في سبيل البعث-( الجزء الثالث الباب الثاني)التراث عزّز صمود الأمة وأعطى للثورة العربية(10)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث-( الجزء الثالث الباب الثاني)التراث عزّز صمود الأمة وأعطى للثورة العربية(10) الثلاثاء يناير 03, 2012 3:48 am
في سبيل البعث- الجزء الثالث الباب الثاني الاصالة والمعاصرة (كلمات 7 نيسان) التراث عزّز صمود الأمة وأعطى للثورة العربية(10) مستواها العالمي أيها الرفاق المناضلون(1) يا جماهير أمتنا العظيمة في هذه الذكرى، ذكرى انعقاد المؤتمر الأول لحزبكم... حزب البعث العربي الاشتراكي قبل تسع وعشرين سنة، نتوجه بالإجلال والاعتزاز الى امتنا العربية المجيدة التي ألهمتنا أمجادها وعظمة تراثها ان نتقدم للعمل الثوري مستمدّين من ثقتنا بها الثقة بأنفسنا. ونتوجه بالإكبار والحب الى جماهير امتنا العربية، الشعبية المناضلة، التي ولد البعث منها ولها، والتي كانت دوما تغذي نضاله بأصالتها، وتحميه من المؤامرات العديدة التي تعرض لها لقتل اندفاعه وإجهاض ثوريته. ونتوجه بالتهنئة الى كل البعثيين المناضلين في كل مكان، الذين صمدوا في دروب النضال، وثابروا على السير رغم العراقيل والمشقات، والصعوبات التي واجهوها. ونتوجه بمشاعر الإكبار والوفاء الى أرواح شهداء البعث الذين أعطوا لنضال الحزب، باستشهادهم وتضحيتهم، جدية العمل التاريخي. لقد ولد الحزب نتيجة للمعاناة التي كانت تعيشها الجماهير العربية، والتحديات التي كانت تواجهها أمتنا وشق طريقه الصعب وسط العداء الشديد، وواجه الكثير من التجني والافتراء، لأن فكرته جديدة وأهدافه كبيرة تشكل خطرا على مصالح فئات عديدة قوية ومسيطرة... وقد لاقى الحزب من عداء هذه القوى ومؤامراتها الشيء الكثير. كما تعرض لمؤامرات ربما كانت أقسى واشد من مؤامرات الرجعية والاستعمار من قبل قوى كان من المفروض ان تكون حليفة له في دروب النضال. إن الذي أنقذ الحزب دوما، وساعده على مواجهة كل الصعاب والتغلب عليها، ومتابعة الطريق، هو صدقه مع نفسه وصدقه مع الجماهير. و هذا هو الذي فتح له طريقه الى قلوب الجماهير العربية التي احتضنته ومنحته من الفرص ما لم تمنحه لغيره لأنها أدركت، بحسها العفوي وبأصالتها الثورية، الصلة العميقة بينه وبينها، ووجدت فيه المعبّر عن طموحها وأهدافها. ولد الحزب فكرا وممارسة نضالية في آن معا. ولد من معاناة التخلف في الواقع العربي ومفارقة هذا الواقع مع حضارة العصر ومن العودة الى التراث فقراناه قراءة جديدة لنهتدي الى أصالتنا وروح شخصيتنا القومية، وكان مدخلنا الى قلوب الجماهير لأنها اطمأنت الى ان الحزب هو من نتاج أرضها وجوها وتاريخها. وبمقدار ما كانت أفكار الحزب ونضالاته تستهوي الشبيبة العربية والجماهير الشعبية، بمقدار ما كان عداء الاستعمار والطبقات الرجعية المستغلة يشتد ضد الحزب وبعنف. وفي أواخر الخمسينات، عندما حقق حزب البعث مع القائد الراحل جمال عبد الناصر أول تجربة للوحدة في هذا العصر، بلغ ذعر الاستعمار والصهيونية والرجعية العميلة أعلى درجاته، فاستغلوا أخطاء التطبيق لتلك التجربة لكي ينقضوا عليها ويضربوها. ولكن نضال البعثيين في العراق كان آخذا في التوسع حتى أصبح تيارا جماهيريا جارفا حقق انتصارا رائعا على الحكم الفردي الشعوبي في ثورة الرابع عشر من رمضان. وكان هذا الانتصار ثأرا للوحدة من مؤامرة الانفصال، وفرصة نادرة لتجديد الوحدة واسترداد المبادرة من يد الاستعمار والصهيونية والرجعية، لولا ان دروس ردة الانفصال وفشل تجربة الوحدة لم تنفع في تغيير العقلية الفردية، فظلت القوى العربية الثورية متفرقة ومتنابذة، وظلت المبادرات بيد الأعداء يلحقون بها النكسة تلو النكسة في 18 تشرين الثاني 1963 في العراق، و23 شباط 1966 في سوريا، و5 حزيران 1967 في مصر حتى جاء التصحيح مرة أخرى على يد حزبنا المناضل في العراق الذي سجل في كيفية الإعداد لثورة السابع عشر من تموز، ثم في كيفية تنفيذها والمحافظة عليها والسير فيها بخطى ثابتة متزنة نحو التقدم والعطاء، سجل الحزب مستوى في النضج الثوري لم يكن عاديا ولا مألوفا. أيها الرفاق المناضلون يا جماهير أمتنا العظيمة في العام الأول لنشوء الحزب، وكان البعثيون لا يتجاوز عددهم بضعة عشر، جاءنا خبر ثورة الحادي والأربعين (41) في العراق، فكانت أول مناسبة يطبق فيها الحزب فكره القومي الوحدوي، فتجند أعضاؤه لهذه الغاية ودعوا الشباب العربي في سورية للتجند في منظمة باسم "نصرة العراق" كان لها دعاء يُرددونه هذا نصه: (اللهم أنت الذي أردت ان يكون العرب امة موحدة قوية هادية تحمل الى العالم رسالتك، تريد اليوم ان تعود إليهم وحدتهم وقوتهم ليؤدوا هذه الرسالة من جديد. اللهم هب لي قوة الايمان، وصفاء الفكر، وصلابة الإرادة لأكون جنديا نافعا فعالا في الجهاد الذي يقوم به العراق من أجل وحدة العرب). وهذا يعني انه منذ البداية كان للعراق دور واضح بارز في تصور الحزب. ولما أصبح للحزب تنظيمه في العراق في أوائل الخمسينات، اعتبرنا ان مرحلة جديدة في مسيرته قد بدأت. وبالفعل فقد تميز ذلك التنظيم منذ بدايته بروح نضالية عالية، وبجدية غير عادية ترجع من جهة، الى قسوة الظروف السياسية التي كانت تسود العراق في الخمسينات، ومن جهة أخرى، الى نوعية المناضلين الذين اجتذبهم الحزب. وهذه الصفات التي تميز بها الحزب في العراق، أعطته استمرارية وتجربة نضالية وتنظيمية متراكمة، ساعدته على ان يتغلب على النكسات التي أصابته ويخرج منها أصلب عودا وأغنى تجربة، كما ان هذه الصفات جعلته مؤهلا لان يصبح القلعة الحصينة للحزب كله، يرفد فروعه بما اكتسبه من تجربة، وما وصل إليه من مكانة مرموقة بين التجارب الثورية في الوطن العربي وفي العالم الثالث. ان نجاح تجربة الحزب في العراق، الى هذا الحد، وبهذا العمق والرسوخ ليس كسبا لحزب البعث فحسب، وإنما هو عامل قوة للأمة العربية كلها... فلأول مرة، في الحياة العربية الحديثة، تترسخ تجربة ثورية بهذا الشكل، وتمتد جذورها الى أعماق الجماهير في المدينة والريف وبين كل فئات الشعب وقطاعاته وتصبح مرادفة لحياة هذه الجماهير، ويحصل بين الحزب وجماهير الشعب، تمازج آخذ بالازدياد يوما بعد يوم... ان حزبا بهذه الصفات، لا يبنيه إلا مناضلون يتميزون بالأخلاق الثورية، وبالجدية في الالتزام، وبالخبرات والتجارب الغنية، وبالممارسات النضالية والروح العملية، ولا شك ان حزبا كهذا، لا بد ان يفرز قيادة بمستوى غير عادي. ان القيادة التي تم على يدها التغيير الثوري واستلام السلطة في القطر، بعد نكستين قاسيتين مرّ بهما الحزب... وبعد نكسة قومية أصابت الأمة كلها في الخامس من حزيران، هذه القيادة أعطت الحزب في العراق مستوى وملامح مميزة، وحققت له قفزة نوعية فجرت إمكانات القطر العراقي لأول مرة بمثل هذا الاتساع والزخم، وجعلت القطر بقيادة الحزب مهيئا للقيام بالمهمات القومية الكبرى. كما انها عملت، انطلاقا من مقررات مؤتمرات الحزب القومية والقطرية على بناء الجبهة الوطنية والقومية التقدمية واستطاعت بعد حوار طويل ومكثف مع القوى الوطنية والقومية التقدمية ان تحقق هذا الهدف. كما سعت الى تمتين علاقة الحزب بجميع الفصائل الثورية والقومية التقدمية في الوطن العربي وفي مقدمتها حركة المقاومة الفلسطينية. ونجحت في إقامة علاقات متينة مع كثير من حركات التحرر في العالم الثالث ومع دول عدم الانحياز. وأقامت علاقات متينة مع الدول الاشتراكية... وكانت في كل هذا تنفذ بأمانة، قرارات المؤتمرات الحزبية... إلا أ ن المستوى الفذ في تجربة حزبنا في العراق يتجلى في تأميم النفط، وفي المشاركة الفعالة للجيش العراقي في حرب تشرين، وفي حل المسالة الكردية حلا نابعا من مبادئ الحزب الذي لا يكتفي بتحقيق السلام الداخلي والاستقرار فحسب، وإنما هدفه وغايته ان يكون الحل نموذجيا مستلهما من عقيدته الإنسانية، ومن روح التراث العربي الإسلامي. أيها الرفاق المناضلون يا جماهير أمتنا العظيمة ان ما نشاهده في الأوضاع العربية من تمزق وتناحر وانهزامية وترد، لهو مما يؤلم لكنه لا يُخيف. فهو إذا نظرنا إليه من الخارج وجدناه ناتجا عن تركيز وتكيف للمخططات الاستعمارية الصهيونية التي ضاعفت أعدادها وتآمرها أضعافا بعد الصدمة التي منيت بها في حرب تشرين من تنامي القوة العربية تناميا غير عادي، وبفترة جد وجيزة، وعلى كل الأصعدة: المادية والمعنوية، القتالية والعلمية والفنية بعد ان كادت هذه القوة الاستعمارية والصهيونية تطمئن الى غلبتها وسيطرتها النهائية على الأمة بعد الانتصار السريع والخادع الذي حققته في الخامس من حزيران. وإذا نظرنا الى تلك الأوضاع العربية من الداخل نظرة نافذة متعمقة، فإننا نجد تحت مظاهر التردي والتمزق والاقتتال، وبروز الأمراض والعصبيات العفنة... نجد تحت هذا السطح حقائق تدعو الى الاستبشار أكثر مما تدعو الى التشاؤم واليأس، شريطة ان تكون نظرتنا نظرة الملتزم بقضايا الأمة أعمق الالتزام، والمشارك فيها كامل المشاركة، لا نظرة الحيادي المتفرج. فصحيح ان الأنظمة الرجعية والفئات العميلة هي التي بدأت الهجوم على مواقع الثورة العربية وفصائلها المختلفة من حركات وطنية أو مقاومة فلسطينية وكان ذلك بدفع من الجهات الاستعمارية والصهيونية وفق تخطيط وتواطؤ مسبقين، ولكن الواقع الأعمق هو ان هذه الفئات الرجعية والعميلة كانت وما زالت تخوض حربا دفاعية وهي الممثلة لكل ما في المجتمع العربي من تخلف واستغلال وفساد، ومن رواسب الجهل والعزلة المرضية والأحقاد الطائفية التي ولى زمانها، امام الوجه المشرق للمستقبل العربي الذي يتمثل في المقاومة الفلسطينية وفي تحرك الجماهير العربية الكادحة لانتزاع حقوقها وتثبيت قِيمها القومية التقدمية مما يهدد تلك الفئات الانعزالية وقياداتها العميلة بالزوال القريب. ان الزمن يسير في خط معاكس لاتجاه هذه الفئات الاستغلالية والمتخلفة، والثورة العربية تتقدم باطراد. حتى عندما يبدو في الظاهر أنها متوقفة أو متراجعة فان تقدمها يكون مستمرا ولكن باتجاه العمق والإنضاج. ولعل ما يشهده القطر اللبناني هذه الأيام وما عاناه أبناء شعبنا في لبنان منذ ما يقارب السنة، يمثل أبرز صورة لهذا الجو العربي الذي اشرنا إليه. ان ما جرى ويجري في لبنان ليس حربا طائفية، ولا صراع طبقي، وإنما صراع بين الأمة وأعدائها... صراع بين التقدم والتخلف... صراع بين الوحدة والانفصال... صراع بين النزوع والتوجه الى الحضارة العربية الأصيلة وبين تبني الحضارة الزائفة المصطنعة القائمة على النقل والتقليد... صراع بين الصمود والتخاذل. ان هذا الذي يجري في لبنان، يعزز نظرة الحزب الى القضية العربية بأنها قضية حضارية شاملة لكل نواحي الحياة، وأنها لا تقتصر على الناحية السياسية او الاجتماعية، و إنما هي بحاجة الى معالجة عميقة وشاملة تتناول المجتمع العربي... والإنسان العربي من جذوره التاريخية والفكرية والنفسية. لقد كان واضحا في كتابات الحزب منذ أوائل الأربعينات عندما انتقدنا تلك القومية المجردة التي كانت تتنصل من التراث وكأنه عاهة فتفقد قوميتنا دمها ولحمها وروحها وعمقها، وتترك الطوائف الأخرى أسيرة لعزلتها واغترابها وارتهانها للثقافات والولاءات الأجنبية المعادية، بدلا من طرح المسألة على حقيقتها ووضوحها لمساعدة هذه الطوائف على تطوير نفسها ومراجعة مواقفها وعاداتها واكتشاف ذاتها وطريق مستقبلها. كما سبق وقلنا ان مشكلة لبنان مع العروبة ليست إلا مشكلة تقدمية العروبة... من المفارقات الجارحة في ربع القرن الأخير، إقدام بعض الأنظمة على القبول بالتسوية السلمية لقضية فلسطين بعد الانتصار النسبي الذي أحرزته الجيوش والجماهير العربية في حرب تشرين. فهذه المفارقة وحدها تكفي لفضح تواطؤ هذه الأنظمة وفضح تركيبها المصطنع المفروض على الجماهير رغم إرادتها وبدعم خفي من الأنظمة الرجعية العميلة، ومن الاستعمار والصهيونية المختبئين خلف هذه الأنظمة. ولكن الجماهير والجيوش التي استطاعت ان تحرز هذا النصر، وان تظهر حدا كبيرا من التقدم والنضج على مختلف الأصعدة كجواب على الصدمة التي واجهتها الأمة في الخامس من حزيران... تلك الهزيمة التي كانت بسبب إبعاد الجماهير عن المشاركة في الحكم... وإبعادها عن النضال... فعندما حلت الهزيمة ضعفت سيطرة هذه الأنظمة على الجماهير فازدادت جرأة وإقداما واستطاعت ان تحقق النصر... ان هذه الجماهير والجيوش لن تسمح بان ينقلب النصر الذي حققته بإرادتها... وبوعيها.. وليس بإرادة الأنظمة التي تحكمها... لن تسمح بان يتحول هذا النصر الى نكسة أوجع من نكسة الخامس من حزيران، مهما حاولت هذه الأنظمة ان تجعل من أحداث لبنان، بتكثيف البربرية والهمجية وكل أعمال الإجرام في هذا القطر الصغير، وسيلة لتقضي على روح الصمود والانتعاش... روح الثقة بالنفس التي وجدت عند الجماهير العربية بعد حرب تشرين، وقد جاءت النتيجة أيضا لصالح المقاومة والقوى الوطنية، والأفكار العربية الثورية، إذ نشاهد بداية انقلاب فكري عميق في أوساط الفئات الانعزالية وبداية اهتداء الى الطريق العربي الجديد بدلا من اليأس والانهزام....أثر ذلك ينعكس الآن داخل النظامين السوري والمصري... إذ ان أية تسوية لم تعد واردة بعد أحداث لبنان، وكان المخطط ان تكون هذه الأحداث ستارا للتسوية وسبيلا إليها. بل لابد ان يزعزع الانتصار الذي حققته الحركة الوطنية مع المقاومة الفلسطينية في لبنان هذين النظامين الساعيين الى التسوية، والأنظمة الرجعية التي ساندتهما من اجل نجاح التسوية. وإمعانا في المفارقة فان النظام السوري ما زال يحمل اسم حزب البعث ويتستر بشعاراته. كأن الجماهير العربية التي أنضجت وعيها التجارب والنكسات والمعارك يمكن ان تضلل بالتسميات ورفع الشعارات. الجماهير تعرف حقيقتين: الأولى ان جماعة النظام السوري قطعوا كل صلة لهم بحزب البعث منذ ردّة 23 شباط سنة 1966 التي كانت مقدمة لهزيمة حزيران. والحقيقة الثانية ان الحزب، خلال الخمسة والثلاثين عاما، لم يسجل تفريطا بحق من حقوق الأمة العربية، فكيف بالاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب!! ولا يخامرنا شك في ان الجماهير العربية في سورية لن يطول سكوتها عن هذا التزوير الذي يمس سمعة حركة شعبية ولدت من قلب الجماهير، وكان القطر السوري، بما عرف عنه من وطنية عريقة، هو المهد لنشوء تلك الحركة العربية. اما المفارقة المفرحة والمتوقعة من قبلنا، فهي ان تهب الجماهير في الأرض المحتلة في وجه الغاصب الصهيوني رغم قسوته ووحشيته... ووسط هذا الجو العربي الذي يبعث ظاهره على التشاؤم نتيجة للتمزق والتناحر والتردي والانهزامية والتهالك وراء التسويات. لقد جاءت هذه الهبة صفعة قوية للمستسلمين، وتأكيدا على استحالة تمرير أية تسوية سلمية، وبرهانا جديدا، لمن يريد المزيد من البراهين، على ان الشعب... وان الجماهير التي استردت ثقتها بنفسها وبقدرات أمتها بسبب النصر الذي أحرزته في تشرين، لن تنساق وراء هذه الحلول، ولن ننخدع بها ولا بالأنظمة الداعية لها مهما ادعت من ثورية وتقدمية. كما ان هذه الهبة، جاءت لتعزز منطلقات الحزب وتحليلاته في ان معركة الأمة العربية مع أعدائها إنما هي معركة حضارية، سلاحها الأول والأفعل فيها هو قيمها وتراثها الروحي. ان الأمة التي ظهرت فيها رسالة بحجم رسالة الاسلام ترفض الخنوع، وترفض التبعية الفكرية والحضارية، ان لها طريقها الخاص واشتراكيتها هي اشتراكية عربية... الأمة التي حملت الى العالم رسالة الاسلام لا يمكن ان تكون قوميتها سلبية تعصبية عدوانية، فقوميتها هي في أساسها أخلاقية إنسانية تحمل مبادئ العدل والمساواة. مستوى الأمة العربية هو مستوى الأمم التي لها رسالات إنسانية. وانبعاث القومية العربية في هذا العصر يحمل معه بذور رسالة إنسانية الى العالم. ولقد حدد التراث لهذا الانبعاث مستواه منذ البداية. فهو على مستوى الدور الرسالي... في عمقه... في صدقه... في شموله. وهذا المستوى يكون حافزا وملهما، كما يكون مراقبا صارما. فالأمة العربية مطالبة بان تنهض... التأريخ يدعوها، والعالم الحاضر يطالبها بان تنهض لتؤدي دورها الأساسي الضروري، تصحيح سير البشرية وتقدمه. ليست مطالبة من أبنائها فحسب، ليست مسؤولة عن نفسها فحسب، ان لها دورا إنسانيا يجب ان تقوم به، لذلك فهي لا تستطيع ان تتساهل في أمر نهضتها وثورتها... اما ان تكون ثورة أصيلة أولا تكون أبدا. أعداء الأمة العربية يحاربونها على هذا الأساس ومن هذا المنطلق... أي إنهم يخشون ان تكون نهضتها مبدلة لسير العصر كله. لذلك فهم يضعون في طريق هذه النهضة عوائق من حجم: خلق دولة الاغتصاب الصهيوني في قلب الوطن العربي. والأمة العربية مطالبة دوما ان ترتقي الى مستوى آلامها، الى مستوى الألم الأعمق الذي هو اغتصاب فلسطين ومسؤولية تحريرها، لان في تحرير فلسطين تحريرا للعالم. حرية الأمة العربية تحرير للعالم والإنسانية، واشتراكية الأمة العربية تحرير للاشتراكية من سجن التبعية وفقر القالب الواحد، وإخصاب لها بخصائص الشعوب المتنوعة وإرواء لها من معين الواقع الحي. وحدة الأمة العربية هي في خدمة رسالتها الى الإنسانية، وشرط ضروري لأداء تلك الرسالة. والكلمة الأخيرة في تحقيق ذلك، هي في: التجدد، لان التجدد هو إرادة الحياة... وإرادة البقاء والارتقاء. ولان هذه الإرادة، إذا انطلقت ملء قدرتها، ليجرُف سيلها ما تبقى من عوائق رجعية وقطرية وعقلية فوقية، فيكون ذلك هو التعبير الصادق عن أصالتنا وحقيقتنا. الأصالة العربية لن تكون في التحنيط والتدجين، بل في الانطلاق والإنعتاق وفي ارتعاشة الحرية ونشوة الأعمال البطولية. الأصالة هي ان نكمل ونبدع لا ان نعيد ونكرر ونقلد. فليبارك الله في الأجيال العربية الصاعدة، المقدامة المتمردة، التي تقتحم المجهول ويغريها الحلم الكبير، حلم الوحدة والتحرير. تحية حب الى مناضلي الحزب في كل مكان. تحية الى جماهير امتنا العظيمة. تحية الى الجبهة الوطنية والقومية التقدمية. تحية الى كل حلفائنا و أصدقائنا. تحية الى كل حركات التحرر والثورة في العالم. (1) كلمة في السابع من نيسان عام 1976، لمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي. منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي – سياسي sahmod.2012@hotmail.com
في سبيل البعث-( الجزء الثالث الباب الثاني)التراث عزّز صمود الأمة وأعطى للثورة العربية(10)