في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الخامس:)النضال ضد تشويه الحزب(95)
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الخامس:)النضال ضد تشويه الحزب(95) الإثنين يناير 09, 2012 2:50 am
في سبيل البعث: الجزء الرابع: الباب الخامس: النضال ضد تشويه الحزب(95) عندما يمض زمن طويل ولا يتيسر للقيادة أو لبعض القادة أن يجتمعوا بقواعد الحزب، ثم يتاح هذا الاجتماع وفي ظروف عصيبة.. في ظروف تراكم الأزمات التي تتالت على الحزب يشعر الذي يريد أن يتحدث إلى القاعدة بان عليه أن يقول كل شيء، وان يعوض عن الزمن الذي فات، عن الانقطاع الطويل الذي كان احد أسباب التردي الذي أصاب الحزب، والتشتت في أفكار الحزبيين، والبعد عن أفكار الحزب وأخلاقيته.. إنني أشعر الآن بأن مواضيع كثيرة تعد بالعشرات تلح علي أن أشرحها وأوضحها لكي أقوم ببعض واجبي نحو هذا الحزب، ولكي لا يبقى عذر للحزبيين الصادقين المستعدين للنضال والتضحية في سبيل هذا الحزب والذين ضللتهم الشائعات، وضللتهم أهواء وميول ومصالح بعض اللذين وجدوا في قيادات الحزب أو في مراكز المسؤولية في السلطة. لقد تبدلت صورة هذا الحزب وتبدلت نفسية أعضائه وإذا كان التعميم غير جائز فان هذا يصح على الكثيرين.. تبدلت معالم هذا الحزب لا بل بُدلت وفق مخططات وتصميم وعمل دائب، حتى يتحول هذا الحزب في عقيدته وفي سياسته وفي تنظيمه وفي أخلاقيته، وزيادة في التضليل وفي الإجرام بحق الأمة العربية احتفظ باسم الحزب.. باسم الحزب الذي هو معروف لدى الشعب العربي منذ ربع قرن بوحدويته وثوريته ونظافته وبتميزه عن كل ما سبقه، حتى تطعن الأمة في أملها، في ثقتها بنفسها، في عقيدتها القومية الاشتراكية، ولكي يعم اليأس. لقد أريد لهذا الحزب أن يبدل في تركيبه ومسلكه، وان يتحول إلى تناحر على السلطة، وعلى الملذات.. وعلى الرواتب.. يستغرب بعض الرفاق من عبارة وردت في كلمتي في القيادة القومية أن يداً أجنبية قد امتدت إلى هذا الحزب، فلنحكم ضمائرنا: إن من غير المعقول أن يزيف هذا الحزب.. والى هذا الحد بأيدٍ عربية... إننا نسمع رفيقاً شاباً في العشرين من عمره، ربما قد يكون قد انتسب قبل عامٍ أو عامين إلى الحزب، يوجه أسئلة ويطرح آراء يشكك فيها بماضي هذا الحزب منذ تأسيسه، وبالرفاق الذين كان لهم شرف البداية، وهم ليسوا واحداً أو اثنين، إنما هم جيل من الشباب العربي، ولم يدَّع فرد أو أفراد أي فضل في تأسيس الحزب.. إننا ننكر مثل هذه الادعاءات وأنا أول من يرفضها. اسألوا القيادة القومية عن رفضي لتسمية (القائد المؤسس) فليس في حزبنا مثل هذه العقلية ومثل هذه العادات، هم الجيل الذي أنشأ هذا الحزب قبل ربع قرن وناضل وكان له فضل استشفاف المستقبل. وهو الذي فهم حاجات مرحلة تاريخية بكاملها وعبر عنها أقوى تعبير وما تزال شعاراته تقود النضال العربي كله. ولم يستطع أي زعيم أو أي حركة أن تغير في هذه الشعارات إنما كان الجميع يقتبسون منها. ومع ذلك نجد رفاقا شباناً لا يعرفون شيئا عن تاريخ هذا الحزب يقدحون بتراث الحزب وماضيه وبهذا القائد أو ذاك. بعد ذلك كيف نصدق بان هذا هو حزب البعث وبأنه لم يشوه ولم توضع المخططات لتبديله لا كرهاً بالقادة وإنما بناء على خطة جهنمية لضرب قضية الشعب العربي.. فبتفكك هذا الحزب والإساءة إلى ماضيه وتراثه النضالي تضرب قضية الشعب العربي وهذا هدف الاستعمار. عندما نكون في اجتماع حزبي نرى نسبة غير قليلة تقدح في الحزب وفي قياداته وتاريخه وسياسته. تماما كما يفعل الأعداء، فهل هناك دليل أقوى واسطع من هذا على القول بان الأعداء قد تسربوا إلى حزبنا ونفذوا إليه؟ العقيدة أقوى ولكننا أقوى منهم بالكلمة الحقة الصريحة، وبالعمل الصادق، وبالتضحية والتجرد نفضح هذه الألاعيب وهذا التآمر. إن كتلا وقوى تتجمع بيدها سلطة وقوة.. وسلاح وإذاعات وأموال وأجهزة.. وتصب الاتهامات والافتراءات على أفراد لا يملكون شيئاً بل يزدادون فقراً وضعفاً في الوسائل. ومع ذلك تبقى القوة الحقيقية لأصحاب العقيدة لأصحاب القضية الثابتين على المبدأ ويتبدد المضللون. في كل فترة يأتي أمثال هؤلاء ثم يتبددون وتبقى فكرة الحزب وروح الحزب. يكفي أن يبقى أفراد قلائل في هذا الحزب لهم الشجاعة بان يصمدوا ويرفضوا الموافقة على التسلط وعلى التزييف ويرفضوا السكوت عن الإجرام.. يكفي أن يبقى أفراد من هؤلاء فلا يموت الحزب. ولا تنطفئ، حقيقته لان رجلا صادقاً يستطيع أن يهزم المئات من المفترين الكاذبين. أيها الرفاق: لا أريد أن انسب كل شيء.. كل التشويه الذي طرأ على الحزب ودخل عليه إلى الفاسدين والمخربين، فإلى جانب حقيقة دور هؤلاء توجد حقيقة أخرى وهي أن هناك إهمالاً في الحزب ومواطن ضعف قديمة وجدية سمحت بان يضلل قسم غير قليل من قواعد الحزب وبأن يسيئوا الفهم، نظراً لانقطاع الصلة بين القيادات والقواعد ولانعدام التثقيف والتوجيه، ولنقص الغذاء الفكري اليومي.. فتكوَن الجو المناسب لتصديق الشائعات ولإساءة الفهم والظن ولردود الفعل السلبية.. إننا إذا نشدنا الحقيقة والدقة في كلامنا وأحكامنا نجد أن الفاسدين قلة وبأن الكثرة مضللة على طيبتها وبحسن نواياها واستعدادها للنضال. ولولا ذلك لكان علينا أن نيأس وان ننفض يدنا من هذا الحزب، ولا موجب لليأس لان عودة الحزب إلى أصالته ممكنة، إذا بدأنا صفحة جديدة من اجل التوضيح والتثقيف، من اجل التجديد وسد الثغرات في هذا الحزب من جميع النواحي الفكرية والتنظيمية والسياسية. دعوة إلى التجديد إننا لم نقل بان هذا الحزب لا يحتاج إلى التجدد. ارجعوا إلى ماضي الحزب تجدوا بأنه قام منذ الأساس على الفكر الناقد لنفسه والذي لا يكتفي بحد، بل ينشد الكمال و يعترف بالنقص ويدعو باستمرار إلى التصحيح والتطوير، وعندما أقول ارجعوا إلى كتابات الحزب و ماضي الحزب أشعر بأسف وألم، ولقد أصبحت متأكداً بان خمسة بالمائة من هذا الحزب قد يكونون على اطلاع على ماضي الحزب وأفكاره وأن خمساً وتسعين بالمائة لا يعرفون عن ذلك شيئا، وهذا ما يدعو إلى الخوف والقلق، فيجب أن نستيقظ قبل فوات الأوان لان الحركة العقائدية لا تستطيع أن تنمو إذا انقطعت عن الصلة بتراثها وماضيها. وذلك لا يعني أن نتجمد على الماضي، بل أن نكون متصلين به اتصالاً حياً واعياً يحقق وحدة الحزب وانطلاقه وسلامة اتجاهه. وإذا سلمنا بهذا الواقع المؤسف بان يتجاهل الحزب ماضيه ويحقد عليه ويعمل فيه تجريحا، فكيف ننتظر من هذا الحزب ألا يتجمد ويتشتت؟.. كيف إذا عمل على تهديم ماضيه بدلا من أن يستوعبه بمحبة لا بالعبودية له، بفهمه لا بالتوقف عنده؟. إن ماضي الحزب يمثل الدوافع العميقة لنشوء الحزب فحزبنا حزب جديد من نوعه، فيه نواقص ولكنه قادر على تصحيحها والتغلب عليها والتغلب على الكثير من الأمراض، وهو قادر على أن ينطلق من أفراد قلائل لكي يستوعب الألوف من المناضلين في الأقطار العربية كافة. إن المناضلين البعثيين يولدون في كل قطر عربي وحزبهم يمثل الحركة العربية الصادقة. لو كان في الحزب كتلة محافظة مهيمنة تحارب التجديد وتقاوم كل فكرة جديدة، لو كان هذا المرض موجوداً في الحزب لما عاش الحزب ولما نما وتقدم وحقق من الانتصارات الحاسمة. قولوا لنا، متى كان هناك فئة من القادة أو غيرهم يرفعون سيف التحريم فوق رأس كل من يجدد أو يطالب بالتجديد أو يطرح فكرا جديدا؟ أليس العكس هو الصحيح؟ إن حزب البعث لم يعرف التعصب وسد الباب في وجه التجديد. ما ذنب القادة الأولين إذا هم قدموا كل ما يستطيعون؟. إن أولئك القادة لم يكونوا قابعين وراء المكاتب براحة واطمئنان بل كان عليهم واجبات وكان عليهم مواجهة المهمات النضالية في كل يوم. لقد أوجدوا الحزب بمثل هذا الدأب ولم يتفرغوا للكتابة والدرس. إن النضال هو الذي أوجد فكر الحزب. كيف نشأ حزبنا؟ إن حزبنا لم ينشأ كالحزب الشيوعي مثلا. إن لحزبنا ظروفا متميزة، فالحزب الشيوعي سبقته نظريات اُلفتْ وجُمعت في عشرات من السنين وكتبت عنها الكتب والدراسات وبعدها تأسس الحزب. أما حزب البعث فلقد دخل النضال منذ اليوم أول لتأسيسه. وكان الجيل الذي أسس الحزب، داخلاً في معركة النضال، وهم لم يبدأوا النضال مع الحزب بل كان لكل منهم تاريخه النضالي. إن الحزب لا يتأسس على الورق بل بقوة مهيأة للنضال لها تجربتها، وبعد أن تتضح لها صورة عملها شيئاً فشيئًا ومن خلال النضال تأتي كي تضع نظريتها. هكذا نشأ حزب البعث. أيها الرفاق كانت هناك ظروف في الماضي باعدت بين قيادات الحزب وقواعده، ثم أتت ظروف جديدة بعد حركة الثامن من آذار زادت في هذا التباعد بل جعلته شيئا مقصودا لا عفويا كما كان من قبل. إن هذا التباعد لم يكن ناتجاً عن بعض الإهمال في التنظيم بل كان، بعد الحركة، حصيلة مخططات ترمي لإبعاد حاضر الحزب عن ماضيه ولإقامة سدود منيعة بين القواعد والقيادات، بين الحاضر والماضي. فكيف بنيت هذه السدود المصطنعة؟.. لقد كانت العراقيل توضع في وجه اتصال القيادة بالقاعدة وأؤكد لكم بان هناك عراقيل كانت توضع في وجه هذا الاتصال. كنا في السنة الأولى لحركة آذار في شغل دائم في المجلس الوطني. وكان المجلس يجابه المؤامرة تلو المؤامرة من عناصر داخلية وخارجية وكان يجابه الظروف المتشابكة والمعقدة والخطيرة التي طرأت بعد الحركة، حتى مُنيَ الحزب بكارثة.. هي كارثة نكسة انتفاضة الحزب في العراق والتي انعكست على الحزب في سورية وأفقدته قسما كبيرا من رصيده وثقة الشعب به. كانت تلك السنة بالنسبة لبعض القادة سنة عمل دائب لمواجهة هذه الأحداث والأخطار وكانت القيادة منشغلة في معالجة أصعب مراحل الحكم.. تلك المراحل التي عشتموها وتقدرون خطورتها ودقتها. في ذلك الوقت كانت هنالك الفئة الانتهازية المستعجلة للسلطة. تلك الفئة كانت مؤتمنة على الحزب فأساءت الأمانة ووضعت مخططات للقفز إلى السلطة دون رصيد نضالي، كانت مؤتمنة على التنظيم، وكانت القيادة مشغولة كما ذكرنا، فراحت تلعب بالحزب لعباً إجراميا، تُدخل فيه وتُخرج منه من تشاء في ظروف هي ظروف الحكم والامتيازات والمنافع، وكانت تلقّن من تدخلهم بان ماضي الحزب يميني. وما أن انتبهنا إلى ما يتم من تشويه وتخريب حتى بدأنا نحاول الاتصال بالقواعد وإذا بالعراقيل توضع. في أوائل عام 1964مثلا أردت أن أزور بعض الفروع وطلبت من الرفيق فهمي العاشوري الأمين القطري المساعد وقتذاك أن يرافقني واتفقنا على السفر. ولم اعرف سبب ذلك إلا بعد أشهر عديدة عندما قام الرفيق فهمي في اجتماع رسمي وقال انه طرح الأمر على القيادة القطرية فارتأت القيادة القطرية عدم مناسبة زيارة الأمين العام للفروع. بعد أشهر ذهبت إلى اللاذقية واتصلت بأحد أعضاء الفرع وهو المحافظ وطلبت إليه أن يعلم القيادة بأنني أريد أن أزور الفرع، وعندما وصلت إلى مقر الاجتماع لم أجد هناك أحداً، وبعد ساعة ونصف لم يأت سوى خمسة أعضاء ثم صار العدد ثلاثين وتحدثت إليهم وعرفت من أقوال الحاضرين وبينهم أعضاء في قيادة الفرع أن بعض أعضاء قيادة الفرع قد أحبطوا الاجتماع. وبعد فترة ذهبت إلى السويداء ودرعا ثم إلى حمص وحلب. وفي حلب لاحظت أمراً غير طبيعي، فبدل دعوة الأعضاء العاملين دعوا الأنصار، وخلال الاجتماع قاطعني احد أعضاء الفرع بقصد التشويش وبلغني بأنه حاول أن يعطل الاجتماع وبرر ذلك بإرادات عليا وذكر الحاضرين بما حدث في اللاذقية وطلب منهم أن يقاطعوا الاجتماع أيضا. هناك تآمر على الحزب أيها الرفاق ويجب أن نسمي الأشياء بأسمائها. أيها الرفاق إن الأزمة في الحزب قديمة وهي تعود إلى الأشهر الأولى من قيام حركة آذار. فبعد مضي عدة أشهر على الحركة بدأنا نشعر أن هناك أشياء غريبة وشاذة في المؤتمرات القطرية والقومية وتبين لنا بأن مخططا قد وضع قبل الحركة من قبل اللجنة العسكرية، من أفراد لا ننكر عليهم تحمل المشقة، ولكن السلطة ورطتهم في مزالق بعيدة عن أخلاقية الحزب. بعض هؤلاء الأفراد من اللجنة العسكرية أخذوا يتصلون بالصف الثاني من ا القياديين الذين أوكلت إليهم مهمة التنظيم بعد الحركة وصاروا يحرضون فيهم شهوة السلطة والقفز إلى القيادات والمراكز ويشتركون معهم في مخطط لضرب القيادات القديمة لتشويه ماضي الحزب وتراثه وذلك ليتسنى لهؤلاء الأفراد من أعضاء اللجنة العسكرية أن يحلوا محل قيادة الحزب. لقد ورطوا أولئك الحزبيين من الصف الثاني الذين لم تكن لديهم مناعة أخلاقية كافية، لم تكن لهم تجربة طويلة تمنعهم من قبول المغريات فانبروا يزيفون التنظيم والانتخابات. ولكن المسؤولية تقع على العسكريين لأن بيدهم السلطة والقوة. لقد ضربوا على مواطن الضعف في نفوس أولئك الشباب، ورطوهم وكانوا يعرفون أن أولئك القياديين من الشباب لن يكونوا عقبة في وجههم وان التخلص منهم سهل، وهذا ما حصل بالفعل، إذ لم تمض سنة على الحركة حتى أزيحت تلك الفئة التي ظنت أن باستطاعتها أن تقود الحزب. وليس صحيحا أيها الرفاق ما ادخل في روعكم بأننا طلبنا من رفاقنا العسكريين أن يصوتوا ضد القيادة القطرية في المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد في شباط 1964، لأننا لم يكن في يدنا سلطة لا على العسكريين و لا على المدنيين. إن العسكريين قد ساروا في مخططاتهم ولم يسألوا عن احد، وكانت هناك ظروف سهلت لهم الأمر وسهلت انخداعنا، وهذه الظروف هي: ضياع الحكم في العراق، والذي انعكس على الوضع في سورية انعكاساً خطيراً، ومما زاد التدهور أن الرفاق العراقيين الذين أضاعوا الحكم جاؤوا إلى سورية ليتعاونوا مع القيادة القطرية هنا والتي هي امتداد لتكتلهم، ويخربوا الحكم في سورية أيضا. ولا أقول شيئاً جديداً إذا قلت بان أولئك الرفاق العراقيين جاؤوا ليخفوا جريمتهم ولينتقموا من الحزب وليشفوا أحقادهم، وهم الذين لم يكونوا في مستوى المسؤولية، وهم الذين كانوا كالأطفال الأشرار في تلك الظروف الحرجة والخطيرة، كان لا بد من وضع حد لتخريبهم. وعندما انعقد المؤتمر القطري الاستثنائي وفي هذا الجو طالب الرفاق العسكريون بنسبة موسعة في المؤتمر فلم نجادل كثيرا في هذا الأمر وانطلقنا من حسن الظن، وإذا بهم كتلة تقف مواقف مدروسة ككتلة داخل المؤتمر. إن الخوف على الحكم من أن يضيع جعل الكثيرين يتغاضون، فاستُغل هذا الظرف ليحصل الرفاق العسكريون على حصة الأسد في القيادة القطرية (سبعة من أصل 16) ويُنجحوا القائمة التي أرادوها. وأقول لكم أيها الرفاق بأننا بدأنا نتنبه إلى الخطأ دون إساءة الظن، وقلنا لعلهم معذورون ولعل خوفهم على الحكم من أن يضيع هو الذي يدفعهم إلى الإكثار من عدد العسكريين في القيادة. تنبيه إلى الخطر وكنا ندرك بان وجود ذلك العدد من العسكريين في القيادة هو منزلق، وقد نبهنا إلى هذا المنزلق لان احتمال التناقض بين العسكريين يمكن أن يشكل خطراً كبيراً على الحكم. فكان جواب رفاقنا العسكريين البكاء والتهديد بالانتحار واتهامنا بأننا وجهنا إهانة كبرى إلى العسكريين. بعد هذا المؤتمر بدأ التسلط السافر ولم نقصر في التنبيه والتحذير، وكنا نناشد في أولئك الرفاق حزبيتهم ووطنيتهم أن يجنبوا الحزب والبلاد مهالك محتومة إذا لم يوقفوا التسلط العسكري ويرتفعوا إلى مستوى النظرة التاريخية المتجردة ويضغطوا على أنفسهم وعلى رفاقهم ويمنعوهم من هذا الانزلاق. ولكن يبدو أن الإنسان لا يعتبر إلا بعد أن يجرب بنفسه. ومنذ ذلك الحين بدأ الصراع مع القيادة القومية. بدأ بإهمال القيادة القومية وبالاستخفاف بأوامرها وتوجيهاتها. ماذا كنتم تفعلون لو كنتم مكان القيادة القومية حينذاك؟.. كان الحكم في العراق قد ضاع، وكانت الرجعية قد انتعشت في سورية وتذكرون حوادث حماه والاضطرابات. ما كان لنا غير وسيلة النصح والتحذير خوفا من أن يقع في سورية ما وقع في العراق. أنتم تتساءلون: لماذا ترك الأمين العام القطر؟ إذا لم يكن باستطاعة القيادة القومية أن تنبه القواعد بشكل مباشر وعن طريق التنظيم. فما هي الوسيلة؟.. كانت القيادة تخشى أن يقع في سورية ما وقع في العراق وكانت معذورة إلى حد ما، ولكنني حسب تجربتي أدركت بأن الخطر ماثل وان الحكم يتدهور. كانت أجهزة دولة الحزب.. الدولة البعثية الاشتراكية تشتغل بتشويه سمعة الأمين العام أكثر مما كانت تشتغل لرد مؤامرات الاستعمار والرجعية، كانت تلك الأجهزة تنقل للقيادات المصنوعة التلفيقات والاتهامات على الذين أسسوا هذا الحزب ورافقوا مسيرته حتى الآن. كانت توضع العراقيل النفسية بين القيادة والقواعد بان يصوروا قادة الحزب وكأنهم من المنحرفين. ذهبت إلى بون لا لكي أتآمر مع الاستعمار، سافرت لأنني كنت اشعر انه ما من حل آخر سوى أن يعقد مؤتمر قومي خارج سورية.. أي خارج إطار السلطة. وكنت حينذاك أفكر في البقاء في الجزائر ولكن مؤامرة حالت دون وصولنا إلى الجزائر. وذهبت إلى بون لان أخي يقيم هناك ولكي لا أتشرد ويعز علي أن أقول لكم دون فخر ولا اعتداد بأنني لم أكلف الدولة والحزب قرشاً واحداً خلال الخمسة أشهر التي قضيتها هناك. فلقد رددت الأموال التي أرسولها لأنني ذهبت ومعي فكرة الحزب.. وقضية الحزب.. وألم الحزب.. لقد حان الوقت لكي تعرف بعض الأشياء: لقد أنزلت راتبي 300 ليرة بعد حركة آذار، والطالب الحائز على شهادة الحلقة الثانوية يأخذ أكثر من راتبي، ولقد فرضت على نفسي هذا الشيء، رغم أن مصروفي زاد بعد الحركة.. لقد كنت أقدّر ما يمكن أن تفعله المادة في النفوس فقررت تخفيض راتبي لكي يأتي المثال من القادة. ولم يكن هذا الموقف رغبة في إعطاء درس وقدوة فقط بل أصبح نتيجة اشمئزاز واستنكار بعد ما رأيت المفاسد تعم وتستشري بين الحزبيين الذين كانوا مثال النظافة في الماضي. أصبحت اشعر بأننا إذا أكلنا أكثر من لقمة العيش أصبحنا أسرى للتخريب والتزييف والتشويه لان المال يفسد الضمائر. وقد أصبحت له رائحة قذرة. لا نقبل إلا لقمة العيش حتى تستفيق الضمائر. حتى تعود الروح الأصيلة إلى هذا الحزب.. وحتى تتذكروا من اجل ماذا وجد هذا الحزب وناضل ومات الألوف في سبيله في اليمن وليبيا والعراق وغيرها؟ أمن اجل أن يغرق البعض في الشهوات؟ لا بد أن تعود إلى هذا الحزب روحه الأصيلة ولو اضطرنا ذلك إلى الاستشهاد. لقد عدت من الخارج بعد أن حصلت القناعة لدى القيادة القومية بأن لا بد من طرح الأزمة. وبعد عودتي اجتمعت القيادة القومية طويلا وطرحت الأزمة. واتخذنا القرارات التي اطلع عليها بعضكم ولكننا جوبهنا بالتمرد من قبل السلطة.. ولا أقول القيادة القطرية لان القيادة القطرية أصبحت هي السلطة. إن القيادة القومية هي القيادة الحقيقية للحزب، لأن البعث حزب وحدوي وقيادته واحدة في القيادة القومية تطرح المصلحة العليا للأمة العربية، أما في القيادات الأخرى فقد تطغى المصالح الإقليمية.. وبقدر ما تخضع القيادات القطرية للقيادة القومية بقدر ما يكون وجودها مشروعا. في القيادة القومية عيوب، ولكنها تبقى رغم ذلك أجدر قيادة وأبعدها نظرا، ولذلك يجب احترامها وإطاعتها. أما التشكيك فيها فهو تخريب للحزب وهو جريمة نكراء. قبل عام وشهر عندما ووجهت القيادة القومية بالتمرد لم ترد أن تعرّض الحكم إلى الخطر، لأن الذين كانوا في القيادة القطرية آنذاك كانوا عسكريين أو من صنع العسكريين.. ولقد هدد هؤلاء بالانسحاب من الحزب ومن السلطة ومن الجيش. فقلنا لننتظر المؤتمر القومي. المؤتمر القومي الثامن فإذا كان حزب البعث سينتهي إلى هذا المصير فيجب أن تشترك جميع المنظمات الحزبية.. فالأزمة خطيرة جداً وليشهد عليها ممثلو البعث في الوطن العربي وليتحمل كل منهم مسؤوليته. إذا كان حزب البعث يملأ الجو منذ عشرين سنة أفكارا ومبادئ وشعارات قومية خالصة.. وبعد ذلك يكون هنالك من بيدهم سلطة فيهددون بها ويسخرون أموالها للتشهير برفاقهم، فليأت الحزب القومي الذي لا يملك مالا ولا سلطة ولا وزراء، وإنما فيه الالتصاق بالمبادئ والنضال والأخلاق. وجاء المؤتمر القومي ومع الأسف تتكرر الأخطاء وتلعب الأغراض الشخصية أحياناً دورها وتفضل اللفلفة على الطرح الصريح للأزمة.. ويُظن بأن الحزب يمكن أن يُغش ويُخدع. وأيقنت أن الحكم سوف يهدد بمصير قريب ما دامت الفرصة تفوت وينفض المؤتمر القومي دون أن يبحث أزمة الحزب.. وأقول كلمتي للتاريخ وللأذهان الواعية، أقولها عندما قروا اللفلفة وحجبوا عن المؤتمر حقيقة الأزمة، قلت كلمتي في آخر يوم وسردت وقائع الأزمة ولم أتجن على احد بل أنصفت الجميع وأنصفت الحزب قبل الجميع. ويومها كنت قد قررت الانسحاب من القيادة وترك المجال لغيري طالما أنهم لا يقدرون خطورة هذه الأزمة، وطالما أنهم لم يستنكروا الاستنكار اللازم ما حدث عندما تمردت القيادة القطرية السورية على القيادة القومية وطالما أنهم يفضلون اللفلفات، وطالما أنهم لم يستنكروا هذه الألاعيب التي تدخل إلى حزب البعث.. الألاعيب اللا أخلاقية التي تجيز أن ينزل رجال السلطة والأجهزة كل الافتراءات عن قيادات عليا في الحزب لها ماض من عشرين وخمسة وعشرين عاما افتراءات تطعن بوطنيتهم وحزبيتهم ونزاهتهم. لقد حدثتكم عن وضعي كيف عشت عندما سافرت إلى الخارج.. ولكن من جملة ما قالوه إنهم دفعوا لي مبلغ - 75 - ألف ليرة. فكان لا بد أن أقف موقف المنبه. فليس بيدي لا جيش ولا قوة مادية، بيدي هذا التنبيه هذا الأسلوب فقط. من يصدق أن شخصا عاش مع هذا الحزب من أول لحظة حتى الآن لا يريد أن يبقى في الحزب؟ فإذا ابتعدت لا بد أن يكون هناك تساؤل. إن كلام بعض الرفاق فيه بساطة بأنه كان من الواجب أن أبقى. كيف أبقى ما دمت أرى الأمور على ضلال ولا استطيع أن أصحح. لقد امتنعت عن حضور اجتماعات القيادة والمجلس الوطني، وإنني اشعر براحة ضمير واعرف بأنني اعمل واجبي وهذا ما حصل في المؤتمر القومي الثامن. والقيادة القومية التي خرجت منه تجاهلت مع الأسف تجربة القيادة التي جاءت قبلها وبدأت بداية جديدة فأضاعت وقتا طويلا كان يجب أن يوفر على الحزب وان تعالج الأزمة منذ ذلك الحين، ولكن في آخر الأمر وبعد تكرار التجارب وصلَت إلى نفس النتائج التي وصلت إليها القيادة القومية السابقة وقالت في الأزمة ما يجب أن يقال. الأسئلة التي سمعناها في هذا الاجتماع فيها الشيء الكثير المدبر والمحضر كما كان عليه الأمر في فروع أخرى. وهذه الأساليب لا تخفى على أحد، وقد أصبحت مفضوحة هذه الافتراءات، هذه التكتيكات، هذا الربط غير الجائز بل المخجل بين موقف القيادة القومية وبين الأسطول السادس.. وهذا الكلام عن أميركا وارتياح أميركا وسفير أميركا لتشكيل حكومة الأستاذ البيطار، لو كان الحزب يحترم نفسه، ولو كان هذا الحزب هو الحزب الذي نعرفه لما بقي أصحاب هذا الكلام دقيقة واحدة ولأخرجوا من القاعة ومن الحزب لأنهم مخربون. اسألوا وزير الخارجية السابق.. لقد اعترف بنفسه بالحقيقة في اجتماع الفرع العسكري في قطنا وقال أن موظفا في السفارة الأميركية أتى جريا على التقاليد ليودع الوزير المستقيل وليبدي احترامه للوزير الجديد، وان السكرتير الصيني أتى أيضا وعمل الشيء نفسه وأبدى أيضا ترحيبه بمجيء حكومة صلاح البيطار، فإذا كان هنالك شيء ما في الموضوع فما قولكم أن سكرتير السفارة الصينية يبدي ارتياحه لمجيء هذه الحكومة، هذه أقوال مجاملة في الدبلوماسية وأنا لا أعلق عليها بشيء. إن هذا النموذج يفضح هذه الأساليب. مسالة اليمين واليسار أثار بعضكم الآن وأثيرت من قبل موضوعات فيها جانب من الصحة والحق ولا يمكن أن نتجاهل الحق.. لنأخذ قضية اليمين واليسار.. هذه القضية فيها جانب من الحق وفيها جوانب من المغالطة والاختلاق والافتراء والتضليل والمزاودة والانتهازية يجب أن نفضحها. عندما طرحت شعارات اليمين واليسار في أوائل عهد الثورة.. طرحت لأغراض انتهازية وعندما أثيرت هذه القضية أثيرت أيضا لأغراض انتهازية بحتة. لقد كان شعار المخطط الذي حاول أصحابه من العسكريين والمدنيين الطامحين إلى القيادة والسلطة.. وهم الذين أرادوا سرقة الحزب والالتفاف عليه لان الحزب صار في الحكم، وصار هناك امتيازات ومناصب. إن الذين طرحوا هذه الشعار في العراق.. كان واحدهم يعيش كالأمراء في القصور ويتقاضى من الرواتب ما يبلغ عدة مئات من الدنانير في الشهر وكان يعيش في بيوت فخمة وسيارات وخدم.. هؤلاء كانوا أكثر الناس مناورة باليسار واليسارية. والذين طرحوا هذا الشعار في سورية وما زالوا يطرحونه كيف يعيشون؟ هل هم ينادون به شفقة على الجماهير الكادحة ومحبة بهم أم أنهم يتذرعون به ويستعملون هذه الكلمات ليبقوا في السلطة وليجمعوا المال وليتلذذوا بنعم الدنيا.. ليغرقوا بالشهوات؟ أما القاعدة الحزبية المضللة والبريئة فان هذا الشعار والكلمات تقع عليها أحيانا وقعا مؤثرا فتنخدع. حزبنا يساري إن حزبنا حزب يساري.. ومنذ أن وجد كان حزبا يساريا. هذه أفكار الحزب فهل يستطيع احد أن يأتي بعبارة واحدة من أفكار الحزب فيها تفكير يميني؟ إن حزبنا هو حزب يساري أصيل. ولكن الاجتهادات قد تختلف في الحزب العقائدي الاشتراكي، فعندما يخوض الحزب معارك كثيرة وتجارب عديدة ويواجه أحداثا وظروفا غير متوقعة قد تختلف الاجتهادات.. وقد يكون لبعض الأشخاص ميل ولو كان بسيطا نحو الاعتدال، وقد يسمى اعتدالا، وقد يسمى هذا شيئا من اليمينية وقد يكون هذا الأمر مرتبطا بظرف من الظروف، وقد يستنتج اليوم من بعض الوزراء بان لهم أوساطا معينة، وعقلية هي ليست عقلية الطبقة الكادحة، ولكن أتعرفون لماذا لا يبحث هذا الموضوع في الحزب بصراحة وجرأة وموضوعية، السبب هو أن الذين يدعون اليسار قد شوهوا معنى اليسار بأغراضهم الانتهازية وبعقولهم الطائشة الصبيانية. فعندما يرى الحزب أن ادعاءات اليسار مقرونة بالانتهازية وحب السلطة والطيش والمخاطرة حتى بالوطن والحزب وباستقلال البلاد يضطر الحزب إلى السكوت عن بعض الوسطية أو بعض الابتعاد عن الخط اليساري. وقد يكون عند بعض الأشخاص في الحكم مبررات فكرية وقناعات. ولكن هذه الانتهازية هي التي تمنع مناقشة هذه المبررات والقناعات، ومناقشة بعض الميول اليمينية التي قد تظهر أحيانا عند بعض الأشخاص. إن اليسارية ليست في التطرف والتهويش والمبالغات الوقحة وليست بالافتراء على الآخرين؟ إن اليسارية هي تحليل واقعي ومواقف عملية، وعقل علمي موضوعي لا يتأثر بالشهوات وبالمطامح والتأثيرات الوقتية وإنما تسيطر عليه الروح العلمية والتجرد والنزاهة.. وعندما يشفى مدَعو اليسار من أمراضهم نستطيع أن نعالج هذا الموضوع إذا كان واقعا. أيها الرفاق احد الرفاق سأل عن وحدة اليسار وقال بأنني طرحت هذا الموضوع في تصريح رسمي قبل عام ودعوت فيه إلى وحدة اليسار. إن هذه قناعتي منذ عشرة أعوام وليس منذ عام فقط وقد كتبت قبل قيام الوحدة في هذه المواضيع ولكني بعد حل الحزب.. وبعد الانفصال والظروف التي واجهتنا لم تسنح الفرصة لطرح الموضوع مجدداً على المستوى العلني وان كنا في القيادة القومية نوجه الحزب هذا التوجيه. اذكر لكم حادثة في عام 1961 عندما كان مقر القيادة القومية في بيروت زمن الوحدة أرسلت رسالة إلى القيادة القطرية في العراق تنبه إلى الأمور التالية: كنا على يقين أن لابد أن يحدث رد فعل من جانب الجماهير ضد الشيوعيين وان تستغل القوى الرجعية واليمينية رد الفعل هذا لشن حرب تصفية ضد الشيوعيين ولتعزيز الأفكار والمواقع اليمينية.. حينذاك وجدت القيادة القومية أن من واجبها تنبيه الحزب في العراق أن لا يتأثر بإيحاء الأوساط المحافظة واليمينية في العراق وأن لا ينجر إلى معارك انتقامية مع الشيوعيين. أرسلنا هذه الرسالة قبل انتفاضة رمضان بسنتين وعرفت أن القيادة القطرية في العراق أنزلت نشرة بهذا المعنى إلى قواعد الحزب تحذرهم من ردود الفعل السلبية تجاه الشيوعيين. وقفنا ضد تصفية الشيوعيين وبعد أسبوع من انتفاضة رمضان ذهبت القيادة القومية إلى بغداد، وجاء مراسلي الصحف ووكالات الأنباء إلى الفندق وطلبوا مني حديثا وتجمعوا حتى صار الأمر وكأنه مؤتمر صحفي فتحدثت إليهم. ولما سألوني عن موقف الحزب من الشيوعيين قلت للمراسلين وكان بينهم مراسلون من الدول الاشتراكية وغير الاشتراكية، إن حزب البعث لم يكن معاديا للشيوعية أو مكافحا لها. فهذه مهمة الأحزاب الرجعية وحزب البعث ليس من هذه الأحزاب.. غير أن من واجب الحزب أن يقف في وجه كل عمل جنوني اخرق، فلما نزل الشيوعيون إلى الشوارع مسلحين لمقاومة الانتفاضة كان من الواجب ردعهم.. ولكن لن تكون هناك أعمال انتقامية.. وأوضحت أن قيادة الحزب كانت قد احتاطت للأمر منذ سنتين (مسألة الرسالة التي بعثت بها إلى القيادة القطرية عام 1961 ). ولكن القيادة القطرية في العراق مجمعة على التصفية التي قاموا بها طوال تسعة أشهر.. هذا العمل لا يرتكبه إلا الحمقى، لقد جلبوا عداوة ثلاثة أرباع الدنيا لانتفاضة كانتفاضة رمضان منذ أيامها الأولى.. وكان عبد الناصر ضدها أيضاً.. أما المعسكر الاشتراكي فليس بالضرورة ضد انتفاضة رمضان وضد البعث.. ولكن القيادة القطرية أعطت المعسكر الاشتراكي مبررا كي يعادينا ويعزل الحكم في العراق، ويعبئ الأوساط التقدمية في العالم حتى صارت تنعتنا بالفاشست وعملاء الاستعمار. ولقد طرحت هذا الموضوع في المؤتمر القطري العراقي في بغداد، وفي المؤتمر القومي السادس. وبعد ضياع الحكم في العراق قفز أولئك الأطفال الذين كانوا يذبحون الشيوعيين نحو الشيوعية وتظاهروا بأنهم صاروا يساريين ليغطوا جرائمهم. هذه هي الانتهازية. وهؤلاء أيضا كانوا متشنجين ضد عبد الناصر إلى ابعد الحدود يأخذون علينا صنع الوحدة معه كأنها جريمة. وبعد أن خسروا الحكم والحقد في نفوسهم على الحزب راحوا يتزلفون لعبد الناصر ويتقربون منه. موقفنا من الماركسية وهناك مسألة موقفنا من الماركسية ومن الشيوعية المحلية والعالمية. ولتبسيط الموضوع نقول أن هنالك في موقفنا طورين الأول منذ نشأة الحزب حتى عام 1956 والثاني منذ عام 1956 وحتى الآن: عندما نشأ الحزب كان بيننا وبين الشيوعيين خلافات كبيرة وجدية وفي غاية الخطورة. إن الأحزاب الشيوعية العربية لم تقدم جوابا على مشاكلنا القومية.. وكان الشيوعيون المحليون ينكرون القومية ويعادونها كما كانوا ينكرون الوحدة ويعملون على أساس إقليمي ولم يقدم مدعو الماركسية جوابا على مشاكل البلدان المتخلفة ولم يفهموا أن النضال القومي التحرري فيها يكون مقرونا بالنضال الاشتراكي. إن حزبنا قد يكون من أول الأحزاب في هذا العصر، التي أعلنت هذه الحقيقة في آسيا وأفريقيا: حقيقة اقتران النضال القومي بالنضال الاشتراكي. قد نكون معذورين عندما نقدنا مدعي الماركسية في ذلك الوقت وحذرنا الشباب منهم. ففي ذلك الطور لو أخذ العرب بالماركسية كما كانت مطروحة وساروا في ركاب الشيوعيين لكانوا ذيلا لغيرهم ولما وصلوا إلى هذه الانتصارات الاجتماعية. كانت الأحزاب الشيوعية تطلب إلى العرب آنذاك أن يسكتوا عن الاستعمار الفرنسي والانكليزي لان الفرنسيين والانكليز كانوا حلفاء للسوفيت وكان هذا الموقف خيانة لأهداف الأمة ولهذا كان لا بد للبعث أن يكشف حقيقة أن الأحزاب الشيوعية العربية حركات خاطئة وغير ملائمة لبلادنا لأنها لا تتفهم مشاكلنا ولا تقدم الحلول الصحيحة لها. في ذلك الحين كان جوابنا عنيفا على الشيوعيين لأننا كنا نخاف على شعبنا من أن يضلل وكان بيننا وبين الشيوعيين صراع على المصير، على الحياة، كنا نطرح السؤال التالي: هل نأخذ هذه الفرصة التاريخية ونقود الأمة العربية إلى النصر.. إلى الاستقلال والثورة القومية الاشتراكية أم نتركها فتقود الأحزاب الشيوعية بوضعها ذلك الأمة العربية إلى الفشل والى التخبط؟ وبعد مضي خمسة عشر عاما ظهر أن الأحزاب الشيوعية فشلت في العالم الثالث وليس في بلادنا فحسب. فهي لم تستطع أن تقود الثورة في الكثير من بلدان آسيا وأفريقيا بسبب النقص الأساسي فيها.. النقص في فهم طبيعة حركات التحرر الوطني في هاتين القارتين. وبعد أن تسلم حزبنا زمام القيادة لم تعد الأحزاب الشيوعية العربية تشكل خطرا وكان علينا أن نحاول تصفية الخلافات بعد زوال الظروف الموضوعية لنشوئها وان نزيل هذا العداء المستحكم. طبعا، أنا ما دعوت إلى تناسي الماضي في يوم واحد ولا الارتماء في أحضان الشيوعيين دون محاسبة ونقد ذاتي. وفي ذلك الحين بدأ الشيوعيون يصححون مواقفهم من الوحدة بعد أن كانوا يعادونها بصراحة أصبحوا لا يجرؤون على معاداتها فيما عدا موقفهم الخاطئ والمنحرف منها في العراق بعد انقلاب تموز 1958 وكانت هذه التطورات تقتض من جانبنا أن نتطور. فأمام الظروف الجديدة لا يجوز التعلق بالأفكار والمواقف القديمة التي كان لها ما يبررها في الماضي. وإنما يجب إعادة النظر فيها وتعديلها بالمقدار الذي تتطلبه الظروف الجديدة. إن الماركسية نظرية اشتراكية. وهي أولى النظريات العلمية وأهمها.. وليس جائزا أن ننظر إلى الماركسية نظرة تعصب. يجب أن ننفتح عليها انفتاحا موضوعيا.. وعند خلافنا معها يجب أن نقارع الحجة بالحجة وان لا نتزمت. يجب علينا أن نرى الحق والصواب أينما كان.. إن موقفنا اليوم من الماركسية والشيوعية لم يعد موقفا سلبيا وفي الماضي لم نكن مقلدين ولا زلنا غير مقلدين ولكن يجب علينا أن نأخذ كل ما يفيدنا في نضالنا الاشتراكي. سأل احد الرفاق: عن قولي بان القيادة القطرية المنحلة داست شرعية الحزب ومزقتها وان بها كتلا أدانها الحزب. إن عهد الانفصال أيها الرفاق ليس ببعيد. في ذلك العهد وقف قسم من الذين يسمون أنفسهم بعثيين إلى جانب نظام الانفصال وعملوا ضمن إطاره واختلفوا مع الحزب وانشقوا عنه، كان خلافنا معهم حول الموقف من الوحدة ومن الانفصال. في المؤتمر القومي الخامس اجتمع ممثلو الحزب في الأقطار وناقشوا موقف الحزب من الوحدة وقرروا أن نستأنف النضال من اجل وحدة سليمة ديمقراطية تعتمد على التنظيم الشعبي، ويجب أن نشدد النضال ضد عهد الانفصال لأنه عهد رجعي صنعه الاستعمار، ولأنه لا يخدم سوى مصالح الإقطاعيين والرأسماليين والانفصاليين.. كما قرر المؤتمر أيضا إعادة التنظيم الحزبي في سورية وارتباط هذا التنظيم بالحزب القومي وبالقيادة القومية وقرر أيضا تجاوز المشكلات التنظيمية والتكتلات والشلل في سورية، والتي كانت تقف عائقا أمام عودة التنظيم وأمام وحدة الحزب. وأدان المؤتمر القومي بصورة حاسمة وواضحة كل المواقف التي وقفها بعض الذين كانوا يدعون الانتماء للبعث إلى جانب الانفصال وضد قضية الوحدة واعتبرها انحرافا وبرأ الحزب منها. هذا هو موقف الحزب.. موقف المناضلين في الأقطار العربية الذين كانوا يواجهون الجماهير كل يوم ويتحسسون مشاعرها وآراءها وأهدافها. ولكن فئة قليلة تمردت على قرارات المؤتمر القومي الخامس وشكلت حزبا جديدا باسم حزبنا.. وكان هذا الحزب الجديد منظمة قطرية إقليمية لا صلة لها بالحزب القومي الذي ناضل (يتبع)
عدل سابقا من قبل بشير الغزاوي في الإثنين يناير 09, 2012 2:55 am عدل 1 مرات
بشير الغزاوي
المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 11/12/2010
موضوع: رد: في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الخامس:)النضال ضد تشويه الحزب(95) الإثنين يناير 09, 2012 2:52 am
في سبيل البعث: الجزء الرابع الباب الخامس: النضال ضد تشويه الحزب(95) سنين طويلة وامتد في كثير من الأقطار العربية وحقق للجماهير انتصارات عظيمة. وبدأت هذه الفئة تشن حرب إشاعات ضد الحزب وضد القيادة القومية تماما كما يحدث اليوم، كما راحت تدعي الثورية واليسارية. إننا يجب إن نكشف حقيقة هذه الفئة وحقيقة مواقفها منذ الساعة التي تمردت فيها على الحزب ممثلا بالمؤتمر القومي الخامس وبالقيادة القومية التي انبثقت عنه. إن هؤلاء الذين سموا أنفسهم بعثيين وقفوا إلى جانب الانفصال بل راحوا يبررون الانفصال ويبررون مواقفه وسياسته. مواقف وسياسة خالد العظم وناظم القدسي ومأمون الكزبري وذلك التجمع الشعوبي الرجعي الاستعماري الذي كان يضم الإقطاعيين والرأسماليين وعملاء الاستعمار المكشوفين. وقد عملوا ضمن إطار النظام الانفصالي.. إنهم لم يرفضوا الانفصال.. ولم يثوروا عليه كنظام وإنما عملوا ضمن إطاره وادعوا أن باستطاعتهم أن يستفيدوا من الحريات الديمقراطية الزائفة التي وفرها لكي يعملوا. وكانوا يدعون أنهم يريدون إصلاحه من الداخل.. تصوروا هؤلاء اليساريين الثوريين وهم يريدون إصلاح نظام خالد العظم وناظم القدسي ومأمون الكزبري من الداخل. أيها الرفاق عودوا إلى التاريخ.. إلى تاريخ الحركات الثورية في العالم تجدوا أشباها لهذه الفئة.. إنهم الانتهازيون الاصلاحيون اليمينيون الذين يقفون عند منتصف الطريق ويخشون من المضي في النضال الثوري ويكتفون بالعمل ضمن إطار النظام الرجعي وبمعارضته معارضة جزئية من غير أن يتحملوا مشاق الثورة التي تتطلب الموقف الجريء الجذري والنضال الدائب الطويل. إن باستطاعتكم أن تعرفوا حقيقتهم من طريقة عملهم.. ومن مقارنة أسلوبهم بأسلوب الحزب. لقد شكلوا حزبا جديدا من مجموعة من التكتلات الشخصية ومن الشلل المعروفة في سورية دون وضع أية قواعد تنظيمية ثورية وراحوا يعملون عملا شبه علني في ظل النظام الانفصالي.. وكان هذا النظام لا يهتم بهم ولا يهتم بمعارضتهم وبياناتهم ولم يتعرض احد منهم للاضطهاد في عهد الانفصال.. كان وضعهم كوضع الأحزاب البورجوازية الموالية للنظام الانفصالي. كانوا جزءا من التركيب السياسي لعهد الانفصال. هكذا كان وضعهم وهم الذين ملأوا الدنيا انتقادا ضد أسلوب الحزب في التنظيم وضد القواعد الثورية في التنظيم الحزبي. أما التنظيم الذي كان مرتبطا بالحزب فانه بني على قواعد نضالية متينة مستقاة من تجارب الحزب التنظيمية في الأقطار العربية. بني التنظيم الحزبي على أساس سري ثوري وكان أعضاؤه يعملون ضمن شروط قاسية وصعبة وكانوا ينظمون المظاهرات والإضرابات الجماهيرية وكانوا يتعرضون للاضطهاد من قبل السلطات الرجعية. وإذا كانت قد حدثت أخطاء في التنظيم المرتبط بالحزب بسبب انحراف البعض وانتهازيته، فان الأساس كان صحيحا ثوريا وكان نقطة هامة في تاريخ حزبنا وأسلوب عمله. أما الفئة المنشقة التي ملأت الدنيا صراخاً عن السياسة والسياسيين وأساليب العمل السياسي فإنها كانت تعمل ضمن إطار اللعبة السياسية التقليدية وكانت تحاول النجاح في هذه اللعبة. هذه الفئة أيها الرفاق.. ارتضت لنفسها أن تكون إقليمية فأقامت حزبا قطريا لا ارتباط له بالحزب القومي ولم تعتبر ذلك خطأ أو انحرافا أو نقصا وإنما اعتبرت ذلك أمرا طبيعيا وأغرقت نفسها في المسائل القطرية وضاعت ضمن الإطار القطري. إن مجرد تشكيلها لحزب قطري يعبر عن اتجاهها الإقليمي. فحزبنا منذ أول يوم لنشأته لم يكن حزبا لقطر واحد وإنما كان حزبا للوطن العربي كله. لقد كان موقفها ذلك تعبيرا عن نظرتها المنحرفة إلى القضية القومية وقضية الوحدة. موقف الانزلاق نحو القطرية والإقليمية لقد انشقت هذه الفئة عن الحزب القومي.. عن الحزب الذي يستمد ثورته من قومية نظرية وقومية تنظيمية وقومية نضالية. فأين هي وحدويتها؟ وأين هي قوميتها؟ هل يمكن لفئة مهما كانت مخلصة أن تكون قومية ووحدوية إذا هي عملت ضمن نطاق إقليمي وانفصلت عن الحزب القومي وعملت على إضعافه وتقطيع أوصاله. ما هي النظرية الوحدوية لهذه الفئة التي بررت بها انفصالها عن الحزب القومي الذي نما وترعرع في الأقطار الأخرى؟.. وكيف نستطيع أن نفسر التناقض الخطير بين وجودها وتركيبها الإقليمي وبين ادعاءاتها الوحدوية؟ إن الاتجاه الوحدوي في نظر حزبنا ليس مجرد نيات وادعاءات وإنما هو انعكاس لواقع فعلي.. لقد اعتبر حزبنا وحدويا لأنه آمن بنظرية الوحدة وأقام كيانه على أساس وحدوي وليس لأنه نادى بالشعارات الوحدوية فقط. إن الرجعيين كانوا هم أيضا ينادون بالشعارات الوحدوية وقد فضحناهم منذ سنين وكشفنا زيفهم فإذا بالفئة المنشقة عن الحزب تأتي بعد سنوات من انهيار الرجعية واندحار أفكارها وانفضاح شعاراتها لتتبنى المنطق والسلوك الرجعي. وعندما انشقت هذه الفئة عن الحزب كانت تندد بفكر الحزب وتعتبره ناقصا كما كانت تقيم الدنيا وتقعدها عن النقص في المحتوى الاشتراكي لنظرية الحزب. فماذا قدمت لنظرية الحزب وما هي الأفكار الجديدة التي أضافتها إلى تراث الحزب الفكري؟.. لقد عاش قادة هذه الفئة قبل حل الحزب عام 1958 سنين عديدة في الحزب ولم يؤلفوا كتابا ولم يكتبوا مقالا يمكن أن يضيف شيئا إلى نظرية الحزب وتراثه الفكري. وبعد إن انشقوا عن الحزب لم يفعلوا شيئا ولم يقدموا سوى النقد والتجريح والتشهير وحتى بعد حركة آذار حيث امتلكوا السلطة والأجهزة ووسائل الإعلام ما الذي قدمته هذه الفئة لفكر الحزب ونظريته وللمحتوى الاشتراكي لهذه النظرية؟.. لقد اظهروا عقما فكريا لا مثيل له.. وتبين إنهم عاجزون عن العطاء. إن عقمهم وسطحيتهم وجهلهم كان يدفعهم إلى النقد والتجريح والى الإساءة إلى القادة الذين قدموا للحزب ما باستطاعتهم تقديمه من غير ادعاء أو تبجح أو غرور.. لقد كانوا يحاولون إخفاء عقمهم بالإساءة إلى تراث الحزب النظري والى أفكاره التي حققت له الانتشار والانتصارات. وهذه الفئة أيها الرفاق كانت تدعي كما ذكرنا اليسارية والثورية والتطرف. كانت تدعي الاشتراكية المتطرفة. ولكن التطرف والاعتدال ليسا مجرد ألفاظ وشعارات وإنما هما نتيجة لمواقف وممارسة عملية. إن الذي يحلل حقيقة آرائهم ومواقفهم العملية والسياسية يجد بأنهم ليسوا سوى إصلاحيين قد يكونون تقدميين نسبة إلى الرجعية ولكنهم يصبحون يمينين بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي الثوري. أي بالنسبة إلى حزبنا. لقد آمن حزبنا بالطبقات الكادحة وبنضالها من اجل الوحدة والحرية والاشتراكية وكانت نظريته تقول بان أهداف الشعب العربي هي القضاء على الإقطاع والرأسمالية، والقضاء على التجزئة والتسلط الدكتاتوري. وإذا عدنا إلى مواقف هذه الفئة السياسية وإلى اهتماماتها النظرية والعملية في وقت الانفصال لوجدنا أنها تركز على الإصلاحات الجزئية في منطق إصلاحي انتهازي في الريف وتعتبرها غاية الثورة ومنتهى اليسار.. لقد كانت هذه الفئة المنشقة أيها الرفاق فئة يمينية في حزبنا وذات سلوك إصلاحي انتهازي. لقد كانت تمثل أولئك الذين تعبوا في منتصف الطريق وعجزوا عن الاستمرار في النضال الثوري الذي يتطلب التضحية ونكران الذات والتعب والإرهاق. إن واقعهم بعد الحركة هو الذي يفضح حقيقتهم. في العراق قامت انتفاضة رمضان. وكانت هذه الانتفاضة نصرا للوحدة على الانعزالية والإقليمية ونصرا للتقدمية على الرجعية ونصرا للديمقراطية الشعبية على الديكتاتورية العسكرية. وكانت انتفاضة رمضان ثمرة نضال الحزب وثمرة موقفه الثوري الوحدوي الاشتراكي السليم في المؤتمر القومي الخامس. وكانت هذه الانتفاضة في احد جوانبها ردا حاسما على الانفصال الذي وقع في سورية عام (1961) وكذلك كانت حركة آذار. لقد قامت حركة آذار ضد الانفصال وضد منطقه وسياسته ومبرراته والطبقات الاجتماعية التي كانت مهيمنة خلاله. وكانت حركة آذار تعبيرا عن انتصار نظرة الحزب الوحدوية الاشتراكية التي عبر عنها المؤتمر القومي الخامس واندحارا نظريا وسياسيا للفئة القطرية المنشقة. فحركة آذار كانت ضد هذه الفئة.. لأنها كانت ضد التركيب السياسي لعهد الانفصال كله.. وهذه الفئة كانت جزءا من ذلك التركيب وعندما قامت الحركة شعرت تلك الفئة باندحار نظرتها ولم تتبن الحركة واعتبرتها حدثا غريبا عنها وظلت فترة من الزمن سلبية تجاهها وكانت تردد عنها نفس الإشاعات التي كانت ترددها عن الحزب قبلها. ولكن ما أن مضت فترة من الزمن حتى وجدنا أقطاب هذه الفئة يصبحون محافظين ووزراء وقادة في الحزب، وموجهين في أجهزة الإعلام، يدعون أن الحركة حركتهم وان العهد عهدهم ويكيلون للحزب الذي صنعها الاتهامات وللموقف النظري والسياسي الذي هيأ لنجاحها شتى التهم والطعون. فكيف انقلبت الآية؟ أيها الرفاق إن هذه الفئة الانتهازية اليمينية الإصلاحية التي اندحرت أمام نظرية الحزب ونضاله الثوري وسياسته السليمة قررت أن تركب مدَ الحركة التي كانت في الحقيقة قد قامت ضدها. إن الفئة العسكرية التي تحدثنا عنها والتي أرادت السيطرة على الحزب وتغيير حقيقته وجوهره.. بل التي أرادت تبديله بحزب آخر جاءت بهذه الفئة المنشقة ووضعتها على رأس الحزب وضعاً. إن القطريين الذين كانت الحركة تعبيراً عن اندحارهم وصلوا إلى قيادات الحزب والحكم لا لأنهم ناضلوا في صفوف القواعد الحزبية فرفعتهم هذه القواعد إلى القيادة، ولا لأنهم بشروا بنظرية ثورية جديدة فاعتنقها مناضلو الحزب واختاروهم قادة لهم، ولا لأنهم ضحوا بدمائهم وأرواحهم من اجل الحركة وأبان المؤامرات المتلاحقة.. لقد وصلوا إلى قيادات الحزب والحكم بأيدي الفئة العسكرية وصاروا واجهة مدنية لتسلطها على الحزب وعلى الجماهير. لقد تحدثوا كثيرا عن اليسارية وعن التنظيم الثوري وعن القاعدة الحزبية وعن المنظمات الشعبية.. ولكن أين هم من كل هذا؟.. لقد كانوا في عهد الانفصال يمينيين إصلاحيين يحاولون إصلاح نظام خالد العظم وناظم القدسي فإذا بهم يصبحون بعد حركة آذار يساريين متطرفين ثم جاءوا على أكتاف العسكريين فإذا بهم يتحدثون عن القواعد الحزبية وعن المنظمات الشعبية. وبعد أن استلموا الحزب وسيطروا عليه هذه الفترة الطويلة لم نجد في أساليبهم التنظيمية غير إدخال المئات والألوف إلى الحزب من غير تثقيف وتدريب على النضال وامتحان القدرة على التضحية والبذل. هذه الفئة كانت تطرح نفسها دائما خارج الحزب وإن هي تسمت باسمه. كانت تقول: لماذا وقع الحزب في هذا الخطأ أو ذاك؟.. لماذا فكر الحزب ناقص؟.. لماذا تنظيم الحزب على هذا الشكل الخ؟ إن هذا الأسلوب هو أسلوب الذين يضعون أنفسهم خارج الحزب وليس أسلوب الذين يعتبرون أنفسهم من صلب الحزب لو كان هؤلاء يعتبرون أنفسهم حزبيين وأبناء الحزب ولو كانوا يشعرون بمسؤوليتهم كما يشعر بها الثوريون الحقيقيون لطرحوا هذه الأسئلة على أنفسهم ولحاولوا مخلصين إيجاد الأجوبة عليها ولعملوا على تصحيح أخطاء الحزب وإكمال نواقصه. ولكنهم كانوا عاجزين وعقيمين فاتخذوا هذا الموقف السلبي، وبعد أن جاؤوا إلى الحزب وتسلطوا عليه وأصبحوا في قياداته العليا استمروا في الموقف نفسه وظلوا يطرحون نفس الأسئلة وكأنهم غرباء عن الحزب. ولم يقدموا طيلة بقائهم في القيادات أي شيء جديد. لقد وضعوا أنفسهم خارج الحزب حتى عندما كانوا في قياداته وعندما كانوا يلعبون كما يشاءون. قد يتساءل بعض الرفاق ويقول هل يعني كلامنا هذا أننا نبغي تصفية هذه الفئة من الحزب وان كل من انضم إلى التنظيم القطري في عهد الانفصال منحرف يجب ألا يبقى في الحزب. إننا نرد على هذا التساؤل فنقول: إن الاتجاه القطري.. كاتجاه نظري وسياسي وتنظيمي هو اتجاه يميني إقليمي منحرف.. انه اتجاه معاد للاشتراكية وللوحدة وللتنظيم الثوري والعمل الشعبي الحقيقي وان واجب الحزب تصفية هذا الاتجاه تصفية نهائية لأنه مرض في جسم هذا الحزب والمرض يجب أن يستأصل، أما الذين انضموا إلى التنظيم القطري في عهد الانفصال والذين ظلوا بعد حركة آذار متأثرين باتجاهات هذا التنظيم فان فيهم عدداً كبيراً من المضللين ونحن لا نستهدف تصفية أحد. إن المطلوب الآن هو فضح الاتجاهات اليمينية والمنحرفة وتثقيف الجميع تثقيفاً حزبيا سليماً. تثقيفاً وحدوياً اشتراكياً ثورياً.. أما الذي يصر على مواقفه المنحرفة بعد التثقيف وبعد كشف الحقائق فان بقاءه في الحزب سيكون وضعا غير طبيعي. هكذا أيها الرفاق دبست شرعية الحزب ومزقت. إن سبعة أعضاء من أصل تسعة أعضاء من المدنيين في القيادة القطرية المنحلة انتسبوا إلى الحزب بعد الحركة.. وان الذين كانوا يهيمنون عليها هم من تلك الفئة القطرية المنشقة عن الحزب.. وان هذه القيادة هي التي أوصلت قادة هذه الفئة إلى مراكز القيادة في الحكم والحزب. أيها الرفاق إن الأزمة في حزبنا قديمة.. وخطيرة. لقد ابتدأت بالتسلط وكانت نتيجة للتسلط. لقد أدخلت إلى الحزب أفواج من الانتهازيين ومن العناصر غير المؤهلة للنضال. هذه العناصر كان يجب أن تمر بمراحل. أن يتم تثقيفها. أن تدرب على النضال. وظهر التزييف في الحزب أيضا بإقصاء وإبعاد عناصر سليمة. مناضلين قدامى في الحزب. وظهر التزييف في الانتخابات وفي كل المستويات في استخدام السلطة لوسائل الإغراء لكسب الأنصار والأعوان وفي استخدامها للتهديد والترغيب. الحل الجذري أم الحل السطحي كيف نخرج من هذه الحالة؟ هل واجبنا يقض بان نجد حلا سطحيا يؤجل انفجار الأزمة بضعة أشهر ثم تعود أشد مما كانت عليه قبل أشهر؟ أم أن واجبنا يقض بان نجد حلا جذريا.. حلا ثوريا؟ لقل كانت قواعد الحزب تطالب بالتصحيح.. وكانت منظمات الحزب القومية تطالب بالتصحيح وكانت قواعد الحزب في الجيش تطالب بالتصحيح العميق. فلماذا التأجيل؟.. ولماذا الحلول الوسط؟.. إن علينا أن نعود إلى الجذور.. أن نصحح الحزب من أساسه. في تفكيره وفي تنظيمه وفي أخلاقيته وفي سياسته. إن الهدف المطلوب والذي قصدته القيادة القومية في مقرراتها الأخيرة لم يكن تدبيرا مؤقتا ولا سطحيا. إنما كان بداية لتصحيح عميق. ولكي يكون هذا التصحيح ممكنا يجب أن يكشف المزيفون والمتسلطون والمفترون والمندسون والذين يضعون شتى العراقيل في الطريق إلى تصحيح أوضاع هذا الحزب ولإنقاذ الجماهير من الذين تمكنت منهم شهوتهم إلى الحكم والسلطة، ومن الذين أرادوا الاقتتال على السلطة حتى ولو أدى ذلك إلى دمار البلاد وخرابها. انتم تعرفون بعض هؤلاء الذين لم يبق فيهم ضمير والذين كادوا يعرضون حركة آذار إلى الضياع في سبيل المصالح الخاصة ولكي يجمعوا الأنصار ويكسبوا التأييد. هؤلاء في صراعهم مع الحزب، مع منطق الخير والأخلاق والعمل الثوري الصادق يحاولون التستر بشعارات ثورية ومحببة إلى قلوب الحزبيين الطيبين المخلصين. إن من واجبكم أيها الرفاق أن تميزوا بين هذه الشعارات وبين المقاصد الانتهازية لبعض الذين يطلقونها ويتاجرون بها. إن حزبنا هو مفجر الثورية واليسارية، هذا الحزب هو الذي اوجد اليسارية الصحيحة في الوقت الذي كانت فيه الحركات والأحزاب الأخرى تتخبط على أعتاب الديمقراطية البورجوازية والفاشية وغيرها من النظم والأفكار السطحية ضد مصلحة شعبنا وجماهيره الكادحة.. إن حزبنا هو الذي نادي بالقومية كعامل ايجابي في النضال ضد الاستعمار والرجعية وها نحن نجد المفكرين والأحزاب التقدمية وبعد خمسة وعشرين سنة يعترفون بما قلناه وأكدناه.. إن حزبنا هو الذي كشف الوجه الايجابي للدين في البلدان المتخلفة وقال أن الدين ليس كله إلى جانب الرجعية وان فيه جوانب ثورية.. وها نحن نجد أن الحركات السياسية في أفريقيا وآسيا تتجه هذا الاتجاه، اقرءوا أيها الرفاق كتابات المفكرين الإفريقيين، تجدوا أنهم رجعوا إلى الحقائق التي كنا ننادي بها منذ ربع قرن من الزمن. أيها الرفاق أقول لكم بصراحة.. فلا ينقذنا من أزمتنا إلا الصراحة.. إن عددا من رفاقنا العسكريين قد انزلق إلى مزالق التكتل والتسلط على الحزب وعلى الشعب وإلى الانتهازية والمصلحية وهذا الانزلاق كاد أن يقض على حركة آذار.. وهؤلاء الأفراد لا ننكر عليهم نضالهم.. ودورهم في هذه الحركة ولكن لا يجوز أن نضحي بالحزب لان لهؤلاء الأفراد في الماضي فضلا على الحزب. الجيش والسياسة إن هناك تساؤلات تطرح اليوم.. كيف نصحح الأوضاع في الجيش؟ كيف نمنع الجيش من التدخل في السياسة؟ كيف نمنع التدخل العسكري الذي تقع مسؤوليته على رفاق معدودين، أما الكثرة الساحقة من رفاقنا العسكريين فهم أبرياء من هذا التسلط وهذا الانزلاق. إننا عندما نقول إبعاد الجيش عن السياسة لا نريد أن نقيم حاجزا بين الجيش وبين الحزب والعمل السياسي.. بل نريد أن نزيد صلة الحزب بالجيش وصلة الجيش بالحزب.. أن نعمق الوعي العقائدي لكي يمتنع الجيش امتناعا واعيا عن التدخل في شؤون السلطة والتناحر على السلطة. إننا نسعى إلى تصحيح وظيفة الجيش في المجتمع الثوري الذي يقوده الحزب. إن الجيش جيش شعبي وفيه مناضلون مرتبطون بقضية الجماهير وهم أعضاء الحزب في الجيش وهؤلاء مثلهم كمثل رفاقهم الآخرين في الحزب عمالاً كانوا أم فلاحين أم مثقفين، إن لهم الحق في أن يعيشوا حياة الحزب كاملة والعسكريون كغيرهم من الرفاق لهم الحق أن يساهموا ضمن منظماتهم في توجيه الحزب وفي بناء سياسته وبرامجه، وإن لهم الحق الكامل كغيرهم في النقد وفي النقد الذاتي.. إن ما نريده من تصحيح وظيفة الجيش هو عدم الجمع بين العسكرية والمهمة القيادية في الحزب وفي الحكم. فعندما ينتخب الحزب أحد الرفاق العسكريين للقيادة الحزبية لا يعود هذا الرفيق عسكريا بل يصبح حزبيا وقائدا شعبيا ويجب أن لا تبقى له أية صفة عسكرية. ليس هناك حزب ثوري حقيقي في العالم قيادته من القادة العسكريين الذين لا يزالون في قطعاتهم. كما كان بعض الرفاق العسكريين في القيادة وفي الوزارة وفي الجيش في آن واحد.. والقيادة القطرية المنحلة فيها سبعة من العسكريين لا يزال بعضهم يتولى قيادة المقطعات العسكرية والبعض الآخر لا يزال محتفظا برتبته العسكرية وبانتسابه إلى الجيش رغم انه في القيادة وفي الوزارة.. عندما يكون الضابط في القيادة وهو في قطعته العسكرية فانه لن يكون قائدا حزبيا وقائدا شعبيا.. وان لغته لن تكون لغة العقيدة والحوار الحزبي الموضوعي وإنما لغة القوة والسلاح. إن وجود عسكريين في القيادة وفي الحكم مع احتفاظهم برتبهم العسكرية وقطعاتهم العسكرية ابتعاد عن المنطق الثوري الجماهيري.. إن مجرد وجود هؤلاء العسكريين في القيادة بهذا الشكل يعني بكل وضوح أن القوة الحقيقية هي في الجيش وليس في الشعب.. في القطعات العسكرية وليس في قيادة الحزب مهما كانت مسؤولياتها ومهما كان مستواها. فأين هو دور الحزب الجماهيري الثوري؟ أين هو دور الطبقات الكادحة التي نتحدث ليل نهار عن مصالحها وعن قيادتها وعن دورها في الثورة؟.. أين هو دور المنظمات؟.. منظمات العمال ومنظمات الفلاحين ومنظمات الطلبة ومنظمات النساء؟.. وبعد هذا يأتي من يتحدث عن اليمين وعن اليسار ويدعي الانحياز إلى الطبقات الكادحة ومصالحها.. هذا هو مفهوم الحزب لوظيفة الجيش وهذا هو المقصود من إبعاد الجيش عن السياسة. إننا لا نريد أن نجعل من الجيش مؤسسة تحترف القتال فقط، إننا نريد أن نجعل منه جيشا للشعب جيشا للأمة العربية.. وبهذه الطريقة نمنع الصدامات المسلحة بين رفاقنا العسكريين ونضع الحزب فوق الجميع. يجب أن نعلم بان الحزبي عندما يختلف مع الحزبي فانه يحتكم إلى المنظمة.. إلى العقيدة.. إلى النظام.. أما العسكري فعندما يختلف مع العسكري وفي ظل ظروف كالتي حدثتكم عنها، فانه يحتكم إلى السلاح.. وهنا يضيع الحق وتضيع الموضوعية وتكون الغلبة للأقوى.. وبهذه الطريقة أيضا نمنع التصفيات، فعندما يكون الحزب فوق الجميع لا يجرؤ احد مهما كان قويا أن يتجه باتجاه التصفيات. وفي الماضي عندما كانت اللجنة العسكرية هي كل شيء تضامنت في وجه الحزب حيناً من الزمن، ولكن عندما شعرت بقدر من الاطمئنان بدأت تختلف.. وبدأ الواحد يصفي الثاني. وانتم تعرفون قصة التصفيات. هناك بادرة واعية.. وهي طبيعية. وهذه البادرة هي أن قواعد الحزب في الجيش قد أصبحت متنبهة إلى هذه الأخطاء ولقد اعتبرت بدروس الماضي وبدروس الحاضر فهي تؤمن إيمانا شديدا بان لا ملاذ إلا بالحزب وان لا إنقاذ إلا من الحزب وان وجود هذه الأخطاء والأزمات سببه الابتعاد عن فكر الحزب والتنكر لماضي الحزب والجحود لنضال الحزب. وهي تؤمن أن كل هذا يجب أن يزول وان الذي يجب أن يكون هو الاحتكام إلى الحزب وإلى المبادئ. فحزبنا هو حزب نضال وحزب مبادئ وحزب جماهير كادحة وقد شق طريقه بالصمود والتضحية ولم يشق طريقه بالمدافع والدبابات والطيارات، وان تُنبه قواعد الحزب في الجيش ليس بجديد أبداً. ففي أوائل السنة الماضية وبعد المؤتمر القومي الثامن انعقد مؤتمر عسكري للقطر وجرت انتخابات للمكتب العسكري ولم ينجح في هذه الانتخابات إلا عضو واحد من اللجنة العسكرية، ومن أصل 14 عضوا. ما يدل هذا؟.. انه دليل واضح على أن قواعد الحزب في الجيش تشجب الأخطاء وتشجب الانحرافات ولا تقبل بالذين فعلوا ما فعلوا أن يكونوا قادة هذا الحزب. ولكن بعد أشهر يأتي الذين سقطوا في انتخابات المؤتمر العسكري عن طريق المؤتمر القطري الذي ركّبته القيادة القطرية كما شاءت. يأتي هؤلاء إلى القيادة لأنهم عسكريون وباسم الجيش وهم لم ينالوا ثقة رفاقهم الحزبيين في الجيش. وهكذا كانوا يتصرفون أيها الرفاق. أيام اللجنة العسكرية كان رفاقنا يأتون إلى القيادة وإلى الحزب ويقولون لنا: نحن نمثل الجيش. وينصّبون أنفسهم أوصياء على الجيش ويقولون للجيش نحن نمثل الحزب ونمثل القيادة.. لعبة مزدوجة ولكنها انكشفت وعرفها الحزب وعرفتها قواعد الحزب في الجيش. إننا نريد أن نجعل من الجيش عنصرا ثمينا جدا. يصبح قوة في يد الحزب والثورة والجماهير من اجل تحقيق أهداف الأمة العربية. وبذلك لا يستخدمه الحزبيون ضد بعضهم وإنما يكون لحماية الوطن وحماية استقلال البلاد. وفي الماضي كدنا نرى السلاح يرفع ضد الحزب وضد الحزبيين وهذا منتهى الانحراف والتردي والابتعاد عن روح الحزب ورسالته. يجب أن نتدارك هذا الحزب قبل فوات الوقت.. وقبل أن يضيع وتخسر في ضياعه الأمة العربية أملها وشيئاً كبيراً في حياتها. عندما يبقى الحزب سجينا بين الجدران ولا ينفتح على الشعب ولا يتصل بالجماهير ويعمل معها في القرية وفي المدينة، في المعمل وفي المدرسة. وعندما لا ينفتح على الأقطار العربية ويخرج من القوقعة القطرية ليؤدي رسالته من اجل الأمة العربية جمعاء.. عندما لا ينفتح هذا الانفتاح سيبقى هذا التنافس وهذا الصراع من اجل المراكز. إن التاريخ لن يذكر اسما من هذه الأسماء التي تتصارع إذا بقيت في مستواها هذا وإذا لم ترتفع إلى مستوى الرسالة التي حملها البعث. أيها الرفاق يجب أن ندخل الهواء إلى هذا الحزب من الشعب الطاهر.. من أقطارنا العربية المناضلة يجب أن تعود الأصالة إلى هذا الحزب. وعندما يتم الانفتاح، عندها سترون أن بعض هؤلاء الرفاق الذين ندينهم ونشكو من تصرفاتهم يتبدلون ويعودون إلى أصالتهم ونحن نتمنى ذلك. إننا لا نريد التصفيات وزرع الأحقاد. إننا نريد جمع الكلمة وحشد الكفاءات. إن مهمة الثورة صعبة ويجب أن يتكاتف الجميع، وعندما نؤمن بهذا الحزب، هذا الإيمان، عندما نشجع هذا الوعي الجديد بين شباب الحزب العسكريين ليعودوا إلى الحزب كل بإرادته وقناعته وليؤمنوا بان الحزب هو الملاذ وانه يجب أن يكون فوق كل سلطة، وقوته المعنوية فوق كل قوة وقرار قيادته فوق كل سلطة نستطيع أن نستبشر، وان نقول بان الحزب ولد من جديد.. وانه مر بتجارب وأمراض لكنه انتصر لأنه حزب الجماهير العربية الكادحة وعندها لن نكون قلقين من احتمال انحراف حكومة ما أو شخص ما ولن نخشى إذا كان الوزير الفلاني لونه كذا وإذا كان ذاك ذا عقلية محافظة الخ.. فنحن لم نصل إلى الكمال بعد. ونحن لم نصل إلى الدرجة التي تكون فيها الوزارة كاملة. إن الضمانة الحقيقية هي عندما يكون الحزب فوق الوزارة والحكومة وعندما تكون سلطة القيادة فوق كل شخص عندما تحاسب كل إنسان الحساب العسير وتوجهه وترشده. وهذا ما تحققه الآن سلطة الحزب وقيادة الحزب، إنها يجب أن تكون فوق سلطة الحكم والجيش وحتى إذا لم يكن بيد هذه القيادة عصا فإنها ستكون الأقوى لأن بيدها سلطة الحزب وسلطة نضال، 25عاماً.. 18 كانون الثاني 1966 (1) كلمة في فرع الأطراف بتاريخ 18 كانون الثاني 1966. (يتبع)
في سبيل البعث: الجزء الرابع:(الباب الخامس:)النضال ضد تشويه الحزب(95)