العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الثانية - الاستجوابات
كاتب الموضوع
رسالة
جهينه الزبيدي
المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الثانية - الاستجوابات الخميس يونيو 02, 2011 10:32 pm
العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الثانية - الاستجوابات بقلم:إسراء كاظم طعمة بعد الغزو الأمريكي للعراق في الـ2003، تشكل مجلس النواب العراقي ولمرتين آثر الانتخابات، الأولى في الـ2005 والثانية في الـ2010، ورغم ما منحه الدستور العراقي للمجلس من حق مراقبة أداء السلطة التنفيذية وفي مطلعها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، إلا أن هذا الحق لم يستثمر شكلاً حتى وقت قريب.. فهل كانت استجوابات مجلس النواب العراقي للمسئولين ترتقي بمستوى الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، أم كانت محض استضافة عابرة لا تحقق على أرض الواقع أي تغيير حقيقي؟...، وهل سمحت معارك السياسيين للمجلس من القيام بدوره الرقابي بما يضع الأمور في نصابها الصحيح؟. وقف مجلس النواب لسنوات طويلة بعد الانتخابات النيابية الأولى في الـ2005، عاجزاً عن استجواب أي مسئول رغم ظهور قضايا خصت الإهمال والتقصير والفساد.. مما دفع بعدد من النواب إلى إبداء اعتراضاتهم في الـ2008، على هذا الواقع. وارجعوا التلكؤ في أداء دورهم الرقابي إلى قرارات وزير الدولة لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي (عضو في حزب الدعوة آنذاك كما وهو عضو ائتلاف دولة القانون الآن) حيث اصدر كتاب وتوجيهات إدارية أدت إلى منع مخاطبة أو استضافة أو زيارة أي وزير أو استجوابه أو أي مسئول آخر إلا بالمرور عن طريق وزارته.. مما شكل عائقاً في انسيابية عمل المجلس في أهم جزئية له، بالرغم مما نصت عليه المادة 32 من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي مؤكدة على أن يتولى مجلس النواب أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية، وتتضمن الرقابة صلاحيات تخص مساءلة أعضاء مجلس الرئاسة ومسائلة واستجواب أعضاء مجلس الوزراء بمن فيهم رئيس الوزراء وأي مسئول آخر في السلطة التنفيذية، وإجراء التحقيق معهم بشأن أي واقعة يرى المجلس أن لها علاقة بالمصلحة العامة أو حقوق المواطنين. واستمرت معارك ممثلي السلطة التشريعية في حربهم السرية والمعلنة مع الحكومة في محاولة لانتزاع حقوقهم الدستورية حيث واجهت طلبات بعضهم لاستجواب المسئولين عرقلة وتحديد وتغيير في الآلية، لكن أخيراً تمكن مجلس النواب العراقي في أيار 2009 ومع ما عرف حينها عن قضية استشراء الفساد في وزارة التجارة، من استدعاء و استجواب وزير التجارة حينها عبد الفلاح السوداني (عضو في ائتلاف دولة القانون) بسبب اتهامات تخص هدر المال العام والفساد الإداري، وألقى في مطلع جلسة الاستجواب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي مطالعة قانونية أكد فيها على أن يكون الدور الرقابي لمجلس النواب موافقا للدستور والنظام الداخلي للمجلس، مبديا تحفظه على استجواب وزير التجارة من الناحية الشكلية والقانونية)!!، وبعد أن أجاب الوزير على بعض الأسئلة، طالب بإعطائه مهلة لتهيئة الجواب في بعض القضايا التفصيلية... ولكن ما الذي جرى بعد ذلك؟.... قبلت الحكومة طلب الاستقالة التي قدمها "السوداني"بعد ذلك... وبعد زمن قليل تم توقيف الوزير خلال محاولته الهروب من العراق.. والنتيجة هو نبأ عن إطلاق سراحه بكفالة مالية قدرها 50 مليون دينار عراقي (أي حوالي 43 ألف دولار أميركي)، وحينها صرح رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب "صباح الساعدي" والذي قام باستجوابه، عن وجود ضغوط سياسية على القضاء لمنع محاكمة "السوداني"... وهكذا كانت أولى معارك المجلس في الاستجواب هزيلة النتائج. أما الاستجواب الثاني فكان بحق وزير الكهرباء كريم وحيد (عضو ائتلاف دولة القانون) في تشرين الأول 2009، حول تهم فساد إداري ومالي، وتأجل الاستجواب بعد سريان إشاعة مفادها وجود مواد متفجرة داخل إحدى قاعات مجلس النواب العراقي مما أدى إلى إلغاء الجلسة. واعتبر برلمانيون حينها أن الإشاعة كانت "مقصودة" وترمي إلى عرقلة عملية الاستجواب وان ما حدث يعد "مماطلة وتسويفا لعملية استجواب الوزير"... وبعد ذلك جرى استجوابه، ولكن وجد هذا الأخير ذات الطريق الذي سبقه فيه "السوداني" فاستقال وقبل رئيس الحكومة والذي هو رئيس ائتلافه السياسي "دولة القانون" بطلب استقالته، رغم أن بعض النواب وصفا شهادات كلا الوزيرين بانهما كانتا غير مقنعة.. ولم تقف معارك قضايا الاستجواب في صورة واحدة بين النواب والحكومة، بل كانت أصلا في داخل أروقة المجلس بين النواب تارة وبينهم ورئيس المجلس تارة أخرى، ولنستذكر في هذه الجزئية تحديداً تصريح النائبة جنان العبيدي "كتلة الائتلاف العراقي الموحد" عن أن من أهم أسباب تغيير الرئيس السابق لمجلس النواب محمود المشهداني هو عرقلته الواضحة لموضوع الاستجوابات " يشار المشهداني قدم استقالته من منصبه بناء على طلب عدد كبير من الاعضاء". وبعد أقل من شهر تكشفت قضية أخرى دفعت مجلس النواب لاستدعاء وزير آخر وذلك في تشرين الثاني 2009، حين استجوب وزير النفط آنذاك حسين الشهرستاني ( من ائتلاف دولة القانون)، بسبب ما ذكره المجلس، عجز الوزارة عن انجاز أي مشروع كبير رغم التحسن الأمني ووجود ميزانية استثمارية كبيرة وتدهور إنتاج النفط خصوصا في حقول البصرة مما أدى إلى هدر كبير بالمال العام، فضلا عن انخفاض الإيرادات المالية للمبيعات النفطية على الرغم من ارتفاع سعر النفط وسبب اعتماد سعر منخفض للنفط العراقي بشكل غير مبرر وملاحظات وزارة النفط للتفاوت الكبير في أسعار الكبريت عند بيعه للجهات المحلية و الأجنبية، واستفسارات عن مدد إيفاد وزارة النفط والمبالغ التي صرفت في ذلك.. واستأنف المجلس استجوابه للوزير الذي دافع عن أداء وزارته نافياً التهم الموجهة إليه بالمساهمة في تردي القطاع النفطي وتدني إنتاجه وتراجع صادراته من النفط الخام، وألمح إلى أنه استخدم ميزانية وزارته المحدودة لتحسين إنتاج النفط رغم الفوضى والعنف اللذين سادا العراق بعد غزوه في العام 2003، مؤكدا أنه حافظ على الإنتاج بعد توليه منصبه الوزاري في العام 2006. واضطرت سلسلة تفجيرات "الثلاثاء الدامي" في كانون الأول 2009، إلى أن يعقد مجلس النواب عدة جلسات استجواب لـ (وزير الداخلية و وزير الدفاع و وزير الأمن الوطني وقائد عمليات بغداد ومدير جهاز المخابرات) وهم المعنيين بالشأن الأمني الداخلي لمعرفة القصور أو التقصير في عمل تلك الوزارات ووجه المجلس انتقاداته شديدة لأداء مختلف القيادات الأمنية. وأسفرت نقاشات سرية وعلنية حينها عن رفع توصيات للحكومة تتعلق بالوضع الأمني والسبل الكفيلة بتثبيت الاستقرار في العراق، وقدم المسئولين التبريرات الجديدة تمحورت حول استمرار تدفق الاسلحة والمتفجرات من الحدود السورية فضلا عن عدم وجود جهاز مخابراتي يسهم في كشف الشبكات الداخلية التي تخطط للهجمات. أما احدث استجواب للمجلس في أيار2011، مع فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، "يشار إلى أن الوضع بين المفوضية ورئيس الحكومة - نوري المالكي- كان متأزم آثر تشكيك الأخير بنتائج انتخابات 2010 وطالب حينها بإعادة عمليات فرز نتائج الانتخابات يدوياً بدلاً عن فرز الحواسيب"، وهكذا جرى الاستجواب ومن قدمه النائبة حنان الفتلاوي (من ائتلاف دولة القانون )!!. وعقب هذا الاستجواب قدم عدد من النواب طلب لاستجواب خضير الخزاعي (من ائتلاف دولة القانون) وهو النائب الثالث لرئيس الجمهورية تمهيدا لسحب الثقة بسبب ما وصفه المجلس، وجود ملفات فساد في مدة إشغاله لمنصب وزير التربية.. ورد من جانبه ائتلاف دولة القانون بعدم وقوفه ضد هذا الاستجواب أو أي مسئول أخر شريطة أن لا يكون الاستجواب "مسيساً" وان تتوفر فيه الأدلة وان يكون على أساس مهني. وهكذا فأن تضارب مصالح وآراء الكتل السياسية داخل مجلس النواب وخارجه عطل أهم دور للمجلس إلا وهو دوره الرقابي، وهنا تنبثق غاية مفادها ضرورة تفعيل هذا الدور والابتعاد عن الضغوطات السياسية التي تحول دون تحقيق الغاية المرجوة من الاستجوابات، كما ينبغي تفعيل دور السلطة القضائية ليكون لتفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب قيمة واقعية، وأن لا تكون الاستجوابات فرصة لتصفية الحسابات للبعض.. وأن لا تصبح المسؤولية بدون مساءلة
العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الثانية - الاستجوابات