في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الرابع:)بمناسبة المؤتمر الشعبي العربي(76)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الرابع:)بمناسبة المؤتمر الشعبي العربي(76) الإثنين يناير 09, 2012 12:40 am
في سبيل البعث: الجزء الرابع: (الباب الرابع بمناسبة المؤتمر الشعبي العربي(76) لقد ضم المؤتمر الشعبي الذي انعقد في دمشق بين أعضائه من جملة ما ضمّ (1) ، رؤساء وزارات سابقين وممثلين عن جيش التحرير الجزائري. وكان موقف الجميع واحدا ومتقاربا من حيث شعورهم بالخطر الاستعماري المداهم وعزمهم على دفعه ومقاومته. ولسنا نجهل أن هذا التقارب بين فئات مختلفة في التفكير والأسلوب السياسي ومتفاوتة في الشروط والمصالح الاجتماعية إلى هذا الحد، مردّه بالدرجة الأولى إلى الظرف الحاضر وخطورته، والى شعورهم بأن الخطر إذا وقع فلن يستثني من شره أحدا، وأن مصلحتهم هي في التكتل والاتحاد. ولكن هذه الظاهرة تدل أيضا على مدى التقدم الكبير الذي حققه الوعي القومي العربي في السنوات الأخيرة، والذي جعل نقاط الالتقاء والتقارب بين فئات الأمة الواحدة تنمو وتنضج وتربو على نقاط الفرقة والاختلاف. ولو أن المصالح وحدها هي التي تعرّف الأمة وتعيّن العلاقات بين أفرادها لما كان للأمم والقوميات وجود، فالصعيد القومي هو حقيقة واقعة، ولكن لا بد له من بعض الشروط الأساسية. وأول شرط يطلب توفره حتى يوجد الصعيد القومي الذي يلتقي عليه الجميع ما عدا الخونة والمارقين، هو أن يكون هذا الالتقاء إيجابيا خلاقا، يجمع القوى الإمكانيات ويضاعفها لا أن يكون حيلة وذريعة من قبل فئة أو طبقة لفرض السيطرة وإخفاء الاستقلال وتضييع المسؤولية. لقد كان "إجماع" جامعة الدول العربية خلال عشر سنوات مثالا للصعيد القومي السلبي المزيف الذي يتخذ ذريعة لكبح اندفاعة الأمة العربية نحو حقوقها وأهدافها فى الحرية والوحدة والتقدم. كما كانت كذلك كل دعوة سابقة إلى وحدة الصف الوطني أو وحدة الصف العربي. وكان القصد دوما هو التستر على الضعف والتلآمر والاستغلال. ولكن الدعوة هذه المرة إلى وحدة الصف لم تأت من الحكومات بل من الشعب، ولم تصدر عن الطرف المكبل أو المتآمر أو المستعبد للمصالح الخاصة بقصد تكبيل الطرف المتحرر بالقيود، بل أتت الدعوة من الشعب العربي ممثلا بجرأة عبد الناصر وانطلاقه نحو التحرر والكرامة، وممثلا في الحركات الثورية والتحررية في مختلف أرجاء وطننا الكبير التي تجاوبت أعمق تجاوب وأسرعه مع خطوة عبدالناصر، فكانت الدعوة هذه المرة نداء صادقا صريحا للمناضلين، واستنهاضا للمترددين، وإحراجا للمتآمرين. فالصعيد القومي يجب أن يكون صاعدا حتى يكون صادقا غير مشبوه،، وقد تحقق هذا الشرط أول ما تحقق في ثورة الجزائر العربية على أروع شكل عندما قبل قاده جيش التحرير أن ينضم إلى الثورة كل من يستطيع أن يؤدي قسطا من الواجب القومي بصرف النظر عن آرائه وماضيه، لأن تنظيم الثورة وشمولها الشعبي يجعلان من هذا الاشتراك والمعاون شيئا إيجابيا سليما. كما تحقق هذا الشرط في أزمة القناة وما تبعها من توحيد للرأي العام العربي الشعبي، وحتى الرسمي. كما تحقق قبل ذلك في قيام الحكم القومي فى سورية على أساس متابعة السياسة التحررية والحياد الإيجابي وتحقيق الإتحاد بين مصر وسورية. وقد تمثل ذلك أيضا وبشكل يدعو إلى التفاؤل الكبير في هذا المؤتمر الشعبي العربي الذي ضم هيئات وأفرادا مخلصين في الاجتهادات السياسية والشروط الاجتماعية، وكانت كثرتهم من المناضلين الشعبيين وجميعهم لبوا الدعوةبدافع التقدير للمسؤولية والثقة بمستقبل الأمة العربية. 21 أيلول 1956 (1) نشر في جريدة "البعث" في 21 أيلول 1956.
في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الرابع:)بمناسبة المؤتمر الشعبي العربي(76)