أزمة الحركة الوطنية العراقية .. والسؤال المركزي : ما العمل ؟ بقلم المفكر المناضل ..:د . خالد ألمعيني(2)
كاتب الموضوع
رسالة
جهينه الزبيدي
المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: أزمة الحركة الوطنية العراقية .. والسؤال المركزي : ما العمل ؟ بقلم المفكر المناضل ..:د . خالد ألمعيني(2) الجمعة يوليو 27, 2012 12:34 am
أزمة الحركة الوطنية العراقية .. والسؤال المركزي : ما العمل ؟ بقلم المفكر المناضل ..:د . خالد ألمعيني(2) مقالات مهمه من أرشيفنا 2012-7-21 17 - إذا كانت معادلة السياسة في خدمة السلاح هي قانون المرحلة الأولى من الصراع حيث اعتمدت الإستراتيجية المباشرة ، وبعد هزيمة الولايات المتحدة " عسكريا " وتبدل طبيعة الصراع من عسكرية إلى سياسية – إعلامية – نفسية – اجتماعية إلا يبدل ذلك من المعادلة ليجعل في هذه المرحلة السلاح في خدمة وتحت نظر السياسة وليس العكس. 18 - بالنظر لتركيبة العراق الدينية المعقدة وعلى ضوء التجربة القاسية التي مر بها الحكم منذ عشرة سنوات ، ألم يعد شبه قاعدة مسلم بها ، إن قوى الإسلام السياسي وخاصة ذات الصبغة الطائفية والمذهبية منه وليست قوى الاسلام الوطني على ندرتها في المشهد العراقيا ، قد أصبحت جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل كونها وعاءا جاهزا للمحاصصة الطائفية وحصان " طروادة " لاستدعاء التدخل ألإقليمي ، وإن قضية العراق تتطلب شق طريق وطني يسمو فوق مستوى الثقافات الفرعية التي تتكأ عليها طروحات الإسلام السياسي في العراق . 19 – ما هو موقف القوى المناهضة للاحتلال من تسارع عملية الأستقطاب الإقليمي الشديدة والاصطفافات التي تجري على قدم وساق في ظل سياسة المحاور التي تشهدها المنطقة ، وتدفع إليها جميع الأطراف دفعا حيث لا مجال فيها لمتفرج ، وأين سيكون موقع وهوية العراق في ظل هذه الخارطة الجديدة . 19 - هل لدى بعض أطراف الحركة الوطنية النية في جعل شباب العراق مرة أخرى وقودا للاستقطابات الإقليمية على أسس طائفية ومذهبية وبدوافع انتقامية وثأرية ،ويكونوا مرة أخرى بيادق في رقعة الشطرنج الأمريكية ،ويقاتل العراقيين مرة أخرى نيابة عمن طعن العراق بظهره ؟ 20 - لقد هزمت المقاومة قوات أعتى قوة عسكرية في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية فما هي الخطة التالية لاستكمال استقلال العراق ، هل سيتم قتال أبناء جلدتنا من العراقيين على أساس طائفي ومن سيخرج رابحا من هذه الحرب وأين ستصب نتائجها في نهاية المطاف ؟ 21 - في ظل الانقسام المجتمعي الحاد الذي يمر به العراق وتصاعد حدة الاحتقانات ودعوات الانفصال والتقسيم وتشجيع القوى الإقليمية على ذلك ، ما هي رؤية ومشروع القوى الوطنية المناهضة للاحتلال لموضوع الحوار الوطني الشامل والمصالحة الوطنية 22 - بعد عشر سنوات من عمر الاحتلال وفي ظل تراجع أداء كثير من النشاطات الوطنية السياسية والعملياتية ،بسبب افتقارها إلى الحد الأدنى من المقومات المالية التي تضمن ديمومتها ، ألم يحن الوقت لفتح ملفات الفساد المالي في ضفة الحركة الوطنية والقوى المناهضة للاحتلال من قبل لجنة مختصين مستقلة لتدقيق مصير : مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي التي استقرت في جيوب مسؤولي الحكم السابق ، أو ملايين الدولارات التي دعمت بها المقاومة العراقية وتحولت إلى إستثمارات شخصية ، أو تلك الثروات التي جناها رجال المال والاعمال العراقيين الذين أداروا ظهورهم لمأساة ومعاناة الشعب العراقي في محنته دون ان يمدوا له يد العون . إن الإجابة على هذه الأسئلة بصورة مجتزأة أو من قبل هذا الطرف أو ذاك لن يخدم قضية العراق والمطلوب الإجابة عليها مجتمعة لأن من شأن الإجابة عليها مجتمعة تشكل أساس البرنامج السياسي وخاصة في الشق المتحرك من بناء هذا الخطاب والبرنامج السياسي لان الجميع متفق على الثوابت . 6 - هل لدينا قضية عادلة ! ما هي ، ماذا نريد على الرغم من إن انتصار الشعب العراقي في نهاية المطاف أمر حتمي ، لكن في الحقيقة لا يمكن تحقيق أي نصر أو فوز ما لم تتوفر قضية عادلة يؤمن بها هذا الشعب ، فهي الأساس في انطلاق الفعاليات وقدح الأفكار، والأهم من ذلك لا يمكن ضمان المطاولة والنفس الطويل في الصراع بغياب القضية العادلة فهي بمثابة المولد لديمومة النضال والمحرك وخزان الثورة ومنبع التضحيات وهي في ذات الوقت محك المنافقين الذين لا يستطيعون المطاولة بسبب عدم إيمانهم بالقضية العادلة وينكشفون مهما طال زيفهم وتمثيلهم ومزايدتهم ، وفي اعتقادنا إن المطاولة تأتي من شدة الإيمان الحقيقي بوجود قضية عادلة ، وإن الإيمان بالقضية العادلة لا يأتي إلا من خلال الوعي التام بهذه القضية وإدراك جوهرها وأبعادها بوضوح ويقين ، علينا إذن أن نسأل أنفسنا أولا : هل لدينا قضية عادلة نؤمن بها ، نقاتل ونناضل ونضحي من اجلها ، ما هي ، وهل تستحق ؟ بإختصار شديد لدينا قضيتين في العراق الأولى تحتاج إلى عقود من الزمن ونضال طويل ومرير وهي قضية معقدة ومركبة تتعلق بطبيعة المجتمع العراقي وتراكماته وكيفية انتشاله من واقعه الفاسد والمريض وعلى كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، أما القضية الأهم والملحة موضوع هذه الدراسة فهي بكل تبسيط إن العراق تعرض لاحتلال غاشم وأنتفض أحرار العراق لمواجهة هذا الاحتلال رغم تفاوت القدرات وتمكنوا من هزيمته هزيمة سيذكرها التاريخ لان حدود وحجم هذه الكارثة التي انزلها العراقيون بالاحتلال الأمريكي لن تظهر حقائقها إلا بعد سنين طويلة ، هذه الهزيمة أجبرت قوات الاحتلال ( عسكريا ) على الانسحاب مما يضع الآن نتيجة تغير طبيعة الصراع مسؤوليات من نوع جديد على عاتق الوطنيين العراقيين لتصفية آثار الاحتلال وخاصة السياسية التي تمثل الصفحة الأخطر من مشروع الاحتلال ، وكذلك التعامل مع احتلال من نوع ثاني هو النفوذ والهيمنة الإقليمية وفي مقدمتها الهيمنة والنفوذ الإيراني الذي يتطلب شكلا جديدا ومركبا من المواجهة ، هذه بإختصار قضيتنا الوطنية الملحة . أن قضيتنا في العراق ومصيبتنا أكبر من واقعة الاحتلال فهو ظاهرة طارئة طالما تعرضت لها الشعوب في تاريخها وهي ليست الواقعة الأولى ولن تكون الأخيرة سواء في تاريخ العراق أو تاريخ العلاقات الدولية ، المعضلة في العراق سابقة للاحتلال ولاحقة عليه ، ما لم تتظافر الجهود لوضع حد لحالة اللا استقرار التي عاشها ويعيشها العراقي طيلة تاريخه الحديث والتي جعلت من دماء شبابه ومن ثرواته حقلا للتجارب من الشرق والغرب دون أن تتاح له فرصة اكتشاف ذاته ومكنونات خصوصيته ولم يعطى مثقفيه فسحة لالتقاط الأنفاس ، معضلتنا في شعب لم يعرف الراحة والنعيم رغم ثرواته التي تعتاش منها دول بكاملها وهو يعيش في المزابل والمقابر تنهشه الأمية والفقر والبطالة وتفتك به الخرافات على حد سواء مع الأمراض ، ويهيمن عليه الجهل شعب تمزق نسيجه وهويته ووحدته الأطماع الخارجية و النزاعات الداخلية التي تتناوب عليه تارة بملابس الديكتاتورية وأخرى بعباءة الطائفية أو دعاة العنصرية من شوفينيي القرن الحادي والعشرين . إن قضيتنا الكبرى تبدأ من تلمس المفاتيح الحقيقية الكفيلة باستقرار هذا البلد والانتقال بأفراده التائهين وتحويلهم إلى مواطنين يعتزون بوطنهم الانتقال بالعراق من ضفة الزلازل والبراكين والدوامات إلى شاطيء الاستقرار والازدهار والقوانين والقواعد الثابتة التي لا تسمح للمغامرين والفاسدين والطائفيين من عبور هذه الحدود ، لابد من إعادة تفكيك قرون من التخلف وسيطرة الأساطير والخرافات المعششة في العقل الباطن العراقي وتشده بأثقال من ملايين الأطنان من سموم التخلف لتضعه في قعر سلم المجتمعات الحديثة وإحداث ثورة فكرية وثقافية لتحرير هذا العقل لكي ينطلق إلى الأمام ويتنفس هواء الحرية والانعتاق وإعادة بناء هذا الوطن على أسس جديدة ، من خلال بناء دولة قوية وعادلة معيارها الأساسي المواطنة ووحدتها المقدسة هي الأسرة العراقية وكيفية ضمان أن تكون حياة أفرادها حرة كريمة كرامتها مصانة والجميع في خدمتها . دولة يسود فيها القانون والقضاء . أما قضيتنا الملحة في هذه المرحلة فهي وقف الانهيار والتدهور السريع والكارثي نحو الهاوية الذي يشهده العراق على كافة الصعد بسبب تداعيات ونتائج الاحتلال المباشرة : إن واجب الحركة الوطنية العراقية في هذه المرحلة الدقيقة والانتقالية هو تصفية آثار الاحتلال السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإعتبارها أهدافا لاتقل خطورة عن ما أنجزته من فعل عسكري ومسلح ضد الاحتلال العسكري الذي مني بهزيمة قاسية على يد فصائل المقاومة المسلحة العراقية ، ومثل هذه المعركة المعقدة من الخطورة بحيث لايجب أن تترك بيد رجال الدين أو العسكريين لوحدهم فإذا كان على العسكر العودة الى ثكناتهم فقد آن الأوان لرجال الدين العودة الى مساجدهم وتادية مهامهم الروحية. لقد قاتل الشعب العراقي بجسارة المد الإيراني وانتصر بعد ثمان سنين طاحنة وأثبت إنه شعب موحد رغم عبثية تلك الحرب ، ثم قاتل لأكثر من ثمانية سنين أعتى قوة عسكرية وجدت على الأرض وهي الاحتلال الأمريكي حيث خدم من الغزاة على أرض العراق وبالتناوب أكثر من مليون وستمائة ألف جندي أميركي غادروا يجرون أذيال الهزيمة بعد أن تم إخراج نصف هذا العدد من الغزاة خارج الخدمة القتالية إما معوقا أو مقتولا وتفتك الأمراض النفسية بالنصف الثاني بعد الأهوال التي شاهدوها على يد المقاومة العراقية ، وللشعب العراقي الفضل على الإنسانية جمعاء في تحويل الولايات المتحدة الأمريكية من دولة عظمى تهيمن على مقدرات العالم وتسعى ليكون القرن الحادي والعشرين أمريكيا إلى دولة كبرى بعد أن كسر لها أخطر ضلعين من أضلاع مثلث تفوقها كدولة عظمى وهما الضلع العسكري والضلع الاقتصادي . لقد انتهت "مصاعب الجبال وبدأت مصاعب السهول" بدأت معركة معقدة ومركبة وهي معركة تصفية آثار الاحتلال وهي تحتاج إلى تغيير جذري في أساليب المواجهة التي سادت المرحلة الأولى وتغييرا في الأهداف وفي ترتيب أولويات المخاطر والتهديدات وإنتاج قيادات جديدة لقيادة المرحلة وصناعة قادة جدد للرأي العام بخطاب جديد وبآليات ومؤسسات جديدة تتفق والوعي الشعبي العام وتنسجم مع تبدلات طبيعة الصراع . إن قيمة أي نصر في أي احتلال يكمن في قدرة هذا الاحتلال على تحقيق أهدافه السياسية النهائية التي من أجلها شنت الحرب ، وفي مقدمة أهداف الاحتلال الأمريكي تمزيق العراق وتحويله إلى دويلات هزيلة متناحرة على الثروة والسلطة ، و إذا كان هذا الاحتلال قد هزم عسكريا فإنه لا يزال جاثم من خلال صفحته السياسية التي أسسها على صدور الشعب العراقي ، وبالتالي فإن الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وبأي ثمن ومهما كانت التضحيات أو التنازلات أو إعادة النظر بالتحالفات لاسيما بعد رحيل الثقل الأكبر من قوات الاحتلال العسكرية وبأي ثمن يعتبر الخط الأحمر الذي تتوقف عنده كل التنظيرات والاستراتيجيات والتكتيكات . إن وقف التدهور السريع الذي يمر به العراق والذي تشترك فيه أطراف محلية من كافة الاتجاهات تلتقي مصالحها في هذه المرحلة مع أطراف إقليمية طامعة في العراق ، يقتضي إبتداءا قيام كافة أطراف الحركة الوطنية وفي مقدمتها القوى المناهضة للاحتلال بجملة نشاطات لتحقيق الأهداف الملحة التالية : أولا - إعلان وثيقة وطنية أو ما يمكن أن نطلق عليه " العقد السياسي الوطني " يتضمن ثوابت الشعب العراقي وحقوقه الأساسية في هذه المرحلة الدقيقة والتي من شأنها ضمان حقوق الجميع بما لا يتعارض مع وحدة العراق واستقلاله والعمل على تعديل الدستور بما يتوافق مع بنود هذا العقد . ثانيا - تعزيز صمامات الوحدة الوطنية على المستوى الاجتماعي ( الجيش – القضاء – التعليم ) التي يجب وضعها في أولويات أية ترتيبات سياسية قادمة وضمان استقلاليتها وإعادة بناءها وتنظيمها على أسس وطنية بعيدة كل البعد عن المحاصصة الطائفية والعرقية وتحييدها عن التجاذبات والمطبات السياسية والحكومية ويحرم العمل الحزبي والسياسي في أوساطها ، فمن شأن استقرار وحيادية مثل هذه الصمامات تثبيت الركائز واللبنات الأولى لتأسيس المجتمع المدني وتشكيل قاعدة حقيقية لضمان تطور المجتمع وإمكانية تقدمه إلى الأمام . ثالثا – أنهاء الهيمنة الأمريكية المتمثلة بالتواجد الأمني والعسكري الأمريكي من خلال تصفية الاتفاقية الأمنية وتحجيم التواجد العسكري والاقتصادي وكذلك مواجهة النفوذ الإقليمي وفي مقدمته الإيراني بأشكاله كافة (العسكري والديني والثقافي والسياسي) الآخذ بالتزايد مع الانسحاب الأمريكي على قاعدة الاستلام والتسليم والتفاهم على تقاسم النفوذ والمصالح على حساب الشعب العراقي . 7 – ما لعمل ؟ يبدأ خط الشروع إلى الأمام إبتداءا باعتماد الأسس الإستراتيجية بالتخطيط ومغادرة العزف المنفرد والتداخل بالاختصاصات وذلك من خلال الاعتماد على المنهجية السياسية كعلم يتضمن مدخلات متنوعة ومتفاوتة التأثيرات وفيه تفاعلات ثم مخرجات وهذا لا يتم إلا من خلال جهد جبار يقوم برصد وفرز وتصنيف الحقائق ثم تحليلها وبناءا الاستنتاجات تمهيدا لرسم الاستراتيجيات الشاملة والفرعية بعيدا عن الغوغائية والتسطيح التي تصل أحيانا إلى حد السذاجة والسخرية في الاستخفاف بخطورة ما يجري في العراق وكيفية التعامل معه ، من شأن اللجوء إلى المنهجية العلمية في التخطيط السياسي أن يضمن مقدمات صحيحة ورصينة وقوية يمكن البناء عليها مستقبلا ولا يمكن لهذه العقلية أن تنجح في ضفة الحركة الوطنية العراقية ما لم تعتمد الشفافية التي تعني المصداقية مع الذات أولا وعدم تزييف الحقائق والقفز عليها أو محاولة الهروب إلى الأمام ، وكذلك عدم الانتقاء في فرز هذه الحقائق ، هذا المنهج أو المقترب الذي نقترحه يشكل نظرة عقلانية بمعنى موائمة الأهداف مع الإمكانات المتاحة من جهة ونظرة واقعية بمعنى النظر إلى الأمور كما هي وليس كما نتمنى ونشتهي . في حقب الإحتلالات ليس أمام الشعوب سوى التضحية أما تقصير عمر الاحتلال أو إطالته فهي بلا شك من مسؤولية من يتصدى للقيادة والمسؤولية ، وفي العراق تحتاج الحركة الوطنية العراقية إلى ثورة حقيقية على ذاتها وتحتاج إلى حركة تغيير جذرية على كل المستويات ، إن بقاء الحال على ما هو عليه يعني التراجع والتقهقر وفي السنة العاشرة من عمر الاحتلال وهي فترة أكثر من كافية للانتظار والاختبار فإن من شأن بقاء حالة المراوحة أو استمرار الجري خلف سراب قيادات وشعارات أصبحت متأخرة عن معطيات الأرض رغم إقرارنا بنقاء بعض هذه القيادات أو الرموز واعترافنا بإخلاصها وتضحياتها لكن عدم قدرتها على التقدم بالمشروع السياسي ولو خطوة واحدة إلى الأمام رغم دخولنا السنة العاشرة وعدم بذلها الجهد الكافي بهذا الصدد وعدم ارتقائها لمستوى تحديات الصراع وانغلاقها على نفسها وحاشيتها وخوفها من الاقتراب من الآخرين والثقة بهم وعدم تحملها أية أفكار جديدة ، من شأن الاستمرار بهذه الوضعية البقاء في حالة المراوحة ( مكانك سر ) التي تعني مع مرور عنصر الزمن ( السنة العاشرة ) الرجوع الى الخلف ومزيد من التشرذم والإحباط وتحمل مسؤولية إافراط المزيد من عقد الحركة الوطنية والضياع وسط الإستقطابات ومشاريع الحمل الكاذب ، كما يعني من ناحية أخرى إن هذه القيادات بسبب عجزها عن استكمال دور المقاومة العسكرية في صناعة المكافيء السياسي وإن لم يكتمل قد قامت نتيجة قصور في النظر أو المشورة بدور تخدير الحركة الوطنية سواء كان ذلك عن قصد أو بدون قصد ، الأمر الذي يجعل من عدم نهوضها بمسؤوليتها التاريخية بالحد الأدنى على الأقل على مستوى ( توحيد الفكرة وإيجاد الإطار الجامع بحده الأدنى ) سيجعلها في المستقبل بلا أدنى شك على الأقل من الناحية الأخلاقية والتاريخية عرضة لتحمل مسؤوليتين تاريخيتين الأولى ضياع دماء وتضحيات الشعب العراقي دون الاستفادة من نتائجها ، والثانية تسرب ويأس الكثير من نسيج الحركة الوطنية من عسكريين ومدنيين ومثقفين ومواطنين وإنخراطهم في الضفة الثانية أو أنزوائهم وهروبهم بعيدا نتيجة الشعور بالإحباط واليأس والشعور بحالة عدم الانجاز خاصة وإن الجميع ليسوا بنفس الدرجة من التحمل وهذا أمر طبيعي فلكل فرد طاقة ومطاولة معينة ، عند هذا المفصل بالتحديد تمر الحركة الوطنية العراقية وتحديدا المقاومة بنفس المرحلة الأولى من نضال الشعب الفيتنامي عندما قاوم الاحتلال 15 سنة وضحى دون أن يحقق أي نتيجة ولم يكن السبب حينها عدم تضحية الشعب أو مقاومته ولكن السبب في الفشل كما تبين في أدبيات هذه المقاومة كان في تخلف قيادته وعدم فهمها وتفاعلها مع تبدلات طبيعة الصراع فقد كانت تقاتل بعقلية الماضي ( عقلية كونفوشيوسية – إقطاعية ) ومن وجهة نظرنا المتواضعة – وهي ليست أكثر من عملية قدح للأفكار بصورة أولية ولاتدعي شموليتها أو إلمامها بكامل الحقيقة - علينا البدء من خلال الاستشفاف والاستشعار والتقصي بعملية صياغة وإثارة الأسئلة الكبرى التي تفاقمت في عقول الوطنيين العراقيين إلى حد وصلت فيه إلى مستوى التناقضات وعدم الثقة لدى البعض وأدى عدم الإجابة عليها والإبطاء في وضع أجوبة مقنعة لها إلى حالة من الإحباط واليأس والخيبة بل والتساقط لدى البعض الآخر ممن لا يمتلك روح المطاولة ، فلا جدوى من أية فعاليات أو إجراءات عملية ما لم يتم حل هذه التناقضات لتحديد اتجاه البوصلة السياسية بدقة وكما مر ذكره من شان عدم حل هذه الأسئلة معششة في زوايا عقل السياسي الوطني والمواطن على حد سواء تشتيت الجهد وعدم الاستقرار وبعثرة الجهود وعدم الثقة بالمستقبل والازدواجية ما بين الخطاب ومابين السلوك والقناعات الحقيقية ، كما يسهل ذلك على الأطراف الخارجية التعامل مع الحركة الوطنية من قبل الأطراف على أساس " الخردة " والاستفراد بهم . قاعدة الشروع الأساسية في المراجعة التمهيدية السؤال عن محددات وأسباب فشل المشاريع السابقة ، ونتسائل ما قيمة وجدوى طرح أية مشاريع مجتزأة يطرحها هذا الفصيل أو ذاك الحزب دون أن يكون لها رصيد على الأرض ويشارك في وضعها الآخرين ، ودون أن تكون مستوفية للحد الأدنى من شروط التخطيط الاستراتيجي العلمي السليم خاصة وإن خصومنا وأعدائنا يعتمدون على جهود دول ومؤسسات للتخطيط والبرمجة ، لا يمكن لبرنامج سياسي أن يكتب له النجاح ما لم يتضمن جزئين ، الأول عبارة عن جهد فكري – سياسي كثيف قوامه رسم الأهداف الكبرى بعد عملية جبارة ومبرمجة من الرصد والفرز والتصنيف والتحليل والاستنتاج لكافة أبعاد قضية العراق ومن ثلاث زوايا محلية – إقليمية ودولية لتكون الحصيلة خطط إستراتيجة شاملة وأخرى فرعية حسب التخصص لا تتداخل مع بعضها البعض ، الجزء الثاني عبارة عن ترجمة هذه الأفكار والخطط إلى أفعال مترابطة قد تبدو للوهلة الأولى إنها غير مترابطة ولكنها في الإطار العام محكمة النهايات وتصب جميعها وإن تفاوتت في الأداء باتجاه أهدافها المرسومة والمحكومة بعامل الزمن لأغراض التدقيق والتصويب والتقييم . إن الخلية الفكرية التي يقع على عاتقها عملية رسم الأستراتيجية الكبرى بعيدة المدى ( سواء كانت أستراتيجية مباشرة أو غير مباشرة تبعا لطبيعة ومستوى وأهداف الصراع ) ، هذه الخلية لأهمية ما تتصدى له يجب أن تكون على مستوى عالي من التخصص والرصانة في اختصاصهم ( سياسيا – إعلاميا – اقتصاديا – عسكريا – اجتماعيا ) ، في حين قد يتطلب رسم الاستراتيجيات الفرعية التي تتفرع من الاستراتيجية الشاملة مرونة اكبر من سابقتها سواء في رسم الأهداف المرحلية أو في اختيار أفضل المسارات والطرق والآليات الكفيلة بالتعامل والتعشيق مع متطلبات الواقع وذلك لتحقيق الانجازات على طريق الأهداف الكبرى المرسومة ، ويبقى كل ذلك محكوم بالوقت والجدية وقانون تراكم الانجاز والتدقيق الدوري حيث سيظهر جليا فشل أو نجاح هذا القائد أو ذاك وليس الخطة أو الاستراتيجية خاصة مع توفر الإمكانات المادية واللوجستية . إن الحركة الوطنية العراقية ليست كيانا بحد ذاتها أو إطار يمكن وضع حدود تنظيمية واضحة له وإنما هي فعاليات وحراك ونشاطات وطنية متنوعة يجب من خلالها أن تفرز مؤسسات سياسية تقود هذا الفعل الوطني المتعدد الأشكال ويقوده ويوجهه باتجاه يخدم عملية التغيير ، تزخر ضفة الحركة الوطنية بكثير من الشخصيات الوطنية الثابتة والنقية والتي لم تتلوث أو تتلون طيلة المرحلة السابقة ولكنها مبعثرة وتفتقر إلى خطة تحول جهودها إلى فعل مركز ومنسجم كما توجد الكثير من التجمعات الاجتماعية والثقافية والسياسية كل هذه العوامل مضافا لها تفكك عملية الاحتلال السياسية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة نتيجة فشل أقطابها الذين يضيق بهم الشعب العراقي ذرعا ، وإذا أخذنا متغيرات المنطقة بالحسبان فإن أي تأخير في استثمار هذه العوامل والشروع فورا بخطوات عملية سيجعل من هذا التأخير والتردد ليس خطأ إستراتيجيا فادحا بل خطيئة لا يمكن غفرانها تحت أي عذر أو ذريعة . إن استعادة المبادأة في الساحة السياسية العراقية على المستوى القريب ( القضية الملحة ) لن يتم ما لم تتوفر ثلاثة عناصر حاكمة بدونها يصبح الكلام مجرد طحن أفكار في الأبراج العاجية وتمنيات وأحلام : أولا – وجود مساحة تأثير في الشارع العراقي ( قاعدة شعبية ) . ثانيا – حاضنة إقليمية مؤاتية من حيث المصالح المشتركة والأهداف . ثاثا- حيازة المال السياسي اللازم لضمان المطاولة . وهذه العناصر الثلاثة مجتمعة تمثل المناخ الطبيعي لأية برامج أو خطط سياسية تريد أن تجد طريقها إلى الوجود ، أما على مستوى الخطوات العملية والسريعة التي يمكن أن تشكل خارطة طريق لضمان تسريع وتبلور وولادة الحركة الوطنية العراقية على شكل فعل مؤثر بالقضية العراقية ويجعل منها شبه مكافيء سياسي للعملية السياسية الجارية ، يمكن إجمال هذه الخطوات باختصار شديد كما يلي : أولا – رص الصفوف : الدعوة فورا ودون إبطاء إلى مؤتمر وطني عام للقوى والهيئات والأحزاب والشخصيات الوطنية المناهضة لمشروع الاحتلال والثابتة خاصة وإن عملية الفرز أصبحت سهلة جدا ، يفضل أن يكون هذا المؤتمر داخل العراق على الرغم من هامش المجازفة وهو جزء من التضحية لان المؤتمرات خارج العراق تكون بعيدة عن نبض الشارع وتفتقر إلى المشروعية وتحتوي على كثير من ذوي المشاريع الوهمية والاستعراضية كما ستتهم حتما بارتباطها بالخارج ، أما إذا تعذر ذلك فإن الخطة ب هي عقد هذا المؤتمر في الخارج بعد أن يحسب مكان انعقادها بدقة على أن يدعى لها ممثلين عرب وأجانب للاطلاع على برنامج ورؤيا الحركة الوطنية العراقية . ثانيا– استعادة المبادأة والأمل : تشكيل جبهة وطنية لقيادة العمل السياسي والنضال من أجل تحقيق أهداف المرحلة الجديدة من الصراع ( تصفية آثار الاحتلال الأمريكي ومواجهة النفوذ الإقليمي وفي مقدمته الإيراني ) تنبثق عنها مكاتب متخصصة ، وتقوم هذه الجبهة بطرح وثيقة " العقد السياسي الوطني " كبديل للدستور النافذ بعد الاحتلال . ثالثا – إعادة تحديث البوصلة : التحضير لصياغة رؤيا سياسية واضحة تتسم بالواقعية والجرأة في معالجة كافة متعلقات الشأن العراقي يتم ترجمتها من خلال برنامج سياسي يستجيب لمتطلبات العصر ويقبل القسمة على جميع العراقيين وتطلعاتهم إلى المستقبل . أما بخصوص قضية العراق الكبرى بعيدة المدى والتي تسعى إلى إيجاد حد لمأساة الشعب العراقي وعدم تركه مرة أخرى كحقل تجارب خاصة وإن هذا الشعب يستحق أكثر من أن يحشر ما بين الديكتاتورية أو الاحتلال والدولة الطائفية والعنصرية ، ولان المرحلة السابقة شهدت شيخوخة الأحزاب التقليدية والآيديولوجية وتضاؤل دورها في التأثير إلى حد التلاشي وكذلك فشل الأحزاب الدينية والعنصرية في مرحلة ما بعد الاحتلال فإن الضرورة باتت ملحة وسط هذا الفراغ لان تنبثق مؤسسات سياسية جديدة ذات بنى تنظيمية حديثة ومباديء وأفكار وطنية عصرية تندفع نحو المستقبل كلية وتؤسس نضالها كليا على أساس طرفين ، الأفكار والمؤسسات ومنظومة القيم المتخلفة التي تتحكم اليوم بالمجتمع العراقي التي تشد المواطن العراقي إلى الخلف وتجعله أسيرا للخرافات والأساطير ، في مواجهة الأفكار التقدمية التي تدفع المواطن العراقي وخاصة شريحة الشباب والكفاءات إلى الأمام لبناء وتشييد دولة مدنية أجهزتها فوق الاتجاهات السياسية والطائفية والعنصرية وهي تنظم هذه الاتجاهات وليست طرفا فيها تنظمها بما لا يؤثر على ضمان رفاه المواطن واستقراره وأمنه وتقدمه ، دولة تنصرف واجبات حكوماتها حصرا لخدمة الأسرة العراقية بكل المعايير . هذه الجبهة الأخيرة لا تزال مجرد تمنيات وهي الأغلبية الصامتة والمهمشة في ظل التخلف والاستقطاب الذي يهيمن على المجتمع ولن ينهض بها سوى أبناء الطبقة الوسطى طلاب ومهندسين وأطباء وفنانين ومعلمين ومثقفين وأساتذة جامعات وضباط وصيادلة وتجار، هذه الشريحة تمثل على مستوى قضية العراق بعيدة المدى هي الحل على أن تتحالف مع الشباب الثائر و وتحضى بمساندة القلة من المرجعيات الوطنية التي ترتبط بالواقع العراقي وليس مصنعة وواردة من خارج العرق وكذلك تحضى بمساندة شيوخ العشائر الوطنيين غير المعروضين للبيع وقوانين عرض الوجاهة والمال والطلب هي فقط مؤهلة لحمل مثل هذا المشروع الاستراتيجي وفي ظل تقهقر الأحزاب التقليدية وتضاؤل دورها وتأثيرها السياسي وفي ظل الأحزاب الطائفية والعنصرية التي باتت تنهش في نسيج الوحدة الوطنية ، في ظل هذا الفراغ السياسي الرهيب والحيرة والغربة التي يعاني منها المواطن العراقي أصبح لزاما الشروع في تأسيس أحزاب جديدة ذات بنى تنظيمية حديثة ومباديء وأفكار حزبية عصرية يمكن أن تستهوي الجيل الجديد من الشباب لينهض بمهام وطنية جوهرها فكرة التقدم والانشداد إلى المستقبل ، ولتعبر بصورة نقية وواضحة عن مصالح وتطلعات المجتمع العراقي . خاتمة وخلاصة لا تمثل الأفكار والرؤى المطروحة في هذه الدراسة سوى محاولة بسيطة لتلمس طريقنا إلى الأمام ، هي أشبه بمحاولة رمي حجر في ماء راكد ، لعل الجميع يتعاون لاستكمال ملامح هذا الطريق ومغادرة حالة الانغلاق والجزر المعزولة والحسابات الضيقة والنظرة الفوقية والأنانية المفرطة ، ففي كل الأحوال هذه الأفكار كما ورد في متن هذه الدراسة ليست أكثر من عملية قدح للأفكار لا يدعي الكاتب إنها ألمت بكامل الحقيقة وكما قيل قديما : نعتقد إن هذا الرأي صواب ، ولكنه حتما يحتمل الخطأ ، كما إن المباحث المعروضة أعلاه تم التطرق لها باختصار شديد وكل مبحث فيها يحتوي على الكثير من التفاصيل والآليات بعضها حقائق مؤلمة في واقع الحركة الوطنية العراقية والقوى الوطنية المناهضة للاحتلال ، تم تجاوزها وعدم التطرق لها لان ذكرها يدخل في باب الإضرار و" شر الغسيل" الذي لن يستفاد منه سوى خصوم وأعداء الحركة الوطنية العراقي التي يشكل أصغر جزء فيها عنوانا وجبلا مقارنة بمن انخرط في مشروع الاحتلال وباع دينه ودنياه ، كما اقتصر باب الحلول المستقبلية على الإشارات أكثر منه على التفاصيل البعض ، لأنه قد يدخل في باب فائدة خصوم وأعداء الحركة الوطنية العراقية في التعرف بدقة على طريقة تفكير ونوايا الحركة الوطنية العراقية . والله ووطننا الجريح ودماء شهداء المقاومة العراقية من وراء القصد. 9 نيسان 2012 منتدى/ هديل صدام حسين sahmod.2012@hotmail.com المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في منتدانا لا تعبر عن راي المنتدى بل عن راي الكاتب فقط
أزمة الحركة الوطنية العراقية .. والسؤال المركزي : ما العمل ؟ بقلم المفكر المناضل ..:د . خالد ألمعيني(2)