العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الأولى (الصلاحيات)
كاتب الموضوع
رسالة
جهينه الزبيدي
المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الأولى (الصلاحيات) الخميس يونيو 02, 2011 10:36 pm
العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الأولى (الصلاحيات) بقلم:إسراء كاظم طعمة منذ إن اندلعت تظاهرات المدن العراقية منتصف شباط/فبراير 2011، ضد الفساد وسوء الخدمات وانتشار الفقر والبطالة ورفعت دعوات تطالب بالإصلاح، وحتى وقتنا هذا، والحرب بين مجلس النواب العراقي ورئيس الحكومة (نوري المالكي) في تأجج مستمر متخذة صوراً مختلفة.. وواحدة من هذه الصور الأكثر علانية هو الخلاف القائم حول صلاحيات مجلس النواب، ففي الوقت الذي يرى فيه رئيس الحكومة أنه لا يحق لمجلس النواب تشريع القوانين وأن مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية هما الجهتان الوحيدتان اللتان تملكان حق التشريع، يرد من جانبه رئيس المجلس النواب واصفاً تلك التصريحات بأنها "غير موفقة". ولنأتي لاستعراض ما نصت عليه التشريعات العراقية في هذا المجال، فقد جاءت المادة (1) من الدستور لتشير إلى أن (جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ "برلماني" ديمقراطيٌ)، ونصت المادة (60 ) من الدستور العراقي على أن مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، وان مقترحات القوانين تقدم من عشرةٍ من أعضاء مجلس النواب، أو من أحدى لجانه المختصة، أما المادة (61) فذكرت إن من اختصاصات مجلس النواب، تشريع القوانين الاتحادية، والرقابة على أداء السلطة التنفيذية والتي تضم (رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء). وان بدا إرباكاً في كيفية فهم الدمج الذي جاء فيما يخص تشريع القوانين في فقرتي الدستور الـ(60 و 61)، فانه وبالاعتماد على نص المادة (1) من الدستور سنستشف حقيقة مفادها انه بما أن تم تعريف جمهورية العراق بأنها "دولة اتحادية" فذلك كفيل بان يكون برلمانها المركزي إلا وهو "مجلس النواب" هو ليس فقط المسئول عن تشريع قوانين الحكومة المركزية، وإنما يقع أيضاً في مجال اختصاصاته الموافقة على القوانين التي شرعها برلمان الإقليم، ونقصد هنا برلمان إقليم كردستان. إما عن الصورة السرية المبطنة فأن النزاع هو ليس فقط نزع بين (مجلس نواب ورئيس حكومة) وإنما في خفاياه هو صراع دءوب بين قائمتين حزبيتين تنافستا وبضراوة في الانتخابات النيابية.. فأول انتخابات نيابية شهدها العراق بعد الاحتلال الأمريكي له في الـ2003، تلك الانتخابات التي جرت في 2005 وتبعتها انتخابات برلمانية في الـ2010، وكانت المواجهة حامية بين ( القائمة العراقية.. رئيس مجلس النواب "أسامة النجيفي" هو واحد من الأعضاء البارزين فيها، وبين ائتلاف دولة القانون.. زعيم الائتلاف هو رئيس الحكومة الحالية "نوري المالكي" ).. وجاءت نتائج انتخابات 2005 مخيبة للآمال بالنسبة للقائمة العراقية إذ تمكنت من الفوز بعدد محدود فقط من مقاعد مجلس النواب حينها، في حين رست الآراء لاختيار "نوري المالكي" مرشح الائتلاف العراقي الموحد ليكون أول رئيس لأول حكومة عراقية منتخبة. وهكذا حسمت "القائمة العراقية" مسارها باتجاه قوى المعارضة، وعملت على تكثيف جهودها في الانتخابات التي جرت بعد خمس سنوات من الانتخابات الأولى، فتمكنت من ضم مكونات سياسية جديدة موسعة قاعدتها الشعبية لتدخل هذه المرة بزخم اشد تنافساً في الانتخابات النيابية التي جرت في آذار2010، لكنها هذه المرة وضعت في امتحان عسير هي ومنافسوها فيما يخص(كيفية تفسير النصوص التشريعية ) فرغم فوزها بفارق مقعدين بحصولها على 91 مقعدا مقابل 89 أمام "ائتلاف دولة القانون"،الذي تشكل حديثاً إثر انشقاقه من الائتلاف العراقي الموحد، وذلك من أصل 325 مقعدا من مقاعد مجلس النواب العراقي، غير أن "العراقية" لم تتمكن بعد هذا الفوز من إن تقود الحكومة المنتخبة الثانية وذلك بسبب الفهم المزدوج لنص المادة (76) من الدستور العراقي لسنة 2005 والذي أشار إلى رئيس الجمهورية يكلف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.. وبعد أشهر من الخلاف والجدل، خسرت مرة ثانية "القائمة العراقية" فرصة لترأس الحكومة، ورضت بوعود " اتفاق اربيل" بتأسيس مجلس المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية" ورئاستها له. ورغم ما ضمن تصريح لرئيس قائمة" ائتلاف دولة القانون" ورئيس الحكومة "نوري المالكي " للتالي ( نحن نشعر بالحاجة إلى وجود هيئة تضم صناع القرار جميعاً من الرئاسات الثلاث، إلى رؤساء الكتل، إلى المساهمين في صنع القرار، لرسم السياسات الإستراتيجية للبلاد على مستوى الاقتصاد والسياسة وحتى على صعيد الدفاع والحرب والسلم وغير ذلك. إن مشاركة أهل القرار في مثل هذه الهيئة تجعل الجميع مساهمين في رسم النهج الذي ستنتهجه البلاد وداعمين له، وهذا سيعطي لهذه السياسات المزيد من القوة والنضج، وستجد قراراته طريقها إلى التنفيذ) .. لكن على ارض الواقع ضل قانون مجلس السياسات الإستراتيجية طريقه إلى التنفيذ، واستمر النزاع بين القائمتين يتجدد. ولم تقتصر الحرب على طرفي النزاع قائمتي (العراقية ودولة القانون)، إذ دخلت إطرافاً أخرى في النزاع، مما عطل بالنتيجة من عمل أهم مؤسسة في هيكلية الدولة، إلا وهو مجلس النواب.. وبقيت الكثير من القوانين حبيسة النقاش، وحتى ما اقر منها بقيُ بانتظار التنفيذ.. واشتدت حدة التنافس حين اصدر مجلس الوزراء في نيسان المنصرم كتاباً يطالب البرلمان بالتريث بتشريع خمسة قوانين مهمة هي (قانون مجلس القضاء الأعلى، قانون المحكمة الاتحادية، قانون ديوان الرقابة المالية، قانون المفتشين العموميين، قانون هيئة النزاهة)، مما دفع بالمجلس صراحة إلى اتهام مجلس الوزراء بعرقلة إقرار قوانين تخدم الشارع العراقي. واستمر ركل كرة النار نحو ساحة الخصم بين القائمتين ومسانديهم مع قرب انتهاء مهلة الـ100 التي حددها رئيس الحكومة لتصويب الأوضاع رداً على مطالب المتظاهرين، حين لوح المالكي بالمطالبة بإقالة الحكومة في حال عجزت عن تحقيق المشاريع بعد مهلة المائة يوم، مؤكداً أن المهلة تشمل مجلس النواب أيضاً، فيما أشار إلى أنه يحق لرئيس الوزراء المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، في حين اعتبر رئيس مجلس النواب العراقي، أن مهلة الـ100 يوم غير ملزمة لأي طرف خارج إطار الحكومة، مطالباً المالكي بتقديم برنامجه الحكومي. وفي ضوء ما ذكر، فأن أزمات العراق تزيدها القوانين والتشريعات بدلاً من أن تضع حلاً لها، لأسباب تخص كيف يرى كل طرف النص القانوني حسب رؤيته الشخصية، وهنا لا بد من إن تعلو كفة المصلحة العامة فوق أي كفة أخرى ترى في هفوات القوانين منفذاً لتمرير مصالحها.
العراق: الحرب السرية والمعلنة بين مجلس النواب والحكومة الحلقة الأولى (الصلاحيات)