منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي

مرحبا في الاعضاء
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بشير الغزاوي




المساهمات : 726
تاريخ التسجيل : 11/12/2010

في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48) Empty
مُساهمةموضوع: في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48)   في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48) Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 30, 2011 5:29 am

في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48) 552657368
في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48) 806772312
في سبيل البعث - الجزء الأول:
ا لباب السادس:

الشعب العربي الواحد(48)
كان الأستاذ ميشيل عفلق قد اجتمع في القاهرة سنة 1957 بعدد كبير من الطلبة والمثقفين العرب، بينهم القوميون والماركسيون وغيرهم وقد عكس هذا الاجتماع التيارات الفكرية والسياسية التي كانت تشغل أذهان المثقفين العرب في تلك الفترة المضطربة والمحفوفة بالاخطار، والتي كانت في الوقت نفسه، تمثل اعلى درجات الوعي العربي الجماهيري والمد الشعبي التحرري الواسع ضد الاستعمار كما عكس ذلك الاجتماع. بصورة خاصة، تطلع المثقفين من ابناء القطر المصري لتفهم القومية العربية وشعاراتها التي كانوا يواجهونها لاول مرة بشكل عقيدة لها منطق ولها فلسفة سيما وهم يعيشون مرحلة ثورية ونضالية ضخمة اثناء معركة تاميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر لمسوا من خلالها اهمية هذه الافكار، حتى قبل ان يستوعبوها بشكل علمي.
لذلك اراد الاستاذ ميشيل ان ياخذ الحديث في ذلك الاجتماع طابع الحوار، فيستمع الى تساؤلاتهم ومن ثم يوضح لهم رأي الحزب فيها فكان هذا الحديث الشامل
سؤال: ما رأيكم فيما يقوله البعض من ان القومية ليست الا شعار النضال العربي المشترك؟
الواقع الذي لا ينكر ان القومية العربية قد استفادت كثيرا من النضال العربي المشترك ضد الاستعمار، ولكن ليس معنى هذا ان القومية هي شعار هذا النضال المشترك، بل الاصح ان يقال ان النضال ضد الاستعمار هو احد شعارات القومية العربية في المرحلة الحاضرة. وذلك لان هذه القومية كانت ابدا موجودة، وان اختلفت وضوحا وضعفا، وكانت ابدا تتمتع بالحد الادنى من المقومات الضرورية التي كونتها اللغة والدين والتراث، وهي الآن ترتفع فوق هذه المقومات جميعا لتزداد حياة وانسانية.
سؤال: ما رأيكم في قول البعض بان العالم صائر يوما الى وحدة واحدة، تندمج فيها القوميات وتنصهر في بوتقة واحدة؟
ان هذه الوحدة قد تتم، وفي ظروف قد لا تكون بعيدة، اذا قصد بها ان تكون تنظيما دوليا او مجرد شكل للحكم. ولكن هذا التنظيم لا يكون حيا ولا يمكن ان يستمر اذا قصد به ان يؤلف شخصية واحدة تمحو الشخصيات القومية، بدلا من ان تكون تنسيقا لها يزيدها تفاعلا وغنى. ولذلك نقول ان القومية باقية خالدة، تظل ذات شخصية حية ومقومات، ولو ان هذه المقومات كما حدث في الماضي، يمكن دائما ان تتطور كما يمكن ان تتبدل وتتشتت ولكنها على اية حال تظل باقية لا تزول.
والواقع ان من الخطأ وضع القومية والانسانية كمراحل ترتيب زمني. ان الانسانية موجودة وجود القومية، وهي الآن تزداد غنى بتيسر وسائل الاتصال بين البشر، ولكنها لا تذيب القوميات في وحدة تأتي بعدها، بل تغنيها بتفاعلها المستمر، فبدلا من ان نقول ان عهد القوميات سائر الى الزوال ليفسح المجال امام عهد الانسانية، يصح ان نقول اننا قد بدأنا فعلا في عهد "القوميات الانسانية"، الذي تصبح فيه القومية انسانية بتخلصها من تعصبها وانكماشها وعواملها السلبية الأخرى.
سؤال: لماذا يصر حزب البعث على القول "بشعب عربى واحد" ويتجنب دوما استعمال عبارة "الشعوب العربية"؟
من الخطأ الظن بان هذه المجموعات من الناس التي تعيش ما بين المحيط الاطلسي والخليج العربي والتي يجمعها الشعور بوحدة المصير، هي شعوب لكل منها المقومات التي تميزه بقومية خاصة، الا اذا اخذت كلمة "الشعب" في اصلها اللغوي الذي يعطيها معنى الفرع في جسم الامة، بمعنى ان له بعض المميزات المحلية التي يفرضها تنوع الأقاليم والبيئات والظروف في اطار الوحدة العامة. واذ ذاك نقول الشعب المصري والشعب السوري بما يقارب المعنى الذي نقول به شعب الاسكندرية وشعب اسيوط، اما اذا قصدنا بالشعب معناه القومي الكامل فكل هذه المجموعات اجزاء في شعب واحد هو الشعب العربي.
وان اكثر الاقطار التي تؤلف الوطن العربي اليوم كانت حتى قبل الفتح العربي، وبرغم الطابع المحلي لكل منها، تؤلف شخصية حضارية واحدة تتغذى بالتيارات الحضارية التي تمر بها، فتغتني بها دون ان تفقد مقومات هذه الشخصية. وقد كانت مهمة الفتح العربي ان زاد شخصيتها هذه قوة ووحدة فظلت حية مستمرة حتى الان، ويكمن فيها تراث كل الحضارات التي سبقتها. ونحن لا نحارب تراث الحضارات المختلفة في قوميتنا ولا نحاول ان نحاربه، بل بالعكس يهمنا ان تغتني به عروبتنا، تماما كما يهمنا ان نتفاعل الان مع حضارات الشعوب الاخرى في العالم.
ولو صح ان كل مرحلة حضارية مرت في بلادنا يجب ان تبعث وان يعترف لها بقومية خاصة لتعددت هذه "القوميات" في كل قطر من اقطارنا، لا في مجموعة هذه الاقطار فحسب. مع ان الواقع ان كلا من هذه الحضارات الفرعونية او الآشورية او الفينيقية قد أدت مهمتها التاريخية في حينها، وما ظل من تراثها له القدرة على الاستمرار فقد ساهم في اغناء القومية العربية واصبح جزءا من مقوماتها.
سؤال: ما هو موقفكم من الفئات التي اخذت اخيرا ترفع شعارات القومية العربية؟
ان تبنّي مختلف الفئات للشعارات العربية التي ينادي بها البعث لدليل على قوة العقيدة القومية، اذ بعد ان كانت تهاجم ويشكك فيها، اثبتت الاحداث عمق تجاوبها مع الشعب العربي، وفرضت نفسها حتى على اولئك الذين لا يؤمنون بها كشيء ثابت ونهائي، وان كانوا يقرونها الان. وهذا بالطبع كسب يجب ان يلقي منا التشجيع وان يزيدنا ثقة بسلامة عقيدتنا.
على ان نجاح الفكرة القومية وانتشارها هذين لا يعفيان معتنقيها الاصليين من متابعة العمل والنضال لزيادتها توضيحا وتعميقا وترسيخا، لانهم بصورة طبيعية اقدر على ذلك من الجماعات الاخرى. فهذا الفارق بين حمل الفكرة يوم كان حملها ثورة على الواقع وتحديا له، وبين تبني الفكرة نفسها بعد ان راجت وتم نجاحها، لا بد ان تكون له آثار عملية في المرحلة الحاضرة بالذات وفي المستقبل، حتى عندما نسلم بصدق مقاصد الذين اخذوا يتبنونها، لما يعتور هذا التبني من سطحية وأخطاء.
فنحن اذن نرحب بان ترفع الفئات الاخرى شعاراتنا ولكن على حذر وتحفظ، يضمنان ان تحتفظ الفكرة القومية باصالتها وبكل طاقتها الثورية. اذ لو اكتفى الناس بتبني نتائج الثورة دون ان يصعدوا الى اسبابها ومقدماتها واسسها، لكانت معرضة دوما للانتكاس او للتخلي عنها في حال تبدل الظروف. فما نقصده بالحذر والتحفظ انما هو الاصرار والالحاح، في المجال الفكري العقائدي، على ربط النتائج بالمقدمات لنرتفع بالشعارات القومية العربية من مستوى الاستهلاك السياسي الى مستوى القناعة.
سؤال: ما هي علاقة الوحدة العربية بالقومية العربية ؟
ان الوحدة العربية ليست هي القومية العربية كما يشعر بذلك التعبير المتداول الان، بل هي جزء من محتوى هذه القومية في مرحلة من المراحل، فالنظرية القومية للفكرة العربية في هذه المرحلة تقوم على تحقيق الاهداف الثورية الثلاثة: الحرية والوحدة والاشتراكية. النظرية القومية تنشأ في مرحلة لتحقق اشياء مفقودة في حياة الأمة العربية في هذه المرحلة، اما القومية العربية نفسها فهي ابدا موجودة قائمة.. ووجودها هو الذي يسمح بتحقيق الحرية والاشتراكية والوحدة.
ولقد كانت الوحدة مطلبا للامة العربية منذ ان طرأت عليها التجزئة، فالبعث لم يخلق مطلب او هدف الوحدة ولكنه اعطاه مفهوما جديدا جعله قابلا للتحقيق. فالوحدة في نظر البعث فكرة ثورية وعمل ثوري، خلافا للمفهوم الذي كان سائدا والذي لم تزل آثاره ممتدة الى اليوم والذي يعني مجرد الجمع والربط بين اجزاء الوطن العربي، اما المفهوم الثوري فيعني خلق التفكير والنضال المناقضين لحالة التجزئة ولما اورثته واصطنعته التجزئة من عقلية وعواطف ومصالح واوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية داخل كل قطر من اقطار الأمة.
وهكذا تتصل الوحدة، بمفهومها الثوري، بالهدفين الثوريين الآخرين: الحرية والاشتراكية، وتتفاعل معهما وتغذيهما وتتغذى منهما. وهكذا تدخل الوحدة لاول مرة منذ اجيال في صميم حياة الشعب العربي وفي صميم نضاله من اجل حريته واستقلاله ومن اجل حقوقه السياسية وقوته اليومي والشروط الاقتصادية والاجتماعية المحققة لكرامته الانسانية ولمهمته القومية.
فالوحدة العربية هي وحدة الشعب العربي، والنضال في سبيلها نضال شعبي، وصورتها المقبلة تولد وتتحد بما يحمل نضال الجماهير العربية من تجارب ومعان تحررية انسانية.
سؤال: ما اثر الوحدة في الخصائص الاقليمية لكل قطر عربي؟
الوحدة ثورة تأتي لتزيل التشويه وتغير الواقع وتكشف عن الاعماق وتطلق القوى الحبيسة والنظرة السليمة. والخصائص الاقليمية منها السليم ومنها الزائف السلبي الذي ليس هو الا نتيجة انعدام الوحدة. فليس كل شيء في واقعنا جديرا بالبقاء لمجرد انه موجود. اما السليم الايجابي فهو الذي يغني الوحدة ويأتلف معها بل هو شرط لوجودها. والغريب ان تعطى الوحدة العالمية من الحقوق ما ينكر على الوحدة القومية. فالوحدة العالمية هي ايضا تفترض التخلص من الخصائص السلبية الزائفة بعملية تقريب وتوحيد وتوجيه، كما انها تتسع للخصائص السليمة وتغنى بها. والاغرب من كل شيء ان نسمع استنكارا للعمومية ممن اوصلوا العمومية الى نهايتها المجردة وان نراهم يخافون على الخصائص الصغيرة وهم اتباع النظرية التي تضرب صفحا حتى عن الخصائص الضخمة الجسيمة. الا يكون هذا لكي يبقى الكيان القومي ضعيفا حتى يسهل غزوه بفكرة الاممية الطبقية، وهل يكون اذن هذا الحرص على الخصائص الصغيرة بريئا ومقصودا لذاته؟
اذن، فلا يجور ان نتصور الوحدة كعملية جمع منفعل، لانها ليست وحدة لاجزاء سليمة، ولا نتيجة لتجزئة حديثة طارئة. انها فاعلة خلاقة فيما بين الاجزاء وفي داخل كل جزء، وهي منبعثة من داخل كل جزء كضرورة حيوية لهذا الجزء نفسه، قبل ان تكون مطروحة بشكل علاقة بين الاجزاء للتعاون والتضامن. الوحدة لا تفقد الجزء شخصيته، بل تؤكدها وتعمقها وتعطيها حقيقتها واصالتها وابداعها عندما تضع الجزء في مكانة الحي كجزء من كل.
سؤال: ما موقف "البعث" من اسرائيل؟
اننا نعتبر اسرائيل قاعدة للاستعمار دون شك، فهو الذي خلقها ويدافع عنها ويغذيها لهذه الغاية، ولكن هذا لا يستنفد كل المشكلة، فالمشكلة هي هذا واكثر.
فاسرائيل هي ايضا تعبير عن قوة الصهيونية العالمية، التي تستطيع ان تسخّر الاستعمار. الاستعمار يسخّر اسرائيل، ولكن الصهيونية العالمية تستطيع ان تسخّر الاستعمار نفسه، فتوصّل العرب الى القضاء على الاستعمار يحل اضخم جزء من المشكلة ولكن لا يحلها كلها. وبالاصح، هذا التوصل الى القضاء على الاستعمار يشترط حتى يتحقق ان نحسب حسابا لقوة الصهيونية العالمية، وبالتالي فان نضالا آخر يجب ان يرافق نضالنا ضد الاستعمار، هو نضالنا ضد الصهيونية. والصهيونية العالمية بما لها من نفوذ قوي استطاعت ان تسخّر بالاضافة الى القوة الاستعمارية، الطبقات الشعبية نفسها في كثير من البلاد، مستغلة الوضع التاريخي الخاص لوجود يهود في اوروبا تعرضوا في فترات كثيرة للاضطهاد الديني والعنصري، ومستغلة المستوى الحديث الراقي لدولة اسرائيل من حيث الكفاءة الفنية، وبالتالي تخلف المجتمع العربي وطابعه الرجعي، لتجعل من اسرائيل رائدة التقدم في هذه المنطقة من العالم وتجربة جديدة لحضارة الغرب في هذا الجزء من الشرق، تجربة تستحق الرعاية والتشجيع.
ووجود اسرائيل واقع في مرحلتنا القومية الحاضرة، يجب ان ندخله في حسابنا وان نجد له الحل الكامل دون ان نتهرب من بعض المصاعب، ودون ان نتهيب رؤية العلاقة العميقة التي تصل وجود اسرائيل بمشكلاتنا القومية من جميع نواحيها، اي فيما يتعلق بأسس نظامنا الاقتصادي واتجاهنا الاجتماعي وتربيتنا السياسية ووحدتنا القومية، وان نرى بوضوح وجرأة ان كل تلكؤ في مواجهة مشاكلنا السياسية ووحدتنا القومية، بتفكير واسلوب ثوريين انقلابيين، قد لا يؤخر حل مشكلة اسرائيل فحسب، بل يسمح بتدعيم كيانها الى حد يصعب او يتعذر معه في المستقبل التخلص من هذا الخطر. فاذا عالجنا مشكلة اسرائيل على ضوء نظرتنا العربية الانقلابية، التي ترتبط فيها صورة المجتمع العربي المقبل بصورة العالم او المجتمع الدولي والانساني المقبل الذي يسهم العرب في تحقيقه، نصل الى النتيجة الآتية:
ان ما يشكل خطرا على الأمة العربية هو كيان اسرائيل كدولة، لا وجود اقلية يهودية في الوطن العربي، وان التعجيل في النضال التحرري والوحدوي وتحقيق خطوات سريعة وجدية في هذين المجالين يقطع الطريق على اطماع الاستعمار في استخدام اسرائيل، واطماع الصهيونية العالمية في استخدام الاستعمار للمحافظة على اسرائيل وتوسيعها، والتعجيل في النضال الاشتراكي العربي يضعف مخاوف الاقلية اليهودية من تعذر تعايشها السلمي العادل مع العرب، كما يزيل او يضعف سلاح الدعاية الصهيونية العالمية في استدرار عطف الشعوب الحرة والطبقات الشعبية على اسرائيل كدولة يراد لها ان تكون ملجأ لشعب مضطهد ولشعب راق متقدم قد يحمل بذور التقدم الى الاقطار المجاورة. واخيرا، فان اصرار العرب على اتجاههم الانساني في المجال الدولي، وتعاونهم مع الشعوب الاخرى في سبيل توطيد السلم والتقدم الاشتراكي لجميع الشعوب وسياسة الحياد الايجابي، كل هذا يساهم في ازالة اسباب التعصب العنصري والديني ويساهم الى حد ما في حل هذه المشكلة.
سؤال: ما هي العلاقة بين اسرائيل والاستعمار؟
لم يكن وجود الصهيونية كافيا لكي ينجح الصهيونيون في استملاك فلسطين واقامة دولة فيها. و الحركة الصهيونية في البدء لم يكن هدفها فلسطين. كانت تفتش عن اي ارض في العالم تقيم عليها وطنا قوميا يهوديا. ولكن الحركة الصهيونية من جهة ومصلحة الاستعمار من جهة... وتلاقي المصلحتين هو الذي ساعد على خلق هذه الدولة. والمفهوم بداهة بان مساعدة الدول الاستعمارية للحركة الصهيونية على تحقيق اغراضها في فلسطين يقصد منه الحيلولة دون الوحدة العربية، والحيلولة دون قوة الأمة العربية. ان استكمال هذه القوة يشكل خطرا على وجود الاستعمار. فعندما يتمكن اليهود من اقامة دولة في قلب البلاد العربية تساعدها الدول الاستعمارية باستمرار، ينشغل العرب بهذا العدو ويبذلون قسما كبيرا من جهودهم في دفع خطر هذا العدو وفي الاستعداد لمواجهة خطره، كما ان نفسيتهم وتفكيرهم يمكن ان يشغل عن الاستعمار بهذا العدو الظاهر المقيم. وتعرفون كيف ان بريطانيا نفسها كانت، واحسب انها مازالت الى اليوم والى الغد، تحاول ان تظهر بوجهين وان تلعب على الحبلين، فهي التي اوجدت اسرائيل وتدعو الى مقاومة اسرائيل وتتكلم كانها عربية قحطانية تغار على العروبة، وتتحالف مع بعض الدول العربية بحجة الدفاع ضد الخطر الاسرائيلي او بحجة التخلص من اسرائيل. فلم نكن مخطئين اذن عندما وضعنا دوما العدو الاول هو الاستعمار، واعتبرنا اسرائيل نتيجة للاستعمار وحليفة له وربيبة له، وان مصيرها مرتبط بمصيره. ولكن لا حاجة الى تنبيهكم بان هذا لا يجوز ان يؤخذ بالشكل الحرفي وان تظنوا ان اسرائيل تأتمر بالاستعمار بكل شيء، هي حليفة للاستعمار ولكنها ليست اداة بالمعنى العادي... لها كيانها، ولها خططها ولها مصالحها ولها قوتها وذكاؤها وسياستها. اذن هي احيانا تورط الدول الاستعمارية، واحيانا اخرى الدول الاستعمارية تدفعها.
اشرت الى هذا لكي ابين لكم انها تضليل الدعايات الاستعمارية، ودعايات عملاء الاستعمار والفئات الرجعية التي تتبنى منطق الاستعمار، لانها اصبحت تعي صلتها بالاستعمار وان مصلحتها رهن ببقاء الاستعمار. ففي هذه الاشهر الاخيرة فقط، اذا اكتفينا بها، كنا نرى صحفا كثيرة في هذا البلد وفي بلدان عربية اخرى مسيرة مباشرة او بصورة غير مباشرة من الاستعمار، ومن الانكليز بصورة خاصة، كلما قامت حركة شعبية، كلما قام نضال في بلاد العرب في وجه الاستعمار الغربي، قامت هذه الدعايات وهذه الفئات والاوساط تصرح بانكم نسيتم العدو الاول للعرب، اسرائيل، وان كل الانتباه يجب ان يركز عليها وان كل الجهود يجب ان تصرف لمقاومتها. وتعرفون ايضا بانهم حاولوا كثيرا ان يظهروا حلف بغداد بان مبرره الاول والاكبر انه وجد ليساعد على محو اسرائيل وعلى التخلص منها، وان بواسطته سيحصل العراق على الاسلحة، وتقوى الجيوش العربية. وكان هذا تناقضا مفضوحا، واستمروا الى الايام الاخيرة في هذه الدعاية حتى ان الاوساط الانهزامية في لبنان، وهي معروفة بجفائها لكل ما هو عربي وبعقليتها الطائفية المتعصبة، وبصلاتها المشبوهة مع دول الغرب، قد شاركت فيها. عندما نشأت ازمة قناة السويس سمعنا اصوات هذه الفئات تذوب غيرة علي فلسطين وتتوعد اسرائيل وتكثر من الكلام والكتابة عن اسرائيل وخطرها على العرب والعروبة، لكي تلهي الناس عن الخطر الحقيقي وعن موضوع الساعة.
سؤال: ما هو موقفكم من الاحلاف ومبدأ ايزنهاور؟
قبل ظهور السياسة التحررية، كان منطق السياسيين العرب في موضوع الاحلاف لا يعترض الا على عدم تسليم الغرب بمطالب العرب القومية، اي انه كان يقبل بمبدأ الاحلاف قبولا مشروطا بتحقيق الاهداف القومية. وكان هذا منطقا متناقضا متهافتا، اذ لو كانت دول الغرب مستعدة للتسليم بهذه الاهداف ولتحقيقها اي مستعدة للتنازل عن الاستعمار، لتغير الوضع العالمي تغيرا اساسيا أثر بصورة عميقة على موقف المعسكر الشرقي، ولما عاد ثمة مبرر للاحلاف.
اما نحن فنرى في هذه الاحلاف عدوانا جديدا على العرب، عدوانا مزدوجا، لانها اولا استمرار لاستعمار العرب، يثبت قبضته عليهم ويعاود احتلال ما تحرر من اقطارهم وينهب خيراتها، ويعرقل وحدتها ونهضتها. ولانها ثانيا تتحكم برأي العرب في السياسة الدولية وفي النظرة الى مستقبل العالم، اذ تدعوهم للتحالف مع الغرب ضد عدو مشترك، مع انه ليس من شيء يبرر اقتداء العرب بالغرب في النظر الى المعسكر الشرقي وان كانوا لا يقبلون الشيوعية. وهكذا ينبع رفضنا للاحلاف من نظرة اعمق واسلم واكثر ايجابية، فهو يشير دون مواربة الى ان عدونا الحقيقي هو الاستعمار، ويقضي بتركيز كل الجهود لمحاربة الاحلاف. فالاستعمار سبب الاحلاف وليس عقبة بيننا وبينها، وبصورة اخرى نقول ان الاحلاف هي الاستعمار ذاته لانها في حقيقتها لا تتوخى تحقيق شيء بعد مرحلة الاستعمار او شيء يتجاوز علاقتنا مع الاستعمار الى هدف عالمي انساني.
اما النظرة العالمية الانسانية فهي في موقف العرب من الاحلاف: انهم في حرصهم على حريتهم واستقلالهم ووحدتهم، ونضالهم في سبيل هذه الاهداف، انما ينظرون الى مستقبل العالم من خلال نظرتهم الى مستقبلهم هم كما يريدونه. ففي عالم يكون فيه العرب امة حرة مستقلة موحدة، ومثلهم سواهم من الشعوب المستضعفة، لن يبقى استعمار ولن تبقى معسكرات وبالتالي لن تكون ثمة حاجة الى الاحلاف.
اما مبدأ ايزنهاور فهو يمثل ذروة المنطق الاستعماري. انه الخطوة الاخيرة التي كان على الاستعمار ان يخطوها ليصل الى الصيغة المعبرة اقوى تعبير عن تناقضه وتعصبه وقرب انهياره. فالاستعمار الذي هو نقيض المبادئ يصل اليوم لتسمية نفسه باسم "مبدأ". والغرب الذي كانت اقوى حججه على الشيوعية انه لم يجارها في المذهبية المتعصبة يضطر اليوم لتفادي انهياره، ان يلبس نفس اللباس المذهبي المتعصب فيسمي نفسه العالم الحر ويفرض على الدول والشعوب الضعيفة الاستغلال والتبعية باسم الدفاع عن الحرية، فهو يفضح ماهية هذه الحرية كما يفهمها: حرية السادة الذين يجب ان يكون لهم عبيد، حرية الغرب الذي لا يستطيع ان يبقى حرا الا اذا ظل جزء كبير من العالم مستعبدا له.
فالحرية التي يأتي مشروع ايزنهاور ليغري العرب بها ليست الا استمرارا وتضخيما للاستعمار الذي عرفوه عشرات السنين: فهو محاربة لكل نزعة تقدمية، وتشجيع للرجعية وللمجتمع الطبقي الفاسد، وتعميق للانقسام بين الاقطار العربية وفي داخلها، بالفتن والمؤامرات، وتقوية لاسرائيل على حساب العرب.
سؤال ما معنى القول بان اشتراكيتنا عربية؟
يمكن القول بان هذا الوصف للاشتراكية بانها عربية يتضمن شيئين:
الاول: بانها اشتراكية ملائمة لظروف وحاجات المجتمع العربي. وقد كنا بحاجة الى الالحاح على هذه الناحية، رغم انها تبدو اليوم بديهية. متى عرفتم ان الإشتراكية الماركسية، لم تكن تقبل فكرة التنوع مطلقا بل تعتبر ان الاشتراكية واحدة، وكانت وما زالت تسمي نفسها اشتراكية علمية وتقصد بذلك ان القوانين العلمية لا تتغير بتغير الزمان والمكان وانها واحدة يصح تطبيقها في كل الحالات. ولكن الماركسية هي التي تراجعت عن هذا الادعاء وغدت اكثر مرونة.
والثاني: (وهو المعنى الذي لا يتبادر الى الذهن مباشرة وقد لا يفطن اليه كثيرا) هو ان اشتراكيتنا مرتبطة ارتباطا وثيقا بقوميتنا العربية. فهي في تفاعل مع هذه القومية وهي جزء اصيل منها، وبالتالي ليست شيئا خارجا عنها وليست شيئا اعلى منها يفرض نفسه على القومية العربية، وتضطر هذه القومية الى ان تتكيف بما يناسب الإشتراكية. واحسبكم تفطنون الى الرأي المعاكس الذي يقول ان الاشتراكية هي الاصل وكل الاشياء الاخرى تتفرع عنها وتنفعل بها. فنحن قد لا نصل الى حد القول بان القومية هي الاصل والاشتراكية هي الفرع، ولوان هذا جائز نوعا ما اذا لم يكن بد من ايجاد تسلسل في الاهمية والقيمة، ولكن الواقع ان تفكير الحزب كان حريصا على الا يقيم مثل هذا التفريق المصطنع، فنظرة الحزب تحرص دائما على ان تكون نظرة حية.
سؤال ما هي علاقة الاشتراكية بالقومية العربية؟
قلنا دائما ان الإشتراكية ليست طارئة على القومية العربية، فالقومية العربية عندما تعي ذاتها وعيا عميقا وصحيحا، عندما تتهيأ الشروط لكي تنضج النضج الصحيح وتعبر عن نفسها، تجد ان الاشتراكية شيء اصيل فيها.
واعتقد ان هذا المعنى يختلف عن الفهم الذائع الذي يريد ان يقصر الصفة العربية لاشتراكيتا او الصفة القومية لاية اشتراكية على كونها فقط اشتراكية متأقلمة، اي خاضعة لظروف الزمان والمكان. هذا يعني ان لب الاشتراكية واحد ولا يتغير، ولكن هناك تعديلات ثانوية تطرأ عليها عندما تتغير مجالات تطبيقها. هذا المفهوم هو الذي بدأت الماركسية تتسع له وتنادي به، ولكن هذا داخل في تفكير البعث منذ البدء وهو ليس كل شيء فيه.
واعتقد ان الناحية المادية هي المميزة لتفكير البعث: ان هناك بين قوميتا واشتراكيتا ترادفا وتمازجا وتفاعلا وانه ليس هناك قومية واشتراكية، نجمع بينهما لنصل الى صيغة جديدة للقومية، وانما هناك قومية هي اشتراكية بمجرد وجودها، وانها اذا لم تكن اشتراكية فانها تفقد وجودها ذاته. كذلك فحن بتخصيصنا ان اشتراكيتا هي عربية، من صميم ومن صلب قوميتا، نتيح للامة العربية ان تتمكن من الاهتداء بحرية وقناعة وبدون ضغط وارهاب من الخارج، الى نظرتها الخاصة الى الانسان والاخلاق والى التاريخ والسياسة ولى شتى مجالات الفكر والعمل.
ثم انه ترتب على نظرتنا القومية واعتبار العرب أمة واحدة لا تتجزأ، والبلاد العربية وطنا واحدا، ان كانت دعوتنا دوما الى اشتراكيتنا بانها الاشتراكية التي تحتاج الى نضال الشعب العربي بكاملة لتتحقق، وتحتاج الى الوطن العربي بكامله كمجال للتطبيق. فلم نؤمن في يوم من الايام بامكان تحقيق اشتراكية صحيحة في قطر واحد، وان كنا نعمل دوما للتمهيد لهذه الاشتراكية بتحقيق اصلاحات في كل قطر. وذلك ان بعض الاقطار العربية على الاقل ليس فيه الشروط الاقتصادية الكافية لقيام اشتراكية سليمة. في حين ان الحركة الشيوعية، لانها لم تنظر الى الأمة العربية كوحدة فانها وقعت، نظريا على الاقل، في تناقض عندما تعد الناس باقامة نظام اشتراكي في قطر صغير ليس فيه صناعة ولا مقومات اقتصادية كافية. كذلك فان الشيوعية تقع في التناقض، نتيجة عدم ايمانها بالقومية وبوحدة الأمة، حينما تربط احيانا بين النضال في قطر عربي والنضال العالمي، قافزة من فوق نضال الاقطار العربية الاخرى.
واشتراكيتنا التي هي على اساس عربي موحد، حافظت دوما على اتجاهها الانقلابي لانها كانت دائما تستند الى واقع الأمة العربية بمجموعها، وهو واقع ثوري انقلابي من الطراز الاول، ولكن اذا اهمل اعتبار وحدة الأمة فقد لا تكون الاشتراكية ثورية دائما بالنسبة الى جميع الاقطار العربية، اذ ان من بينها اقطارا في حالة او شروط اجتماعية واقتصادية قد يظن بانها لا تستدعي الانقلاب وانما يكفيها الاصلاح، فمثل هذه الاقطار قد يستفيد احيانا من وضع التجزئة الذي يدعمه الاستعمار والطبقة الرجعية فيحصل على مكاسب اقتصادية مصطنعة تضعف من حاجته الى الثورة الاشتراكية، اما حركتنا فهي الوحيدة التي تكشف هذا الزيف والاصطناع لانها تنظر الى هذه الاقطار كاجزاء في جسم واحد، وبالتالي تطالب لها كلها باشتراكية واحدة ثورية.
سؤال هل تأخذ حركة البعث بسياسة المراحل؟
ان حركتنا تأخذ بسياسة المراحل ولكنها تفهمها على انها الحاح على ناحية اكثر من غيرها، وليست الاقتصار على ناحية واحدة واهمال النواحي الاخرى، فلا نقتصر على مقاومة الاستعمار فحسب، بل نعمل ايضا للاشتراكية والوحدة. قد تكون الظروف مهيأة لمحاربة الاستعمار اكثر من اي عمل آخر. ولكن اقتصارنا على محاربة الاستعمار فحسب يطعن النضال نفسه.
فنحن اذن لا نفصل فصلا تاما بين مرحلة نضال وطني واجتماعي ووحدوي وانما نمشي في هذه المجالات كلها في آن واحد، ولكن نلح فقط ونركز على ناحية او اكثر حسب الظروف، ولا نؤمن بامكان تحقيق اي نجاح في احد هذه المجالات اذا لم يكن مدعوما بنجاح وتقدم في المجالات الاخرى. فنحن لم نسكت في هذا الظروف كما لم نسكت في الماضي عن المطالب الاشتراكية او المقربة من الاشتراكية، لعلمنا بان التحرر من الاستعمار دون تحقيق اصلاحات اجتماعية تقوي نضال الجبهة الشعبية وتهيئ لها شروطا انسب لمتابعة النضال، يبقى شيئا ضعيفا ومهددا دوما بالانهيار او الانتكاس، وكذلك الشان في نضالنا من اجل الوحدة. وبكلمة مختصرة فان حركتنا لا تحتاج الى ان تضحي باي هدف رئيسي من اهدافنا الانقلابية في مرحلة من المراحل، في سبيل الاهداف الاخرى، فهي دوما قادرة على ان تناضل من اجل جميع أهدافها.
كذلك فان المراحل في نظرنا هي في التطبيق لا في الوعي، فالوعي لا يجزأ، لذلك كان على الشعب العربي ان يدرك منذ ظهور الحركة ما هي حقيقة اوضاعه، وما هي العلاجات الحاسمة لها، وما يريد ان يصل اليه في آخر النضال. فاذن في الوعي لا نتبع سياسة التكتم في الاهداف التي لم يحن الوقت لتحقيقها.
عام 1957
منتدى ملاك صدام حسين فكري - ثقافي - سياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) الشعب العربي الواحد(48)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس:) وحدة النضال في المغرب العربي(44)
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) وحدة مصر وسوريا(49)
» في سبيل البعث - الجزء الأول (الباب السادس: )لبنان و العروبة(52)
» في سبيل البعث - الجزء الأول:( الباب السادس) في الحياد الإيجابي(47)
» في سبيل البعث - الجزء الأول( الباب السادس) الوحدة ثورة تاريخية(50)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى حزب البعث العربي الاشتراكي :: المنتدى الفكري والثقافي(حزب البعث العربي الاشتراكي-
انتقل الى: