في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السابع) .دور العمال في تحقيق الوحدة و الاشتراكية(56)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السابع) .دور العمال في تحقيق الوحدة و الاشتراكية(56) الجمعة ديسمبر 30, 2011 6:03 am
في سبيل البعث - الجزء الأول: الباب السابع: .دور العمال في تحقيق الوحدة و الاشتراكية(56) ليس مستغربا(1) في نظرنا ان تشهد ميلاد هذا الحدث التاريخي الذي هو تأسيس أول اتحاد لنقابات العمال العرب في هذا العام بالذات، الذي حفل بالاحداث الخطيرة وبوثبات الشعب العربي الفذة في ميادين التحرر والاستقلال والوحدة القومية. فلقد بنينا عملنا ونضالنا في هذا الحزب منذ خمسة عشر عاما على مسلمة اساسية بسيطة هي ان القضية العربية كل لا يتجزأ. وربطنا بين تحرر الأمة من الاستعمار الخارجي وبين تحررها من الاستثمار الداخلي وبين تغلبها على التجزئة وتحقيقها لوحدتها القومية، وها أن الحوادث والوقائع تجيء عاما بعد عام ويوما بعد يوم مصداقا لسلامة تلك النظرة ومتانة ذلك الأساس الذي بنينا عليه نضالنا. فأية خطوة يخطوها الشعب العربي في سبيل انتزاع حريته وسيادته من الأجنبي الغاصب، تؤدي حتما وبالضرورة الى خطوة او خطوات في طريق تحرر هذا الشعب من الاوضاع الاقتصادية الجائرة المتأخرة، كما تسهل عليه توحيد نضاله في مختلف اجزاء وطنه العربي لتؤدي الى توحيد هذه الاجزاء نفسها. في العمال العرب تتجسد وحدة القضية العربية- على أن هذه النظرة الموحدة لقضيتنا ظلت حتى الماضي القريب تقابل من الحكومات ومن أكثر السياسيين في بلاد العرب بالاستهجان والتجريح والمقاومة. ولا نستطيع أن نقول أنها ظفرت اليوم ظفرا تاما بل نعلم انه ما يزال امامها كثير من العقبات التي تقيمها في وجهها المصالح الخاصة وأنانيات الحكام ورواسب عقلية التجزئة. واذا كان في وطننا العربي فئة مهيأة لان تتحرر قبل غيرها من هذه المصالح والرواسب، وأن تجسد في تفكيرها ونضالها وحدة القضية العربية، فانها تكون فئة العمال العرب بصورة خاصة وجماهير الشعب العربي الكادحة بوجه أعم، لان هذه الجماهير تعاني بالتجربة اليومية الحية هذه الحقيقة الناصعة وهي أن أعداءها هم أنفسهم أعداء الأمة العربية. فالاستعمار الأجنبي وربيبته إسرائيل والرجعية العربية والحكام الانفصاليون، كل هؤلاء، لئن كانوا متحالفين متضامنين في تآمرهم على حرية الامة العربية وانبعاثها وبقائها، فانما ذلك يعود في النهاية الى غرض واحد هو استثمار جماهير الشعب العربي وتسخيرها لمصالحهم الاستعمارية والاقطاعية والرأسمالية، ومعنى ذلك ان مقاومة جماهير شعبنا لهذا الاستثمار الاجنبي والداخلي هي في حقيقة الامر مقاومة الامة العربية للفناء ودفاعها عن بقائها ووجودها. الوحدة و الاشتراكية- بالامس كنت أتحدث في بيروت أمام حشد من الجامعيين، فوجه الي بعضهم هذا السؤال: لماذا نهتم الان او منذ الان بالاشتراكية قبل ان نحقق الوحدة العربية. ألا يكون النضال الاشتراكي عائقا في سبيل توحيد أقطارنا ومبعثرا لجهودنا، أليست الوحدة، عندما تتحقق، كفيلة بتحقيق كل ما ينشده الشعب العربي من حرية وعدالة ورخاء؟ ولا بد لي أن أذكر ان هذا السؤال كان يطرح علينا قبل عشر سنوات على شكل اخر من الحكام وأحزابهم وأنصارهم، اذ كانوا يسألون عن مبرر العمل للاشتراكية وللوحدة العربية قبل ان يتم التحرر من الاجنبي. و قد أجبت الجامعيين في بيروت بأن الوحدة العربية ليست عملية سياسية ومفاوضات واتفاقات تقوم بين الحكومات بل هي عملية ثورة ونضال يقوم بها الشعب لانه وحده محتاج اليها، مخلص في طلبها، ولذلك فأن النضال في سبيل الوحدة العربية لا يكون واقعيا ومجديا إلا إذا امتزج بنضال جماهير الشعب العربي في سبيل حقوقها الحياتية ورفع مستوى معيشتها. ويجب ان نعلم ان اعداء الوحدة الكثيرين هم الاستعمار وإسرائيل التي لم توجد الا لتعطيل الوحدة وعرقلتها، والمصالح الرجعية الداخلية وكل ما في مجتمعنا من امراض وعصبيات وجهل وتأخر. ولا يمكن التغلب على هذه الكثرة المخيفة من الأعداء بالعمل الحكومي وحده، خاصة اذا عرفنا ان الحكومات ما زالت في اكثرها ممثلة لهذه المصالح المعادية للوحدة. ولا بد اذن من ان ينهض بعبء الوحدة شعب بكامله يرى فيها خبزه اليومي وتحرر وطنه من الاجنبي ويستميت بالتالي في طلبها لانها سبيل حريته وكرامته الانسانية. فعندما ربطنا الوحدة بالاشتراكية لم نتعسف ولم نرتجل، بل وجدنا في ذلك السبيل الوحيد لكي تصبح الوحدة في حياتنا حقيقة حية متحركة، يطالب بها كل عامل عندما يطالب بخبزه وبزيادة أجره و بالدواء لأبنائه، وعندما يطالب كل فلاح فقير ومظلوم باسترداد حقه في انتاجه ويرفع الظلم و الاستعباد عن كاهله. هكذا جعلنا الوحدة العربية مطلبا حيا واقعيا يداخل حياة افراد الشعب العربي في ظروف حياتهم اليومية وفي ابسط شيء في حياتهم و هو حاجاتهم المادية. نهضة مصر من ارادة الشعب ـ الم تروا أيها الاخوان الى هذه النهضة في قطرنا الحبيب مصر، كيف حاول السياسيون والمتزعمون الى جانب الاستعمار المجرم عشرات السنين عزله عن أمة العروبة وعن قضيته الحقيقية ومصلحته الواقعية. حتى اذا ارتفع كابوس الاستعمار وتطهرت ارض مصر من فساد الدخلاء والاجانب ومن عبث المستثمرين الداخليين، جاء الاندفاع للفكرة العربية عفويا، سهلا، بسيطا، لان العروبة لا تستيقظ الا في جو النضال وعندما يسترد الشعب شعوره بمسؤوليته وكرامته. وليس ما حدث في مصر من قبيل المصادفة وليس هو عمل أفراد، وان كان لهؤلاء الافراد الذين قاموا بالثورة في مصر فضل كبير. ان هذا الرجوع الى الطريق الصحيح كان من وحي الشعب ومن ارادة الشعب ومن هذا الجو النظيف السليم الذي تحقق لمصر بعد ان تغلبت على الاستعمار وعلى الفساد. اننا مع استبشارنا باتجاه رجال الثورة الجديد، نرى من الواجب ان نطالبهم بالمزيد من الجرأة في هذا الاتجاه. و ليثقوا بأن كل خطوة يخطونها في طريق الوحدة العربية والعمل الموحد للقضية العربية اذا كانت ستكلفهم بعض التضحيات الانية المحلية، فانها ستفجر امامهم مقابل ذلك امكانيات دفينة في الشعب العربي قد تبلغ حد المعجزات. النضال في سبيل القضية العربية الواحدة- ان الشعب العربي يثبت في مختلف اقطاره في نضال المغرب الدامي، في نهضة مصر وفي وثبة الاردن، وحتى في العراق الذي لم يجرؤ حكامه ان يتركوا المجال لخروج افراد قلائل يمثلون المحامين في مؤتمرهم في القاهرة والعمال في هذا المؤتمر، وهذا دليل على ان غضبة الشعب العربي في العراق قوية جدا حتى أخافت الحكام الأذلاء إلى مثل هذا الحد. وانني في نهاية هذه الكلمة احمل اخواني اعضاء الوفود النقابية تحية الاعجاب والتفاؤل والعهد المقيم على النضال المستمر في سبيل قضيتنا العربية الواحدة التي لا نفرق فيها بين ما هو اجتماعي اقتصادي وبين ما هو قومي لان نجاح هذه القضية رهن بابقائها وحده.... آذار 1956 (1) كلمة ارتجلت في المهرجان الذي اقيم في مكتب الحزب عند زيارة وفود اتحاد نقابات العمال العرب للحزب بمناسبة انعقاد مؤتمرهم الاول في دمشق. منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي - سياسي
في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السابع) .دور العمال في تحقيق الوحدة و الاشتراكية(56)