[color=darkblue]نشرت جريدة "الوطن" البحرينية دراسة مهمة عن "الفكر السياسي الإيراني المعاصر" للأستاذ الدكتور عبد الستار الراوي وعلى أجزاء، ولأهميتها ننشر القسم الأول منها، ثم نتبعه بالأجزاء الأخرى[/color]
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: [color=darkblue]نشرت جريدة "الوطن" البحرينية دراسة مهمة عن "الفكر السياسي الإيراني المعاصر" للأستاذ الدكتور عبد الستار الراوي وعلى أجزاء، ولأهميتها ننشر القسم الأول منها، ثم نتبعه بالأجزاء الأخرى[/color] الجمعة أبريل 29, 2011 1:56 am
نشرت جريدة "الوطن" البحرينية دراسة مهمة عن "الفكر السياسي الإيراني المعاصر" للأستاذ الدكتور عبد الستار الراوي وعلى أجزاء، ولأهميتها ننشر القسم الأول منها، ثم نتبعه بالأجزاء الأخرى.. سفير عراقي سابق لدى طهران: ولاية الفقيه أيقظت شعارات الإثارة والتهييج والطائفية الذميمة "العدوان المتعمد" سلاح أيديولوجي ضد أمن الشعوب الإسلامية منتدى" ملاك صدام حسين الثلاثاء 26 نيسان 2011 قال أستاذ الفلسفة وتاريخها في جامعة بغداد سابقا، آخر سفير عراقي في إيران قبل الاحتلال الأمريكي د.عبد الستار الراوي إن ولاية الفقيه أيقظت شعارات الإثارة والتهييج والنداءات الطائفية الذميمة، وأنها تشهر سلاحها العنصري بوجه الشعوب الإيرانية غير الفارسية، بهدف استلاب هويتها القومية وسحق تراثها الحضاري. وأضاف الراوي، في دراسة أعدها لـ"الوطن" أن ولاية الفقيه لم يعد بوسعها إلا أن تجتذب تقاليد الدم والموت والعدم من القرون العتيقة، فيصبح "الغزو المسلح" و"العدوان المتعمد" سلاحاً أيدلوجياً ضد الأمن الوطني للأمة العربية، وضد عموم الشعوب الإسلامية الأخرى تحت دعاوى مضللة. وأكد أن ولاية الفقيه عملية سياسية، الهدف منها إقرار "الحق المقدس" بتمكين رجل الدين من الانفراد بالسلطة، والهيمنة على الحكم، عن طريق إعادة تشكيل نظرية "التفويض الإلهي" و"تأليه الحاكم"، الأمر الذي يترتب عليه تحطيم مبدأ المساءلة بين الحاكم والشعوب. في الجزء الأول من دراسته حول "الفكر الإيراني السياسي المعاصر".. د. عبد الستار الراوي : • ولاية الفقيه أيقظت شعارات الإثارة والتهييج والنداءات الطائفية الذميمة • القيادة الإيرانية تشهر سلاحها العنصري بوجه الشعوب غير الفارسية • لم يعد بوسع ولاية الفقيه إلا اجتذاب تقاليد الدم والموت من القرون العتيقة • "العدوان المتعمد" يستخدم كسلاح أيديولوجي ضد الأمن الوطني للأمة العربية • "الخمينية" تصر على مغادرة الزمان وتقذف بنفسها خارج العصر والتأريخ • "الثيوقراطية الخمينية" تهدف إلى إشعال الحروب وتحطيم المحبة في القلوب • الإرادة المغامرة لولاية الفقيه شريرة ومناهضة لفضائل الإسلام وأخلاقيات الأمم • كلاميات الخميني ومشروعاته السياسية ألصق ما تكون بالمعتقدات البدائية الباطلة • الإسلام يتعزز بالعلم وحرية الفكر للآراء المعارضة ومواجهتها بالحوار وبالمنطق • "الولاية المطلقة" تقدم على طبق اللاهوت السياسي لتكريس مصالح الطبقة الثيوقراطية • ولاية الفقيه عملية سياسية لتمكين رجل الدين من الانفراد بالسلطة والهيمنة على الحكم • إعادة تشكيل نظرية "التفويض الإلهي" وتحطيم مبدأ المساءلة بين الحاكم والشعوب قال د. عبدالستار الراوي أستاذ الفلسفة وتاريخها في جامعة بغداد سابقاً وآخر سفير عراقي في إيران قبل الاحتلال: إن ولاية الفقيه أيقظت شعارات الإثارة والتهييج والنداءات الطائفية الذميمة، واعتبرت نفسها التجربة الوحيدة المعبرة عن روح الإسلام، وما عداها من تجارب الأمم والشعوب الأخرى، تجارب كافرة ودخيلة، في الوقت ذاته الذي تشهر فيه سلاحها العنصري بوجه الشعوب الإيرانية (غير الفارسية)، بهدف استلاب هويتها القومية وسحق تراثها الحضاري. وأضاف-في دراسة أعدها لـ"الوطن"- أن ولاية الفقيه لم يعد بوسعها إلا أن تجتذب تقاليد الدم والموت والعدم من القرون العتيقة فيصبح "الغزو المسلح" و"العدوان المتعمد" سلاحاً أيديولوجياً ضد الأمن الوطني للأمة العربية، وضد عموم الشعوب الإسلامية الأخرى تحت دعاوى مضللة. وأكد أن "الخمينية" تصر على مغادرة الزمان التأريخي وتقودها خطاها المثقلة بأوهام الدولة الكونية، إلى الأعماق الواطئة فتقذف نفسها وتجربتها خارج العصر والتأريخ، وإن إرادة الثيوقراطية وذرائعها وأهدافها تتمثل في: إشعال الحروب، زرع الموت، تشويه حقائق الإسلام، تحطيم المحبة في القلوب وإطفاء أنوار العقل. ولا يمكن لهذه الإرادة المغامرة إلا أن تكون إرادة شريرة مناهضة عن عمد وإصرار لفضائل الإسلام وأخلاقيات الأمم. وقال إن كلاميات الخميني ومشروعاته السياسية، ألصق ما تكون بالمعتقدات البدائية الباطلة، فولايته العالمية، التي يبشر المسلمين بدخول جنتها، لا تقوى على أن تحرر نفسها من وهم الوصاية الكونية،... فالإسلام. لا "ولاية فقيه" يتعزز بقوة واحدة فقط هي "العلم" ومنح "حرية الفكر" للآراء المعارضة ومواجهتها بالحوار وبالمنطق العقلاني، وبالفهم الصحيح للشريعة ومقاصدها الأساسية. وأوضح أن هذه "الولاية المطلقة" تقدم على طبق اللاهوت السياسي، بقصد تكريس مصالح الطبقة الثيوقراطية، وتوطيد سلطاتها، وقبل كل شيء إحكام قبضتها على المجتمع، "لبث الهلع في قلوب الناس". وأكد أن ولاية الفقيه ليست إلا عملية سياسية، الهدف منها إقرار "الحق المقدس" بتمكين رجل الدين من الانفراد بالسلطة، والهيمنة على الحكم، عن طريق إعادة تشكيل نظرية "التفويض الإلهي" و"تأليه الحاكم"، الأمر الذي يترتب عليه تحطيم مبدأ المساءلة بين الحاكم والشعوب. ماذا تريد إيران؟ وقد بدأ د.الراوي دراسته بالتساؤل: ماذا تريد إيران من الوطن العربي؟ واستطرد قائلاً: "الجنة الوارفة الظلال لمعذبي الأرض"، "سفينة الخلاص لإنقاذ البشرية من عذاباتها اليومية، ومن شرور الطواغيت والظلمة، "أمل المستضعفين"! "مدينة الفقراء الفاضلة"!! هكذا وصف "ولاية الفقيه" كاتب أوراقها، وبهذا المنطق"السحري" أيضاً يروج منظروها لإلهامات الخميني وخطراته، فيدعون العالمين: أهل المشرق وسواد الغرب، إلى إقامة "الجنة الإيرانية" على جغرافية الأرض الخضراء من الدار البيضاء حتى إندونيسيا.. إن كلاميات الخميني ومشروعاته السياسية، ألصق ما تكون بالمعتقدات البدائية الباطلة، فولايته العالمية، التي يبشر المسلمين بدخول جنتها، لا تقوى على أن تحرر نفسها من وهم الوصاية الكونية، فهي أقرب إلى الحكاية الميثولوجية، إذ لا يثور أحد على السلطان ولا يقترب من قصره إنس ولا جان. فليس ثمة حقوق لمواطني الولاية، غير واجبات تنفذ، وأوامر تطاع، ومصير معلوم بالرجم حتى الموت، لكل من يملك رأياً مستنيراً أو ينشد أغنية، أو يحمل كتاباً. وليس ثمة من يؤمن أو يعتقد بأن حماية تجربة شخصية مثل "ولاية الفقيه" تجيز منع حرية التعبير عن المعتقدات الدينية والسياسية الأخرى. العلم وحرية الفكر فالإسلام "يتعزز بقوة واحدة فقط هي "العلم" ومنح "حرية الفكر" للآراء المعارضة ومواجهتها بالحوار وبالمنطق العقلاني، وبالفهم الصحيح للشريعة ومقاصدها الأساسية. ولو كان المسلمون في صدر الإسلام يذبحون كل مخالف لهم لما كان لغيرهم وجود بين المسلمين اليوم. وقد برهنت السنوات الثلاثون الفائتة على أن "ولاية الفقيه" خلافاً لما روجته الإعلاميات الإيرانية، أو لما اعتقده مريدوها، أو أملوا في أيامها الأولى، ليست أكثر من زهرة نبات الخروع، تنمو وتذبل وتسقط أوراقها واحدة إثر أخرى، إنها في الأحوال كلها، مجرد ثورة من المراسيم والطقوس والنداءات الصاخبة.. فهي التجربة التي دشنت أيامها الأولى بحرب عدوانية ضد العراق ومازالت منذ عام 1979 وحتى عام 2011 ترفع شعاراتها الفاشية ضد أمن الخليج العربي وسلامته، بحثاً عن "مجال حيوي" لتوسيع رقعة "ولايتها السياسية". في الوقت ذاته الذي توجه سخطها العسكري المحموم ضد الشعوب الإيرانية وقواها الوطنية والقومية وتستمر في قتل الثوار والشعراء والأطفال.. تصور ميتافيزيائي كلي ولاية الفقيه، تنبثق عن تصور ميتافيزيائي كلي، يرى أن من حق الفقيه الإيراني أن يتمتع بـ(ولاية) عامة تخضع لها الموجودات الثابتة والمتحركة كلها على سطح الأرض. وسلطة مطلقة على جميع البلاد والعباد كونه "الوصي" و"القائم" على شؤون المسلمين الذي ادخرته العناية الإلهية في غيبة إمام الزمان. وقد أكد الدستور الإيراني في مادته الثانية هذه الوصاية، فنص على "ولاية الأمر والأمة لفقيه". إن هذا التصور الكلي لدور الفقيه وصلاحياته العامة روحياً ودنيوياً، يجعله: حجة مطلقة، ومصدر السلطات، نائباً لله، والوصي الأوحد على الإسلام والمسلمين. حاكماً متألهاً. ناطقاً باسم السماء. يدعي لآرائه: "العصمة"، ولاجتهاداته: "اليقين". ولأحكامه: "الكمال". ولتقديراته: "الإطلاق والضرورة". وبموجب المواد (٥٧، ١٠٧، ١١٢) من الدستور أيضاً: فإنه المصدر الأعلى للسلطات الثلاث: التشريعية، التنفيذية، القضائية، وهو القائد الأعلى للجيش والمسؤول الأوحد عن تعيين الضباط وعزلهم، وهو القادر على إلغاء السلطة وتغيير كل قرار أو حكم قضائي، أو تقديم من يشاء للمحاكمة، كون الأحكام تابعة له، وليس العكس، فهو فوق الأحكام والقانون. إزاء ذلك يصبح "الفقيه" الآمر الناهي في أي "موقف" أو "قرار"، أو " رأي" وعلى مختلف الأصعدة: السياسة، الاقتصادية، الاجتماعية، الدينية. فهو إمام الزمان، وأمام الدين معاً، وتنتهي بين يديه الحدود كلها، وببركاته تنهض الحياة. وتقدم هذه (الولاية المطلقة) التي لا حدود لها ولا نهاية. على طبق اللاهوت السياسي، بقصد تكريس مصالح الطبقة الثيوقراطية، وتوطيد سلطاتها، وقبل كل شيء إحكام قبضتها على المجتمع، "لبث الهلع في قلوب الناس". فهذه النظرية بفصولها النظرية وتدبيراتها العملية كلها لم تتخط دائرة الأساطير والتأويلات السياسية، أراد كاتبها، إقامة دولة مترامية الأطراف ذات طابع كوني، بدعاوي "قدسية الفقيه"، "الحاكم العادل" الذي أراد أن يرى الإيرانيون فيه" (صورة الله على الأرض). ومن أجل هذه الغاية، ابتدع حملة اللاهوت السياسي، تبريراً إضافياً يضمن لهم سطوتهم على رقاب مسلمي إيران، فزعموا بأن" الولاية" حجة ربانية، وأحكامها، نافذة، لا تقبل النقض أو المراجعة. فالولاية، مكتفية بذاتها، مبررة لوجودها، اقتضت حكمة السماء قيامها، ليست تحتاج إلى أحد سوى مرشدها الأول، الوكيل عن الله في الأرض لا عن جماهير المسلمين، إن هذا التصور الشامل (للحاكمية المتألهة) يقضي بالضرورة إلى (كلية مطلقة) تنحل معها الجزئيات والشذرات والتفاصيل كافة، لتخضع بموجبه الموجودات الكونية كلها، لإرادة الفقيه الإيراني، مما ينتج عنه، جبرية صارمة، يتحول فيها الإنسان إلى رقم رياضي فارغ (صفر على جهة الشمال)، فالقهر الجبري، ينفي حرية الرأي ويمنع الاعتراف بالآخرين. ويلغي أشكال الحرية الإنسانية كافة. وإزاء ذلك فولاية الفقيه، في نصوصها الفكرية، وتجربتها التطبيقية ليست إلا عملية سياسية، الهدف منها إقرار (الحق المقدس) بتمكين رجل الدين من الانفراد بالسلطة، والهيمنة على الحكم، عن طريق إعادة تشكيل نظرية (التفويض الإلهي) التي تمنح الخميني (الحق المقدس) في بسط مشروعه على إيران، وهنا جاء (تأليه الحاكم) الأمر الذي يترتب عليه، تحطيم مبدأ المساءلة بين الحاكم والشعوب، ومن ثم كفر كل من لا يؤمن بولاية الفقيه وبقراراتها المقدسة. إقصاء "النسبية" و"العقلانية" وفي مقابل صفة (القداسة) التي أضفيت على التجربة الإيرانية وعلى مرشدها، تم إقصاء "النسبية"، "العقلانية" و"العلمية" و"الديمقراطية". فيما أيقظت"الولاية" شعارات الإثارة والتهييج والنداءات الطائفية الذميمة، واعتبرت نفسها التجربة الوحيدة المعبرة عن روح الإسلام، وما عداها من تجارب الأمم والشعوب الأخرى، تجارب كافرة ودخيلة!! في الوقت ذاته الذي تشهر فيه "الولاية" سلاحها العنصري بوجه الشعوب الإيرانية كلها (غير الفارسية)، بهدف استلاب هويتها القومية وسحق تراثها الحضاري، فضلاً عن امتلاء قادتها بالأحلام التوسعية السود تحت شعار "الحرب المقدسة" لإقامة "دولة العدل العالمية" التي تبتدئ أولى خطواتها صوب بغداد، فيكون العراق والخليج العربي واحداً من أقاليمها الأساسية بزعم: "الأقربون أولى بالمعروف"!! فكانت الحرب العدوانية "واحدة من احتجاجات الثيوقراطية ضد التجربة العربية في العراق تعبيراً عن ذاتها المضطربة والعاجزة عن إقامة علاقة سوية مع الأمة العربية، فلم يعد بوسعها إلا أن تجتذب تقاليد الدم والموت والعدم من القرون العتيقة فيصبح "الغزو المسلح" و"العدوان المتعمد" سلاحاً أيديولوجياً لشق الطريق أمام الحركة الدينية - السياسية ومنظماتها الرجعية بقصد تنظيم صفوفها وتعبئة قواها الفاشية ضد الأمن الوطني للعراق والأمة العربية، وضد عموم الشعوب الإسلامية الأخرى تحت دعاوى مضللة: إنقاذ المستضعفين، و"تصدير الثورة"!! وإذ تفعل الخمينية ذلك كله، فإنها تصر على مغادرة الزمان التأريخي وتقودها خطاها المثقلة بأوهام الدولة الكونية، إلى الأعماق الواطئة فتقذف نفسها وتجربتها خارج العصر والتأريخ. الثيوقراطية وذرائعها وأهدافها إن إرادة الثيوقراطية وذرائعها وأهدافها في: إشعال الحروب، زرع الموت، تشويه حقائق الإسلام، تحطيم المحبة في القلوب، إطفاء أنوار العقل. لا يمكن لهذه الإرادة المغامرة إلا أن تكون إرادة شريرة مناهضة عن عمد وإصرار لفضائل الإسلام وأخلاقيات الأمم كلها، تقف بالضد تماماً من الإرادة العامة، إرادة الشعوب، وقوانين الحياة والحرية والمستقبل. فالإرادة العامة هي مشيئة الحقيقة الدائمة، إجماعها لم يضلل أحداً في الماضي، ولن يضلل أحداً اليوم وفي المستقبل، لأنها وحدها القادرة على حكم العقل، واستيعاب فقه الدين وقوانين العلم، وشروط الحياة، وحركة التأريخ. لذلك فإن"الخمينية" التي لم تعد تصغي إلا لانفعالات وجدانها السياسي الهابط، ومعتقداتها الفظة لا يمكن أن تضعها في النهاية إلا في خانة أعداء الجنس البشري، وفي دائرة الزراية الدائمة، واللعنة الأبدية التي يستحقها كل من يحاول أن يقفز فوق أماني الشعوب ويسحق حقوقها الثابتة، ويحرف عقيدتها، ويلقي بجحيم الحرب فتيانها وأطفالها. وليس لمثل هذه الظاهرة "الرثة" من فرصة أمام المستقبل وقوانين التأريخ إلا ضرورة حتمية واحدة، يفرضها مبدأ "تراكم الظلم". فتحت قوقعة الدكتاتورية المؤلهة وفي ظل إرهابيتها. وحربها العدوانية، تتشكل المقاومة الثورية التي تنمو نضالاتها في إيران كل يوم، وهي لن تقبل الأغلال الخمينية إلى ما لا نهاية، وسوف تصل مهماتها إلى التغيير الحتمي طلباً للحرية، والسلام، وتحقيقاً للعدالة المفتقدة، وإقرار مبدأ حسن الجوار والتعايش السلمي مع الأمم. عالم ما تحت الأرض إن الإنسان العربي الذي يناضل من أجل ازدهار العقل والعلم والإنسان، ويؤمن بأن الإسلام هو جوهر العروبة وحقيقتها الدائمة، وهو دين المحبة والسلم والتضامن، يؤمن أيضاً بأن "الولاية" الخمينية شأنها شأن غيرها من الظاهرات الطارئة على الحياة الإنسانية التي تريد أن تعود بالإسلام والمسلمين إلى عالم ما تحت الأرض والضوء والحياة، عالم الجهل والظلمات وأحجية السيمياء، لا يمكن لمثل هذه الظاهرة المدججة بالخناجر والأساطير الملوثة بالدم الإنساني، والغارقة بالخرافات حتى أذنيها، لا يمكن لها إلا أن تسقط أمام عقل الإنسان وبسالة فكره المسلح بالتأريخ والثورة والحكمة والسلام. تبتدئ نصوص ولاية الفقيه –بيانها الأول– بنداءات حركية ولغة حماسية، وإيقاع مثالي صوب الهدف السياسي المباشر، مع التقليل من شأن العبادات واعتبار الحكومة الإسلامية من الكليات: "الإسلام كله، وأهدافه كلها، وبرنامجه التشريعي الجامع المانع". جاء في الصفحة الثامنة بصدد حديثه عما أوحاه الاستعمار للمسلمين عن دينهم بأنه: (يعنى فقط بأحكام الحيض والنفاس. (1) وفي الصدد ذاته وبالمعنى نفسه يردد مرة أخرى في (ص11). الإسلام عبارة عن مجموعة أحكام الدين والنفاس. (2) وعلى (ص20) يعيد للمرة الثالثة عبارته القائلة: إن أهل العلم في زوايا النجف وقم يرون فصل الدين عن السياسة وإنهم لا يمارسون سوى دراسة الحيض والنفاس.(3) إن ترجمة الفقه بمدارسه العديدة وتنوعاته الفقهية، وتضييق جهد واجتهاد العلماء واختزالهما على هذا النحو الأحادي القاطع، يوهم بأن الكاتب الإيراني يحمل قدراً من الرؤية الجديدة للإسلام ولأصوله، وأنه جاء ببرنامج يعيد للإسلام نضارته، وللمسلمين وحدتهم بما يرفعهم درجات، ليصل إلى مرتبة "الفعل التاريخي". فيما تكشف نصوص ولاية الفقيه اللاحقة التي يكرسها المرشد في بحثه عن (ضرورة الحكومة) وعن حتمية انبثاق تجربتها، انطلاقاً من مسألتين: الأولى: المنهج النقلي في أضيق اتجاهاته التقليدية ونتائجه المذهبية الصارمة. الثانية: القياس التاريخي الميكانيكي. وبالرغم من أن اعتماد مثل هذا القياس الزائف له ما قد يسوغه في أوساط إسلام الغلو والتعصب، فإن انتفاء الشروط الموضوعية يضعف كثيراً الأدلة التي يتعلق بها الخميني في تثبيت تأملاته السياسية بهذا الصدد. ومن أجل تقديم هذا الفكر على حقيقته وبهدف توضيح قسماته الأيديولوجية، وتحديد أهدافه ومراميه، يتعين تحليل النصوص التي عدّها الكاتب الإيراني حتميات لا تقبل الجدل وتمتنع عن النقض، والتي تضع قضية (الحكم والسلطة والحكومة والدولة) في أولى اعتباراتها. ---------- الهوامش والتعليقات (1) الخميني. ولاية الفقيه. القاهرة 1979. ص 8 (2) الولاية ص 11. (3) الولاية ص 20. الثلاثاء 26 نيسان 2011
[color=darkblue]نشرت جريدة "الوطن" البحرينية دراسة مهمة عن "الفكر السياسي الإيراني المعاصر" للأستاذ الدكتور عبد الستار الراوي وعلى أجزاء، ولأهميتها ننشر القسم الأول منها، ثم نتبعه بالأجزاء الأخرى[/color]