جهينه الزبيدي
المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
| موضوع: نبيل ابراهيم - السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال الجزء الاول السبت أبريل 23, 2011 6:44 pm | |
| السرطان الذي يفتك بعراق ما بعد الاحتلال ( الجزء الاول ) منتدى"ملاك صدام حسين نبيل ابراهيم لنرفع أصواتنا كلنا بوجه السراق والصوص العابثين بأجساد البشر وبائعي الوطن ... فأن السكوت يوما بعد آخر يقرب آجالنا كلنا، وستحل اللعنة شئنا ام أبينا بعــــــد مرور سبع سنوات عجاف على الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي , تميزت بل وتنامت ظاهرة الفساد بكل انواعه في العراق وفي مؤسساته , وتبوأ العراق خلال السنوات السبع الماضية مركزا متقدما بين الدول الاكثر فساداً على مستوى العالم, الأمر الذي نجم عنه خسائر ماديّة هائلة وصلت لمليارات الدولارات، وهو ما تؤكده العديد من التقارير الدوليّة , و طبقاً لمؤشر منظمة الشفافيّة العالميّة، فان مرتبة العراق من ناحية الفساد على مستوى العالم خلال السنوات السبع الماضية أي خلال فترة الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي جاء في مستويات متدنية , رغم الشعارات التي اطلقها المحتل وعملاؤها بجعل العراق واحة للشفافية بالمنطقة. الفساد من حيث مظهره يشمل أنواع عدة منها:- 1. الفساد السياسي :- ويتعلق بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام التي تنظم عمل النسق السياسي (المؤسسات السياسية) في الدولة. ومع أن هناك فارق جوهري بين المجتمعات التي تنتهج أنظمتها السياسية أساليب الديمقراطية وتوسيع المشاركة، وبين الدول التي يكون فيها الحكم شمولياً ، لكن العوامل المشتركة لانتشار الفساد في كلا النوعين من الأنظمة تتمثل في نسق الحكم الفاسد (غير الممثل لعموم الأفراد في المجتمع وغير الخاضع للمساءلة الفعالة من قبلهم) وتتمثل مظاهر الفساد السياسي في: الحكم الشمولي الفاسد، وفقدان الديمقراطية، وفقدان المشاركة، وفساد الحكام وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية. 2. الفساد المالي :- ويتمثل بمجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص ومراقبة حسابات وأموال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات، ويمكن ملاحظة مظاهر الفساد المالي في: الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في التعيينات الوظيفية. 3. الفساد الإداري :- ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام إثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية التي لا ترقى للإصلاح وسد الفراغ لتطوير التشريعات والقوانين التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صناع القرار والمشرعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار. وهنا تتمثل مظاهر الفساد الإداري في: عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار الوظيفة والخروج عن العمل الجماعي. والواقع إن مظاهر الفساد الإداري متعددة ومتداخلة وغالباً ما يكون انتشار احدها سبباً مساعداً على انتشار بعض المظاهر الأخرى. 4. الفساد الأخلاقي :- والمتمثل بمجمل الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك المواطن الشخصي وتصرفاته. كالقيام بإعمال مخلة بالحياء في أماكن العمل أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الاجتماعي الذي يسمى (المحاباة الشخصية) دون النظر إلى اعتبارات الكفاءة والجدارة. وهذا ما نجده واضحاً للعيان من خلال متابعة تسلسل العراق في تقارير المنظمة, ففي عام 2003 - عام الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي - جاء العراق بالمرتبة 16 عربياً، وفي ذيل قائمة الدول الأكثر فساداً بالعالم, وفي عام 2004 ضمن ترتيبه الـ 145 حسب المؤشر العالمي للفساد التابع للمنظمة جاء العراق في المرتبة الـ 129 عالمياً، وفي ذيل قائمة الدول العربية الأكثر فساداً في وقتٍ جاءت دولة الإمارات العربية في المرتبة 29 الأولى عربياً، ونيوزيلندا في المرتبة الأولى عالمياً من حيث النزاهة . وفي عام 2005 جاء العراق بالمرتبة الـ 137 على مستوى العالم، وقد أوضحت المنظمة أن العراق كان الأسوأ بين الدول العربية، فيما جاءت أيسلندا الأحسن عالمياً وسلطنة عمان الأفضل عربياً .وفي عام 2006 احتل العراق المركز الثاني في تقرير منظمة الشفافية العالمية حول أكثر الدول فساداً في العالم، وذلك عندما جاء بالمرتبة 160الـ ، فيما كانت الإمارات الأولى عربياً بالمرتبة 31، وتقاسمت كل من فنلندا وآيسلندا ونيوزيلندا المرتبة الأولى بين أنزه الدول في العالم، وتضمن عدد الدول المستقصى عنها في هذا العام 163 دولة حول العالم .عام 2007 جاء العراق في المرتبة الثالثة الأكثر فساداً بالعالم، فيما كانت الدنمارك الأكثر شفافية بالعالم تليها فنلندا. عام 2008 حلّ العراق بالمرتبة الـ 179 إلى جانب ماينمار بعد أن حصل على درجة 1,3 من عشرة وفق مقاييس النزاهة الدوليّة، وليأتي بالمرتبة الثانية بين الدول الأكثر فساداً في العالم، تليه فقط الصومال التي حصلت على 1,0. في عام 2009 ظلّ على درجة العام الماضي 1,3ولم ينزل عنها، محتلاً ذات المرتبة التي حصل عليها في العام 2008. إن الفساد الواسع في العراق المحتل ليس فسادا إداريا او فسادا ماليا بحد ذاته, بل هو ظاهرة سياسية مقصودة وسياسة منهجية للمحتل والحكومة الطائفية والعنصرية المنشأة في ظل الإحتلال. ولقد أشارت منظمة الشفافية الدولية الى الطبيعة السياسية للفساد في العراق وإمكانية إحتوائه بقولها (إن نتيجة العراق تسلط الضوء على أهمية منع الفساد، وتنفيذ سيادة القانون). يقول تقرير الشفافية الدولية ((...تشير الأدلة إلى أن تحسنا بمقدار نقطة واحدة، من أصل نقاط المقياس العشرة، يؤدي إلى زيادة تدفقات رأس المال بنسبة 0.5 % من إجمالي الناتج المحلي للبلد وزيادة في نسبة متوسط الدخل بنسبة قد تصل إلى 4 %...)) , وإذا علمنا أن العراق حصل على 1.3 نقطة فقط من أصل عشر نقاط، وأنه قادر على أن يتقدم خمس نقاط لو لم يكن هناك فساد سياسي،فيمكن تقدير إنعكاسات ذلك على أحوال شعب العراق.إن تخفيض نسبة الفساد في العراق نقطة واحده سيوفر 3.68 مليار دولار، وهذا المبلغ كاف لإنشاء محطات طاقة كهربائية تجعل العراق مصدرا للكهرباء لا مستوردا لها. ونقطة ثانية كفيلة بتوفير الماء الصالح للشرب لجميع العراقيين وثالثة لبناء مصافي للنفط تسد حاجة السوق الداخلية وتوفر فائضا للتصدير، ورابعة لإعادة بناء الصناعة الوطنية وخامسة لتحسين التعليم والصحة والمواصلات. هذا بخصوص ما سرقة الفاسدون في عام واحد، وإذا أضفنا الى ذلك موارد العراق المسروقة منذ الإحتلال، والتي قدرها نائب رئيس هيئة النزاهة القاضي موسى فرج بـ (250) مليار دولار، نستطيع أن نقدّر ابعاد جريمة الإبادة التي ترتكب بحق شعب العراق. أن درجة الفساد في الدول ترتبط بمستوى الدخل، فالدول ذات الدخل القومي المرتفع هي الأقل فسادا والعكس بالعكس. وهذه قاعدة مستقرة في تفسير ظاهرة الفساد، فالدول العشر الأولى الأقل فسادا، وهي الدانمرك والسويد ونيوزيلانده وسنغافورة وفنلنده وسويسرا وأيسلنده وهولانده وأستراليا وكندا، يتراوح فيها معدل الدخل القومي بين 70000 - 45000 دولار للفرد الواحد، بينما تسع من الدول العشرالأكثر فسادا هي الدول ذات الدخل القومي الأكثر إنخفاضا (بحدود 500 دولار للفرد الواحد) وهي الصومال وماينمار وهايتي وأفغانستان والسودان وتشاد وغينيا وغينيا الإستوائية والكونغو الديمقراطية. أما العراق، ثاني أفسد دولة في العالم، فقد كان الإستثناء الصارخ لهذه القاعدة. فالعراق يبلغ دخله القومي السنوي لعام 2008 أكثر من 82 مليار دولار منها سبعين مليار دولار واردات النفط. وهذا يعني أن معدل دخل الفرد العراقي السنوي هو بحدود 3000 دولار، وإن إحتلاله أسفل القائمة مع ماينمار والصومال يعني أن عوامل أخرى غير ضعف الدخل وغير الفساد الإداري التقليدي هي التي أوصلت العراق الى هذه الدرجة من الفساد، خاصة إذا ما أخذنا في الإعتبار أن الفساد الإداري والمالي كان، عبر تاريخ العراق الحديث، ظاهرة هامشية سرعان ما تلاشت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وأصبح العراق البلد الأكثر نزاهة في العالم الثالث. ثم جاءت فترة الحصار 1990-2003 حيث شهد الدخل القومي هبوطا مريعا، ومع ذلك إنحصر الفساد في مستويات محددة لبعض مؤسسات الدولة ولم يصبح ظاهرة طاغية لوجود قيادة سياسية نزيهة تحارب الفساد ولإرث شعب العراق من القيم الدينية والوطنية التي تنبذ الفساد. وهكذا كان المضطر من المواطنين يبيع اثاث بيته لينفق على عائلته، ولم يسرق ولم ينهب ولو رجعنا الى النسب المسجلة من منظمات ولجان واقسام خاصة بحقوق الانسان والمراصد الخاصة بمنظمات العفو الدولي والمفوضية التابعة للامم المتحدة لوجدنا ارقاما كارية تكشف حجم الهجمة الشرسة، التي وجهت ضد بلدنا، فمثلا يوجد الآن خمسة ملايين طفل يتيم في العراق كما يوجد خمسمائة الف مشرد منهم وتوجه نحو مليون منهم الى العمل، كما ان 28% منهم يعانون سوء التغذية و10% مصابون بامراض مزمنة واكثر من 40% من دون رعاية صحية، وازدياد حالات التشوه المزمن يصل الى 15 ضعف عما كان في الاعوام الماضية وخاصة في مدينة الفلوجة، كما ادى ذلك الى ارتفاع حالات السرطان في مقتبل الحياة، وان من بين 170 حالة ولادة توفي 24% منهم خلال سبعة ايام و75% كانوا مشوهين. ولو قارننا مثلا في عام 1991 الذي تم فيه القضاء على الامية ونسبة الأميين الان والذي بلغ فيه عدد الأميين من الاطفال اكثر من 5 مليون طفل عراقي أمي لا يذهب الى المدراس , كما ان هناك (32.425) طالبا مسجلا بشكل رسمي خلال العام الدراسي الماضي مقارنة (49.132) خلال عام 2007 - 2008 وان هذا يعني ان اقل من 30% من التلاميذ يذهبون الى المدارس. انها ابشع هجمة يتعرض اليها العراق بحيث تحول فلذات اكبادنا الى هدف للنيل من وطننا وتحويله الى مجاعة كما اكدت الامم المتحدة في لجنة حقوق الانسان أن اكثر من 25% من اطفال العراق يعانون عدم توفر الطعام مما يسبب سوء التغذية وان اكثر من مئة الف طفل عراقي لقوا حتفهم منذ بداية الغزو، كما جاء في دراسة مدير برنامج الطوارئ في رعاية الطفل التابع للامم المتحدة ان ما يقرب من 2 مليون طفل هم مهجرون او لاجئون خارج العراق حيث يشكلون نصف اللاجئين في الخارج وبلغ عدد الاطفال المعاقين اكثر من 900 الف طفل معاق. وتشير تقارير منظمة اوكسفام البريطانية الدولية إلى أن نسبة العراقيينن الذين لا يستطيعون شراء الطعام الكافي لهم تبلغ 15%. , وطبقاً لنتائج الدراسة التي أعدها الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الموسومة (خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق) نشر أواخر عام 2006م، فإن ما يقرب من 31 % من الأسر و34 % من الأفراد يعانون من الحرمان. وذكرمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في عام 2006 دراسة له بعنوان (الاقتصاد العراقي بعد 3 أعوام من الاحتلال), الى انه يعيش ما يقرب من ثمانية مليون عامل عراقي على أقل من دولار واحد يوميًا، وفي ظل تلك الظروف فإن التضخم المتوقع في الاقتصاد سوف يزيد من حالات سوء التغذية التي وصلت بالفعل إلى أرقام مروعة. فقد أظهر استقصاء نشر في نوفمبر 2004 أن سوء التغذية المزمن في فترة الطفولة قد تضاعف بعد الغزو الأمريكي إلى7.7%، بينما يعاني ربع أطفال العراق على الأقل من درجة ما من سوء التغذية. اما بالنسية الى ظاهرة البطالة المتفشية في عراق الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي ,فلا توجد إحصائيات مؤكدة عن حجم البطالة في العراق الآن لكن التقارير الرسمية تشير إلى أن البطالة كانت قبل الحرب تشكل نسبة 30% من مجموع القوة العاملة أما الآن تفوق 60% وذلك بسبب الحرب الأخيرة على العراق وما تلاها من خراب ودمار في البنية التحتية للاقتصاد العراقي ناهيك عن الوظائف التي اقتصرت على مجاميع معينة ضمن إطار المحسوبيات والمنسوبيات… الخ. وكشفت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية عن تقرير أميركي للمفتش العام لإعادة إعمار العراق أن ما قيمته 38 مليون دولار من الجهود الأميركية لوضع نظام محاسبة يعتمد على الكومبيوتر ذهبت أدراج الرياح، في العراق وفي قطاع وزارة واحدة وهي وزارة المالية , ووفقا للتقرير الأمريكي ، فإن ما يقرب من نصف المموظفين الحكوميين لا يلتحقون بأعمالهم يوميا، وكثير منهم لا يعملون أكثر من ساعتين أو ثلاثة كل يوم. وتشير واشنطن بوست في هذا الاتجاه إلى أن تقييم السفارة الأميركية وجد أن ثلث الوزارات المدنية العراقية تعاني من مشكلة الموظفين الأشباح وهم الأشخاص الذين تدفع لهم المرتبات لكنهم لا يأتون مطلقا إلى العمل. وقد رصد الفساد في العراق من قبل المنظمات الدولية وصدرت عدة تقاريردولية و أميركية صدرت من جهاتٍ عليا أكدت وجود عمليّات فساد كبيرة داخل مؤسّسات ما يسمى بالحكومة العراقيّة المنصبة من قبل الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي. ففي أيار من العام 2004م صدرت وثيقة داخلية عن البنتاغون تؤكّد (اختفاء ملايين الدولارات من الخزنة العراقية في نيسان من ذات العام على نحوٍ مفاجئ).وتكشف الوثيقة أن شركة اوراسكوم التي فازت بعقد شبكة الهاتف النقال في ذلك العام دفعت رشاوي تصل إلى 21 مليون دولار لستة أشخاص من بينهمإبراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي وقتها، إذ تلقى 3 ملايين دولار، كما حصل وزير النقل آنذاك "حيدر العبادي" على مبلغاً مماثلاً ,وفي عام 2006 أعلنت وزارة العدل الأميركيّة إن (ستاين الذي كان يتولى منصب أمين صندوق لدى السلطة المؤقتة في العراق منذ كانون الأول 2003 اعترف بأنه اختلس مع مسؤولين آخرين مليوني دولار من الأموال المخصصة لإعادة اعمار العراق).بينما تجاوزت قيمة الرشاوي التي تقاضاها ستاين مليون دولار نقداً وعلى شكل سيارات ومجوهرات واغراض قيمة اخرى مقابل منح عقود لاعادة الاعمار في الحلة بجنوب بغداد. نهاية عام 2007 كان هناك أميركي حكومي يشير إلى فشل وزارة الخارجية الأميركية في تحديد مصير 1.2 مليار دولار رصدتها لشركة DynCorp الدولية للتعهدات من أجل تدريب عناصر الشرطة العراقية.وفي شهر آب من ذات العام واجهت الحكومة البريطانية أسئلة صعبة من مجلس العموم البريطاني بشأن صفقة سلاح قيمتها أكثر من مليار دولار أبرمت مع العراق، تورّطت فيها شركة بريطانية مرخـّصة التي قامت ببيع بنادق آلية الى مسؤول عراقي, في تشرين الثاني العام ذاته ذكرت الواشنطن بوست نقلاً عن تقرير أميركي للمفتش العام لإعادة إعمار العراق يؤكد فيه الفساد الإداري الواضح والكبير في العراق. وأكد التقرير أن ما قيمته 38 مليون دولار من الجهود الأميركية لوضع نظام محاسبة في وزارة المالية العراقية يعتمد على الكومبيوتر ذهبت أدراج الرياح، لأن الوزارة ما تزال تستخدم النظام الورقي في المحاسبة. المفتش العام ستيوارت بوين أكد في تقريره أن أحدا ما في وزارة المالية العراقية – التي يديرها بيان جبر صولاغ وزير الداخلية السابق في حكومة الجعفري ووزير المالية حالياً في حكومة المالكي - لم يلاحظ أن البرنامج الإلكتروني لم يعمل منذ شهر، مشددا على أن لا أحد في هذه الوزارة يـُعتمد عليه في إصدار التقارير عبر استخدام الحاسبات الإلكترونية. تقرير بوين يأتي بعد أن أفصح مكتب المحاسبة الأميركي في مستهل الشهر نفسه تشرين الاول عن أن 8 ملايين دولار أنفقت على تدريب نحو 500 موظف حكومي عراقي في مختلف الوزارات لاستخدام النظام الإلكتروني، غير أن وزارة المالية رفضت التخلي عن نظامها الورقي.وتبرز الصحيفة تأكيد مكتب المحاسبة الأميركي في تقريره الأخير بأن هذا الإعراض من وزارة المالية تجربة ليست فريدة من نوعها، إذ أن هذا المكتب سبق أن أنفق في السنتين الماضيتين 300 مليون دولار لتطوير قدرات الوزارات العراقية. فضلاً عن تخصيص 255 مليون دولار للسنة القادمة، لكن التقدم على الرغم من هذا الإنفاق توقف بسبب استشراء الفساد وندرة الموظفين الأكفاء، واستفحال التعيين الوظيفي على أساس سياسي وطائفي. في شهر آذار من عام 2008 نشرت صحيفة النيويورك تايمز خبراً مفاده (أن النفقات العسكرية العراقية بلغت 7.5 مليار دولار، متجاوزة بذلك إنفاق الأميركان على الجيش الحكومي البالغ 5.5 مليار دولار). وفي أوائل العام 2010 أوقفت الشرطة البريطانية رجل الأعمال جيم ماكورنيك (53 عاما) مدير شركة ايه تي اس سي بشبهة الاحتيال بعد بيعه أجهزة كشف المتفجرات إلى العراق، بالتزامن مع إصدار قرار يمنع تصدير منتجات هذه الشركة من تلك الأجهزة.ويأتي القرار البريطاني بعد أن أثبتت تلك الأجهزة عدم فاعليتها، لكن وعلى الرغم من ذلك فقد بيعت تلك الأجهزة إلى العراق في صفقة وصفت بـالمشبوهة، ولازالت الأجهزة الأمنيّة العراقيّة مصرّة على استخدامها في نقاط التفتيش. تحدث ديفيد نوسبوم المدير التنفيذي لـمنظمة الشفافية الدولية عن الفساد في العراق قائلاً ((...هذه النتائج تشير إلى ان الفساد في العراق متفاقم، وهذا ليس فقط عائد لانهيار الأمن كما يروج له بل أيضاً للمعايير المزدوجة في المراقبة والتوازنات وتطبيق القانون وعمل المؤسسات الرسمية...)). إن أخبارا عن الفساد داخل مؤسسات السلطة التنفيذية في عراق ما بعد الغزو، هي أكثر مأساوية وفزع من كل أخبار التفجيرات الانتحارية وعمليات العنف والقتل، ذلك أن أعمال العنف مهما طالت، فلا بد لها من نهاية وأمرها يرتبط بتصفية ملفات عديدة والانطلاق في مصالحة وطنية حقيقية وجعل الشعب العراقي يقتنع بالمشروعية السياسية الحاكمة، بالإضافة إلى تعاون دول الجوار. وكل هذه الشروط رغم ضخامتها وصعوبة تلبيتها في الوقت الراهن بسبب تشابك الوضع في المنطقة وتعقده، إلا أنها لا تقارن على ما يبدو مع صعوبات القضاء على الفساد وتبديد آلياته ومسانديه وأربابه. فالعراق الذي قيل إنه سيكون أنموذجا للديمقراطية والشفافية، و بعد أكثر من سبع سنوات من الغزو والموت والقتل والعنف والتهجير والاغتصاب اصبح اكثر دولة فاسدة في العالم. والذي يزيد الطين بلة أن الفساد يتفشى في تجاهل تام لحقوق العراق من اغتصاب اراضيه وحقوله النفطية سواء من الكويت او من ايران. ومن المؤكد ان دولة الاحتلال الامريكية هي السبب الرئيسي في الفساد الإداري والمالي الذي حل بالعراقيين من خلال الحكومات التي شكلتها امريكا ومن خلال قوات الاحتلال الموجودة. ومن جهة أخرى أوت السفارة الأميركية عشرات الأسماء ومن ثم أخرجتهم خارج العراق من خلال جوازاتهم الأميركية, فالاحتلال عاون الفساد وبشكل كبير بل أيده، وشخصيات عينوا من قبل بريمر في هذا الجانب لمدة خمس سنوات لا تقدر الحكومة العراقية على إنهاء عقدهم والآن يتمتعون بحصانة وبمميزات مالية وإلى يومنا هذا. في الجزء القادم سنحاول تسليط الضوء على الفساد في وزارة الصحة العراقية والاحوال الصحية المزرية التي آلت اليها . ـ يتبع ـ | |
|