في سبيل البعث الجزء الثاني:(الباب الرابع) لا بد للوحدة من موقف ثوري ونضال يومي:(53)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث الجزء الثاني:(الباب الرابع) لا بد للوحدة من موقف ثوري ونضال يومي:(53) السبت ديسمبر 31, 2011 6:17 am
. في سبيل البعث- الجزء الثاني: الباب الرابع: لا بد للوحدة من موقف ثوري ونضال يومي (53) لقد كان(1) الاتجاه الجديد الذي أتت به الحركة القومية التقدمية منذ حوالي عشرين عاما هو ذلك الدمج بين الثورة القومية والثورة الاجتماعية، بين الفكرة القومية والفكرة الإنسانية، وعلى أساس هذا الفهم الجديد للحركة القومية قام النضال الشعبي الذي قادته الطليعة العربية، منذ عقدين من الزمن. ولقد ادركت الطليعة بسبب ذلك ان العمل للوحدة صعب لا بد له من موقف ثوري ونضال يومي. ولقد كانت هذه الطليعة بالفعل ثورية في نظرتها وعملها عندم تخطت الحدود والفوارق الاقليمية وتخطت كل الصعوبات التي تعترض العمل العربي الموحد، فأقامت تنظيمها على النطاق العربي الشامل. وما تزال هذه الصعوبات تواجهها: فهذه الردة الانفصالية الناشئة عن فشل اول تجربة للوحدة م هي الا صورة للمصاعب الضخمة التي تعترض التفكير والعمل الوحدويين، لا سيم في الصف القومي التقدمي نفسه. اذ ان هذه الردة في احدى صورها تعبير عن التعب الذي ينال احيانا من بعض المناضلين المنادين بالاتجاه القومي التقدمي. عندما تبدو لهم المهمة وكأنها مستحيلة، بينما تجتذبهم سهولة النجاح اذا هم سلموا بالواقع القطري. على ان هذه الردة، وهذا اليأس الذي انتاب الكثيرين، لا يجوز ان ينسين الخطوات التي حققها الاتجاه القومي التقدمي منذ عشرين سنة حتى الان، في طريق تذليل المصاعب وتقريب فكرة الوحدة من أذهان الجماهير الشعبية وحياتها، وإدخال هذه الفكرة في صميم نضالها اليومي من اجل نيل حقوقها الاجتماعية. لقد اعترف الحزب الشيوعي لاول مرة عام 1956، في بيان نشره، بالوحدة العربية كتيار تقدمي شعبي. على انه قال في ذلك البيان مستدركا ان هذه الوحدة من صنع التطور التاريخي ولا فضل فيها لحزب او هيئة او أفراد. ذلك لان الحزب الشيوعي كان دوما في سورية، وفي باقي الاقطار العربية، متجاهلا كل التجاهل فكرة الوحدة والنضال من اجلها وكونها مطلبا شعبيا. وكان يشتبه بكل دعوة للوحدة ويصنفها ضمن الدعوات والمشاريع الاستعمارية. حتى اذا جابهه الواقع القومي القوي لم يجد بدا من الاعتراف به. وهنا نستطيع ان نسأل الحزب الشيوعي: ما عسى ان يكون عليه مصير الوحدة العربية فيما لو وقفت سائر الاحزاب والهيئات والافراد من الوحدة منذ عشرات السنين موقفه هو منها؟ هل كان التطور التاريخي قادرا ان يقود حتما الى تكوين هذا التيار القوي دون اسهام الاحزاب ورجال الفكر وتوجيههم وقيادتهم للنضال الوحدوي؟ وهناك في قلب الصف القومي التقدمي منطق يستخف بالوحدة العربية وكأنه ينتظر لها التحقق بصورة آلية على يد التطور التاريخي دون مساهمة جدية ودون تضحيات ونضال من اجلها. لقد كان عمل بعض الآخذين بهذا المنطق مقتصر على رفض الاشكال والمشاريع غير السليمة للوحدة ، اكثر منه عملا في سبيل نشر فكرة الوحدة وتغذية نضالها والتماس السبل العملية لتحقيقها. ان التطور التاريخي لا يأتي بالوحدة عفوا ومجانا، بل لا بد لها من خلق وتغذية يومية وتوضيح وتثقيف وتنظيم. وهي اكثر الاهداف القومية احتياجا الى ذلك كله، نظرا لانها عمل على مستوى آخر غير المستوى المباشر الذي يواجهه الشعب العربي في اقطار وطنه المجزأ، عمل من فوق الحدود ومن فوق المشكلات المحلية المباشرة. وما دامت كذلك فالمهم اذن هو التحقيق وإخراجها من حيز النظر والفكر والأماني، وتقريبها يوما بعد يوم من إمكانية التحقيق وليست المشكلة الاساسية هي اتقاء شر المشاريع المزيفة والمشبوهة: فالاستعمار والرجعية وجميع اعداء الوحدة قد شغلوا العرب عشرات السنين، وفي امكانهم ان يشغلوهم ايضا سنين طويلة بالمشاريع المشبوهة والزائفة، ليكون العمل العربي كله مقتصرا على الرفض والسلبية، اي على ابقاء التجزئة والضعف والاستغلال. المسألة إذن مسألة صحة الاتجاه القومي التقدمي، مسألة بقائه كحركة وحدوية ثورية في وجه الاتجاه التقدمي اللاقومي ذلك ان الرجعية اعجز من ان تكون للأمة العربية اتجاها فكريا في مرحلة الانبعاث، ولا يهمها اكثر من المحافظة على مصالحها واستغلالها تحت اي ستار فكري، قوميا كان او غير قومي. المسألة هي التالية: هل يمكن ان تبقى في البلاد العربية حركة عربية تقدمية اشتراكية تتسع لأعمق حاجات الشعب العربي الى الثورة الاجتماعية، والحرية والديمقراطية دون ان تكون حركة قومية اي وحدوية؟ ان الردة الانفصالية اليوم عبارة عن مصالح رجعية ومنطق شعوبي واقليمي. وان واجب الحركة التقدمية ان تعود الى جوهر الاتجاه الذي اختطته منذ البداية في مجال القومية العربية، نعني التفاعل بين الثورة القومية والثورة الاجتماعية والعمل لهم عملا مترابطا. ان الطليعة العربية التي قامت بعمل ثوري كبير عندما تلاقت وتوحدت منذ عشرين عاما الى الآن من فوق الحدود الاقليمية ومن فوق عقلية التجزئة ومصالحها، مطالبة اليوم بان تترفع عن الانسياق مع منطق الانفصالية، لكيلا يتشوش وعي الشعب وتتزعزع ثقته عندما يرى الالتباس بين الرجعية والتقدمية، ولكيلا تزيف المعركة وتجزأ القوى النضالية. فالدفاع عن سلامة اتجاه الوحدة وعن مضمونها الديمقراطي في وجه تزييف الحكم الفردي البوليسي لها انما هو واجب مقدس. ولكن له طريقه المختلف عن طريق الرجعية والانفصالية، وله ايضا منطقه الموضوعي ولهجته الرصينة ونظره البعيد. آب 1962 (1) جريدة البعث، العدد 4، آب 1962 منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي – سياسي
في سبيل البعث الجزء الثاني:(الباب الرابع) لا بد للوحدة من موقف ثوري ونضال يومي:(53)