منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي

مرحبا في الاعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بشير الغزاوي




المساهمات : 726
تاريخ التسجيل : 11/12/2010

في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44) Empty
مُساهمةموضوع: في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44)   في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44) Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 30, 2011 4:56 am

في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44) 552657368
في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44) 806772312
في سبيل البعث - الجزء الأول:
الباب السادس:

وحدة النضال في المغرب العربي(44)
ابتدأ الحديث(1) بتوجيه السؤال التالي: الاقطار المغربية الثلاثة تختلف أحيانا في مراحل الكفاح.. هل من الاحسن ان تتوحد الشعوب فيها قبل الاستقلال ام بعد الاستقلال؟
نظرتنا نحن بأن كفاح الشعب العربي في كل اقطاره واحد، ويجب ان يكون موحداً اي ان تكون له نظرة واحدة، واهداف واحدة وخطة عملية واحدة، وبالاحرى ان تكون نظرتنا الى كفاح الشعب العربي في المغرب هي نظرة التوحيد لانه لا شك ان بين الاقطار العربية المختلفة بعض الفروق في الاوضاع الداخلية وخاصة الخارجية، وهذه الفروق ليست في رأينا مما لا يمكن التغلب عليه من اجل توحيد النضال، ولكن حتى مع التسليم جدلا بفائدة مراعاة هذه الفروق وبالتالي مع التسليم بامكان التدرج في توحيد النضال -اي ان نصل بعد مراحل وتدريجيا الى توحيد نضال العرب كلهم- اعتقد ان لا احد يستطيع ان يجادل في ضرورة توحيد نضال المغرب كله لان اوضاعه واحدة لا فرق بين اقطار المغرب الثلاثة لا في الداخل ولا في الخارج..
اما اذا فهمنا من الفروق اكثر مما تمثل هذه الكلمة، واغرقنا وبالغنا في اعطاء الاهمية للفروق، عندها سنجد فرقا بين مدن سورية وعندها يتعذر كل عمل. اذا رضينا ان نسترسل في طريق التفريق والتمييز واعطاء الاهمية للفروق فان في ضمن القطر الواحد، فروقا بين منطقة واخرى، وهذا الاسترسال في التمييز في عرف العمل السياسي والعمل القومي غير جائز مطلقا.
اذن في مفهوم العمل السياسي والقومي كلمة "فروق" لها حدود لايجوز ان تتجاوزها، ولها مستوى لا يجوز ان تهبط عنه فاذا قيل مثلا ان ثمة فرق بين اليمن وبين باقي الاقطار العربية، لان اليمن معزولة منذ قرون، وفى حالة اجتماعية متخلفة جدا، بقيت على حياة القرون الوسطى الموغلة في القدم، واذا قيل بأن ثمة فرقا تحسن مراعاته بين المملكة العربية السعودية وبين الاقطار العربية الاخرى فأيضا يمكن ان نسلم نوعا ما بهذا الفرق لأنه لم يوجد بعد فى المملكة السعودية ما يسمى رأيا عاما، ما يسمى شعبا ومواطنين.. فالوضع بدوي عشائري، مغلق، معدوم الثقافة، معدوم النور وحرية الرأي، ولكن لا يجوز مطلقا ان نذهب لابعد من ذلك. عندها نكون عمليا كأننا نخضع لمنطق الاستعمار نفسه، الاستعمار الذي يتذرع بفروق ثانوية مصطنعة ليمنع توحيد الامة وليمنع توحيد نضالها ضده، او انه هو يخلق هذه الفروق. وربما ذكرت لكم مرة ان الافرنسيين قبل ربع قرن جعلوا من هذا القطر الصغير سورية خمس دويلات.. كانت سورية مؤلفة من خمس دويلات كان يطلق على كل منها اسم دولة: دولة الشام - دولة حلب - دولة العلويين - دولة جبل الدروز - دولة الاسكندرون.
والافرنسيون هنا حاولوا ان يجربوا فى هذا الشعب كل اساليبهم الخبيثة التي يستعملونها في المغرب، فمثلا حاولوا ان يوجدوا في منطقة العلويين، بعد ان فصلوها عن باقي المناطق، نعرة طائفية وعنصرية، وسعوا كثيرا بدعاياتهم وبكتابات كتابهم ومؤرخيهم ان يبرهنوا ان العلويين من اصل صليبي، انهم ليسوا عربا وليسوا من هذه البلاد، ان المذهب العلوي هو اقرب الى المسيحية.
من حيث المذهب، أرادوا ان يبعدوا مذهبا من مذاهب الاسلام، ومن حيث العنصر أرادوا ان يظهروا العلويين كأنهم اوروبيون.. أرادوا استغلال التفرقة بين الطوائف وضاعفوها اضعافا. كذلك كان من أهم الاسلحة التي يتسلحون بها في احتلالهم لهذه البلاد، ويثيرونها بين الحين والآخر، أنهم جاؤوا لحماية الاقليات المسيحية، وان المسيحيين فى خطر.. حياتهم وممتلكاتهم فى خطر في هذه البلاد، وانهم هم مكلفون بحمايتها. كل هذه الخدع كان يظهر بطلانها وزيفها، وآخر الامر قهرت أمام الحق.
اذن كيف يمكن أن نقبل بالتفكير الذي يقول بوجود فروق بين اقطار المغرب وهي أقطار واحدة..؟ الحياة الاجتماعية.. الحياة الروحية... الحياة المادية واحدة.. الاستعمار واحد.. الاستعمار الذي يضغط عليها، على الشعب العربي هناك واحد. نفس المشاكل التي اصطنعوها هنا وفي العراق ولبنان اصطنعوها في المغرب وخاصة قصة العرب والبربر وهذه كما تعلمون باطلة لان القومية العربية لا تقوم على اساس عنصر أو دم وانما على اساس تاريخ وثقافة مشتركة ولغة واحدة ومصلحة مشتركة في الحياة معا وفي الدفاع عن وطن واحد والعمل لبناء مستقبل واحد.
اذا دققنا كثيرا في أوضاع المغرب نجد، على ما اعتقد، بأن الاستعمارالفرنسي هو الذي أوجد بعض الفروق بين تونس والجزائر ومراكش خلال هذه المدة الطويلة من وجوده. مثلا خلق أو نمى طبقة من الوجهاء، من الاغنياء من ملاكي الارض الاقطاعيين هي اقرب الى الولاء له او المسايرة لوجوده في كل من تونس ومراكش. لم يكن حكما استعماريا مباشرا بكل معنى الكلمة كما هو في الجزائر، لانه بقيت بعض السلطة ولو في حدود ضيقة جدا لأهالي البلاد، أما في الجزائر التي دخلها الافرنسيون بالفتح، وأعلنوا أنها جزء من فرنسا، وفتحوها للهجرة الواسعة، وللاستيطان والتعمير والاستعمار امام مهاجرين افرنسيين وأوروبيين بصورة عامة.. في الجزائر لم يكونوا بحاجة الى تشجيع طبقة بورجوازية واقطاعية، بل بالعكس كانت مصلحتهم في القضاء على هذه الطبقة حتى يزيلوا الشعب من طريقهم ويستلبوا ارضه وثرواته، ويجعلوا العرب في الجزائر بمنزلة الخدم عند الافرنسيين، ويعملوا على افنائهم بالافقارالتدريجي وبالقمع، وجعلهم ادوات للخدمة والعمل لا اكثر.
هذا الفرق بين الجزائرمن جهة وبين تونس ومراكش من جهة اخرى هو لمصلحة النضال، فهو الذي أدى الى ثورة شعبية مئة بالمئة في الجزائركما نشاهد اليوم. هذا الشيء لم يحصل في أي قطر عربي آخر لا في الشرق ولا في الغرب.
الشرق العربي هنا في كفاحه ضد الاستعمار لم يتوصل كفاحه الى ان يكون شعبيا مئة بالمئة، ولذلك كان نضاله مشوبا في كثير من النواحي وكان يتراوح بين النضال الجدي وبين التراجع والمساومة والمفاوضات الكاذبة. لماذا؟ لان في هذه الاقطار طبقة من الزعماء.. من الملاكين الكبار والاغنياء والوجهاء لهم مصالح اقتصادية ضخمة هي هي نفسها تستتبع مصالح معنوية من وجاهة وزعامة وغير ذلك. وهذه الطبقة من اصحاب المصالح لا تستطيع ان تصارع الاستعمار مصارعة جدية حاسمة، بل ان من منطق مصالحها ان تناوش من الحين الى الآخر.. ان تأخذ وتطالب كما يقال، تأخذ شيئا، ثم تهدأ، ثم تعود لتطالب وهكذا. وكانت تدفع الشعب.. تحمس الشعب لمقاومة الاستعمار، لان الشعب بغريزته مقاوم للاستعمار. واحيانا كان هو الذي يدفعها، ولكن متى حصلت على بعض المكاسب البسيطة كانت تتخلى عن الشعب الثائر وتضطره الى الاستسلام. في حين ان الوضع في الجزائر اليوم هو وضع ثورة شعبية اذ لا يوجد هناك هذه الطبقة المميزة من الشعب العربي. لم يكن هناك فروق واضحة بارزة بين افراد الشعب العربي في الجزائر وقد تساووا جميعا في الفقر وفي الخضوع للظلم، ولذلك ثاروا معا.
فاذا قيل بأن ثمة فرقا بين وضع تونس ووضع الجزائر، أو بين وضع مراكش ووضح الجزائر، نقول: نعم، ولمصلحة القضية هذا الفرق، ويجب ان تتبع تونس الجزائر، وان تكون الجزائر المقياس في النضال لان وضعها أسلم قوميا ونضاليا، ولأن هذه الثورة الهائلة في الجزائر هي اكبركسب لتونس ومراكش، اذا عرف الزعماء في تونس ومراكش كيف يستفيدون من هذه الثورة. فالعرب في الجزائر وصلوا فعلا الى الحد الممتاز ثوريا الذي يعتبر أميز حالة ثورية، وهي عندما يتساوى الموت والحياة، او عندما يصبح الموت أثمن من الحياة أو السبيل الوحيد الى الحياة، أو كما تقول الماركسية في البيان الشيوعي المشهور: بأن العمال -البروليتاريا- ستخوض الحرب ضد الرأسمالية، وهي حرب مضمونة النجاح.. لماذا؟.. لان العمال ليس لهم شيء يمكن ان يخسروه.. يمكن ان يفقدوه.. لم يعودوا يملكون شيئا يمكن ان يدافع عنه. البيان الشيوعي يقول: ليس لهم ما يضيعون الا قيودهم وأغلالهم. وهذا هو وضع الشعب في الجزائر. وهذا ما يبين لكم خطأ ومحاذير تزعم الطبقة البورجوازية للنضال القومي، رغم ان زعامة هذه الطبقة في بعضى الاحيان لا يكون منها مناص، أي ان المرحلة تقضي بها. في سورية، في العراق، في مصر: الطبقة البورجوازية هي التي تزعمت النضال ضد الاستعمار... الوجهاء عامة، التجار، الاقطاعيون، ليست هي التي حاربت وانما وجهت الشعب الى الحرب. في تونس ومراكش الامر تقريبا من هذا النوع، فالمتزعمون للنضال القومي ضد الاستعمار هم من هذه الطبقة، لذلك حتى بعد ظهور الثورة في الجزائر -وهوحادث فريد من نوعه ومليء بالامكانيات- لم يجرؤوا على الاستفادة منه ليتابعوا النضال ويحصلوا على اكثر مما حصلوا عليه، خوفا على مصالحهم من أن تتهدد. وأعود لأذكر لكم أشياء ربما ذكرتها في الماضي، بأن ظروف هذه المرحلة النضالية في حياة المغرب العربي ظروف مواتية جدا، ومشجعة جدا، لان فرنسا في حالة انهيار ونضوب، وانه في حالة تضامن الاقطار المغربية الثلاثة تعجز فرنسا عجزا صريحا عن المقاومة، فليس لديها الامكانيات العسكرية والاقتصادية الكافية لشن حرب. والدليل هو ما تشاهدون الان رغم تجزئة النضال، ورغم براعة السياسيين الفرنسيين من جهة، وقصر نظر بعض الزعماء في تونس ومراكش الذين رضوا ان يجزئوا النضال، رغم ذلك الشعب الفرنسي بكليته او بقسم كبير منه يثور على حكوماته ضد هذه الحرب في المغرب العربي، ويؤيد الى حد ما استقلال هذه البلاد، ويطلب بأن تكف الحكومة الفرنسية عن هذه الحرب التي ليس فيها الا الخسارة وضياع دماء الافرنسيين، وبعض الافرنسيين ينضمون الى الثوار او يشجعونهم.
ما دام الامر قد وصل الى هذا الحد فان توحيد النضال كان يمكن ان يختصر الطريق، وان يضع فرنسا امام الامر الواقع، بأن تسلم لمطالبنا، وفي أقل الاحتمالات واسوئها الشيء الذي يحصل عليه العرب في نضالهم الموحد هو حتما أحسن مما بحصلون عليه في حالة تجزئة النضال وانفراد كل قطر بالمفاوضة.
هذا من حيث علاقة النضال بالتحرر من الاستعمار: توحيد النضال هو من كل الوجوه أحسن واكثر نفعا. ولنأخذ من الناحية الاخرى، بالنسبة الى حياة الشعب العربي هناك.. بالنسبة الى العرب انفسهم بصرف النظر عن الاستعمار. ما دمنا مؤمنين ان الاستعمار زائل هذه السنة أو بعد سنوات، يبقى الموضوع بالنسبة الى هذه الحياة الاستقلالية التي يسير نحوها عرب المغرب، والتي سيحصلون عليها بلا ريب.. هل الافضل ان يحصلوا على الوحدة الان او بعد الاستقلال؟..
الجواب أقوى من الاول: التوحيد وقت النضال هو التوحيد الصحيح الذي يصل الى اعماق النفوس.. يصهر النفوس والعواطف وكل شيء.. أما بعد أن يستقل كل قطر، ويرتب أوضاعه على أنه مستقل فالصعوبات ستظهر بشكل لا يصدقه العقل.. ستضحك علينا اجيالنا المقبلة، سيضحكون ويتألمون من هذه التجزئة التي صنعها الاستعمار، وصدقها العرب.. ليس العرب كلهم.. ولكن الزعماء، وتمسكوا بها وهي اكبر خطر في حياتهم.
فاليوم ليس الاستعمار هو كل شيء في بقاء التجزئة وفي الحيلولة دون الوحدة، وانما الاستعمار واصحاب المصالح هم في جانب التجزئة، حريصون عليها. عندما يبحث شباب مثلكم يرون ان من السهل التضحية بالمصالح، ولكن بالنسبة الى اصحاب المصالح أنفسهم ليس من السهل التفريط بها. لذلك نعتبر ان الفرصة ذهبية من اجل توحيد المغرب منذ الان.
ولاحاجة الى ان أشرح لكم اكثر من ذلك أنه بالنسبة الى الامم التي طرأ عليها التأخر والانحطاط والجمود اجيالا من الدهر كأمتنا العربية -وهذا شيء لا مجال لنكرانه- احسن حالة يمكن لأمة متأخرة... احسن حالة لها لكي تتوحد ولكي تشعر بشخصيتها وبمؤهلاتها: هي حالة النضال. فالامة العربية هي الان شيء مجرد، شيء في اذهان الجيل الجديد، ولكنها عمليا غير متحققة.. هي حلم في اذهاننا.. في كل مكان فيه شباب مؤمن.. يؤمن ان امته قادرة على الانبعاث وستعود مجموعة حية في المستقبل. ولكن عمليا هل هناك امة عربية متحققة؟.. إنها متحققة ولكن الى حد ضعيف، ولكنها متحققة في كل مكان يوجد فيه نضال، وبشكل خاص اذا كان جديا يواجه الموت في كل ساعة.. في حالة مجابهة الموت ترتفع الغشاوات وكل اثقال الجمود التي تراكمت خلال القرون.. أثقال الجهل والمصالح المختلفة والانانية وغير ذلك.. كل هذه الاثقال التي جعلت منها امة ضعيفة وأفقدتها انسانيتها، وأفقدتها امكانية التجارب مع الحياة وامكانية الحضارة.. كل هذه الاثقال المسيئة السلبية التي حطمت امتنا لا يعود لها وجود في حالة مواجهة الموت. الرجل الذي يقف امام الموت هو الانسان الصحيح.. الانسان الذي في هذه اللحظة يغامر ويستعد للتضحية بحياته -عندها يستطيع ان يكتشف زيف الاعتبارات التي كانت تكبله: العصبيات والمصالح الخاصة.. لان الموت اقوى من كل شيء مصطنع.
امتنا اذن موجودة في كل مكان يحمل فيه افرادها السلاح.
سؤال: مارأيكم في استقلال مراكش؟
اذا قلت ان هذا المنطق في معالجة القضية القومية وانتزاع حقوق الشعب من المستعمر هو منطق خاطئ وضار فاني لا أخص بذلك زعماء المغرب، ومن الواضح جدا ان هذا ينطبق على كل زعماء سياسيي العرب في المغرب والمشرق، خاصة في المشرق. لان زعماء المشرق هم الذين سبقوا، عندما بدأ النضال هنا، بالمفاوضات مع الاستعمار الفرنسي والانجليزي في سورية ومصر والعراق وغير ذلك، ولم يكن المغرب قد وصل بعد الى حد المفاوضات، لذلك فزعماء المغرب اليوم -في مراكش وتونس- لا يفعلون اكثر من الاقتداء بمنطق السياسيين والزعماء في مصر وسوريا. فاذن نحن نستنكر هذا المنطق ونقاومه، وقد قاومناه ونقاومه فعلا في اقطار الشرق العربي، ولذلك ايضا نقاومه في المغرب مقاومة فكرية لاننا ليس بعد حزب هناك حتى يقاوم مقاومة عملية.
صحيح ان اصحاب هذا المنطق من الزعماء لا يمكن ان يسموا خونة، ولا يمكن ان ننكر عليهم كل وطنية وان لا يكون بيدهم بعض الحجج، وهذا شيء نعرفه وقد عانيناه هنا سنين طويلة. فالمسألة ليست بسيطة كما يظن بأن الذين يأخذون بمنطق المفاوضة هم خونة واجراء استعمار، وهكذا تحل المشكلة. كلا، هذا حل مصطنع ومبسط جدا. الذين يأخذون بهذا المنطق هم ايضا وطنيون ويريدون الخير لبلادهم بنسب متفاوته: بينهم المخلص، وبينهم الأشد اخلاصا، وبينهم المتاجر بالوطنية لمنافع خاصة، ولكن بالاجمال، الحركات الوطنية التي يتزعمها البرجوازيون هي حركات وطنية ليست خالصة وليست وطنية واعية كل الوعي... ليست خالصة من المصالح اذن، وتشوبها اعتبارات مصلحية.. ليست واعية كل الوعي لانها لم تبلغ بعد درجة الوعي الثوري الذي يدرك حقيقة امكانيات الشعب ويعتمد عليها ولو انها اليوم غير ظاهرة، ولكن يعرف أنها ستظهر بعد.
هذا ما يميز الوعي الثوري. الوعي العربي الثوري يتطلب النظرة الشاملة الى الظروف العالمية والعربية، ويفترض التنظيم من جميع النواحي، ويفترض مستوى حارا من النضال، مستوى لا يقبل انصاف الحلول وأنصاف التضحيات، ولا يقبل الفتور.
فاذن ان ما نقوله بحق هؤلاء هو انهم ليسوا ثوريين. ولا نقول انهم ليسوا وطنيين، الا أننا نعتقد ان الوطنية الصحيحة هي الوطنية الثورية. لذلك فوطنيتهم ليست صحيحة كل الصحة. لهؤلاء منطقهم، منطق الاخذ والمطالبة -كما قلنا-، ومنطق التدرج على مراحل.. منطق عدم ارهاق الشعب -كما يزعمون- والواقع عدم ارهاق انفسهم واتباعهم أي عدم ارهاق الطبقة البورجوازية نفسها.. منطق توفير شروط حسنة أو صالحة نسبيا في جزء من الأجزاء على امل ان يتمكن هذا الجزء من تغذية النضال في الاجزاء الاخرى، وهذا ما يقال بصدد استقلال مراكش، وما يقال من قبل هؤلاء الزعماء -الذين لايشك باخلاصهم الى حد ما- انه اذا توافرت لمراكش شروط جيدة فباستطاعتها ان تغذي النضال في الجزائر، من سلاح ومن رجال، ومن تأييد دبلوماسي الخ..
هذه نظرية، طبقت هنا في الشرق، وطبقت ايضا في بلاد اخرى، ولكنها غير مناسبة لهذه المرحلة في رأينا. قد نجد عذرا لرجال الكتلة الوطنية في سورية قبل عشرين سنة او اكثر عندما لجأوا الى اسلوب المفاوضة مع فرنسا، وقد نجد مثل هذا العذر -الخفيف طبعا- لزعماء مصر الذين ارتضوا هذا الاسلوب قبل عشرين سنة واكثر وفاوضوا الانجليز على اساس تعاقد ومعاهدة وغير ذلك، اذ انه قبل ربع قرن كان العالم غير اليوم، وكانت الدول الرأسمالية الغربية في حالة ازدهار وقوة، ولم يكن حتى بصيص امل في انهيار سريع لهذه الدول، وزوال سريع للاستعمار. انجلترا وفرنسا بعد الحرب الاولى خرجتا دولتين جبارتين قويتين بمستعمرات هائلة ومصانع وغير ذلك، والبلاد العربية كانت في حالة اغفاء ونوم، في بدء يقظة لم تتوضح بعد، ولم يشتد ساعدها، اما اليوم فما هو العذر والعالم قد تبدل تبدلا اساسيا؟... ففرنسا طرحت من الصف الاول الى الصف الثاني من الدول وبريطانية نفسها زال الكثير من نفوذها وقوتها ايضا ونشأت في العالم دول برمتها لم تكن موجودة او لم يكن لها شأن قبل ربع قرن: هذا الاتحاد السوفياتي الذي كان مشكوكا في أمره قبل ربع قرن، هل يصمد؟... هل يمكن أن يعيش؟.. فاذا به يعيش ويقوى ويصبح قوة هائلة معدلة للقوى الغربية. وهذه شعوب ودول آسيوية كانت في حكم العدم قبل ثلاثين سنة، مستعبدة محكومة بالحديد والنار، ويستغل اهلها كالعبيد، ومتخلفة في كل نواحي الحياة، واذ بها تتابع نضالها وتستفيد من الظروف العالمية وتتحرر وتبني هذا الاستقلال بناء ايجابيا.
وهذا الوطن العربي الذي كان شبه نائم ومتأخرا جدا قطع اليوم اشوطا في التقدم والتحرر. اذن ما يجب ان يدخل في حساب الزعماء في المغرب هو هذه التبدلات الاساسية التي حصلت في العالم وفي وطننا بالذات، والتي هي في مصلحة الشعوب الثائرة والمطالبة بالتحرر.
ترون الان بأن الحكومة التونسية تحاول ان تعيد النظر في الاتفافية التي عقدتها مع فرنسا، وان تحصل على اشياء جديدة وحقوق جديدة. هل هذا كان ممكنا بدون نضال الجزائر وبدون نضال مراكش؟ كلا. أليس وجود النضال في مراكش والجزائر هو الذي سمح للحكومة التونسية التي كانت تحسب قبل عام أنها حققت معجزة ان ترى اليوم انها ارتضت بشيء هزيل؟
كل يوم يأتي بدليل جديد على فائدة النضال ولو كان مجزءا. وعلى ضرورة توحيد هذا النضال لانه يعطي اضعاف ما يعطيه النضال المجزأ.
آذار 1956
منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي - سياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في سبيل البعث - الجزء الأول: (الباب السادس:) وحدة النضال ووحدة المصير(42)
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) وحدة مصر وسوريا(49)
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) حصيلة مرحلة من النضال(45)
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48)
»  في سبيل البعث - الجزء الأول( الباب الثاني )النضال الايجابي سبيل الجيل الجديد الى تحقيق الانقلاب العربي(10)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي :: المنتدى الفكري والثقافي(حزب البعث العربي الاشتراكي-
انتقل الى: