة ضئيلة فقط من الذين لم يصفقوا تأييدا للمقترح هم الذين كانوا على ما يظهر عكس هذا الاتجاه....

قال رئيس الجلسة:

- نعم فاز اقتراح أم الشهداء ...لنضع صورة زبيبة في صدر قاعة الاجتماع ونعلقها فوق رؤوسنا تقديرا لها...
طرق رئيس الجلسة المنضدة التي أمامه وقال:

- بعد أن صار واضحا أن الأغلبية الكبيرة تؤيد نظام الجلسات لننتقل في مناقشاتنا إلى جدول الأعمال....
إن نقطة الأساس في جدول أعمالنا في موضوع الحكم الذي نبهت إليه زبيبة في وصيتها للملك بأن يجعل إرادة الشعب هي الحاسمة في شكل الحكم وكيفيته ولأن الإرادة للشعب الآن فعلى الشعب أن يقول قولته
ومع أن الملك لم يكن في القاعة وان إرادة الشعب كان حضورها قويا من خلال ممثليه فقد تهيبت الأغلبية من مناقشة هذا الموضوع وكان سبب التردد الذي بدا بوجه عام على من في القاعة هو هيبة الحكم أو الخوف من التأثير الشخصي للحاكم والوفاء للموقف الأخير الذي وقفه الملك وتقديرا لموقف زبيبة منه على وفق ما ورد في رسالتها إليه ... ولم يتحول هذا المزاج إلى أن خاطب احد ممثلي الشعب من أولئك الذين ما زالت ملابسهم ملطخة بالدماء جراء المعارك التي اختلطت فيها دماء جروحه مع دماء جروح من أصابهم وهو يلتحم بهم بالسيف أو الخنجر بعد أن كسر رماحا ورماحا في صدور من ورد حومته في ساحة الوغى...بقوله:

- لا أحد منا له ضغينة شخصية إزاء هذا الملك وبخاصة بعد أن قاتل معنا ولكنه ما كان أصلا ليكون ملكا من غير دعم الشعب بصورة غير مباشرة أمام من كان ينافسه على الكرسي من الأمراء ودعم القوات المسلحة له على أساس فكرة: إن لم تكن أمامك إمكانية وفرصة الاختيار وفق ما تريد فاختر أهون الشرور أما أبوه وأجداده فقد ضقنا ذرعا بهم ولم يخلفوا للشعب غير الماسي ولو كشفت لكم ظهري على سبيل المثال لرأيتم أنني واحد من بين الألوف التي ألهبت سياط الجلادين ظهورهم وتركت أثارها عليهم ...ناهيك عن الجوع والتخلف والذل الذي أصابنا وأصاب دورنا كشعب جراء حكمهم ... وحتى عندما نقول أن هذا الملك يختلف عن الملوك الآخرين فنحن المسئولون بالدرجة الأساس عما يعتبر أفضل منهم في خواصه ...ألم تحمل زبيبة بنت الشعب إزاء تكليفها ضمنيا كأنه صادر بإرادة الشعب لتحوله من موقف إلى موقف ومن نوع إلى نوع آخر!؟... الم يكن الشعب هو المتفضل على الملك بما في ذلك ما ادخل في قلبه من إيمان بالله بعد أن كان ضالا ؟ ثم ... أليس الشعب هو الذي أنقذ حياته وشرفه كرجل قبل أن نتحدث عن شرفه كملك أمام غزو الغزاة ومؤامرة المتآمرين؟... هل قمنا بكل ذلك لنأتي بملك مرة أخرى على رؤوسنا؟.... وإذا كنا قادرين على أن نضمن سلوك هذا الملك في حد أدني نرتضيه للشعب والوطن وما نؤمن به من مبادئ فكيف لنا أن نضمن من يرثه على قاعدة الملكية والوراثة!!؟...

ما أدرانا ربما يحكمنا(صبي) أو طفل.... أو يحكم أبنائنا إلى حين بل قد يحكمنا مختل من أبناء هذا الملك أو احفاده من بعده!.....
غصت القاعة بضحك الناس الموجودين فيها.... أعقبها تصفيق حاد تأييدا لأفكار المتكلم ....
وواصل كلامه:

- في كل الأحوال أرجوا أن تفصلوا بين الرأي الشخصي لآي منا بالملك وبين رأينا الموضوعي والمبدئي بالنظام الملكي لكي لا تختلط الأمور....
رفع آخر يده وكان واضحا انه من بين كبار التجار الذين يتاجرون بين العراق وبلاد عيلام... قال:

- إن الملكية أمر واقع سواء قبلنا آم لم نقبل ....إنها نظامنا منذ زمن طويل وان الشعب استقر عليه ... ثم كيف لنا أن نتاجر في الخارج أو الداخل ما لم نستقر على حال؟....

غمزه أحد الجالسين بقربه وهم بأن يسترسل لولا تنبيه رئيس الجلسة له بالقول:

- هل تريد أن نستقر على هذا الحال الذي نختاره أم على ما ورثناه لأنه يلاءم مصالحك ؟.... ابتسم من سمع الكلام...
استرسل التاجر:

- علينا أن نتلاءم مع الحال مثلما هو لتستقر تجارتنا إذ أن الطريق المعروف مساؤه أفضل من الطريق الذي لا نعرفه إلى أن يقود حتى لو بدا لنا انه الأفضل عند خط البداية ...ثم أليست الحكمة الشعبية القائلة (اليد التي لا تستطيع قطعها قبلها) حكمة صحيحة؟

تساءل أحدهم بعد أن استأذن:

- هل أنت بما تلم الآن أفضل أم أبوك الحمال الذي كان يحمل بضائع التجار في سوقهم من قبل؟ ولماذا لم تقبل بالحال الذي ورثته عن أبيك!؟ وهل الشعب ملزم بأن ينمي ملكيتك في ظرف وحال يقبل اللا مشروع ليغتني من يغتني مثلما امتلكت ملكية تاجر كان قد استخدمك كاتبا لدية عطفا منه على أبيك وعندما مات التاجر لم تكن له سوى ابنة واحدة فاستوليت على ملكيته وتريد الآن أن تبقى الأمور على ما هي عليه وفق هواك بما في ذلك إبقاء الحكم ملكيا لكي تؤمن على ملكيتك الحرام في ظل من قدمت لهم الرشوة من المسئولين عن عدم قول الحق أو تنفيذه بأمانة؟.... هل هو موقف خلقي يا صاحبي أن نبقى على الخطأ أو الانحراف لنصون أو نحافظ على مصالح غير مشروعة في الوقت الذي يتحمل الشعب في حاضرة ومستقبلة ثقل وعبء مساوئ ما يفترض أن يجري تغييره؟.....

دوت القاعة بالتصفيق ... وعندها خرج من القاعة متعثرا من أثار هذا النقاش وهو لا يلوي على شيء. ...خرج وهو يلعن اليوم الذي أتيح أمام الشعب فيه أن يقف الموقف الذي يحقق الصمود ومن ثم النصر على الغزاة ليمتلك من بعد ذلك إرادة المناقشة والحوار والوعي اللازم ليقول كلمة الحق...
رفع شميل يده وكان في عمر الأربعين عاما وبعد أن أذن له رئيس الجلسة بالكلام .... قال بعد أن سبق ما أراد أن يصل إليه بمحاضرة عن الوفاء واحترام القانون والتقاليد بطريقة تمثيلية لا يخطئها النظر أو الفكر الثاقب ....

- أنا لا أريد أن أدافع عن الملكية ولكنني أريد أن أدافع عن حق الملك في الملكية باعتباره قاتل معنا ... وان زبيبة التي هي رمزنا الآن كانت راضية عنه حتى قبل وفاته بقليل......

هكذا قال (قاتل معنا) وقبل أن يسترسل في كلامه قاطعه أحد الجالسين من قادة المقاومة موجها الكلام إلى رئيس الجلسة...

- إن المتكلم قال إن الملك(قاتل معنا) وهذا يعني انه كان ضمن من قاتلوا في معركتنا الوطنية الكبرى ضد الغزاة والمتآمرين وهذا غير صحيح ...إن هذا الشخص ..لم يقاتل معنا وكان يعمل بالمضاربة في سوق الصيارفة ويعمل على إضعاف عملتنا الوطنية من أجل مصلحته وكان يحتكر الطعام على حساب مصلحة الشعب فأرجو أن يطلب منه رئيس الجلسة أن يوضح قصده من الحضور... أين ومتى قاتل معنا هو وأبوه؟.. ذلك لان أباه مثله كان همه الاشتغال في المضاربة في سوق الصيارفة بل وغالباً ما كان هو وأبوه يساقان إلى المحاكم بتهمة تزييف العملة ... ولكن النظام الملكي لكثرة ما فيه وفي أجهزته من ثغرات كان يتيح أمامها من خلال أجهزة القضاء المهترئة والشرطة فرصة الإفلات من العقاب بما يقدمانه من رشاوي إلى من يعنيهم الأمر أو ما يقدمانه من وثائق مزورة هي الأخرى كدليل على براءتهما....

قام شميل اليهودي ليقول:

- نعم ..قاتلت في هذه المعركة ضد الغزاة فقد دفعت البدل النقدي بدلا من الخدمة العامة لأنني لم أجد أن الاستنفار لمقاومة الغزو الأجنبي يشملني ومع ذلك تبرعت وبعثت عبدي بعد أن دفعت له أربعة أضعاف الأجر الذي كنت قد عينته له قبل ذلك حيث كنت أعطيه أجرا قليلا إضافة إلى آكل بطنه وما نتحفه من أسمال ثيابنا قبل ذلك
نهض ضابط من قادة المقاومة في القوات المسلحة وقال:

- إنني استغرب كيف يقبل كلام هذا الدجال؟ وكيف يسمح له بالاسترسال بالكلام في هذا الاجتماع الذي له قدسيته كانعكاس لاهدافه وتكوينه على أساس الأغلبية؟... إنني اعرف شميل واعرف أن له ابنا تجاوز العشرين من العمر ولكن غيبه عن المعركة وان خدمته العسكرية لم تكن منتظمة في الغالب ضمن صفوف الجيش اذ كان يتهرب من الخدمة بطرق ملتوية بما في ذلك تقديم تسهيلات وإغراءات لضعفاء النفوس ... وفي كل الأحوال فإنني اجزم لانني متأكد مما أقول أن ابنة لم يكن ضمن صفوف الجيش في هذه المقاومة الباسلة التي تعرض فيها الوطن والشعب إلى اقسي وأخس أنواع المؤامرات ... وان شميل نفسه مشمول بدعوة الاحتياط على أساس النفير العام ولم يكن ضمن المقاتلين أيضا.... يضاف إلى ذلك أنه كان يقوم بتهريب قسم من أبناء الأسرالثرية خارج الوطن ليتخلصوا من الجندية وبهذا فانه يوجه طعنة مباشرة للوطن والشعب لان الوطن من غير جيش يكون مشاعا أمام من يسعى ليملكه بالقوة... انه بهذا يفقد حق المواطنة ومن يفقد حق المواطنة يفقد حق تمثيل الشعب في هذا المجلس العتيد ولذلك اقترح أن يطرد من مجلسنا بل ويطرد من بين صفوف شعبنا...

هاج الجميع مؤيدين الفكرة إلا عدداً قليلاً ظل صامتا منطويا على نفسه خشية غليان ممثلي الشعب داخل المجلس وقالوا بصوت عال:

- اطردوا شميل ..فليخسأ شميل... اطردوه من مجلسنا... اطردوه من وطننا واللعنة عليه اليوم والى يوم توعدون...
دفع بعضهم شميل من أكتافه وخرج متعثرا بعد أن سقط ونهض عدة مرات وترك قسما من ملابسه وحاجياته تسقط منه من غير أن يكلف نفسه بالتقاطها...

استأذن عسكري لم يكن يرتدي بدلة معركة وبدا من هيئته وهيئة ملابسه أنه لم يقاتل في صفوف المقاومة وأن كل ما هو عليه يوحي بأنه واحداً من ضباط المقرات الخلفية في العاصمة التي يقضي بعضهم كل أو جل خدمتهم فيها في الجيوش التي لا يطبق فيها نظام عادل للخدمة وليس للخدمة في جبهات القتال وزن يذكر في خط خدمتهم وترقيتهم أو إن نظامهم السياسي ليس من الوصف الذي يقيم وزنا لهذا ويضمن العدالة بين الناس ومنهم من أبناء الجيش ...نهض كأنه في طروادة وجهه ويديه ورقبته يشبه ربات البيوت في الأسر المترفة وبعد أن عرف بنفسه بما قدم من إبداعات في المقدمة منها انه اصدر عددا من الكراسات والكتب في التهذيب وأصول تناول الطعام ونوع التصرف عندما يكون الأمر بين الضباط في مطعمهم وان له محاولات في شؤون التعبئة والسوق العسكري وقال:

- إن الملك ملكنا وقد ورث الملك عن أبيه وإذا حرمناه ورثه معنى ذلك أننا سنعتمد قانونا يحرم كل الوارثين في الشعب من إرث أبائهم وهذا شيء خطير ... وفي ظني أن حرمان الشعب بما في ذلك أبناء القوات المسلحة من أن يرثوا أي شيء مادي أو اعتباري من أبائهم أمر لا يوفق عليه الشعب ولا القوات المسلحة ولا أظنني أجافي الواقع إذا قلت بل حتى الموجودين داخل هذه القاعة ويرتجون إرثا ما من أبائهم لا يقبلون ذلك اللهم إلا أولئك الذين لا يعرفون أبائهم أو لا يرتجون شيء من أبائهم لأن آباءهم لا يملكون شيئا .
طلب الكلام أحد رجال جبهة القتال والمقاومة في الجيش مثلما تشير إلى ذلك هيئته وملابسه من شداد يضمد فيه جرحا على عضد يده اليسرى... فقال:

- اشكر الله واشكر قادة المقاومة ومنهم رئيس هذه الجلسة أن هيئوا لنا فرصة الحوار في هذه القاعة فجعلوا الضعف يذر فرنه زاهقا من صدور من يوصفهم به بعد أن بان الاقتدار على قاعدة إيمانية ومواقفه المشروعة إزاء قضايا الشعب والوطن وهنا التمس عفوكم إذ أشير إلى عورات من ينبغي أن يشار إلى عوراتهم بعد أن جعلهم التهتك لا يعبهون بها وتجاسروا إلى المدى الذي لم يعودوا يستحون فيه مما يظهرونه منها بعد أن صارت جزاء منهم وانما راحوا يرجون لها لتكون أخلاق الشعب وسلوكه مثلها وليس على قاعدة ومسار آخر ...

إن القول المأثور( الشمعة تطرد الظلام مثلما يطرد الإيمان الشيطان) حكمة حصنت مواقفنا من قبل وجاء المؤتمر ليجعلها راية هداية لمن يهتدي وإشراقة شمس على مهبط كل ظلام ..إنني باختصار أقول أيها الإخوة والأخوات الحضور رفاقي وأبنائي البررة كوصف لمن ينطبق عليه هذا الوصف إن هذا الضابط قبل في جيشنا الباسل في غفلة من أصحاب الغفلة وعدم قدرة أصحاب القدرة على قول رأيهم إن أباه كان عميدا في الجيش وانه توسط لدى أبي هذا الملك متوسل له بالقول إن أعلى تكريم يكرمه به الملك هو أن يمسك ركاب حصانة ليقبل قدمه عندما يمتطيه الملك وقد بقى يقبل حذاء الملك السابق في ركابه حتى توفاه الله.. .. وان أم هذا الضابط كان همها أن تدعوا إلى حفلات ما جنة مختلطة رجالا ونساء وبعد أن يختار الملك من تعجبه منهن تتولى أم هذا الضابط استطلاع مطاوعتهن لرغبة الملك لتقتادها مع استمرار الاحتفال إلى مخدعه وان هذا الضابط هو وزوجته لا هم لهما إلا حضور الحفلات الليلية وبإمكاني أن استدعي أمامكم مئات الضباط لا على التعيين لتوجه لهم أسئلتكم مباشرة لتعرفوا كم منهم وجه هذا الضابط دعوة إليه ليحضر إلى بيته بحجة تناول وجبة غداء أو عشاء وبإمكانكم أن تسألوهم لتعرفوا كم منهم يعرف مواقع غرف النوم في بيتي وأين يقع الصالون ..وأين..وأين..!؟ وهل يحضر أولئك المعارف إلى البيت في غياب صاحبة أم لا؟ وهل صادف وان حضروا من غير عوائلهم ؟ وهل دعتهم ربة البيت زوجة هذا المتحذلق ليتناولوا المرطبات أو الشاي أو القهوة في غياب زوجها عن البيت !؟ ثم إن هذا الضابط لم يصادف أن خرج ليدرب أحدا من ساحات العرضات أو في التدريب الإجمالي ولو طلبتهم منه أن يفتح سرية للدفاع أو الهجوم لعجز عن ذلك عدا عن القول انه لم يدخل معركة دخلها الجيش ضمن واجباته المقررة أبدا فهل يصلح سيداتي وسادتي رفاقي وأبنائي إخواني وأخواتي هل يصلح مثل هذا أن يحمل صفة مؤتمركم ؟ بل هل يصلح أن يحمل صفة مقاتل في جيشكم الباسل؟ وهل يجوز له بعد اليوم أن يرتدي ملابس العسكرية التي صارت رمزا وشرفا لمن يحملها!؟

دوت القاعة بالتصفيق وتعالت الهتافات بحياة الجيش والشعب وصاح العسكريون...

- إننا بريئون منه ... انه سبة علينا إن بقي ضمن صفوفنا ...مرة أخرى دوت القاعة بالتصفيق والهتاف بما يشير إلى أن الجميع أيدوا موقف العسكريين وعندها خرج صاحب القول الأخطل والموقف المشين متعثرا حتى بالهواء ظنا منه انه حواجز ولولا انه كان يرتدي بدلة عسكرية لانهالت عليه الضربات من كل جانب...

رفع شخص لقبوه( صائد الأمراء) يده طالبا الكلام وقد عرف بهذا الوصف كاسم علم له بدلا من اسمه الذي ضاع وسط صولاته البطولية وهو يصطاد بحربته أو سهمه وحتى بخنجره ويجندل من فوق حصانه هذا أو ذاك من الأمراء أو كبار التجار وكأنه مختص ومكلف باصطيادهم وحدهم....

ومع انه كان راجلا من غير حصان لكنه بدا كأنه ذئب يهاجم شاة منعزلة عن قطيعها حيثما ظفر بآي منهم على مقربة منه وكان لشدة سرعته وقوة بدنه وذراعه لا يدع أحدا يفلت منه ليعيش بعد ذلك وإذا ما لحق بحصان وتثبت بذيله أو بأي وسيلة تسمح له بان يمسك به كما ينبغي أو حتى بركاب الخيال لقصر في قامته ما هي إلا كلمح بصر حتى تجد الفارس والخيال بعد أن يسقط الحصان يتدحرجان على الأرض وبخفة وثقة تراه جاثما فوق صدر الفارس ليقطع رأسه أو يدع الرمح يتخلله حتى يخيط عليه الأرض من تحته
ولقصر قامته كاد يوصف بالقصير لولا الخشية من أن يكون هذا الوصف غير لائق به بعد تلك البطولات ذات الباع الطويل التي عرف بها وهو يجندل الواحد بعد الآخر مع براعة فائقة في قدرة تفادى ضربة برمح أو طعنة بسيف أو رمية بنبلة....

كان صائد الأمراء يتمتم بمقاطع وأصوات غير مفهومة بعد أن أذن له رئيس الجلسة بأن يتكلم ويحمر وجهه تارة ويصفر تارة أخرى خجلا مما هو فيه من حال يمنعه من الكلام مرة وأخرى حنقا منه على ما تسبب في ذلك بل كان أحيانا يبدو كأنه طائر أطبق على رقبته فخ فلاح في حقل ترى جناحه يرفرف وتارة يقفز بخفة من مكان إلى آخر دفاعا عن روحة خشية أن تزهق...... وعندما وجد انه عاجز عن أن يبلغ كلاما مسموعا ومفهوما لدى من في القاعة أسرع إلى جارة على الكرسي الملاصق له واستنجد به بعد أن سحبه بيده ليخلي مقعده ويقف إلى جانبه ومن حركاتة فهم الجميع انه اخرس وانه استعان بأقرب المحاربين منه ليفسر كلامه لمن هو في الجلسة وكان صديقا قديما له وأحد المحاربين البواسل أيضا في الجيش الشعبي للمقاومة المسلحة ....

استمر صائد الأمراء يتمتم أحيانا ويطلق أصواتاً كما الطيور أحيانا أخرى ومع ذلك كان يستخدم الإشارات ويقوم صديقة بين حين وآخر ينقل الكلام إلى المستمعين بمقاطع مفهومة كأنه يترجم من لغة إلى أخرى...قال:

- أحييكم أيها الإخوة والأخوات وأحيي تضحياتكم وأركع ساجدا لله العزيز القدير أمام مشهد نهر دماء الشهداء سيد الأنهار وأطهرها ... أنا العبد الطائع لله صائد الأمراء مثلما سميتموني وبه ارتفعت منزلتي لازداد تواضعا لا احد منكم يعرف قصتي ولا تعرفون لماذا لم استهدف حياة كائن من كان إلا إذا كان تحت وصف أمير أو تاجر كبير ممكن كانت معرفتي بهم واسعة .....بل كنت لا أطلق سهما أو أسدد ضربة رمح أو طعنة سيف على أحد حتى على من كان يستهدف حياتي في حومة المنازلة وأراه على هذا الوصف بأم عيني حيث كنت أتفادى ضربته بوسيلة أخرى غير تسديد ضربة إليه ومع أن ذلك ليس محرما من وجهة نظري وانه حق لي وفق شرائع رب السموات والأرض لكنني لم أشأ أن اشغل قدراتي بمن هو ليس أميرا أو تاجرا كبيرا امتلك من غير حق وعدل لأنهم السوسة التي نخرت الجذع الباسق لكل شجرة أو نخلة في بلادنا إنهم(خنياب) الحياة والسم القاتل واللوثة المدنسة لكل ثياب بيض ولكي تعرفوا كل ذلك ها هي قصتي:

كنت تابعا لأحد أولئك الأمراء ومحل ثقته وقد دربني على فنون القتال لأحمي ظهره في الليل والنهار حيثما رافقته في حله وترحاله طلبا لصيد أو مهمة من المهمات .... حاول هذا الأمير في أحد رحلات الصيد أن يخطب فتاة آية في جمال الخلقة من أبيها وكان الأخير سيد قومه ومن اشرف الناس سمعة وعملا وموقفا وعندما قال له والد الفتاة إن ابن عمها يريدها وهي تريده ، سأله أن يبيت الكلام إلى اليوم التالي ليأخذ رأيها هدده بالموت إذا لم يوافق على تزويجه إياها بعد أن رآها تملا قربتها من غدير مما اضطر الأب لان يزوجه إياها وخشية من أي طارئ صمم الأمير على أن يدخل عليها في مخيمه الذي كان يجاور عرب( سلف (أهلها بدلا من أن بصحبها معه إلى العاصمة ليجرى مراسم الزواج هناك وفق ما يفعله الأمراء والحق أقول انه أغدق على والدها ولكن كل عطاياه لم تزد الوالد إلا حزنا على ابنته لزواجها من ذلك الأمير لان من عادة هذا الشريف وأهله أن لا يزوجوا بناتهم إلا لأبناء أعمامهم على أن يخترن من يخترنه منهم بعد أن يبدي أي منهم رغبة في الزواج من إحداهن ويرفضن من يرفضنه وعند ذلك يكون قرار الآباء أو أولياء أمورهن تحصيل حاصل ولقد عرف أولئك الناس بهذه الميزة التي جعلتهم محل احترام حتى الناس الذين لا يأخذون بتقاليدهم تلك ذلك لان هذا التقليد جعل الانحرافات الاجتماعية بين الجنسين بأقل ما يمكن لديهم وجعل حياتهم الزوجية مستقرة تمام الاستقرار والتلاحم قائم بينهم والمشاكل والمشاحنات الأخرى تكاد تكون حالة نادرة ...ولهذا رأى والد الفتاة أن زواج الأمير من ابنته عمل اضطر إليه وانه خرق تقليدا يفترض به أن لا يخرقه وان عليه أن يحرص على ما سنته القبيلة لنفسها ... أليس عار على من يقود قوما أن يقبل راضخا بان يخرق عنصر خارجي تقاليدهم وعرفهم المقتنعين به!؟

في ليلة الزفاف بل أصحح لا قول في ظهر اليوم نفسه حاول سيدي الأمير آنذاك _قال (سيدي) بتهكم اراده أن يظهره كما فهم المترجم من إشارات الأخرس صائد الأمراء وهو يبتسم مع من في القاعة _ أن يدخل على البنت في خيمته لكنها رفضت بعد أن عنفته وعندما أعاد الكرة عليها هددته بعد أن رمته بأقذع كلام يستحقه ومن بين ما قالته لذلك الأمير :

- إن وصفك وسمتك ليس وصفة وسمة أمير وانما وصف وسمة ****ة مما ينطبق عليك وإلا كيف تقبل معاشرة امرأة لا ترغب فيك بل تحتقرك لإصرارك على معاشرتها بينما هي لا تريدك!!... ألا تعرف كم تحتقر النسوة من يجبرهن على مسلك غير شرعي وهن غير راغبات فيه!؟
وعندما حاول أن يقول لها انه خطبها من أبيها قالت له بعنف:

- لقد نهبتني من أبي ومن أهلي وقبيلتي ولم تخطبني ... نحن نستنكف من أن يقترن اسمنا بك . وبأمثالك... وسوف أقف منك هذا الموقف الذي لن يتغير... وعندما سمع هذا الكلام منها اضطر للخروج من الخيمة .... وقد سمعت هذا كله لأنني كنت انتظر على مقربة من الخيمة لألبي طلبات مولاي ولأنها تعمدت التحدث بصوت عال لإيصال رسالة إلى الخارج .

وابتسم ابتسامة احتقار أيضا لكلمة( مولاي) ومعه الأغلبية بنفس روحية الاحتقار لهذه الكلمة ثم قال:

- عندما وقعت عيناه علي وهو يخرج من الخيمة تعثر بأطراف ثوبه المنسوج من الحرير وسقط عقاله على الأرض فالتقطته وناولته إياه بعد أن نفخت التراب من عليه بطريقة كنت فيها كمن يبصق على شخصية ذلك الأمير لحقارته خاصة عندما قال لي قبل أن يأخذ عقاله من يدي ويضعه على رأسه: انقل إليها إبريقا من مغلي زهور البابونج وقل لها إن سيدي يحبك وان عينيه لم يعرفا طعم النوم مذ رآك على الغدير ..وانه...وانه ..علها تعطف على سيدك...لأنها إن لم تفعل سأجن أو اقتلها...

وعندما قلت لها متعجبا:

- أتقتلها سيدي؟ كيف تفعل ذلك ونحن وسط أهلها؟ ثم كيف لك أن تلحق بأهلها عارا بقتل ابنتهم يوم زفافها إليك ؟ وما عسى أن يقول الناس في ذلك كله!؟
أجابني وعلامة الشر بادية عليه:

- إذا لم تطاوعني في النوم معها ومعاشرتها عليك أن تدس لها السم في الطعام....
ولكي اسبر غوره وأعرف مستوى تصميمه على الشر قلت له متعجبا:

- أنا أدس لها السم سيدي!؟
قال:

- نعم تدس لها السم في الشراب أو الطعام ثم نقول إن أفعى لدغتها ...وبإمكاننا أن نحضر أفعى من هذه الفلاة ونقتلها ونلقيها على أرض الخيمة ونقول إننا قتلنا الأفعى بعد أن عضتها ولكننا لم نستطيع أن نسعفها لننقذ حياتها...
قلت له:

- هل أنت جاد يا سيدي؟
قال بحدة وتصميم:

- نعم كل الجدية وإذا لم تطاوعني الملعونة هذه الليلة ولم تدس لها السم بعد ذلك سوف أقتلك واقتلها لذلك ليس أمامك إلا أن تقنعها.
وعندما حاولت أن أهدئ من روعة قال لي:

- اسمع لا مجال لغير ما قلت والحكمة لدي : إذا وجدت شمعة لدى جارك ولم تستطع سرقتها لتنير بها بيتك المظلم فدمرها بضربة سهم لتنطفئ إلى الأبد وقد تحرق بيت صاحبها
وحين أفصح ذلك الأمير ال**** عن مكنونه عرفت تصميمه على الشر فقلت له

- سأحاول ولكن أرجو أن لا تستعجل علي وأن تعطيني فرصة لما تبقى من اليوم ويوم غد .
قال بصورة حازمة وقاطعة :

- جزءً مما تبقى من الليلة القادمة وكل ما تبقى من نهار اليوم فقط لا غير، دلفت غالى الخباء( الخيمة ) بعد أن استأذنت من سيدتي

لاحظ المجتمعون أن الأخرس ومن يترجم إشاراته وتمتمته لم يستهزئا بكلمة سيدتي .
واصل الأخرس كلامه:

- فقلت لها باحترام لقد سمعت وعرفت كل ما قلته لذلك (الآدمي) اقصد الأمير وقد فهمت ذلك.... وأنا أتعاطف معك في موقفك وكل تفاصيل قولك ولكنني أرجو حلمك وصفحك لتسمعي مني وليس لي بعد أن تسمعي مطلبا ويشهد الله على أنه ليس لي رغبة غير أن تشاركينني في أمر إنقاذك بمحاورة هادئة إنقاذك سيدتي وليس إنقاذي .. إنقاذ حياتك وسمعة والدك وليس حياتي ... وليس حياتي...

عندما سمعتني أردد كلمة حياتي مرتين حملقت في وجهي مندهشة بعد أن رفعت رأسها الذي كان مطرقا من قبل إلى الأرض لكي لا تنظر إلى وجهي مفترضة أن كل من في مخيم الأمير أعداؤها وأعداء أبيها وأعداء خطيبها وأعداء قبيلتها ولعلها كانت تقول في نفسها (وأعداء كل حر شريف (

حكيت لها ما قال الأمير لي وركزت على القول أنها إذا لم تتظاهر بأنها مقتنعة سواء من تلقاء نفسها أو بتأثير مني فتقدير الأمر متروك لها ..

وقلت لها: مع كل ما قلته لك والله لو أمرتني الآن بأن اقتله لقتلته ولأذهب فداء لمعاني القصة العالية التي يضمها جناحي ولو أمرتني لان أتسلل معك إلى حيث منزل والدك لفعلت ما تأمرين ولكنني أعلم بأنك تعرفين أن اي من هذين الحالين يورث العار الذي لا تقبلينه لنفسك ولوالدك الطيب واهلك الشرفاء ولكنني أردت أن أقول ذلك لأؤكد لك أن غايتي ليست إنقاذ نفسي وانما إنقاذك وإنقاذ شرفك وليس لي بعد ذلك حجة إذا ما ناقشتني سيدتي في ما قلت وأنا طوع بنانك في ما تأمرين .

سمرت عينيها في عيني طويلا كالمنومة مغناطيسيا وكانت نظرتها لا تنم عن أي تعبير غير التصميم على شيء لم تستطع تخمينه حتى كادت تلك النظرة تخجلني من نفسي لأنني لم استطيع أن أقدم لها حلا مرضيا غير أن تطاوع من لا تريده على نفسها وأنا رجل يملك كل شروط الرجولة ..أليست حالة محرجة أن يحاول رجل مثلي بغض النظر عن صفتي كتابع لأمير إقناع امرأة بمطاوعة رجل على نفسها في الوقت الذي ترفضه روحها ومن ذلك مع اختلاف القصد رأيت أن يقطع رأس كل قواد وقواده... سواء فعلوا فعلهم ال**** لإنسان عادي أو أمير أو تاجر أو ذي مال .

قالت لي زوجة الأمير

- أحسنت وبارك الله فيك بل سأقول له إن حجتك أقنعتني لكي أجعلك ذا حظوة ع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الخامس والأخير)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين" زبيبة والملك"(الجزء الثاني)
» زبيبة والملك"رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين(الجزء الأول)
» رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الرابع)
» رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين"زبيبة والملك"(الجزء الثالث)
»  رواية لكاتبها السيد الرئيس صدام حسين" زبيبة، والملك، والمخابرات المركزية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي :: خطب ولقاءات الشهيد صدام حسين-
انتقل الى: