في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الثالث:)حول مبدأ ايزنهاور(42)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الثالث:)حول مبدأ ايزنهاور(42) الأحد يناير 08, 2012 12:41 pm
في سبيل البعث: الجزء الرابع: الباب الثالث: حول مبدأ ايزنهاور(42) طرح مندوب "المساء" على الأستاذ ميشيل عفلق أثناء زيارته لمصر السؤال: بعض البلاد العربية التي قبلته حكوماتها -مشروع أيزنهاور-، وبعد كشف الحوادث والمؤامرات الاميركية في منطقة الشرق العربي... هل ترون انه يمكن انسحاب تلك الدول العربية من المشروع، وانه قضي على المشروع بالفشل فعلا وعملا؟ (1) وقد أجاب عنه الأستاذ عفلق بما يلي: اذا كان مشروع الدفاع المشترك وحلف بغداد قد انتهيا الى ذلك الفشل الذريع المعروف والشعب العربي لم يكن قد انطلق انطلاقته الثورية الجبارة بكل مداها واتساعها ووضوح شعاراتها ودقة منطقها القومي الانساني، وشعوب اسيا وافريقيا لم تكن بعد قد اكتشفت مدى القوة التي تكمن فى اتصالها وتعاونها، فمن الطبيعي ان يكون نصيب مشروع ايزنهاور هذا الفشل نفسه بعد التطور الخطير الذي حققته القومية العربية وفكرة باندونغ ولم يعد ثمة شك في ان ميزان القوى قد تحول، سواء داخل الاقطار العربية او في آسيا وافريقيا تحولا محسوسا في صالح اتجاه التحرر والوحدة والسلم. واذا قصرنا كلامنا على البلاد العربية فيمكن القول بأن هذا الإتجاه الذي تمثله مصر وسوريا كان قبل عام بمثابة الأقلية المهددة بالتطويق من قبل الحكومات الرجعية في الاقطار العربية الاخرى، فى حين نرى اليوم ان الآية قد انعكست الى حد كبير... وان هذه الحكومات الرجعية هي الي تخشى ان تطوق وبالتالي تحاول التراجع والوصول الى حل وسط يقيها الانهيار امام الضغط الشعبي العربي المندفع بكليته وراء الإتجاه التحرري. ولكن الإستعمار الذي لا يزال وراء هذه الحكومات يحاول ان يستغل التقارب الذى حصل بين الحكومات العربية بمناسبة حملة الضغط على سوريا ليحصل على بعض التراجع من قبل مصر وسوريا عن اتجاههما التحرري كثمن للتراجع الظاهري الذي بدأ من الحكومات السائرة مع مشروع ايزنهاور.. واذا عرفنا ان سياسة مصر وسوريا هي سياسة وطيدة الأسس واضحة الاهداف وانها ليست ملكا لمصر وسوريا وحدهما بل هي تعبير عن حاجات وأهداف ونضال الأمة العربية فى كل قطر أدركنا حقيقتين:- الاولى: ان السياسة التحررية ستمضي قدما وتزداد قوة بدلا من ان تتراجع. الثانية: ان الحكومات الرجعية هي التي ستضطر في وقت قريب، ان تنسحب من مشروع ايزنهاور، ليس لان الضغط الشعبي عليها يزداد يوما بعد يوم فحسب، وليس لان قوى التقدم والسلم في العالم تزداد عددا وقوة وتضامنا، بل على الأخص لان الوحدة العربية بلغت طور النضج والتحقيق العملي وانها مقرونة بالنضال التحرري الذي يكون جزءا اساسيا منه. لذلك فهي التي ستفرض على الاقطار التابعة لمشروع ايزنهاور ان تنسجم مع الاقطار المتحررة، وستفرض على حكومات هذه الاقطار ان تتراجع او تنهار. ما هي نتائج الاجتماع التحضيري لمؤتمر الشعوب الاسوية الافريقية؟ لا يستغرب هذا النجاح الذي حققه الاجتماع التحضيري... والمنتظر ان يسفر المؤتمر القريب القادم عن نجاح اكبر وتحقيق عملي لهذا التضامن بين الشعوب ذات التجربة الواحدة، في مجالين:- مجال مقاومة الإستعمار ودفع اخطار العدوان، وفى المجال الايجابي من حيث تفاعل تجارب هذه الشعوب وتعاونها لرفع مستوى الجماهير فيها ولإرساء قواعد الحضارة الجديدة. اما اهميته الخاصة بالنسبة للأمة العربية فهي فى هذا الالتقاء بين حركه القومية العربية الحديثة المتجهة بكل قوتها نحو الانشاء والبناء ونحو الفكرة الإنسانية الشاملة القائمة على وحدة المصير الانساني، ووحدة قضية السلم والحرية والتقدم لجميع شعوب الارض.. وقد اصبح واضحا في العامين الاخيرين ان القومية العربية غدت قوة انسانية بناءة تساهم في بناء السلم العالمي بمقدار ما تبني حريتها وتناضل ضد المستعمرين المعتدين على هذه الحرية. ومن المؤكد ان الأمة العربية تجتاز مرحلة ثورة. وقد تكون اغنى أمم الارض في هذه المرحلة بالامكانيات الثورية. وينتج عن هذا ان طريقها هو في خطوطه العريضة طريق الشعوب والمجتمعات الحديثة الثورية، وان مصلحتها ليست في التضامن السياسي مع هذه الشعوب فحسب، بل ايضا في التفاعل الاجتماعي والثقافي والحضاري، ولقد ظل العرب زمنا طويلا لا يرون العالم الا من زاوية واحدة هي زاوية الغرب. لذلك فان ارتباط الأمة العربية بهذا النصف الحديث الخطير الشأن من العالم يوفر لها فوائد لا تحصى، هذا فضلا عن تماثل او تقارب التجربة والمرحلة بينهما، وما يحمل ذلك من امكانيات خصبة لتبادل العون في كل النواحي. فان هذا الانفتاح يرفع عن كاهل الأمة العربية وطأة الضغط الغربي ويشكل معدلا ومصححا ضروريا لانحصار نظرتها زمنا طويلا في نطاق الحضارة الغربية...مع العلم بان هذا التفاعل مع الشعوب الثائرة ومجتمعاتها الحديثة لا يعني بشكل من الاشكال الانغلاق على الغرب، لان الغرب هو ايضا شعوب، ولان الشعوب لا تفقد امكانيات الثورة، وهذه الامكانيات الثورية في الغرب لئن كانت اليوم ضعيفة فان مهمة الشعوب الاسيوية الافريقية ان تمدها بالروح والقوة، بالتفاهم والتعاون، وبتقوية النضال ضد قوى الرجعية والإستعمار التي هي عدوة هذه الشعوب، وعدوة شعوب الغرب ايضا على السواء. 1 تشرين الثاني 1957 (1) أعيد نشره في جريدة "البعث" في 1 تشرين الثاني 1957.
في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الثالث:)حول مبدأ ايزنهاور(42)