في سبيل البعث - الجزء الأول( الباب السابع) العمال والاشتراكية(55)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث - الجزء الأول( الباب السابع) العمال والاشتراكية(55) الجمعة ديسمبر 30, 2011 6:00 am
في سبيل البعث - الجزء الأول: الباب السابع العمال والاشتراكية(55) ان بين(1) الشباب العربي والشعب العربي فرقة لم يقصدها احد من الطرفين وانما وقعت بحكم الاضطرار. فلا الشعب اراد ان يبتعد عن ابنائه ولا الشباب أرادوا أن يبتعدوا عن الشعب، ولكن حالتنا غير طبيعية، ولو كانت الاوضاع سليمة صحيحة شأن البلاد الراقية لكان هذا الاتصال أمرا ميسورا ولما كنا سمينا شعبا وشبابا وفرقنا بينهم لأن الشباب هم من الشعب ابناؤه واخوته. ولهذه الحالة غير الطبيعية اسباب ومبررات، فوجود افراد وفئات تستغل موارد البلاد ومواهب الشعب تستعبده لكي يسهل عليها استغلاله لا يوافقها أبدا ان يكون هناك اتصال بين الشعب وابنائه المخلصين الذين يفهمون حاجاته ويطمحون للتعاون معه لبلوغ الغاية المشتركة لمصلحة الجميع. ان موضوع حديثنا هو الاشتراكية. والاشتراكية بصورة بسيطة كما يفهم من لفظها هي أن يشترك جميع المواطنين في موارد بلادهم بقصد أن يحسنوا حياتهم وبالتالي حياة أمتهم، لأن الإنسان الفرد لا يقبل ان يجعل نفسه غاية في الحياة. حتى ان ادنى المخلوقات البشرية في الاخلاق والتفكير نرى فيها هذا الميل وهذه الحاجة الى ان تجعل لحياتها غاية ابعد من مصلحتها الشخصية، فبالأحرى الإنسان الراقي الذي لا يستهدف سوى نجاح امته وازدهارها. والاشتراكية يمكن ان تفهم أيضا بأنها نظرية اقتصادية حديثة ظهرت في قسم من بلاد العالم في هذا العصر، ولها تعاريف وأصول وأنظمة معروفة، غير انها كلها ترجع الى هذا التعريف البسيط الذي ذكرناه، أي اشتراك المواطنين في موارد البلاد التي هم منها. لكن علينا أن نعرف بأن للاشتراكية معنى آخر غير معنى نظرة معينة ظهرت في الغرب. لها معنى طبيعي مستساغ من النفس البشرية والعقل والضمير، وهي بهذا المعنى لا تخص أمة بعينها او تخص عصرا او زمانا بذاته. هي شيء أعم وأثبت من النظرية. أيها الاخوان: الحقائق هي دوما بسيطة. ماذا نريد من الحياة لأنفسنا ولأمتنا وللارض التي نعيش عليها؟ هل نريد لها الا الخير والتقدم؟ هل نريد لها الا ان يكون الواحد منا ضامنا لحاجاته، وان تكون السبل مفتوحة أمامه لكي يظهر مواهبه وينشط ويعمل وينتج في النواحي التي يجيدها، وان يضمن مثل هذا السبيل لأولاده؟ وبالتالي نريد لأمتنا ان تكون أمة يسودها الخير والعدل والانتاج النشيط الراقي. وان تكون حالتها الاجتماعية على ارقى شكل ممكن في العلوم والفنون، وهذا ما يريده الفرد وما يريده المجموع فكيف يمكن ان تحقق هذه الغاية؟ ان أقلية من الناس تملك معظم الثروات وتسيطر على السلطة وتتصرف بها حسب رغباتها، وهي لا تكتفي بذلك بل تطلب المزيد. والنتيجة الطبيعية هي أن تحرم أكثرية الشعب من حقوقها. ولو كان الاسياد يستطيعون أن يحرثوا الارض بأنفسهم او يشتغلوا بالمصانع لحرموا الشعب من كل حقوقه، لذلك فانهم يجدون انفسهم مضطرين الى ان يعترفوا للاكثرية بحق بقاء الرمق حتى يستطيع الشعب العمل للاسياد. في هذه الحالة من الاستثمار والاستغلال لا يكون الغدر واقعا على افراد او فئة من الناس وانما تكون الجناية على الأمة بأسرها. والبلاد المتخلفة هي تلك التي يكون افرادها محرومين من اكثر حقوقهم متأخرين في صحتهم وعملهم وانتاجهم الاقتصادي. ان هذا الوضع الشاذ، أي سيطرة أقلية من أبناء البلاد على ثورتها، وحرمان أكثرية الشعب من الحقوق الطبيعية المشروعة، يحول دون تقدم الوطن. فهذه المنافع التي يجنيها المستغلون تخنق مجموع الشعب وتحكم على الأكثرية الساحقة التي هي مجموع الأمة تقريبا بأن تدفن وهي حية، فالشعب الذي يستطيع ان يصنع وينتج ولا يسمح له الا بانتاج بسيط ولا يعطى الا مدى ضيقا محدودا جدا في الحياة، ويفرض عليه الجهل والمرض والخوف والعبودية، هذا الشعب هو في حكم الميت وان كانت روحه في صدره. فاذا فهمنا الاشتراكية بهذا المعنى وهي اننا نريد ان نرجع الى الحالة الطبيعية المشروعة وان ينال كل ذي حق حقه حسب جدارته وكفاءته ويسمح للشعب بأن يظهر مواهبه ويستفيد منها، عندها يمكن ان يرتقي الشعب أي المجموع، فالطبقة الشعبية تساوي الامة تماما لانها الاكثرية الساحقة والعنصر المنتج حقا. الاشتراكية اذن ليست شيئا غريبا صعبا اتانا من بلاد نائية، وليست نظريات معقدة. انها الشيء البسيط المشروع الذي يطلبه كل عقل سليم وضمير حي، ولا يمكن لأي فرد أو فئة أن يكون مخلصا لوطنه، يشعر شعورا صادقا نحو أمته ويأبى في الوقت نفسه على الشعب هذا الحق، لان القومية، التي هي الغيرة على مصلحة الأمة، والاشتراكية تكادان تكونان شيئا واحدا. فتحقيق الاشتراكية في حياتنا شرط اساسي لبقاء امتنا ولإمكان تقدمها، اذا لم تعمم الاشتراكية ولم نسع الى تحقيق العدل الاجتماعي لجميع الافراد، ولم ينقلب الشعب العربي الى شعب منتج الى اقصى حدود الطاقة، اذا لم يتحقق كل هذا يكون كل كلام عن حرية العرب واستقلالهم ضربا من اللغو ونوعا من التضليل. ان مصلحة القومية وبقاء الأمة ومجاراتها للأمم الراقية وصمودها في تيار التنافس بين الدول متوقف على تحقيق الاشتراكية، أي السماح لكل عربي دون تمييز او تفريق بأن يصبح حقيقة ملموسة منتجة ولا وهما من الأوهام. عام 1950 (1) حديث ألقي في إجتماع عمالي. منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي - سياسي
في سبيل البعث - الجزء الأول( الباب السابع) العمال والاشتراكية(55)