في سبيل البعث-الجزءالثاني :(الباب الثالث:) ملامح الوحدة العربية في اتحاد مصر وسورية:(42)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث-الجزءالثاني :(الباب الثالث:) ملامح الوحدة العربية في اتحاد مصر وسورية:(42) السبت ديسمبر 31, 2011 5:20 am
. في سبيل البعث-الجزءالثاني : الباب الثالث: ملامح الوحدة العربية في اتحاد مصر وسورية (42) اصبح اليوم واضحاً لابناء الوطن العربي، وحتى للرأي العام العالمي المطلع، ان الكارثة التي حلت بالعرب في فلسطين قبل ثماني سنوات كانت المناسبة التاريخية لتفجير الوعي العربي بحد من العمق والوضوح والشمول يؤهله لحمل عبء القضية القومية الضخم.. بما يحققه من امكانيات شعبية متوافقة متناسقة، كان اكثرها الى زمن قريب مخنوقاً مهدوراً، وكان الشيء الضئيل المتحقق منها متعاكساً مبعثراً. ولكن الشيء الذي لم يتضح بعد الا للقلة العربية الانقلابية التي بلغت ذلك الحد من الوعي قبل نكبة فلسطين بسنوات، هو ان هذه النكبة ما كانت لتدفع بالعرب في طريق تحول تاريخي صاعد لو لم تكن ثمة خميرة من الوعي العربي الانقلابي تجسدت في نضال الطليعة الشابة في سورية والاردن وفلسطين، واثرت في الافكار والاوضاع بشكل جعل من النكبة منطلقاً للتحرر الجذري في الداخل والخارج. ولبناء الوحدة العربية بناء سليماً. إننا نقرر هذه الحقيقة لا بدافع الوفاء للتاريخ، فالتاريخ لن يعدم من يفيه حقه، بل بدافع الايمان بأن قضيتنا القومية هي قضية فكر ووعي وعقيدة واضحة قبل كل شيء، وانها يجب ان تبقى كذلك. فكارثة فلسطين، وان لم يكن متوقعاً أن تحدث كما حدثت تماماً وفي الوقت الذي حدثت فيه، فانها على كل حال قد جاءت برهاناً حسياً على عقيدة الوحدة والحرية والاشتراكية، ومجالاً خصباً لانتشارها وتحققها. وكانت اضخم نتيجة لها ان قفزت مصر من فوق اسوار العزلة والانحراف القطري قفزة تاريخية ربطت مصيرها بمصير العروبة ربطاً واعياً خلاقاً. قبل سنوات معدودة، كان العرب يلتفتون الى سورية والعراق، وينتظرون من احد هذين القطرين، او منهما كليهما، أن يكونا للوطن العربي المجزأ ما كانت بروسيا لألمانيا في القرن الماضي. اما مصر، فكان يبدو ان اندماجها في جسم العروبة يتطلب زمناً طويلاً. واقصى ما كان يؤمل منها الا تقف عثرة في طريق الوحدة القومية. ثم حدث الانقلاب العسكري في مصر كنتيجة مباشرة لأثر معركة فلسطين في جيشها. ولم يكن للانقلاب نظرة واضحة نسبياً إلا في ما يختص بالاصلاح داخل مصر. وظلت التيارات الانعزالية القديمة تضغط وتتجاذب حكومة الثورة زمناً، وظل الحكام الى ما قبل عامين يقولون انه لا يهمهم ان تتحد سورية مع العراق او مع تركيا! ولكن المنطق العربي الانقلابي كان خلال هذه المدة يفعل فعله ويفيد من الظروف الجديدة ويوجهها لمصلحته. فقضية فلسطين ماثلة دوماً تشد مصر الى موضعها من الجسم العربي، والخطر الصهيوني اخذ يظهر على حقيقته بأنه والاستعمار شيء واحد، والاصلاح الداخلي هيأ الجو والسبيل لمزيد من الثقة والجرأة في مكافحة الاستعمار على نطاق عربي بل عالمي. وفي "باندونغ" استكمل جمال عبد الناصر حلقات هذا المنطق الجديد الذي كان يوجه الشعب في سورية قبل "باندونغ" بسنوات، فلولا هذه الخميرة الشعبية الانقلابية في سورية والاردن ولولا ضغطها وتفاعلها مع سياسة الثورة في مصر، لأمكن ان تتخذ الثورة غير هذا الاتجاه الذي تتجمع فيه اليوم كل آمال العرب في الخلاص. وان اتحاد مصر وسورية الذي نسعى اليه اليوم لا تقتصر فائدته على توحيد قطرين بامكانياتهما العسكرية والاقتصادية، بل تتناول ايضاً توحيد وتدعيم الاتجاه العربي الانقلابي الذي نشأ في سورية بطريقة نضالية شعبية، وتجاوب معه رجال الثورة في مصر تجاوباً يتأكد صدقه وعمقه يوماً بعد يوم، ويهيئ لهذا الاتجاه، بما لمصر من موقع متوسط ممتاز بين اجزاء الوطن العربي وبما لها من رقي وغنى في الامكانيات، ان يحقق المعجزات ويقلب وجه التاريخ. ان وحدة او اتحاداً يقوم بين سورية ومصر ليختلف في المستوى والاتجاه وملامح المستقبل عن الاتحاد الذي يمكن ان يقوم او كان يمكن ان يقوم في الماضي، بين سورية وأي قطر آخر. فهو اتحاد يتجاوز اولاً مرحلة التفكير القومي التعصبي الذي يتخذ بروسيا والوحدة الالمانية قدوة له، وهو ثانياً بطبيعته وبحكم منطقه الانقلابي منفتح على سائر اجزاء الوطن العربي، يتفاعل معها تفاعلاً قومياً وسياسياً واجتماعياً في صميم مصالح الشعب العربي ونضاله التحرري في الداخل والخارج، ولا يمكن بالتالي ان ينغلق او يتوقف نموه، بل يحرك الاقطار الاخرى ويتحرك بها، وهو اخيراً الاتحاد الذي يحمل منذ الآن صورة القومية العربية الاصيلة، وبذور رسالتها الإنسانية: تحقيق الحرية الفعلية للفرد وللمجموع، للعرب وللعالم، وتحقيق تعاون حر بين شعوب اشتراكية حرة. 1 حزيران 1956 منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي – سياسي
في سبيل البعث-الجزءالثاني :(الباب الثالث:) ملامح الوحدة العربية في اتحاد مصر وسورية:(42)